قرار رقم 2022/14
رقم القرار: 14/2022
رقم المراجعة: 14/و
تاريخ الورود: 16/6/2022
المستدعي: سيمون حبيب صفير.
المستدعى ضدهما: نعمه جورج افرام وفريد هيكل الخازن.
إنّ المجلس الدستوري الملتئم في مقرّه يوم الخميس الواقع فيه 17/11/2022، برئاسة القاضي طنوس مشلب وحضور الأعضاء القضاة: عوني رمضان، البرت سرحان، رياض أبو غيدا، عمر حمزة، ميشال طرزي، فوزات فرحات،الياس مشرقاني وميراي نجم.
بعد الاطلاع على ملف المراجعة وعلى تقرير المقررين،
وبعد التدقيق والمذاكرة،
تبين ان السيد سيمون حبيب صفير، المرشح الخاسر في الانتخابات النيابية لدورة عام 2022 عن المقعد الماروني في دائرة جبل لبنان الأولى كسروان وجبيل، وكيله المحامي لوسيان عون، قدم استدعاء بتاريخ 16/6/2022 بوجه النائبين المعلن فوزهما السيدين نعمة جورج افرام وفريد هيكل الخازن وطلب قبول استدعائه شكلاً وأساساً وإجراء التحقيقات في المخالفات وإعلان بطلان نيابة المستدعى ضدهما وبالتالي فوزه، وأدلى بما يلي:
1-
أنّ العملية الإنتخابية مشوبة بمخالفات جوهرية بشهادة الجمعيات والمنظمات الحكومية والدولية كما وسائل الإعلام المحلية والعربية والدولية، وأنّه تقدّم بتاريخ 14/5/2022 بشكوى أمام هيئة الإشراف على الإنتخابات بهذا الشأن.
2-
أنّه، نقلاً عن موقع إلكتروني، جرى توقيف رئيس ماكينة المرشح نعمه افرام بجرم الرشوة كما تمّ الإدعاء على المرشح فريد الخازن وآخرين معه بالجرم ذاته.
3-
أنّ المطعون بنيابتهما أنفقا ملايين الدولارات بطرق ملتوية ومخالفة للقانون وتجاوزا سقف الإنفاق الإنتخابي ودفع أحدهما نعمه افرام مليارات الليرات اللبنانية كما ملايين الدولارات تسديداً لأقساط مدرسية وجامعية وبدلات استشفاء.
4-
أنّ خبراء متخصصين قدّروا الإنفاق المشكو منه بما يتجاوز السبعين مليون دولار أميركي /70,000,000/د. أ.، كما قدّروا كلفة مستلزمات العملية الإنتخابية بمبلغ عشرين مليون دولار أميركي /20,000,000/د.أ.، وكلفة المقابلات الإعلامية والدعايات بعشرات ملايين الدولارات الأميركية.
وتبين ان الاستدعاء أبلغ من رئاسة مجلس النواب ومن وزارة الداخلية، كما أبلغ من المستدعى بوجههما فريد الخازن في 27/6/2022 ونعمه افرام في 30/6/2022، وان النائب فريد الخازن وكيله المحامي ميشال قليموس قدّم في 13/7/2022 لائحة ملاحظات أدلى فيها بما يلي:
1-
أنّ ما يدّعيه الطاعن نقلاً عن جمعيات ووسائل إعلام لا يعدو كونه معلومات غير ثابتة.
2-
أنّ الشكوى التي قدّمها الطاعن أمام هيئة الإشراف على الإنتخابات تظهر أنّ المخالفات المشكو منها موجّهة ضدّ المطعون في نيابته نعمه افرام وفريق عمله وليس هو شخصياً.
3-
أنّ معظم ما جاء في المراجعة حول تخطي سقف الإنفاق الإنتخابي يطال بشكل أساسي المرشّح الآخر المطعون في نيابته ولا يطاله هو، وإنّه لا يمكن معرفة مدى صحّة الاتهامات هذه إلاّ بعد صدور تقرير هيئة الإشراف على الإنتخابات، خاصة أنّ ادعاءات الطاعن بقيت في إطار العموميات المجرّدة من الإثبات، وأنّ الرقم المحدّد بـ /70/ مليون دولار أميركي يدلّ على عدم الجديّة، علماً أنّ المساعدات العينيّة والنقدية مستثناة في المادة /62/ من القانون رقم 44/2017 من الحظر أثناء الحملة الإنتخابية ولا تخضع لسقف النفقات، وأبرز مستندات بهذا الشأن.
4-
أنّ الأخبار الإعلامية حول جرم الرشوة المنسوب إليه وانتشار الفيديو المركّب لا يمكن الركون إليها لأنّ معظم الأخبار مسيّس، وأنّ الاتهام لا يعني الإدانة وأنّه لم يصر إلى سماع إفادته لا من قبل النيابة العامة ولا من قاضي التحقيق، وأنّ المدعى عليهم يعملون في مكتبه الإنتخابي ويدفعون مصاريف المندوبين وتنقّلهم بسياراتهم وهو أمر مسموح ولا يعتبر من قبيل الرشوة،
5-
أنّ ما ورد في المراجعة تحت عنوان في القانون هو مجرّد سرد لنصوص قانوني إنشاء المجلس الدستوري ونظامه الداخلي.
وطلب قبول لائحته، وردّ الطعن لوروده خارج المهلة القانونية ولعدم الإستحصال على إذن مسبق من نقابة المحامين، واستطراداً في الأساس:
1-
ردّ الطعن لجهة الأقوال المنسوبة إلى الجمعيات ووسائل الإعلام.
2-
تقرير عدم علاقته بالشكوى المقدّمة أمام هيئة الإشراف على الإنتخابات.
3-
ردّ الإدّعاء بتجاوزه سقف الإنفاق الإنتخابي.
4-
ردّ أقوال الطاعن حول ما ورد على إحدى محطات التلفزة عن إدعاء النيابة العامة الإستئنافية في جبل لبنان بحقّه لعدم علاقته بالموضوع وبسبب عدم قانونيته كونه محض إفتراء ولعدم ثبوت علاقته بأية رشوة.
5-
إعتبار ما أورده الطاعن تحت عنوان " في القانون " خارج الموضوع ولا علاقة له بالمخالفات غير الثابتة المتعلّقة بالعملية الإنتخابية.
6-
ردّ الطعن لعدم صحّته ولعدم قانونيته ولعدم الثبوت وبالتالي تأكيد صحّة انتخابه نائباً عن دائرة كسروان جبيل.
7-
حفظ حقّه بملاحقة الطاعن بجرم الإفتراء وتحميله العطل والضرر بسبب إساءة إستعماله لحقّ التقاضي والتعسّف فيه.
وتبين أنّ النائب نعمه افرام وكيله المحامي جو كرم قدم لائحة بتاريخ 14/7/2022 عرض فيها أنّ الإنتخابات حازت على تنويه المجتمع الدولي والمحلّي وأنّ المستدعي نال /142/ صوتاً تفضيلياً واللائحة التي ينتمي إليها نالت مجتمعة /1681/ صوتاً، في حين انه (المستدعى ضده) نال /10743/ صوتاً ونالت اللائحة التي ترأسّها /25713/ صوتاً، وانّ الطاعن لم يميّز بين العمل الإجتماعي الدائم والمستمرّ وبين العمل النفعي المرحلي الهادف إلى شراء الذمم، وأدلى بوجوب ردّ الطعن شكلاً، لتقديمه ضدّ شخصين إثنين مرتكزاً على المواد /25/ و/26/ و/27/ و/31/ من القانون رقم 250/1993ولانتفاء مصلحة الطاعن غير الحائز على غالبية تخوّله الفوز، وردّه أساساً:
-
لعدم صحّة الخبر الصحفي الذي استند عليه الطاعن لتقديم شكوى أمام هيئة الإشراف على الإنتخابات، مرتكزاً على أقاويل وإشاعات عن الرشاوى، مع العلم أنّ المستدعى ضده قد تقدّم بشكوى أمام الهيئة نفسها موضوعها القدح والذّم والافتراء في الخبر الصحفي المشار إليه، أحيلت على محكمة المطبوعات،
-
لأنّه لم يتخطَّ سقف الإنفاق الإنتخابي علماً أنّه تقدّم من هيئة الإشراف على الإنتخابات بالبيانات المالية وفقاً للأصول وكذلك قدّم التصريح المفروض عن لائحة " صرخة وطن"، ولا يجوز التعويل على التكهنات والأقاويل وأحاديث الصالونات،
-
لعدم تقديم ما يثبت الرشوة ودفع فواتير الاستشفاء والمدارس،
-
.لعدم جواز الأخذ بأقوال الصّحف والمقالات وبالعموميات التي يكتنفها الغموض،
-
لعدم ثبوت المخالفات المنسوبة اليه ولعدم ثبوت تأثيرها على نتيجة الانتخابات،
وتبين انه جرى تسطير كتاب الى كل من النيابة العامة الاستئنافية وقاضي التحقيق الأول ومحكمة المطبوعات في جبل لبنان لإيداع المجلس صوراً عن الشكوى والتحقيقات الكاملة العالقة لدى كل منها وقد جرى تنفيذ مضمون الكتب المذكورة.
بنــــاءً عليـــه،
أولاً - في الشكل:
1-
في الدفع بانقضاء مهلة الطعن:
حيث إنّ الاستدعاء ورد الى المجلس الدستوري وسجل في القلم بتاريخ 16/6/2022.
وحيث إنّ المستدعى ضده فريد الخازن يطلب رده لوروده خارج مهلة الثلاثين يوماً المنصوص عنها في المادة 24 من قانون انشاء المجلس الدستوري رقم 250/93 والمادة 46 من قانون نظامه الداخلي مدلياً بأن وزير الداخلية والبلديات أعلن النتيجة النهائية لانتخابات دائرة كسروان جبيل يوم 16/5/2022، بموجب تصريح على شاشات التلفزة وفي وسائل الاعلام.
وحيث بعد ان حددت المادة 107 من قانون الانتخاب الإجراءات التي تمرّ بها مرحلة صدور النتائج وصولاً الى إعلانها من قبل لجنة القيد العليا خلصت في الفقرة الأخيرة الى ما يلي:
"ترسل النتائج مع المحضر النهائي والجدول العام الملحق به فوراً الى وزارة الداخلية والبلديات التي تتولى إعلان النتائج النهائية وأسماء المرشحين الفائزين، ويبلغ الوزير هذه النتيجة فوراً الى رئيس مجلس النواب والى رئيس المجلس الدستوري".
وحيث إنّ وزارة الداخلية والبلديات أبلغت رئاسة المجلس الدستوري ان اعلان النتائج الرسمية النهائية للانتخابات النيابية في جميع الدوائر هو في 17/6/2022 وذلك بكتاب يحمل التاريخ المذكور مرفق بتلك النتائج.
وحيث يقتضي معرفة ما إذا كان يعتدّ بالتصريح الصادر عن وزير الداخلية يوم 16/6/2022 واعتباره الإعلان الرسمي النهائي لنتيجة دائرة كسروان جبيل أم يقتضي اعتماد مضمون وتاريخ الكتاب المرسل الى رئيس المجلس الدستوري لتحديد بدء سريان مهلة الطعن،
وحيث إنّ وزارة الداخلية والبلديات أوردت في كتابها حرفيا "أنها تعلن نتائج الانتخابات الرسمية النهائية واستعمال كلمة "تعلن" وليس "أعلنت" تؤكد ان الإعلان الرسمي الذي يجب اعتماده هو تاريخ 17/6/2022، كما ورد في الكتاب الذي يشكل مستنداً رسمياً له قوة ثبوتية ولا يمكن دحض مضمونه بما تنقله وسائل اعلام خاصة قد يكون لها أو للبعض منها مصالح او غايات معينة.
وحيث إنّ القول بغير ما تقدم يحول دون امكان تحديد التاريخ الصحيح لاعلان النتائج ويصعب على أصحاب العلاقة كما على المجلس الدستوري، ودون أي مبرر، تحديد بدء سريان مهلة الطعن لأنه لا يفترض بأي منهم ان يكون متابعاً بصورة دائمة ومتواصلة لما تبثه وسائل الاعلام. كما تنتفي معه الفائدة من إبلاغ رئاسة المجلس الدستوري تاريخ اعلان النتائج فوراً.
وحيث إنّه، إضافة الى ما تقدّم، فإنّ مهلة تقديم الطعن تتعلق بالانتظام العام وعلى المجلس الدستوري أن يثيرها عفوا، في حال عدم إثارتها من قبل الفرقاء، الأمر الذي يوجب ان يكون لديه مستند يرتكز عليه، وكتاب وزير الداخلية المرفق بالتبليغ هو المستند المذكور.
وحيث لا يمكن استبعاد التفسير الذي توصل اليه المجلس بحجة أنه قد يؤدي الى عدم المساواة في المهل المعطاة للطعن، في حال صدور نتيجة نهائية واقعية لإحدى الدوائر قبل غيرها، لأن عدم المساواة في المهل تحصل أساساً وبصورة واقعية منذ اعلان لجان القيد العليا للنتائج النهائية من جهة ولأنه لا مانع قانوني من إعلان نتيجة دائرة قبل غيرها.
وحيث تبعاً لما تقدم يقتضي اعتماد كتاب وزارة الداخلية واعتبار ان اعلان النتيجة الرسمية النهائية في دائرة كسروان حصل في 17/6/2022 ويكون الاستدعاء وارداً ضمن المهلة القانونية ويقبل شكلاً لهذه الناحية.
2-
في عدم توجب الإستحصال على إذن بالمرافعة من نقابة المحامين:
حيث إنّ المطعون في نيابته فريد الخازن يدلي بوجوب ردّ الطعن شكلاً لأنّ وكيل الطاعن لم يتقدّم بطلب إستحصال على إذن مسبق من نقابة المحامين للمرافعة والإدعاء بوجهه كونه محامياً بالإستئناف.
وحيث إنّ موجب الاستحصال على الاذن هو لتأمين انضباط المحامين ويترتب، على مخالفته عقوبة مسلكية وليس له أي تأثير على الدعوى التي توكل الى المحامي المخالف لا لناحية القبول شكلا ولا لناحية أي اجراء من إجراءاتها، ما يوجب رد هذا الدفع.
(قرارا المجلس الدستوري رقم 22/2009 تاريخ 25/11/2009، ورقم 7/2000 تاريخ 8/12/2000)
3-
في قبول الطعن بمراجعة واحدة ضد نائبين منتخبين:
حيث إنّه عندما تكون للطاعن صفة للإدعاء بحق ما بدون توفر الأدلة الكافية على الجهة الموجود حقّه لديها، يجوز الادعاء بوجه جميع الذين يحتمل وجود حقّه لديهم ويعود للقضاء، سنداً لما يتوفر لديه من أدلة، ترتيب النتيجة القانونية.
وحيث إنّه لا يصح القول أن الطعن بصحة نيابة نائبين منتخبين أو أكثر لا يمكن أن يؤدي في النتيجة إلا إلى حلول مرشح خاسر واحد محل نائب منتخب واحد، سواء من جراء تصحيح النتيجة لجهة تصويب إحتساب الأصوات أو من جراء إعادة الإنتخاب وذلك لأن للقاضي الدستوري أن يفترض في مرحلة بحث الدفوع إمتلاك الحق، عندما يكون هذا الحق ممكناً أو محتملاً بالنسبة إلى نائبين إثنين، ثم يقضي في الأساس باستقراره على واحد منهما عند بتّ الموضوع.
وحيث إنّه لا يستقيم القول بأن القانون يتكلّم بصيغة المفرد عن طلب يقدّمه المرشح الخاسر بوجه نائب منتخب أعلن فوزه لأن هذا الأمر لا يعدو كونه إصطلاحاً درج عليه المشترع في القوانين عامة، أكان ثمّة مدّعٍ واحد أو مدّعى عليه واحد أو أكثر.
وحيث إنّه لا يصحّ القول بأن الطعن بوجه نائبين منتخبين يعطّل حق المرشح المنافس بإحلال مرشّح خاسر محل نائب فائز أو بإعادة الإنتخاب، لأنه سواء إرتكز الطعن على سبب فرق الأصوات أو على سبب حصول مخالفات جوهرية في العملية الإنتخابية، فإنه يبقى للمجلس أن يُخرج من دائرة الطعن النائب الذي نال عدداً من الأصوات يؤهله للفوز دون منازعة، كما يبقى له في حال تحققه من وجود مخالفات جوهرية، بأن يقضي بإبطال الإنتخاب، فيعاد الإنتخاب على مقعد واحد وفق الأصول، وذلك إنطلاقاً من ظروف كل قضية وخصوصيتها وإعمالاً لسلطته الواسعة في تقدير الوقائع والأدلة ووسائل الإثبات كافة.
وحيث إنّ هذه المبادئ تتلاقى ومقتضيات الإنصاف والعدالة لأنه قد يحصل تقارب قوي في عدد الأصوات بين المرشح الخاسر مقدّم الطعن من جهة ونائبين منتخبين من جهة ثانية، الأمر الذي يوجب الرجوع إلى المحاضر الرسمية الموجودة لدى وزارة الداخلية والتي قد يجهلها الطاعن، فلا يعقل ردّ طعنه شكلاً لسبب خارج عن إرادته أو مجهول منه، ولا سيما إذا تبيّن من مراجعة المحاضر الرسمية والوقوف على أرقامها الصحيحة أن الخاسر الحقيقي الحائز على عدد أصوات دون عدد أصوات الطاعن ليس هو المنافس الذي تناوله الطعن بل المنافس الذي سبقه مسجّلاً نسبة أعلى من الأصوات.
وحيث يقتضي رد هذا الدفع أيضاً وقبول الطعن شكلاً.
ثانياً - في الدفع بانتفاء المصلحة:
حيث إنّ هذا الدفع يرتكز على كون عدد أصوات الطاعن ضئيلة ويعتبر أن الطعن يجب أن يقدّم من قبل الحائز على أغلبية تخوّله الفوز في حال قرّر المجلس الدستوري إبطال نيابة المطعون بنيابته،
وحيث إنّ المادة 46 من القانون رقم 243/2000 (النظام الداخلي للمجلس الدستوري) جاءت على إطلاقها وأجازت تقديم الطعن لأي مرشّح منافس أيا كانت مرتبته.
" وبما أنّه لا مانع من أن يطعن مرشّح خاسر لم يحصل على الحاصل الإنتخابي في نتيجة الإنتخاب بهدف تعديل النتيجة حرصاً على سلامة الإنتخاب وصحّته، وعليه يكون له مصلحة في الطعن، ولا يؤخذ بالدفع الرامي إلى ردّ الطعن شكلاً لهذا السبب. "
(قرارا المجلس الدستوري رقم 6/2019 و11/2019 تاريخ 21/2/2019)
وحيث إنّ هذا الدفع بانتفاء المصلحة يكون مستوجب الرّد لعدم صحّته.
ثالثاً – في الأساس:
حيث إنّ مستدعي الطعن يسند طعنه إلى إقدام النائبين، المطعون في صحّة نيابتهما، على تجاوز سقف الإنفاق الإنتخابي وعلى رشوة الناخبين:
1-
في السبب المبني على تجاوز سقف الإنفاق الإنتخابي:
حيث إنّ المستدعي حدد كلفة الإنفاق الإنتخابي، وفواتير الإستشفاء والاقساط المدرسية والجامعية والمساعدات، ونفقات الدعاية والإعلان بمبلغ لامس المئة مليون دولار أميركي ومليارات الليرات اللبنانية، كما نسب في استدعائه ولدى إستجوابه أرقاماً مالية وإحصاءات إلى خبراء وأصحاب إختصاص ولم يستطع تقديم أي دليل حسي او بينة او بدء بينة تعزز أقواله أو إسم أي خبير أو صاحب اختصاص.
وحيث إنّ تقارير هيئة الإشراف على الإنتخابات حول البيان الحسابي الشامل للمرشحين أظهرت تقديم المطعون في نيابتهما الفواتير العائدة للدعايات والإعلام والكشوفات الحسابية والمصرفية والتحويلات وفقاً للأصول، وخلصت إلى الموافقة على صحّتها وإعتبار مجموع النفقات العام دون سقف الإنفاق الإنتخابي المتاح قانوناً، ولا يجوز بالتالي الاعتداد بما ورد في أقوال المستدعي المجردة من أي دليل.
وحيث إنّه تبيّن من إدلاءات المطعون في نيابتهما نعمه افرام وفريد الخازن أنّهما درجا منذ عقود على تقديم المساعدات الإجتماعية لكلّ سائل، الأول عبر مؤسسة جورج افرام ولأكثر من خمسين سنة، والثاني عبر متابعة نشاط عائلي موروث ومستمر لم ينقطع وقدّم إثباتاً على ذلك عيّنات عن إيصالات توثّق دفع المساعدات لدى إدارات المدارس والمستشفيات، يعود تاريخها إلى السنوات 2012 و2013 و2014 و2019 و2020، وهي من الإستثناءات المنصوص عليها في الفقرة الثانية من المادة /62/ من قانون الإنتخاب.
وحيث إنّ المستدعي لم يدوّن أي إعتراض أو ملاحظة في أي محضر من محاضر الأقلام أو لجان القيد بشأن المخالفات التي أشار إليها في إستدعاء الطعن، ليمكن المجلس ان ينطلق منها في استقصاءاته.
Favoreu et Philip: Les grandes décisions du conseil constitutionnel, 8e édition 1995, page 213:
" Pour que les irrégularités invoquées par le requérant soient examinées, le conseil constitutionnel exige soit un commencement de preuve, soit qu’elles aient été mentionnées au procès-verbal, sinon elles ne seront pas considérées comme établies. "
وحيث إنّ المجلس الدستوري لا يحلّ نفسه محلّ المعترض في إثبات إدعائه، ولا يسع الخاسر في الإنتخابات إعفاء ذاته من هذا العبء وجعله على عاتق القاضي الدستوري لأن ذلك مخالف لقاعدة الاثبات الجوهرية «ان عبء الاثبات يقع على المدعي».
وحيث إنه معلوم ومستقر فقهاً وإجتهاداً أنّ المجلس الدستوري يفصل في النزاع بالإستناد إلى أسباب دقيقة واردة في المراجعة ، وإلى مستندات ووثائق مرفقة بها وإلى أدلّة وبينات من شأنها إضفاء المنطق والجديّة والدّقة على الإدعاء.
وحيث إنّ المستدعي اكتفى في مدعاه، بالعموميات بدون تقديم أي دليل على ثبوت المخالفات المشكو منها، ولا يسع المجلس الاعتداد بهذه العموميات والتي تتسم بالتحليل الانتخابي والإعلامي والسياسي، وبالأقاويل ليس إلاّ.
فيقتضي ردّ هذا السبب.
2-
في السبب المبني على الرشوة الإنتخابية:
حيث يدلي المستدعي تحت هذا السبب بأنه قدّم شكوى الى هيئة الاشراف على الانتخابات وتم توقيف رئيس ماكينة نعمة افرام الانتخابية متلبساً بجرم الرشوة وأطلق سراحه بناء للتدخلات وانه تم الادعاء على المستدعى ضده فريد الخازن بالجرم إياه،
وحيث ان الشكوى بموضوع الرشوة التي أقامها المستدعي بوجه نعمه افرام، أمام النيابة العامة الإستئنافية في جبل لبنان بتاريخ 16/5/2022 ترتكز على أخبار صحفيّة منسوبة إلى رئيس ماكينته الانتخابية، وهي لا تزال قيد التحقيق، كما تبين من الإفادة الصادرة في 27/9/2022 عن النائب العام الاستئنافي في جبل لبنان التي أبرزها الطاعن بدون أن يستطيع إثبات دور وصفة من اعتبره رئيس الماكينة الانتخابية.
وحيث إنّ النيابة العامة الإستئنافية في جبل لبنان أودعت المجلس الدستوري نسخة عن كامل محاضر التحقيق العائدة للقضية المشار إليها أعلاه، والتي تبيّن من مضمونها ما يلي:
-
أنّ ثمة معلومات وردت إلى جهاز أمن الدولة حول دفع رشاوى انتخابية في بلدتي داريا وحراجل جرى التدوال بها على شبكة التواصل الإجتماعي.
-
في داريا صار الترويج لبيانين يستفاد مما نشر فيهما ومن التحقيقات والمستندات وما أشيع، أنه لا حادثة شراء أصوات محدّدة إنما تراشق بالتهم والإشاعات بشكل عام غير مسند إلى أي واقعة أو إثبات أو بيّنة أو شبه بيّنة، وذلك على خلفية سياسية وانتخابية وخلافات محلّية.
-
كما لم ينهض من محاضر التحقيق توقيف السيد طانيوس المدوّر الذي إدّعى المستدعي أنه رئيس ماكينة المرشّح افرام ولا أي شخص آخر، وبالتالي تكون واقعة التدخلات السياسية لإخلائه عارية من الصحة ولا أساس لها.
-
في حراجل، تبيّن أن أحد أنصار القوات اللبنانية والمقيم في أميركا نشر على وسائل التواصل الإجتماعي جدولاً يتضمّن /27/ إسماً يوثّق لقبض كلّ منهم مبلغ مليوني ليرة لبنانية مع التوقيع مقابل الأسماء، يتهم على أساسه جرجس عقيقي بدفع الرشاوى لصالح المرشح نعمه افرام، ليتبيّن من التحقيقات أنّ عقيقي هو نائب رئيس بلدية حراجل والمسؤول عن المركز الصحي في البلدة والمناصر لحزب الكتائب والخالي العلاقة بماكينة افرام الإنتخابية.
-
كما تبيّن من التحقيق والمستندات الخطية حول ظروف تنظيم الجدول، الذي اعتبر مشبوهاً، أنه ناجم عن تعاقد تمّ بين جرجس عقيقي ورئيس مجلس إدارة " تيلي لوميار" يدفع بموجبه هذا الأخير إلى الأول مساعدة قدرها /120/ مليون ليرة لبنانية لتوزيعها على المحتاجين الذين أكّدوا لدى إستجوابهم على أنّ نائب رئيس البلدية درج منذ سنوات طويلة على تقديم المساعدات العينية والطبية والمالية بصورة دورية وأنه لم يطلب بالمقابل أي شيء ولا سيما بمناسبة الإنتخابات النيابية، علماً أنّه ليس مرشحاً.
ونصّت المادة الرابعة من بروتوكول التعاون الموقّع لهذه الغاية بتاريخ 2/2/2022 على التالي:
" يتعهد الفريق الثاني بتوزيع المساعدات المبيّنة أعلاه على أهالي بلدة حراجل الأشد عوزاً فقط وذلك بعد التأكد من وضعهم الإجتماعي، على أنّ يبلّغ الفريق الثاني الفريق الأول لائحة باسماء المحتاجين الذين تمّت مساعدتهم وذلك تأكيداً على الشفافية وعلى وصول المساعدات للعائلات المستورة والأشد عوزاً فقط".
وهذا ما تمّ بالفعل، وقد نظّم كاهن رعية حراجل لائحة الأسماء المشار إليها.
وحيث يستنتج من التحقيقات المجراة بالصدد أعلاه أنّه ما من فعل جرمي منسوب إلى المرشح نعمه افرام ولم يصر إلى سماع إفادته ولا علاقة سببية بين نشاط جرجس عقيقي الإجتماعي وبين فوز افرام بالمقعد النيابي.
وحيث إنّ المرشح نعمه افرام قدّم بدوره شكوى بتاريخ 15/5/2022 أمام هيئة الإشراف على الإنتخابات بوجه الموقع الإخباري الذي نشر الخبر موضوع شكوى الطاعن سجلت برقم /1573/ وأحيلت الى محكمة المطبوعات وهي ما زالت قيد النظر ايضاً.
وحيث يتبين من إفادة محكمة المطبوعات في جبل لبنان أنّ شكوى النائب افرام المقدمة بوجه السيد ميشال قنبور بصفته الشخصية وبصفته صاحب موقع Lebanon Debate بموضوع مخالفة قانون الإنتخاب، سُجّلت تحت الرقم /24/ بتاريخ 27/10/2022 وأحيل الملف إلى الرئاسة لتعيين موعد جلسة بعد فك الإعتكاف. (كذا)
وحيث إنّ دعوى الحق العام بوجه النائب فريد الخازن وآخرين بجرم عرض رشوة والتدخل فيها ما زالت قيد النظر أمام قاضي التحقيق الأول في جبل لبنان وهي مسجّلة برقم 167/2022 وصار إيداع المجلس الدستوري نسخة عن كامل ملف هذه الدعوى بما في ذلك محاضر التحقيق والقرص المدمج الذي يوثق مشاهد مصوّرة للجرم المدعى به، وقد إتضح بعد التدقيق ما يلي:
1-
أنّ التحقيقات خالية من أي إثبات على شراء الأصوات الإنتخابية وبصورة خاصة شراء صوت المستدرِجة السريّة الموفدة عمداً من أحد البرامج التلفزونية.
2-
ليس ثمة إشارة، على رغم الإستدراج طيلة /35/ دقيقة، إلى أي طلب يرمي إلى إنتخاب المرشّح فريد الخازن مقابل دفع المال.
3-
أنّ المكتب الإنتخابي مشرّع أمام العموم، حيث الدفع للمندوبين وللعاملين في الحملة الإنتخابية علني وموثّق في جداول تحمل التواقيع إشعاراً بالقبض، والمبلغ المدفوع موضّب ضمن مغلّف يحمل صورة المرشّح ويسلّم مباشرة لا خفية، بأسلوب وإجراءات لا تأتلف مع عمليات شراء الأصوات المتّسمة بالسرية والحذر والخفر.
4-
لم يذكر لا على لسان القيّمين على المكتب الإنتخابي في جبيل ولا على لسان المستدرِجة المتقصّية إسم فريد الخازن ولم ينسب إليه أي فعل جرمي.
5-
ثبت أنّ المستدرجة ذهبت بمبادرة منها إلى المكتب الإنتخابي في المرّة الأولى بدون أن يتّصل بها أحد، فلم تَنَلْ مبتغاها، وطُلب منها العودة عند الإتصال بها من قبل المولجين بأعمال المكتب. فعادت مجدداً من تلقاء ذاتها بدون أن يتمّ الإتصال بها، وبإصرار منها عرضت أن تكون مندوبة جوّالة كونها تملك سيارة، سائِلةً عن دفع بدل المحروقات، كلّ ذلك بدون أن يُعرض عليها أي دور أو مبلغ.
6-
لم يَدُرْ أي حديث عن إقتراع أو شراء أصوات ولم تُسأل المستدرِجة عن عدد أفراد عائلتها ولم تُحجز هويتها ولم يُطلب منها تقديم كفيل أو ضامن لإنتخابها (مفتاح إنتخابي) في وقت تشير المعطيات المصوّرة أنّ إرادتها بقيت حرّة في التعبير عن خيارها الإنتخابي بدون أدنى توجيه صوب مرشّح معيّن وبدون شرط أو قيد.
وحيث إنّ المجلس الدستوري يقارب مسألة الرشوة بدّقة متناهية وبحذر شديد، بحيث لا يقدم بسهولة، من خلال إلغاء نتيجة إنتخابية ما تكون موضوع شبهة، على تعطيل إقتراع ناخبين آخرين إقترعوا بصورة صحيحة وسليمة وبكلّ حرّية من طريق ممارسة حقّهم الديمقراطي، ولا يحلّ القاضي نفسه محلّ الناخبين كهيئة إقتراعية.
وحيث إنّ إدلاء المستدعي الراسب بحجّة رشوة الناخبين وشراء الأصوات يجب أن يقترن بالإثبات الصحيح وأن يكون هو السبب في خسارة الطاعن ونجاح منافسه، الأمر غير المتوفرة شروطه وركائزه وأركانه في الطعن الحاضر.
(قرار المجلس الدستوري رقم 18/2000 تاريخ 8/12/2000)
وحيث إنّ المجلس الدستوري ذهب إلى أبعد من ذلك فاستقرّ على إعتبار أنّه لا يكفي توافر الإثبات على العيوب المدعى بأنها شابت العملية الإنتخابية نتيجة لتشويه إرادة الناخبين بفعل ضغوط مادية ومعنوية تعرّضوا لها، توّصلاً لإعلان بطلان النتائج المقترنة بها العملية الإنتخابية، إنّما ينبغي قيام الدليل القاطع على أنّ النتائج لم تكن لتحصل لولا العيوب المشكو منها.
وحيث إنّ أتعاب المندوبين تدخل ضمن النفقات الإنتخابية المشروعة الواردة في المادة /58/ من قانون الإنتخاب التي تنصّ على ما حرفيّته:
" تعتبر نفقات إنتخابية بفهوم هذا القانون ... تأمين المكاتب الإنتخابية وسائر نفقات هذه المكاتب،
... التعويضات والمخصصات المدفوعة نقداً أو عيناً للأشخاص العاملين في الحملة الإنتخابية وللمندوبين، مصاريف نقل وانتقال عناصر الحملة الإنتخابية ..."
وحيث إنّ إجتهاد المجلس الدستوري اعتبر أنه في مجال الإثبات المقبول قضائياً، لا يمكن الإعتداد بما تنشره الصحف ولا بالتقارير الصادرة عن مراجع غير رسمية.
وفي المجلس الدستوري الفرنسي:
" Les requêtes doivent présenter au moins un motif sérieux d’annulation, faute de quoi elles sont jugées inacceptables ."
Cons. Const. Déc. n0 97-2206,17 juillet 1997.
وحيث إنّ الطعن يكون في ضوء ما تقدّم مستوجب الرّد لعدم قانونيته.
لهـــذه الأسبـــاب
يقرّر المجلس بالأكثرية:
1-
قبول الطعن شكلاً.
2-
ردّ الدفع بانتفاء مصلحة مستدعي الطعن.
3-
ردّ الطعن أساساً.
4-
إبلاغ هذا القرار من رئيس مجلس النواب ووزارة الداخلية وأصحاب العلاقة.
5-
نشر هذا القرار في الجريدة الرسمية.
قراراً صدر في 17/11/2022
الأعضاء
ميراي نجم الياس مشرقاني فوزات فرحات
(مخالف)
ميشال طرزي رياض أبو غيدا ألبرت سرحان أكرم بعاصيري
أمين السر نائب الرئيس الرئيس
عوني رمضان عمر حمزة طنوس مشلب
مخالفة
القاضي الياس مشرقاني عضو المجلس الدستوري
رقم المراجعة: 14/ و
تاريخ الورود: 16/6/2022
المعترض: سيمون حبيب صفير.
المعترض على صحة إنتخابهما: نعمه جورج افرام وفريد هيكل الخازن.
المقعد والدائرة الإنتخابية: المقعد الماروني في كسروان (جبل لبنان الأولى، كسروان وجبيل)
الموضوع: وجوب ردّ الطعن شكلاً.
أوافق المجلس الدستوري، على سبيل الإستطراد، في ما أنتهى إليه قراره بالنسبة للنتيجة في أساس الطعن موضوع المراجعة أعلاه، وأخالف رأي الأكثرية في ما يتعلّق بمسألة تاريخ بدء سريان مهلة تقديم الطعون الإنتخابية عموماً، وتالياً وجوب ردّ الطعن الحاضر شكلاً لوروده خارج المهلة القانونية.
في ورود إستدعاء الطعن خارج المهلة القانونية:
بما أنّ المعترض تقدّم باستدعاء طعن سجّل في قلم المجلس الدستوري تحت الرقم 14/2022 بتاريخ 16/6/2022.
وبما أنّ المعترَض على صحّة إنتخابه فريد الخازن أدلى في مذكرته الجوابية بوجوب ردّ الطعن شكلاً لعلّة وروده خارج مهلة الثلاثين يوماً التي نصّ عليها القانون والتي تنتهي في 15/6/2022، لأنّ الإنتخابات النيابية جرت في مختلف الدوائر في 15 أيار 2022 وأعلنت نتيجة الدائرة الإنتخابية المعنيّة بالطعن الحاضر (كسروان) بتاريخ 16 أيار 2022.
فيتبيّن ما يلي:
أنّ المادة /24/ من قانون إنشاء المجلس الدستوري نصّت على وجوب تقديم الطعن في مهلة أقصاها ثلاثون يوماً تلي تاريخ إعلان نتائج الإنتخاب في دائرة المرشح المنافس الخاسر تحت طائلة ردّ الطلب شكلاً، كما نصّت المادة /46/ من النظام الداخلي للمجلس الدستوري على تقديم الطعن في مهلة أقصاها ثلاثون يوماً تلي تاريخ إعلان نتائج الإنتخاب في دائرة الطاعن الإنتخابية.
أنّ بدء سريان المهلة مرتبط بتاريخ إعلان نتائج الإنتخاب في دائرة المرشح المنافس الخاسر مقدّم الطعن، وليس في أي دائرة أخرى، بمعنى أنّ إحتساب المهل قد يختلف بين دائرة وأخرى بحسب تاريخ إعلان نتائج كلّ منها.
أنّ النصّ القانوني أعلاه جاء آمراً وجعل مهلة تقديم الإستدعاء مهلة إسقاط للحق في الطعن بصحة الإنتخاب، إذ عاقب صراحة تجاوز المهلة المضروبة بردّ الطلب شكلاً.
أنّ المادة /107/ من قانون الإنتخابات رقم 44/2017 تاريخ 17/6/2017 نصّت في فقرتها الخامسة على ما يلي:
" ترسل النتائج مع المحضر النهائي والجدول العام الملحق به فوراً إلى وزارة الداخلية والبلديات التي تتولّى إعلان النتائج النهائية الرسمية وأسماء المرشحين الفائزين، ويبلّغ الوزير هذه النتيجة فوراً إلى رئيس مجلس النواب وإلى رئيس المجلس الدستوري. "
أنّ وزارة الداخلية بشخص الوزير أعلنت النتائج الرسمية العائدة لدائرة كسروان وجبيل بتاريخ 16/5/2022 بدليل ما يلي:
أ-
جريدة الأخبار صباح يوم الثلاثاء 17/5/2022 العدد /4630/
" النتائج الرسمية (باستثناء دائرتي الشمال الثانية وبيروت الثانية)."
ب-
موقع جريدة النهار 17/5/2022:
" وبعدما أعلن وزير الداخلية بسّام مولوي نتائج 12 دائرة مثبتة لدى لجان القيد العليا، أمس الإثنين، (أي في 16/5/2022) أعلن اليوم نتائج الدوائر الثلاث المتبقية وهي بيروت الثانية، الشمال الأولى والثانية."
ج- موقع الوكالة الوطنية للإعلام ليوم الإثنين 16 أيار 2022، الساعة الخامسة من بعد الظهر تحت عنوان " وزير الداخلية أعلن النتائج الرسمية للإنتخابات النيابية في 7 دوائر":
... وأعلن وزير الداخلية النتائج الرسمية والنهائية الصادرة عن وزارة الداخلية في سبع دوائر وهي كالتالي:
...
-
فاز في جبل لبنان الأولى (كسروان جبيل): زياد الحواط، رائد برّو، ندى البستاني، نعمه افرام، شوقي الدكاش، فريد الخازن، سيمون أبي رمياـ سليم الصايغ."
د- موقع الصحافة اليوم في 17/5/2022:
" ركّزت الصحف الللبنانية الصادرة صباح اليوم الثلاثاء 17 أيار 2022 على نتائج الإنتخابات النيابية التي أصدرت وزارة الداخلية أغلب نتائجها الرسمية ..."
أنّ وزير الداخلية أرسل بتاريخ 17/5/2022 كتاباً يحمل الرقم 79/ص.م إلى رئيس المجلس الدستوري يبلّغه بموجبه نتيجة الإنتخابات في الدوائر المختلفة وأسماء الفائزين السابق إعلانها بدون أن يحدّد في متن الكتاب المذكور تاريخ إعلان النتيجة والأسماء في كل دائرة إنتخابية (لأنّ هذا التاريخ إنّما هو موعد الإعلان الفعلي لكل نتيجة)، وبالتالي لا يجوز إعتماد تاريخ توقيع كتاب وزير الداخلية أي 17/5/2022 كمنطلق لبدء سريان مهل الطعون كافة، كما أنّه من البديهي أن يكون تاريخ إعلان النتائج الرسمية سابقاً لتاريخ تبليغ رئيسي المجلس النيابي والمجلس الدستوري بحسب التسلسل الزمني الوارد في المادة /107/ من قانون الإنتخابات، لأنه يستحيل على وزير الداخلية إرسال الكتاب في اليوم الأول لإعلان النتائج طالما أنّ ثمّة نتائج أخرى لم يُصر إلى إعلانها بعد.
أنّ تاريخ إعلان نتائج الانتخاب الواجب اعتماده هو تاريخ الإعلان الفعلي أمام العموم بواسطة وسائل الإعلام في 16 و 17 أيّار 2022 (بحسب كل دائرة)، لأنّ العلنية لا تتم بالتبليغ الخاص والشخصي الموجّه الى المرجعين المُراد إبلاغهما اللذين ذكرتهما المادة /107/ من قانون الانتخاب، بل تأخذ مفاعيلها بإتصال النتيجة المعلنة بعلم ذوي الصفة والمصلحة في تقديم الطعون، فيُكتفى هنا بالإعلان الوحيد الذي جرى على يومين متتاليين عبر شاشات التلفزة ووسائل الإعلام بعناية وزير الداخلية.
أنه بالتالي، لا يتماهى الاعلان تجاه الكافة مع التبليغ الخاص بمرجعين محددين، ولا يجوز إعتبار تاريخ هذا التبليغ بمثابة الإجراء الإعلاني الصحيح والكافي لبدء سريان مهلة الطعون لمخالفته ما نص عليه كلّ من قانون إنشاء المجلس الدستوري ونظامه الداخلي اللذين لم يتطرّقا أصلاً الى التبليغ المشار إليه لكونه طرأ على التشريع الجديد لاحقاً ضمن قانون الانتخاب رقم /44/ بتاريخ 17/6/2017.
أنّ الإعلان يفيد الإشهار على عكس التبليغ المحصور بالمبلّغ إليه تخصيصاً.
أنّ إعلان نتائج دائرة كسروان (جبل لبنان الأولى- كسروان/ جبيل) يوم الإثنين الواقع فيه 16/5/2022، قد أتى مكتملاً وصحيحاً ونهائياً وغير مشوب بأي لبس، ومتّسماً بالدقة والوضوح ونافياً للتأويل، وهو الإعلان الوحيد أمام الملأ والمتذرّع به بوجه الكافة والمتصّف بالعلنية والتعميم.
"seule la publicité régulièrement assurée fait courir le délai "
(G.Vedel et P. Delvolvé, le système Français de protection des administrés contre l’administration, p. 226 n0 537)
وأيضاً:
"La publication, la notification ou la signification ne font courir le délai de recours contentieux que si elle sont complètes et régulières."
(Odent, Contentieux Administratif cours de 1961-1962 p. 533)
أنّه على منوال ما أسلفنا، وفي مطلق الأحوال، لم ينصّ قانون إنشاء المجلس الدستوري ولا نظامه الداخلي على إعتماد تاريخ إبلاغ رئيس المجلس الدستوري نتائج الإنتخابات من قبل وزير الداخلية كمنطلق لإحتساب مهلة تقديم الطعن بصحّة النيابة، إنّما نصّ القانونان المذكوران صراحة على بدء المهلة تلك في اليوم التالي لإعلان نتائج دائرة المرشّح المنافس الخاسر مقدّم الطعن.
أنّ قانون إنشاء المجلس الدستوري ونظامه الداخلي نصّا على " نتائج الإنتخاب " أي الإنتخاب الحاصل في الدائرة لا سيما دائرة المرشّح الطاعن، ولم يعتمدا عبارة " نتائج الإنتخابات" لجواز التفسير بأن المقصود هو إعلان نتائج الإنتخابات كافة وفي مختلف الدوائر وعلى مستوى كلّ لبنان وفي آنٍ واحد.
أنّ عبارة " إعلان رسمي " التي اعتمدها القرار موضوع المخالفة الراهنة لا تنسجم أبداً مع نصّ المادة /107/ من قانون الإنتخاب التي جاءت واضحة بإضفاء صفة " الرسميّة " على النتائج وليس على الإعلان الذي لم تشترط بشأنه أي صيغة رسميّة أو وسيلة إعلان محدّدة كمثل النشر في الجريدة الرسميّة أو الإعلان لصقاً على إيوان وزارة الداخلية على سبيل المثال.
هذا ما استقر عليه المجلس الدستوري بشكلٍ حاسم وصريح، وفيه:
" وبما أنّه يتبيّن من كل ما سبق أنّ إعلان نتائج الإنتخاب المطعون فيه قد تمّ صحيحاً بتاريخ 10/6/2002، وهو التاريخ ذاته الذي تمّ فيه إقتران إعلان النتائج رسمياً من قبل وزارة الداخلية والبلديات عبر وسائل الإعلام بتوجيه وزير الداخلية كتاباً بهذا الخصوص إلى رئيس مجلس النواب عملاً بالمادة /60/ فقرة /2/ من القانون رقم 171/2000، فتكون مراجعة الطعن الحاضرة المقدّمة بتاريخ 8/7/2002واردة ضمن المهلة القانونية ومقبولة في الشكل لهذه الجهة. "
(قرار المجلس الدستوري رقم 5/2002 تاريخ 4/11/2002)
وأيضاً:
" في ما يتعلّق بمهلة تقديم الطعن
بما أنّ العملية الإنتخابية جرت في كلّ لبنان وبالتالي في دائرة البقاع الثالثة بعلبك – الهرمل، يوم الأحد الواقع فيه 6/5/2018، وأعلنت نتائجها بصورة رسمية في اليوم التالي، الإثنين 7/5/2018 ".
(قرار المجلس الدستوري رقم 14/2019 تاريخ 21/2/2019)
علماً أنّ الإنتخابات النيابية التي جرت سنة 2019 أعلنت نتائجها على يومين متتاليين وأرسل كتاب وزارة الداخلية إلى رئيسي مجلس النواب والمجلس الدستوري في اليوم الأخير أي الثلاثاء في 8/5/2019. أما المجلس، في قراراه رقم 14/2019، فعوّل على تاريخ إعلان نتائج الدائرة المعنيّة بالطعن (عبر وسائل الإعلام) كمنطلق لبدء سريان مهلة الطعن.
أنّه قياساً على ما ورد في القرار رقم 5/2002 آنفاً يكون الإعلان المعوّل عليه لبدء سريان مهلة الطعن هو ذاك الحاصل من قبل وزير الداخلية عبر وسائل الإعلام بتاريخ 16/5/2022 بالنسبة لنتائج دائرة كسروان، فيكون الطعن مردوداً شكلاً لوروده خارج المهلة القانونية.
الحدث في 17/11/2022
العضو المخالف
القاضي الياس مشرقاني