قرار رقم: 20 /2019



إن المجلس الدستوري،

الملتئم في مقره بتاريخ 3 / 6 /2019 برئاسة رئيسه عصام سليمان وحضور نائب الرئيس طارق زياده والأعضاء: أحمد تقي الدين، أنطوان مسره، توفيق سوبره، سهيل عبد الصمد، صلاح مخيبر ومحمد بسام مرتضى، تغيب أنطوان خير وزغلول عطية.

وعملاً بالمادة 19 من الدستور،

وبعد الاطلاع على ملف المراجعة وسائر المستندات المرفقة بها، وعلى تقرير المقرر، المؤرخ في 20/5/2019

وبما ان السادة النواب المذكورة أسماؤهم أعلاه تقدموا بمراجعة، سجلت في قلم المجلس الدستوري بتاريخ 9/5/2019، ترمي الى الأمور الآتية:

أولاً-وقف العمل بالقانون المطعون فيه جزئياً أو كلياً الى حين البت بمراجعة الطعن.

ثانياً-إبطال القانون المطعون فيه جزئياً أو كلياً.

جاء في أسباب الطعن ما يأتي:

1-مخالفة القانون المطعون فيه أحكام المادة 36 من الدستور لجهة عدم حصول المناداة بأسماء النواب أثناء التصويت عليه في مجلس النواب.

2-مخالفة القانون المطعون فيه أحكام المادة 89 من الدستور لجهة عدم استصدار قانون منح التزام وامتياز لمدة زمنية محددة.

3-مخالفة القانون المطعون فيه أحكام المواد 16 و17 و65 من الدستور لجهة عدم مراعاة اختصاص كل من السلطتين التشريعية والاجرائية كما هي محددة في تلك المواد، ومخالفة أحكام الفقرة ه من مقدمة الدستور لجهة عدم احترام مبدأ الفصل بين السلطات وتوازنها.

4-مخالفة القانون المطعون فيه مبدأ الاستثناء والظروف الاستثنائية.

5-مخالفة القانون المطعون فيه مبدأ الأمان التشريعي ومبدأ الثقة المشروعة اللازمة بالقوانين وانتهاك سيادة القانون.

وبنــــــــــاءً علــى مـا تــــقدّم

أولاً-في الشكل.

        بما أن القانون المطعون فيه نشر في الجريدة الرسمية بتاريخ 30/4/2019،

        وبما ان مراجعة الطعن في دستوريته، الموقعة من عشرة نواب، سجلت في قلم المجلس الدستوري في 9/5/2019، تكون مراجعة الطعن واردة ضمن المهلة القانونية ومستوفية شروطها الشكلية، لذلك هي مقبولة شكلاً.

ثانياً-في الأساس.

1-في وقف العمل بالقانون المطعون فيه.

        تدارس المجلس الدستوري طلب وقف العمل بالقانون المطعون فيه، المبين في المراجعة، وذلك في جلسته المنعقدة يوم الاثنين في 13/5/2019، ولم يستجب لهذا الطلب.

2-في مخالفة أحكام المادة 36 من الدستور.

        بما انه جاء في المادة 36 من الدستور ما يلي:"أما فيما يختص بالقوانين عموماً أو بالاقتراع على مسألة الثقة فإن الآراء تعطى دائماً بالمناداة على الأعضاء بأسمائهم وبصوت عالٍ."

        وبما ان المجلس الدستوري أكد، في قراره رقم 5/2017 تاريخ 23/9/2017، "أن القاعدة التي نصت عليها المادة 36 هي جوهرية وليست شكلية ولا تقبل الإستثناء لورود تعبير دائماً في النص الدستوري الواردة فيه، وقد اعتمدها النظام الداخلي لمجلس النواب في المادتين 78 و85 منه"،

        وبما ان المجلس الدستوري أكد في القرار نفسه على ان "التصويت العلني بالمناداة بصوتٍ عالٍ ليس قاعدة شكلية بل شرط ضروري للمراقبة والمحاسبة في الأنظمة الديمقراطية البرلمانية"،

        وبما ان إهمال هذه القاعدة الجوهرية في التصويت أو مخالفتها يؤدي الى اعتبار التصويت باطلاً، وبالتالي هذا البطلان ينسحب على القانون نفسه بحيث يصبح مستوجباً الإبطال في حال تم الطعن فيه وفقاً للأصول،

        وبما انه تبين من محضر الجلسة التي أقر فيها القانون المطعون فيه (الجلسة العامة المنعقدة يوم الأربعاء الواقع فيه 17 نيسان 2019)، أنه جرى التصويت على الإقتراحات وسقطت جميعها، ومن ثم جرى التصويت على كل مادة من مواد القانون برفع الأيدي وأقرت بالأكثرية، وبعدها جرى التصويت على القانون بمجمله بالمناداة بالأسماء، وفق ما جاء في محضر الجلسة، وأقر بالأكثرية، وكان من الأصح ذكر التعداد في المحضر،

        وبما أنه لم يجرِ تسجيل إعتراض في محضر الجلسة مفاده أن القانون المطعون فيه أقر خلافاً لما نصت عليه المادة 36 من الدستور، وأنه لم يُقر عن طريق المناداة بالأسماء، انما سُجل اعتراض دوّن كما يلي:"ما حصل اليوم بإقرار هذا القانون هو أمر غير دستوري"،

        لذلك سبب الطعن هذا يكون مستوجباً الرد.

3-في مخالفة أحكام المادة 89 من الدستور.

        بما ان المادة 89 من الدستور نصت على أنه "لا يجوز منح أي التزام او إمتياز لاستغلال موارد من موارد ثروة البلاد الطبيعية أو مصلحة ذات منفعة عامة أو احتكار الا بموجب قانون والى زمن محدود".

        وبما ان القانون المطعون فيه لم يقر، وفق ما جاء في مراجعة الطعن، منح أي التزام أو امتياز في قطاع الطاقة والى زمن محدود، بل نص على إعطاء حق منح عقود Bot الى مجلس الوزراء على ان يتم التسليم الى الدولة بعد فترة زمنية محددة،

        وبما انه ورد في مراجعة الطعن ان القانون المطعون فيه خالف القاعدة الدستورية الملزمة بوجوب استصدار قانون يحدد المدة الزمنية، ونقل الى السلطة التنفيذية، اختصاص منح أي التزام او امتياز لاستغلال مورد من موارد ثروة البلاد الطبيعية، المحجوز دستورياً للسلطة التشريعية،

        وبما ان الطاعنين يضيفون ان القانون المطلوب ابطاله قد خالف الدستور حين فوض وزارة الطاقة وضع دفتر الشروط وإجراءات المناقصة، وان هذه الإجراءات كان يجب ان تأتي انفاذاً لمضمون قانون خاص ومنح الالتزام أي ضمن ضوابط محددة،

        وبما أنه يقتضي لأجل البت بالأسباب والحجج المثارة، من الجهة الطاعنة، استعادة النصوص القانونية التي بني عليها وارتبط بها القانون رقم 129 المطلوب ابطاله، وهي التي أشير اليها في متنه على أنه وضع بالاستناد اليها، لبيان الأمور التي تطرقت اليها ونظمتها تلك النصوص القانونية،

        وبما ان القانون المطعون فيه أعاد العمل بأحكام القانون رقم 288/2014 الذي قضى بإضافة فقرة الى المادة السابعة من القانون رقم 462 تاريخ 2/9/2002 الذي نظم قطاع الكهرباء،

        وبما ان القانون المطعون فيه نص على تلزيم مشاريع بناء معامل تعتمد طريقة التصميم والتمويل والإنتاج والتشغيل والتسليم الى الدولة بعد فترة زمنية،

        وبما انه لا يمكن فصل القانون المطعون فيه عن القانون رقم 462/2002 (تنظيم قطاع الكهرباء) الذي هو الأساس، وقد جاء القانون المطعون فيه تكملة له،

        وبما ان مجلس النواب، وعملاً بالمادة 89 من الدستور، قام بدوره في تنظيم قطاع الكهرباء على صعيد الإنتاج والنقل والتوزيع، وحدد شروط التلزيم والجهات التي لها صلاحية التلزيم والمدة القصوى لاستثمار القطاع، وتناول جميع التفاصيل، فيكون مجلس النواب بذلك، قد مارس صلاحياته المنصوص عليها في المادة 89 من الدستور،

        وبما ان التلزيم وما يتطلبه، وفق الأسس والقواعد والشروط التي نص عليها القانون، هو عمل اجرائي وليس تشريعياً، فقد أناط القانون رقم 462/2002 صلاحية التراخيص بالهيئة الوطنية لتنظيم قطاع الكهرباء، بعد ان حدد طريقة انشائها وادارتها ومهامها وصلاحياتها الخ...،

        وبما ان القانون رقم 462/2002 منح الهيئة الوطنية لتنظيم قطاع الكهرباء، وهي هيئة معينة بقرار من الحكومة، صلاحيات واسعة جداً، ترخص بموجبها للشركات باستثمار قطاع الكهرباء في مجال الإنتاج والنقل والتوزيع لمدة أقصاها خمسون سنة، وتتولى تنظيم قطاع الكهرباء ورقابة شؤونه، ولا تخضع لأحكام المرسوم رقم 4517 تاريخ 13/12/1972 (النظام العام للمؤسسات العامة)، وتصدر قراراتها بالغالبية المطلقة،

        وبما انه لم يجرِ الطعن في دستورية القانون رقم 462/2002 ضمن المهلة القانونية وقد أصبح محصناً بوجه أي طعن ولا يمكن التصدي له في هذا المجال،

        وبما ان القانون رقم 129/2019 المطعون فيه أعاد العمل بأحكام القانون رقم 288/2014، وهذا الأخير أضاف فقرة الى المادة السابعة من القانون رقم 462/2002 (تنظيم قطاع الكهرباء) جاء فيها ما يلي: "بصورة مؤقتة، ولمدة سنتين، ولحين تعيين أعضاء الهيئة واضطلاعها بمهامها، تمنح أذونات وتراخيص الإنتاج بقرار من مجلس الوزراء بناءً على اقتراح وزيري الطاقة والمياه والمالية."

        وبما ان المادة الأولى من القانون المطعون فيه أعادت العمل بالقانون رقم 288/2014 لمدة ثلاث سنوات أي نقلت صلاحيات ومهام الهيئة الناظمة لقطاع الكهرباء، لجهة منح اذونات وتراخيص الإنتاج الى مجلس الوزراء، وليس في هذا مخالفة دستورية لأنها نقلت أموراً مناطة بالهيئة الناظمة الى مجلس الوزراء، المناطة به أساساً السلطة الإجرائية بموجب المادة 65 من الدستور، والخاضع لرقابة مجلس النواب،

        وبما ان المادة الثانية من القانون المطعون فيه نصت على ما يلي: "تلزم مشاريع بناء معامل تعتمد طريقة التصميم والتمويل والإنتاج والتشغيل والتسليم الى الدولة بعد فترة زمنية، بشروط تحدد تفاصيلها الإدارية والتقنية والمالية الكاملة في دفتر شروط خاص تعده وزارة الطاقة والمياه"،

        وبما انه لا يمكن الفصل، في القانون المطعون فيه،بين الفقرة أ الواردة أعلاه من المادة الثانية والفقرة ب من المادة نفسها، والتي نصت على ما يلي: "تطبق أحكام قانون المحاسبة العمومية وسائر النصوص ذات الصلة بأصول التلزيم للمناقصة، باستثناء تلك التي لا تتفق مع طبيعة التلزيم والعقود موضوعها، في مراحل إتمام المناقصات لجهة عقود شراء الطاقة (PPA)"،

        وبما ان قانون المحاسبة العمومية نص، في القسم الأول من الفصل الخامس منه، وتحت عنوان صفقات اللوازم والأشغال والخدمات، على الطرق والوسائل التي تعقد بواسطتها صفقات الأشغال والخدمات بالمناقصة العمومية، وعلى طرق اجراء المناقصات العمومية، وعلى الأسس والقواعد التي تجري على أساسها المناقصة العمومية،

        وبما ان قانون المحاسبة العمومية نص على اجراء المناقصة العمومية على أساس دفاتر شروط عامة نموذجية تصدق بمراسيم، ويوضع لكل صفقة منها دفتر شروط خاص، تنظمه الإدارة صاحبة العلاقة، ويوقعه المرجع الصالح للبت في الصفقة،

        وبما ان قانون المحاسبة العمومية نص في المادة 126 منه على المعلومات التي يجب ان يتضمنها دفتر الشروط الخاصة، ومنها مقدار الكفالة التي يجب تقديمها للاشتراك في المناقصة ولضمان حسن قيام الملتزم بتعهداته،

        وبما ان قانون المحاسبة العمومية نص في المادة 128 منه على طريقة الإعلان عن المناقصة، كما نص في المادة 130 منه على طريقة اجراء المناقصة، وحدد الجهة المناط بها اجراء المناقصة، إضافة الى أمور أخرى تضمن ضبط اجراء المناقصة،

        وبما ان قانون المحاسبة العمومية، إضافة الى ذلك، تضمن بالتفصيل كل ما له علاقة بالتلزيم والصفقات، بهدف الحفاظ على المال العام،

        وبما ان مجلس النواب قد قام بمهامه بموجب المادة 89 من الدستور فنظم قطاع الكهرباء في القانون رقم 462/2002 المعدل بالقانون رقم 288/2014 والمعدل أيضاً بالقانون رقم 129/2019 المطعون في دستوريته،

        وبما ان قانون المحاسبة العمومية  حدد كل ما له صلة بأصول التلزيم للمناقصات،

        وبما ان مجلس النواب ربط تلزيم المشاريع، الواردة في القانون المطعون فيه، بتطبيق أحكام قانون المحاسبة العمومية وسائر النصوص ذات الصلة بأصول التلزيم للمناقصة،

        وبما أن التلزيم بحد ذاته، وفق ما نصت عليه قوانين تنظيم قطاع الكهرباء، وقانون المحاسبة العمومية، هو عمل إجرائي وليس تشريعياً،

        وبما ان المجلس الدستوري في قراره رقم 2/2002 رأى "أن المادة 89 من الدستور تنص على وجوب استصدار قانون لأي التزام أو امتياز والى زمن محدد، إلا أنها لا توجب استصدار قانون خاص لكل ترخيص يتناول المرفق العام نفسه موضوع الالتزام أو الامتياز الذي أقره القانون عملاً بالمادة 89 المذكورة"،

        لذلك لم يخالف القانون المطعون فيه المادة 89 من الدستور.

4-في مخالفة أحكام المواد 16 و17 و65 من الدستور لجهة عدم مراعاة اختصاص مجلس النواب ومجلس الوزراء، ومخالفة أحكام الفقرة "ه" من مقدمة الدستور.

        بما ان الدستور اعتمد مبدأ الفصل بين السلطات وتوازنها وتعاونها، وأناط السلطة الاشتراعية بمجلس النواب والسلطة الإجرائية بمجلس الوزراء،

        وبما ان الدستور نص في المادة 65 منه على صلاحيات مجلس الوزراء، ومنها وضع السياسة العامة للدولة في جميع المجالات ووضع مشاريع القوانين والمراسيم التنظيمية واتخاذ القرارات اللازمة لتطبيقها، والسهر على تنفيذ القوانين والأنظمة...الخ،

        وبما ان مجلس النواب لم يتنازل عن صلاحياته في مجال الكهرباء انما وضع قانوناً ينظم بموجبه قطاع الكهرباء، كما وضع قانون تنظيم الشراكة بين القطاعين العام والخاص،

        وبما ان وضع دفتر الشروط والاعلان عن المناقصة وبت التلزيم وتوقيع العقود، وفق الأصول القانونية، هي معاملات وقرارات إجرائية لتطبيق القوانين، ومنها قانون تنظيم قطاع الكهرباء وتعديلاته، والقانون المطعون في دستوريته، وهي صلاحيات تعود لمجلس الوزراء،

        وبما انه لا صحة لما ورد في الطعن من ان القانون المطعون فيه انتهك مبدأ التوازن بين السلطات بأن جعل سلطة مطلقة تتحكم بمقدرات الدولة، فوزارة الطاقة والمياه ومجلس الوزراء ملزمان بتطبيق ما نص عليه قانون تنظيم قطاع الكهرباء والقانون المطعون فيه، وهما خاضعان بموجب الدستور لرقابة مجلس النواب،

        وبما انه لا صحة لما ورد في الطعن من أن القانون المطعون فيه قد قام بشل عمل الأجهزة القضائية والهيئات الرقابية على أنواعها من هيئة ناظمة وإدارة المناقصات وديوان المحاسبة والرقابة البرلمانية وغيره، عبر الاجازة للسلطة التنفيذية باتخاذ إجراءات مخالفة للقوانين المرعية الاجراء بموجب قرارات تتخذها وزارة الطاقة والمياه ولجنة فنية معينة من قبلها، فوزارة الطاقة والمياه واللجنة الفنية ملزمتان بتطبيق القوانين المرعية الاجراء ويخضعان للهيئات الرقابية وفق ما نص عليه القانون،

        وبما انه لمجلس النواب صلاحية ممارسة الرقابة الشاملة على أعمال مجلس الوزراء وأعمال كلٍ من الوزراء بمن فيهم وزير الطاقة والمياه، ومحاسبته ونزع الثقة منه ومن الحكومة، عند الاقتضاء،

        لذلك لا يكون القانون المطعون فيه قد خالف المواد 16 و17 و65 من الدستور ولا الفقرة "ه" من مقدمة الدستور.

5-في مخالفة القانون المطعون فيه مبدأ وضوح القاعدة القانونية وأصول التشريع لجهة كيفية نص القوانين.

        يدلي الطاعنون بعدم توضيح أصول إجراء المناقصات، وعدم تحديد علمي للارتكازات التي يجب ان تتحكم بها، كما لا تضمن المادة الثانية من القانون المطعون فيه تعريفات واضحة لمشروع BOT وبيع الطاقة للدولة PPA، ووجود بنود غامضة في القانون وقابلة للتأويل، ويعفي هذا القانون العقود من الإطار القانوني والتنظيمي الراعي للمناقصات العامة، وهو يخلو من أي مواد ضابطة لعقود BOT وعقود PPA. والمادة 20 من القانون رقم 462/2002 نصت على وجوب وضع مراسيم تنظيمية، تراعي الشفافية والتنافسية، لم تصدر بعد، والقانون المطعون فيه لا ينص على أي آلية واضحة، بل تركها للاعتباطية ولاستنسابية وزارة الطاقة والمياه وللجنة الفنية التي ستجري المناقصة،

        وبما ان القانون المطعون فيه لا ينفصل عن القانون رقم 462/2002 الذي ينظم قطاع الكهرباء، ويحدد القواعد والمبادئ والأسس التي ترعاه على مختلف الصعد بما فيها التراخيص، ويحدد صلاحيات الجهات التي تمنحها وحدود هذه الصلاحيات والضوابط، والى ما هنالك من أمور يتطلبها تنظيم قطاع الكهرباء على مستوى الإنتاج والنقل والتوزيع،

        وبما ان الفقرة "ب" من المادة الثانية من القانون المطعون فيه أكدت على تطبيق أحكام قانون المحاسبة العمومية وسائر النصوص ذات الصلة بأصول التلزيم للمناقصات على تلزيم مشاريع بناء معامل تعتمد طريقة التصميم والتمويل والإنتاج والتشغيل والتسليم الى الدولة بعد فترة زمنية، بشروط تحدد بتفاصيلها الإدارية والتقنية والمالية الكاملة في دفتر شروط خاص تعده وزارة الطاقة والمياه،

        وبما ان وزارة الطاقة والمياه ملزمة بوضع دفتر شروط معتمدةً الأسس التي نص عليها قانون المحاسبة العمومية لهذه الناحية، وهي التي تضع دفتر الشروط بموجب قانون المحاسبة العمومية،

        وبما ان قانون المحاسبة العمومية حدد الآليات التي تحكم عملية التلزيم والمناقصات،

        وبما ان قانون تنظيم قطاع الكهرباء حدد، من جهته، الآليات التي تحكم إدارة القطاع بما فيها إعطاء التراخيص،

        وبما انه سبق لمجلس النواب ان وضع قوانين اعتمد فيها عقود BOT، ومنها القانون رقم 218/1993 والقانون رقم 393/2002 اللذين اعتمدا ال BOT في قطاع الاتصالات وتحديداً في الهاتف الخليوي، وبالتالي لا يعتمد ال BOT للمرة الأولى في لبنان في القانون المطعون فيه،

        وبما ان التباطؤ في وضع المراسيم التنظيمية التي نصت عليها المادة 20 من القانون رقم 462/2002، لا يشكل سبباً لإبطال القانون، إنما يتطلب من مجلس النواب ممارسة صلاحياته الرقابية، بموجب الدستور، والزام مجلس الوزراء وضع هذه المراسيم،

        لذلك يكون السبب المدلى به مستوجباً الرد

        وبما ان المقطع الأخير من الفقرة "ب" من المادة الثانية من القانون المطعون فيه نصت على ما يلي: "باستثناء تلك التي لا تتفق مع طبيعة التلزيم والعقود موضوعها، في مراحل إتمام المناقصات لجهة عقود شراء الطاقة (PPA)".

        وبما ان هذا النص يشوبه غموض، ولم يحدد ما هي الأمور التي لا تتفق مع طبيعة التلزيم والعقود موضوعها...، وترك هذه الأمور للاستنساب دون تحديدها في نص قانوني بعد ان استثناها من قانون المحاسبة العمومية،

        وبما ان هذا النص قابل للتاويل ولاستنساب الجهة التي تطبقه بدون ضوابط قانونية،

        وبما انه سبق للمجلس الدستوري ان اتخذ قراراً يحمل الرقم 5/2017 أكد فيه ان الغموض في النص يفسح في المجال أمام تطبيق القانون بشكل استنسابي، وبطرق ملتوية تسيء الى العدالة وتنحرف عن النية غير الواضحة أساساً للمشترع،

        لذلك بكون المقطع الأخير من الفقرة "ب" من المادة الثانية من القانون المطعون فيه، مستوجباً للإبطال.

 

        6-في مخالفة القانون المطعون فيه مفهوم الاستثناء.

        ورد في مراجعة الطعن ان القانون المطعون فيه هو قانون استثنائي يرمي من جهة الى تأجيل تعيين الهيئة الناظمة ويسمح بعدم تطبيق القوانين المرعية الاجراء، وان الاستثناء لا تبرره سوى المصلحة العامة، وان نظرية الظروف الاستثنائية وجدت بعد تعرض الدول لأخطار مباشرة مستجدة وطارئة، بهدف تأمين النظام العام والمحافظة على سير المرافق العامة، وان لا مبرر حالياً للعمل بنظرية الظروف الاستثنائية، ولعدم تعيين هيئة ناظمة وإحلال مجلس الوزراء محلها والاستمرار بالنهج المتبع منذ عام 2014 سوى رغبة وزارة الطاقة بالتمتع بصلاحيات مطلقة لا ضوابط لها،

        وبما ان القانون المطعون فيه لم يبرر اعتماده، لا في نصه ولا في الأسباب الموجبة، بظروف استثنائية، وبالتالي لم يعتمد نتيجة هكذا ظروف، انما نتيجة دراسة وضع قطاع الكهرباء في لبنان، والاجماع على الإجراءات المتوجب اتخاذها بأسرع وقت ممكن لانقاذ هذا القطاع، ومنها إعادة العمل بالقانون رقم 288/2014، إضافة الى وضع آلية خاصة بمشاريع بناء معامل تعتمد طريقة التصميم والتمويل والإنتاج والتشغيل والتسليم الى الدولة بعد فترة زمنية، وهذا ما ورد في الأسباب الموجبة للقانون المطعون فيه،

        وبما انه تبين من مراجعة محضر الجلسة التي أقر فيها القانون ان المناقشات تركزت على ضرورة التخلص من عبء ما ينفق من خزينة الدولة على مؤسسة كهرباء لبنان، وتخفيض العجز في الموازنة العامة حفاظاً على المصلحة العامة، ولم يجرِ النقاش في أمور تتعلق بظروف استثنائية بالمفهوم المتعارف عليه قانونياً لهذه الظروف،

        وبما ان كلمة استثناء الواردة في القانون المطعون فيه لا علاقة لها بنظرية الظروف الاستثنائية انما بالاستثناء من تطبيق قانون المحاسبة العمومية في بعض مراحل إتمام المناقصات لجهة عقود شراء الطاقة،

        وبما ان صلاحية إحلال مجلس الوزراء محل الهيئة الناظمة لقطاع الكهرباء لمدة ثلاث سنوات تعود لمجلس النواب المناطة به السلطة الاشتراعية، ولا يتعارض والدستور،

        وبما ان القانون المطعون في دستوريته لا يعطي وزارة الطاقة والمياه صلاحيات مطلقة، كما ورد في مراجعة الطعن، انما تبقى هي ومجلس الوزراء مقيدين بالقوانين، وخاضعين لرقابة مجلس النواب،

        لذلك يكون السبب المدلى به مستوجباً الرد.

7-في مخالفة القانون المطعون فيه مبدأ الأمان التشريعي ومبدأ الثقة المشروعة بالقوانين وانتهاك سيادة القانون.

       يدلي الطاعنون بأن احترام أحكام الدستور والقوانين والإجراءات التطبيقية ضمانة للأمان القانوني والمالي والانتظام العام وهي المقومات الأساسية للأمان التشريعي، الذي يتطلب قدراً من الثبات في العلاقات القانونية والاستقرار التشريعي من أجل بعث الطمأنينة في نفوس المواطنين والمستثمرين وضمان تأمين المنافسة من أجل خدمة أفضل وكلفة أقل، وحماية المال العام وحقوق المستهلكين. ويعتبر الطاعنون في الوقت نفسه ان القانون المطعون فيه يكرس الانتهاكات المرتكبة من قبل الحكومات السابقة لجهة التمادي في عدم احترام الدستور وعدم تطبيق القوانين، مما يؤدي الى تقويض حكم القانون وسيادته والأمان القانوني في لبنان، لذا يقتضي ابطاله،

       وبما ان الأمان التشريعي يتطلب انتظام العلاقات القانونية في المجتمع بواسطة قوانين، تتقيد بالمبادئ والقواعد التي رسمها الدستور، كما يتطلب الثبات والاستقرار في التشريعات، عدم تغييرها وتعديل العلاقات القانونية التي أرستها بشكل مفاجئ وسريع، يترك آثاراً سلبية على المجتمع والمواطنين،

       وبما ان الأمان التشريعي ركن أساسي في دولة القانون، وعنصر أساسي في تحقيق الانتظام العام والاستقرار وبعث الطمأنينة في النفوس،

       وبما ان القانون المطعون فيه جاء من أجل الإسراع في تنظيم قطاع الكهرباء، وتخفيف العبء المالي عن خزينة الدولة، وتزويد المواطنين بالطاقة الكهربائية بانتظام ودون انقطاع،

       وبما ان القانون المطعون فيه جاء ليكمل القانون 462/2002 الذي ينظم قطاع الكهرباء، وفي اطار تنفيذ الخطة التي تنظم القطاع، وتؤدي الى توفير الطاقة الكهربائية، وتزيل العبء المالي لهذا القطاع عن الخزينة، ما يقود الى حماية المال العام وحقوق المستهلكين،

       وبما ان القانون المطعون فيه ليس له علاقة بانتهاك سيادة القانون، ولا بمبدأ الثقة المشروعة بالقوانين، وهذه الثقة رهن بتطبيق القانون، ولمجلس النواب صلاحية تعديل القانون،

       وبما ان ما يدعيه الطاعنون من ان القانون المطعون فيه يكرس الانتهاكات المرتكبة من قبل الحكومات السابقة لجهة التمادي في عدم احترام الدستور وعدم تطبيق القوانين هو مجرد تكهن لا يستند الى وقائع،

       لذلك يكون السبب المدلى به مستوجباً الرد.

 

لهــــــــذه الأســــــــــــباب

 

        وبعد المداولة،

 

يقرر المجلس الدستوري بالأكثرية

أولاً-في الشكل:قبول المراجعة المقدمة ضمن المهلة القانونية مستوفية جميع الشروط الشكلية.

ثانياً-في الأساس:

 

        1-رد مراجعة الطعن لجهة مخالفة القانون المطعون فيه المواد 36 و89 و16 و17 و65 من الدستور،

ومخالفة مبدأ الظروف الاستثنائية ومبدأ الأمان التشريعي ومبدأ الثقة بالقوانين، وانتهاك سيادة القانون.

 

2-إبطال المقطع الأخير من الفقرة "ب" من المادة الثانية من القانون المعجل رقم 129 المنشور في

الجريدة الرسمية في 30/4/2019 والمطعون فيه، والتي نصت على ما يلي: "باستثناء تلك التي لا تتفق مع طبيعة التلزيم والعقود موضوعها، في مراحل إتمام المناقصات لجهة عقود شراء الطاقة (PPA)"، بسبب الغموض الذي يكتنفه.

 

ثالثاً-إبلاغ هذا القرار الى المراجع الرسمية المختصة، ونشره في الجريدة الرسمية.

                                                                 قراراً  صدر في  3 / 6 /2019

 

الأعضـاء

 

محمد بسام مرتضى       صلاح مخيبر           سهيل عبد الصمد               توفيق سوبره

 

 

زغلول عطيه           أنطوان خير              أنطوان مسرة               أحمد تقي الدين

(متغيب)                (متغيب)                (مخالف)

              

       نائب الرئيس                                                        الرئيس

        طارق زياده                                                    عصـام سليمان


 

M 156/19b

3/6/2019

         

مخالفة

القانون المعجّل المطعون فيه رقم 129 تاريخ 30/4/2019 (قطاع الكهرباء)

          تندرج المخالفة في إطار المادة 12 من قانون المجلس الدستوري رقم 250 تاريخ 14/7/1993 والمكرّرة في المادة 36 من النظام الداخلي في القانون رقم 243 تاريخ 7/8/2000: "يسجل العضو أو الأعضاء المخالفون مخالفتهم في ذيل القرار ويوقعون عليها وتعتبر المخالفة جزءًا لا يتجزأ منه وتنشر وتُبلغ معه".

 

          أخالف كل ما جاء في القرار لسببين أساسيين على الأقل:

          1. عدم تطبيق القوانين: ان اصدار قوانين وتعديلات متراكمة ومتكررة، وعدم تطبيق القوانين طيلة سنوات، بخاصة في قطاع الكهرباء، والتحجج بالقانون للتبرير، ثم العودة الى تعديلات واستثناءات في سبيل شرعنة أمر واقع، كل ذلك يؤسس لحالة لاقانون non-droit.

          2. ارادة نيابية في حماية المعايير الناظمة في المراقبة والمحاسبة: تتجلى في المحضر التفصيلي للجلسة النيابية في 17/4/2019 (29 ص) إرادة المجلس النيابي في المراقبة والمحاسبة والشفافية من قبل العديد من النواب، من كتل متعددة، نقدًا للانحراف عن الأصول، وتم التعبير عن ذلك بوضوح من خلال ثلاثة اقتراحات تعديل طرحها نواب ورئيس المجلس، وتمّ التعبير عن هذه الإرادة، في ختام الجلسة، من قبل رئيس المجلس كمجرد "تفسير" حول اصول المناقصات وهو "تفسير" غير وارد بتاتًا في النص.

***

أولاً: التأسيس لحالة لاقانون non-droit

          1. بما ان اصدار قوانين وتعديلات واستثناءات متتالية في قضايا عديدة، وبخاصة في قطاع الكهرباء، مع تجاهل هذه القوانين في الممارسة والتطبيق تحججًا بأوضاع وظروف وتبريرًا لتعديلات واستثناءات متكرّرة يُؤسس، وطيلة سنوات، لحالة لاقانون non-droit حيث يفقد القانون صفته المعيارية ويتحول الى أداة لشرعنة أمر واقع ونفوذ.

          2. وبما ان النص المطعون فيه يندرج في حالة لاقانون non-droit، أي اصدار قوانين تعدّل قوانين سابقة نافذة، ولم تنفّذ طيلة سنوات، خروجًا عن كل المؤسسات الناظمة والمعايير بهدف شرعنة ممارسات واقع لا حقوقي.

          3. وبما انه يندرج في اللاقانون non-droit ما يُستخلص من الأسباب الموجبة بالذات في عبارات: "بأسرع وقت ممكن" و"انقاذ قطاع الكهرباء" و"آلية خاصة"...، ما يعني ان المنظومة الحقوقية في المناقصات والمراقبة والشفافية تُشكل عائقًا في سبيل التطوّر والتنمية وتأمين مصالح المواطنين، في حين ان القانون، في مجمل تاريخيته، هو الضمانة في التنفيذ والاستدامة ولا يجوز بأي شكل توصيف القانون بأنه مصدر تظلّم ومماطلة وتقاعس يتحمل مسؤوليته القيّمون على الشأن العام وليس القانون:

Jean Carbonnier, “L’hypothèse de non-droit », Archives de philosophie du droit, ap. Jean Carbonnier, Flexible droit, Paris, Sirey, Paris, LGDJ, 10e éd., 2001, pp. 25-47
et « Note bibliographique », in Revue internationale de droit comparé, 1980, 32-34,
pp. 852-853.

L’hypothèse du non-droit, XXXe séminaire de la Commission droit et vie des affaires, 21-22/10/1977, Liège, Université de Liège, 1978, 326 p.

" اللاقانون هو تخلٍ، من القانون، لمجال كان يشغله أو من صلاحيته أشغاله. اللاقانون، في أقصى معناه، هو انسحاب أو اعتزال القانون (...). مظاهر اللاقانون هي الآليات التي من خلالها تَعتزل القاعدة الحقوقية".

 

“abandon, par le droit, d’un terrain qu’il occupait ou qu’il aurait été de sa compétence d’occuper. Le non-droit, en ce qu’il a de plus significatif, est le retrait ou la retraite du droit. (…) Les phénomènes de non-droit sont les mécanismes par lesquels le droit se retire. »

« De la nécessité de redéfinir la frontière entre droit et non-droit », ap. Roland Ricci, Jean-Carbonnier : L’homme et l’œuvre, Paris, Presses universitaires de Paris Ouest, 2011, pp. 145 et s.

 

          4. وبما ان "الفائض في القوانين يسيء الى القوانين الضرورية":

“Les lois inutiles nuisent aux lois nécessaires » (Montesquieu, L’Esprit des lois, 1748).

5. وبما ان التمادي في الحالات الخاصة يُعبّر عن مقاربة استنسابية للمنظومة الحقوقية، اذ لا يجوز "لمس القانون الا والأيدي مُرتجفة، وأيًا كانت القوانين يتوجب اعتبارها الضمير العام الذي يتقيّد به ضمير الأفراد":

“La plupart des législateurs ont été des hommes bornés, que le hasard a mis à la tête des autres et qui n’ont presque consulté que leurs préjugés et leurs fantaisies (…). Il se sont jetés dans des détails inutiles ; ils ont donné dans les cas particuliers, ce qui marque un génie étroit qui ne voit les choses que par parties et n’embrasse rien de façon générale (…). Ils ont souvent aboli sans nécessité celles qu’ils ont trouvées établies (…). Il est quelquefois nécessaire de changer certaines lois. Mais le cas est rare ; et lorsqu’il arrive, il n’y faut toucher que d’une main tremblante : on y doit observer tant de solennités et apporter tant de précautions que le peuple en conclue naturellement que les lois sont bien saintes, puisqu’il faut tant de formalités pour les abroger (…). Par un esprit d’équité, on a cru devoir s’en écarter, mais ce remède était un nouveau mal. Quelles que soient les lois, il faut toujours les suivre et les regarder comme la conscience publique à laquelle celle des particuliers doit se conformer toujours. »

 

Montesquieu, Les lettres persanes (1721), LXXVII, Rica à Usbek.

 

          6. وبما ان خطورة النص المطعون فيه تكمن في تعميم الاعتبار ان تطبيق القوانين هو مصدر ضرر وان الخروج عن هذا التطبيق فيه فائدة في حين ان الفساد وهدر المال العام وسوء الحوكمة تنبع من اللاقانون.

          7. وبما ان النص المطعون فيه، من خلال مادتين موجزتين وغير واضحتين، يُحرّر الممارسة من أي اطار تنظيمي حول المناقصات والمالية العامة، في قطاع الكهرباء بشكل خاص، أي انه يُبرّر ويكرّس ويعيد انتاج الأسباب التي كانت مصدر التدهوُر في هذا القطاع.

          8. وبما ان أبرز القوانين والمراسيم الاشتراعيةحول الكهرباء، بالإضافة الى قرارات وزارية، لم تطبق:

 

- قانون رقم 10 تاريخ  29/3/1966: إنشاء وزارة الموارد المائية والكهربائية.

- مرسوم اشتراعي رقم 121 تاريخ 30/6/1966: انشاء شركة لنقل المحروقات السائلة بواسطة انابيب.

- قانون رقم 28 تاريخ 10/12/1973: إبرام الاتفاقية الدولية المتعلّقة بالمسؤولية المدنية عن الاضرار الناجمة عن تلويث مياه البحر بالمحروقات السائلة والقانون المنفذ بمرسوم رقم 9226 تاريخ 12/10/1974: إتفاقية بروكسل حول تلوّث مياه البحر بالمحروقات.

- مرسوم اشتراعي رقم 74 تاريخ 27/6/1977: اصول استيفاء رسم المحروقات، والمادة 22 من قانون موازنة 1978: أصول استيفاء رسم المحروقات والمرسوم الاشتراعي 143 تاريخ 16/9/1983: تنظيم اصول استيفاء رسوم المحروقات السائلة.

- قانون رقم 462 تاريخ 2-9-2002: تنظيم قطاع الكهرباء، معدّل بموجب القانون رقم 775 تاريخ 11/11/2006، وقانون رقم 288 تاريخ 30/4/2014 (إضافة فقرة الى المادة السابعة من القانون 462/2002 حول تنظيم قطاع الكهرباء) وقانون معجل رقم 54 تاريخ 24/11/2015 (تمديد العمل بأحكام القانون رقم 288/ 2014).

- قانون رقم 181 تاريخ 5/10/2011: برنامج معجّل لأشغال كهربائية لإنتاج 700 ميغاوات.

- قانون رقم 48 تاريخ 7/9/2017: تنظيم الشراكة بين القطاعين العام والخاص.

- ويصدر حاليًا عن المجلس النيابي النص المطعون بدستوريته: قانون معجل رقم 129 تاريخ 30/5/2019: إعادة العمل بأحكام القانون رقم 288/2014 الممدّد بالقانون المعجل رقم 54 تاريخ 24/11/2015، ووضع آلية خاصة بتلزيم مشاريع بناء معامل تعتمد طريقة التصميم والتمويل والانتاج والتشغيل والتسليم الى الدولة بعد فترة زمنية.

 

          9. وبما انه يتبيّن من اجتماع "لجنة متابعة تنفيذ القوانين"، في 20/5/2019، جردة جديدة بقوانين غير مُنفذة.

          10. وبما ان التعميم ان اعتماد القواعد القانونية في المناقصات وفي المراقبة هو عنصر تأخير في توفير الكهرباء بالسرعة المرغوبة يسيء الى مفهوم القانون وهدفيته والى مجمل دولة الحق في المجتمع ويناقض عمليًا مسارًا طويلاً من اللاقانون non-droit طيلة أكثر من خمس عشرة سنة ويناقض الوعود والإجراءات الظرفية والمتكررة حول توفير الكهرباء.

          11. وبما ان اصدار قوانين استثنائية مُتكررة لم يُحقق الغايات المعلنة مما يعني ضرورة العودة الى أساسيات التنظيم القانوني للمناقصات والمراقبة وتفعيلها بدلاً من الاستثناء والخروج عن الأساسياتfondamentaux.

          12. وبما ان الاستثناء الوارد في المادة الثانية – ب هو مفتوح على احتمالات لا حصر لها في حين يتوجب ان يكون الاستثناء مُحددًا والا يتحول الاستثناء الى قاعدة norme:

« L’acte accède au rang d’exception à condition que des justifications puissantes viennent en quelque sorte pardonner la soustraction, devenue simple écartà la norme. Cette exception stricto sensu doit demeurer singulière, attachée à un cas particulier. »

 

« Exception », ap. Denis Alland et Stéphane Rials (dir.), Dictionnaire de la culture juridique, Paris, Lamy/PUF, 2003, 1650 p., pp. 673-678, p. 674.

 

 


 

ثانيًا: مخالفة المادة 89 من الدستور

 

13. وبما ان المبادئ العامة في القانون العام تفيد بأنّ الصلاحيات تحدّد صراحة" في النصوص وتُمارس من قبل صاحبها ولا تفوّض لسواه من المراجع الّا بنص صريح من نفس المرتبة أم من مرتبة أعلى، ذلك أنّ الصلاحية ليست حق أو ملك لصاحبها يتصرف بها كما يشاء، بل هي وديعة يُؤتمن عليها ويُمارسها بدون أن ينقلها لسواه، وهذه المبادئ من الانتظام العام. وبالتالي الشرطان الاساسيان لصحة كلّ تفويض، عملاً بمبادئ القانون العام: أوّلا" الصراحة، إذ لا مجال للتفويض الضمني، وثانيا" الاجازة القانونية إذ لا تفويض إلّا إذا سمح به القانون أو الدستور صراحة". يعني عدم التقيّد بهذين الشرطين مجتمعين أنّ التفويض الحاصل معيوب، وأي تصديق لاحق من قبل السلطة المختصة لا يغيّر في الوضع غير القانوني أصلاً ولا يصبغ على الاعمال الصفة القانونية لأنها أصلا" وليدة سلطة غير مُختصة. وعندما يُحددالدستور في المادة 89 إختصاص لمؤسسة دستورية أو لهيئة ادارية، لا تستطيع هذه المؤسسة وهذه الهيئة أن تتنازل عن هذا الاختصاص أو أن تفوّض سواها لممارسته، الّا إذا أجاز لها ذلكالدستور أو القانون.

14. وبما أنّ المادة 89 من الدستور جاءت صريحة ومنعت منح أي إلتزام أو إمتياز لاستغلال مورد من موارد ثروة البلاد الطبيعية أو مصلحة ذات منفعة عامة أو أي إحتكار الا بموجب قانون يصدر عن السلطة التشريعية والى زمن محدّد، وهي لم تسمح للبرلمان بتفويض هذا الاختصاص لسواه من السلطة التنفيذية.

15. وبما ان المشرّع يحرص على حسن إستغلال موارد الثروة الطبيعية للدولة والمصالح ذات المنفعة العامة، من خلال إعطاء الضمانة القانونية لها في أي تعاقد قد يطالها (ذلك أنّ الالتزامات والامتيازات والاحتكارات هي من العقود الادارية)، لما لهذا الاستغلال من تأثير على المالية العامة وتطبيقا" للقاعدة البرلمانية التي تفرض الاستحصال على الاجازة البرلمانية المسبقةبهذا الشأن عملا" بمبادئ الوكالة التمثيلية لأعضاء البرلمان عن الشعب صاحب المال العام.

16. وعلى افتراض أنّ نص المادة 89 من الدستور يجيز للبرلمان تفويض صلاحية منح الالتزامات والامتيازات لاستغلال مورد من موارد ثروة البلاد الطبيعية أو مصلحة ذات منفعة عامة أو احتكار، لسواه من السلطات الدستورية كالسلطة التنفيذية مجتمعة" أو وزارة معيّنة أو عدة وزارات معيّنة صراحة" في النص، فما هي حدود التفويض؟

17.وبما انهيجب أن يكون النص الدستوري الذي يجيز التفويض صريحا"، واضحًا، ويُحدّد بشكل دقيق ما يمكن تفويضه وزمنيًا. أما إذا اكتفى النص بالسماح بدون التحديد، فلا يجوز أن يشمل التفويض أكثر مما هو عائد للسلطة المختصة أصلاً، بل يكون في حدود ما هو ممنوح لها فلا يجوز لها أن تمارس الاختصاص المفوّض اليها في غير المواضيع المعيّنة لها وبدون التقيّد بالمدة المعيّنة في النص نفسه، والاّ يكون عملها من قبيل التعدّي على صلاحية السلطة المختصة اساسًا.

18. وبما انه يمكن الاستئناس بقرارين صادرين عن المجلس الدستوري الفرنسي:

 

“L'autorité compétente : le Conseil constitutionnel consacre la compétence exclusive du législateur pour procéder aux privatisations en application de l’article 34 al.9 de la Constitution aux termes duquel « la loi fixe les règles concernant les transferts de propriété d’entreprises du secteur public au secteur privé ». Pour le juge constitutionnel, en effet, « cette disposition laisse au législateur l’appréciation de l’opportunité des transferts du secteur public au secteur privé et la détermination des biens et des entreprises sur lesquels ces transferts doivent porter... » Toutefois, cette compétence exclusive est limitée-comme toute compétence législative- par le haut et par le bas. 

Par le haut, par la mesure ou en application du principe de constitutionnalité : «s’il revient au législateur  l’appréciation  de l’opportunité », «elle ne saurait le dispenser, dans l'exercice de sa compétence, du respect des principes et des règles de valeur constitutionnelle, qui s’impose à tous les organes de l’Etat. »

Symétriquement, la compétence législative est limitée par le bas car « l’article 34 n’impose pas que toute opération impliquant un secteur privé soit directement décidée par le législateur: il appartient à celui-ci de poser des règles dont l’application  incombera aux autorités et aux organes désignés par lui, à condition de ne pas attribuer aux seuls organes concernés un pouvoir discrétionnaire d'appréciation soustrait à tout contrôle et d’une étendue excessive. »

Dans sa décision sur les « nationalisations », le Conseil constitutionnel avait invalidé une disposition législative laissant trop de liberté d'appréciation aux organes des sociétés nationales.

La limitation de la compétence législative par le bas est, en quelque sorte, volontaire: en effet, en utilisant la formule selon laquelle « l'article 34 n'impose pas que le législateur» intervienne directement, le Conseil ؤonstitutionnel souligne bien qu'il pourrait le faire, s'il le souhaitait. Ainsi dans l'affaire des Nationalisations le juge constitutionnel a-t-il refusé de censurer le législateur au motif que celui-ci aurait outrepassé sa compétence en fixant lui-même la liste des entreprises à nationaliser. Dans l’affaire des Privatisations, le législateur fixe d'ailleurs aussi la liste des entreprises à privatiser et le Conseil constitutionnel non seulement ne met pas en cause la démarche du législateur (non plus d'ailleurs que ses requérants), mais encore statue au fond sur la validité du contenu de cette liste.

En fait, le Conseil constitutionnel autorise le législateur à prévoir un système dans lequel il ne serait pas tenu d'intervenir lui-même pour chaque transfert d'entreprise du secteur public au secteur privé, mais pourrait laisser à l'autorité administrative, sous réserve d'observer des règles précises fixées par lui, le soin de décider dans chaque cas.

C'est ce qui s'est produit: la loi du 6 août 1986, dite loi de « respiration » du secteur public, a mis en place un tel système dans ses articles 20 et 21 : les autorisations de transfert sont accordées par décret pour les entreprises dont les effectifs sont supérieurs à 1.000 personnes au 31 décembre précédant le transfert ou le chiffre d'affaires consolidé (de l'entreprise et de ses filiales) supérieur à 500 millions de francs, à la date de clôture de l'exercice précédant le transfert et par arrêté implicite d'autorisation du ministre chargé de l'Économie pour les autres entreprises. »

Décision des 25 et 26/6/1986, in Les grandes décisions du Conseil constitutionnel, Paris, Dalloz, 13e éd., 2005, pp. 660-661.

 

19. وبما ان النص المطعون فيه مخالف للمعايير المعتمدة عالميًا في المناقصات العامة:

OECD, Recommendation of the Council on Public Procurement, Directorate of Public Governance and Territorial Development, 13 p.

 

          OECD، إدارة الحوكمة العامة والتنمية الإقليمية، منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية: توصية المجلس بشأن المشتريات العامة، 11 ص.

          دليل شفافية المشتريات في عقود الشراكة بين القطاعين العام والخاص (لبنان)، USAID، يصدر في حزيران2019، 78 ص.

 

          20. وبما أن المادة 89 من الدستور تنص صراحة على وجوب استصدار قانون لأي التزام أو امتياز والى زمن محدود:

 

            المادة 89- لا يجوز منح أي التزام أو امتياز لاستغلال مورد من موارد ثروة البلاد الطبيعية أو مصلحة ذات منفعة عامة أو أي احتكار إلا بموجب قانون والى زمن محدود.

 

            21. وبما أنّ النص المطعون فيه لم يقرّ منح أي التزام أو امتياز في قطاع الطاقة والى زمن محدود، بل نص على إعطاء حق منح عقود BOT  الى مجلس الوزراء على أن يتم التسليم الى الدولة بعد فترة زمنية معيّنة، فيكون بذلك قد خالف القاعدة الدستورية الملزمة ووجوب استصدار قانون مع تحديد المدة الزمنية، وخالفها أيضًا عندما نقل اختصاص منح أي التزام أو امتياز لاستغلال مورد من موارد ثروة البلاد الطبيعية المحجوز دستوريًا من السلطة التشريعية الى السلطة التنفيذية.

          22. وبما أنه سبق للمجلس الدستوري في قراره رقم 1/2002 تاريخ 31/1/2002 أن أشار الى أنّ:

 

          "الدستور قد اعتبر، في طائفة من مواده. أن مواضيع مختلفة هي محجوزة للقانون ولا يجوز للمشرّع التفويض بشأنها، وذلك لأهمية هذه المواضيع ولحرص المشرّع الدستوري على الضمانات التي يوفرها القانون إن لجهة الثبات والقوة أو لجهة التعبير عن إرادة الشعب مصدر السلطات أو لجهة الحفاظ على المال العام" (المجلس الدستوري، قرار 1/2002، تاريخ 31/1/2002).

 

          23.وبما أن من بين المواضيع التي يعتبرها الدستور في حمى القانون ويحفظها حصرًا له، منح التزام أو امتياز أو احتكار وسواها من المواضيع التي عدّدها الدستور في بعض مواده وجعلها حكرًا على القانون.

          24. وبما ان المادة الثانية من النص المطعون فيه نصّت في فقرتها الأولى:

 

المادة 2 -  تلزّم مشاريع بناء معامل تعتمد طريقة التصميم والتمويل والإنتاج والتشغيل والتسليم الى الدولة بعد فترة زمنية. بشروط تحدّد بتفاصيلها الإدارية والتقنية والمالية الكاملة في دفتر شروط خاص تعدّه وزارة الطاقة والمياه".

 

          25. وبما ان المجلس الدستوري أكّد في قراره  رقم 2/2002 تاريخ 3/7/2002 أنّ قانون المنح هو الذي يجب أن يحدّد المبادئ والقواعد الأساسية لهذا المنح، لا دفتر الشروط الذي هو معاملة إدارية توضع وفقًا للقواعد المنصوص عليها في القانون المعني وإنفادًا لمضمونه:

         

          "وبما أن معاملة إعداد دفتر الشروط وفقًا للقواعد الأساسية التي يحُددها قانون منح الامتياز أو الالتزام والمصادقة على هذا الدفتر من مجلس الوزراء هما من الإجراءات الممهّدة للمزايدة والمناقصة انفاذًا لمنح الامتياز أو الالتزام ولا يدخلان بالتالي في نطاق المبادئ والقواعد الأساسية التشريعية لهذا المنح" (المجلس الدستوري، قرار 2/2002، تاريخ 3/7/2002).

 

بالتالي فإنّ هذا الإجراء الممهّد للمناقصة، والذي يجب أن يكون إنفاذًا لمنح الامتياز والالتزام، لا يمكنه الحلول مقام القواعد الأساسية التي يجب أن يحدّدها قانون منح الامتياز أو الالتزام وغير الموجودة في الحالة الحاضرة، ويكون النصّ المطعون فيه مخالفًا لمبدأ دستوري قائم على احترام هرمية القواعد وتدرّجها
(hiérarchie des normes)، إذ لا يمكن لإجراء إداري أقل سموًا من الدستور والقانون أن يحلّ محل نص قانون أو يسمو عليه.

          26. وبما ان المادة الثانية أجازت للحكومة إجراء المناقصات وفض العروض وتوقيع العقود اللازمة، في حين من المفروض دستوريًا أن تأتي هذه الإجراءات والقرارات انفاذًا لمضمون قانون منح الامتياز أو الالتزام، أي ضمن ضوابط مُحدّدة.

          27. وبما أن إجراءات المناقصة والعقود المنصوص عنها في المادة الثانية فيه غير مرتبطة بأي قانون منح امتياز أو التزام، بل قائمة بحدّ ذاتها.

28. وبما أن المجلس الدستوري سبق أن أكّد في قراره رقم 2/2002 تاريخ 3/7/2002، على وظيفة هذه العمليات وموقعها ضمن المنظومة الدستورية والقانونية كإجراءات تطبيقية لقانون قائم:

 

            "وبما أنّ عمليات فض عروض المزايدة والمناقصة وإرساء المشاريع وتوقيع العقود اللازمة واجراء عمليات التسلم والتسليم المنصوص عليها في المادة 3 من القانون المطعون فيه هي من المعاملات والقرارات الإجرائية لتطبيق القانون المذكور انفاذًا لمضمونه" (المجلس الدستوري، قرار رقم 2/2002، تاريخ 3/7/2002).

 

فيكون النص المطعون فيه، مخالفًا لخمس قواعد على الأقل، لأنه لم يقرّ:

-        منح الامتياز والالتزام الى زمن محدود

-        لم يُحدّد القواعد الأساسية لهذه العملية التي تضمن تأمين المنافسة

-        من أجل خدمة أفضل وكلفة أقل

-        حماية المال العام والتقيّد بالمبادئ والأحكام والشروط المالية التي لا يجوز أن تتعارض مع البنود الفنية والتقنية والمالية المتضمّنة في دفتر الشروط.

-        حماية حقوق المستهلكين.

 

ثالثًا: مخالفة المادة 36 من الدستور

لجهة المناداة وتحديد الأكثرية

 

          29. بما ان المادة 36 من الدستور نصّت صراحةً على كيفية التصويت في مجلس النواب:

 

            المادة 36 - "تعطى الآراء بالتصويت الشفوي أو بطريقة القيام والجلوس إلا في الحالة التي يراد فيها الانتخاب فتعطى الآراء بطريقة الاقتراع السري. أما في ما يختص بالقوانين عمومًا أو بالاقتراع على مسألة الثقة فإن الآراء تعطى دائمًا بالمناداة على الأعضاء بأسمائهم وبصوت عال".

 

          30. وبما أنّه خلال الجلسة التشريعية في 17/4/2019، وبعد مناقشة المواد والتصويت عليها بندًا بندًا كما هو منصوص في المادة 81 من النظام الداخلي لمجلس النواب، عند ختام المناقشة، أي عند إلزامية التصويت بالمناداة على القانون بمجمله، وردت الدعوة للتصويت بالمناداة ولم يتم احتساب الأصوات، على الرغم من اعتراض عدد من النواب، ولم يتم احتساب حجم الأكثرية، بخاصة في الحالة الراهنة حيث اعتراض العديد من النواب، من كتل متعدّدة، يكتسب أهمية قصوى.

          31. وبما ان المادة 36 من الدستور لم يتم تعديلها إطلاقًا منذ 1926 نظرًا الى أهميتها وارتباطها الوثيق بالنظام الدستوري، وهي تتضمن آليتين للتصويت في نهاية المناقشات داخل المجلس النيابي: الآلية الأولى، وهي التصويت بالاقتراع السري عند إجراء الانتخابات، كانتخاب رئيس الجمهورية، تشكيل مكتب المجلس، تأليف اللجان النيابية... أما الآلية الثانية، فهي التصويت بطريقة المناداة على الأعضاء بأسمائهم كلما تعلق الأمر بالتصويت على الثقة المنصوص عليها في المادتين 37 و 68 من الدستور او على اقتراح قانون أو مشروع معيّن. وبالتالي الهدف الأسمى من هذه الآلية وضع الناخبين على بينة بما يتخذه ممثلوهم من مواقف تسهيلاً لمحاسبة النواب المنتخبين عند حلول الدورة الانتخابية اللاحقة ولتحديد خياراتهم. وتم تكريس المبدأ في متن النظام الداخلي لمجلس النواب، لا سيما في المواد 78 الى 85، بما أن المراقبة والمحاسبة تقتضيان الشفافية في أعمال السلطة الاشتراعية.

          32. وبما ان الفقه الدستوري استقر على التقيّد بهذه القاعدة في التصويت على القوانين:

 

“Deux modes de vote y sont prévus, le vote public et le vote secret. Le premier est émis à haute voix ou par assis et levé ou par appel nominal et à haute voix, ce dernier procédé étant obligatoire quand il s’agit d’émettre un vote sur un projet ou une proposition de loi, ou sur la question de confiance, prévue aux articles 37 et 68 de la Constitution libanaise. Le but est manifestement d’éclairer le peuple ou, mieux, le corps électoral, juge en dernier ressort, sur la politique et le comportement de ses représentants. L’autre mode de scrutin s’effectue par vote secret, il est exigé en matière d’élections, pour le choix du président, la composition du bureau de la Chambre et la formation de ses commissions. Garantie d’indépendance que la Commission a voulu assurer aux députés. Ces deux modes de votation ont fait l’objet d’une explication qu’énoncent en détail les articles 78 à 85 du Règlement intérieur. »

Edmond Rabbath, La Constitution libanaise, origines, textes et commentaires, Publications de l’Université Libanaise, section des études juridiques, politiques et administratives, Beyrouth, 1982,
pp. 250-253.

 

          33. وبما ان المجلس الدستوري سبق ان أكّد في قراره رقم 5/2017 تاريخ 22/9/2017 أن المادة 36 جوهرية وليست شكلية ولا تقبل الاستثناء:

 

            "وبما أن التصويت العلني وبالمناداة بصوت عالٍ ليس قاعدة شكلية بل شرط ضروري للمراقبة والمحاسبة في الأنظمة الديمقراطية البرلمانية.

            وبما أنه لم يتبيّن من محضر الجلسة، التي أقر فيها القانون، أن الأصول الدستورية المنصوص عليها في المادة 36 من الدستور، قد روعيت في التصويت على القانون المطعون فيه.

            لذلك فان الطريقة التي اعتمدت في إقرار القانون جاءت مخالفة للدستور ويقتضي بالتالي إبطاله" (المجلس الدستوري، قرار 5/2017، تاريخ 22/9/2017).

 

          34. وبما أن محضر الجلسة النيابية غير واضح في ما يتعلق بالتصويت بالمناداة ولا يُحدّد الأكثرية.

 

          رابعًا: عدم مراعاة اختصاص مجلس النواب ومجلس الوزراء

ومبدأ الفصل بين السلطات

          35. وبما أن الدستور ينصّ على ما يلي:

 

            " هـ. النظام قائم على مبدأ الفصل بين السلطات وتوازنها وتعاونها".

 

بالتالي أناط الدستور بالمشترع صلاحية وضع القواعد التي توفر الضمانات الأساسية للحقوق وللحريات التي ينصّ عليها، وحصر السلطة الاشتراعية بمجلس النواب وحده، وأناط السلطة الإجرائية بمجلس الوزراء وما يستتبعها من سلطة اجرائية لتطبيق القوانين، ونصّ على مبدأ الفصل بين السلطات.

 

          36. وبما أنّ منح امتياز أو التزام في قطاع الطاقة يتم بقانون تضعه السلطة الاشتراعية، وتتولّى السلطة الإجرائية وضعه موضع التنفيذ عبر دفتر الشروط وإجراء عمليات المناقصة وفض العروض.

          37. وبما أنه يحقّ للسلطة الاشتراعية تعديل قانون سبق وأقرته، شرط عدم مخالفة الدستور وأكّد المجلس الدستوري هذا في قراره رقم 1/2000 تاريخ 1/2/2000:

 

            "وبما أنه يعود للمشترع، بمقتضى صلاحياته الدستورية، أن يلغي قانونًا نافذًا أو أن يعدّل أحكام هذا القانون بدون أن يشكّل ذلك مخالفة لأحكام الدستور، أو يقع هذا الأمر تحت رقابة المجلس الدستوري، طالما أنّ هذا الإلغاء أو التعديل لم يمس قاعدة دستورية أساسية أو حقًا من الحقوق الدستورية الأساسية أو مبدأ من المبادئ ذات القيمة الدستورية" (المجلس الدستوري، قرار 1/2000، تاريخ 1/2/2000).

 

          38.وبما أنّ المشرّع اللبناني، وبشكل خاص في المادة الثانية، يُعلق العمل بقوانين المحاسبة العمومية والنصوص المرتبطة بالتلزيم وقانون الشراكة بين القطاعين العام والخاص في مناقصات عقود شراء الطاقة بذريعة أنّها "لا تتفق مع طبيعة التلزيم والعقود موضوعها"، وبالتالي وضع هذه المناقصات خارج أي إطار حقوقي، وتخلّى بذلك عن اختصاصه الدستوري بالتشريع ووضع القواعد العامة الناظمة لأوضاع المواطنين وحقوقهم خلافًا لنصّ المادة 16 من الدستور.

          39. وبما أنّ المشرّع تجاوز واجباته التشريعية وسمح للسلطة الإجرائية بعدم الالتزام بأي منظومة دستورية وحقوقية ترعى المناقصات في قطاع الطاقة.

          40. وبما أنه لا يجوز للمجلس النيابي التنازل عن صلاحياته وايلائها بطريقة مواربة للحكومة أو لوزارة لأن ذلك لا يُشكّل فقط خروجًا عن مهمات وصلاحيات السلطة الاجرائية التي تقتصر على اتخاذ القرارات لتطبيق القوانين لا على سنّها، وخرقًا لمبدأ الفصل بين السلطات وتجاوزًا لحدّ السلطة، بل يتعدّاه ليشكّل خرقًا للمنظومة الدستورية ودولة الحق.

          41. وبما أنّ المادتين الأولى والثانية تشلاّن عمل الأجهزة القضائية والهيئات الرقابية من هيئة ناظمة وإدارة المناقصات وديوان المحاسبة والرقابة البرلمانية وغيره، عبر الاجازة للسلطة الاجرائية باتخاذ إجراءات مخالفة لكل المنظومة الحقوقية بموجب قرارات تتخذها وزارة الطاقة والمياه أو لجنة فنية معيّنة من قبلها.

          42. وبما أنّ التوازن بين السلطات يحول دون قيام سلطة مطلقة تمارس وظائفها اعتباطيًا، ويسمح للسلطات الأخرى بالتصدّي لها في حال تجاوزت الصلاحيات المعطاة لها، مما يسلب السلطة التشريعية قدرتها الرقابية ويحوّلها الى أداة بيد السلطة الإجرائية، وظهرت نتائج غياب الرقابة والمحاسبة على مدى سنين وانعكس ذلك سلبًا على الاستقرار.

          43. وبما إن قيام كل مؤسسة دستورية بمهماتها ضمن الصلاحيات المعطاة لها، وفي إطار القواعد الدستورية والحقوقية عامة هو أساس ضمان القرارات الرشيدة المؤدية الى تحقيق المصلحة العامة والحفاظ على حقوق المواطنين.

         

خامسًا: مخالفة مبادئ الصياغة التشريعية

في الوضوح والمفهومية والبلوغية

 

          44. بما أنّ المادة الثانية لا توضح أصول اجراء المناقصات ولا المهل الزمنية لها، ولا تحدّد القواعد التي يجب أن تتحكم بهذا المسار، كما أنّها لا تتضمّن تعريفات واضحة. فمشروع BOT لم يعرّف وينظم قانونًا ولا تكتمل عناصره إذا لم يتضمّن في صلبه آلية لكيفية بيع الطاقة للدولة عبر عقد شراء الطاقة (PPA) حتى لا يكون الشاري مبهمًا، وهذا العقد الأخير (PPA) أيضًا ليس له تعريف قانوني، وبالتالي فإنّ النص يتضمن بنودًا غامضة وقابلة للتأويل، وليس لها المرتكز أو التعريف الواضح، ولا توضح بتاتًا ماهية العلاقة بين الـ BOT والـ PPA، ممّا سيشكل ارتباكًا واستنسابية في التطبيق وعدم تأمين الشفافية والمساواة.

          45. وبما أنّ المادة المذكورة تعفي هذه العقود من الإطار القانوني للمناقصات العامة بحجة أن أحكامها لا تتوافق مع طبيعة مشاريع الـ BOT وعقود الـ PPA، ومن الإطار الناظم للشراكة بين القطاعين العام والخاص.

          46. وبما أنّ القانون 462/2002، المعدّل في المادة الأولى، يخلو من مواد ضابطة لمشاريع الـ BOT وعقود الـ PPA، فالمادة 20 نصّت على أن أصول منح العقود تُحدد بموجب مراسيم تنظيمية تراعي مقوّمات الشفافية والتنافسية، فيما أن هذه المراسيم لم تصدر.

          47. وبما أنّ النص التشريعي لم يتضمّن آلية واضحة خلافًا لما ورد في عنوانه، إذ إنّ الآلية التي تمّ الحديث عنها لم تدرج تفاصيلها، بل وضع بعضها في محضر الجلسة، ممّا يتعارض مع اصول صياغة القوانين.

          48. وبما أنّ الآليات المشابهة حدّدت بطريقة واضحة ومفصلّة وشفّافة في قوانين اخرى ترعى مناقصات الدولة (المحاسبة العمومية وقانون تنظيم الشراكة بين القطاعين العام والخاص).

          49. وبما ان النص خلافًا لما ورد في عنوانه، لا يحدد آلية واضحة، بل يتركها استنسابية.

          50. وبما أنّه من خلال مراجعة تاريخية لنظرية الاستثناء، يتبيّن أنّها وُجدت بعد تعرّض الدول لأخطار مباشرة ومستجدّة وطارئة، بحيث تعطى الإدارة صلاحيات باتخاذ قرارات أوسع من التي تعود لها أصلاً وتخرج عن صلاحياتها في الأوضاع العادية، بهدف تأمين النظام العام والمحافظة على سير المرافق العامة في أوقات الحروب والثورات والكوارث الطبيعية الكبيرة.

          51. وبما أنّ الأسباب التي تبرّر صدور قوانين استثنائية غير متوافرة في الوضع الحالي، وبالتالي لا يمكن التذرع بذلك لفرض أو تمديد قوانين استثنائية.

          52. وبما أنّه وفقًا لما جاء في قرار المجلس الدستوري رقم 1/97 تاريخ 12/9/1997، لا يجوز التوسّع في الاستثنائية، وبالتالي لا يجوز للمشرّع تحت ستار الاستثناء مخالفة الدستور وتعطيل المنظومة الحقوقية.

          53. وبما أنه لا مبرّر لعدم تطبيق قانون الشراكة بين القطاعين العام والخاص وعدم تعيين هيئة ناظمة وإحلال مجلس الوزراء محلها والاستمرار بالنهج المتّبع سوى التمتّع بصلاحيات لا ضوابط لها.

          54. وبما أنّ الادعاء بأنّ الهيئة الناظمةلم تتشكّل لأنّ قانونها غير قابل للتنفيذ، هو أمر لا يمت الى الواقع، لأنه تم رفض تطبيق القانون بالمبدأ والأساس لأنه يقلّص من صلاحية الوزير ويضع السلطة التنظيمية بيد هيئة مستقلّة، والإدّعاء بأنّ الحكومة تشكّلت منذ بضعة أشهر وبالتالي لم تتمكّن من تشكيلها هو باطل، إذ إنّ تعيين الهيئة يتطلبّ جلسة واحدة لمجلس الوزراء ولا يجوز لأحد التذرع بإهماله، أي عدم تطبيق القوانين طيلة سنوات في ما يتعلق بالكهرباء وإصدار قوانين بدون تطبيقها وإرساء حالة اللاقانون non-droit:

Nemo auditor propriam turpitudinem allegans

Nul ne peut se prévaloir de sa propre turpitude

          55. وبما أنّه لا مبرر لتمديد مفاعيل القانون 288/2014 الذي لم يطبّق أصلاً ولم يُستعمل سوى لتبرير الاستثناءات، فعدم تطبيق القوانين وغياب الرقابة والمحاسبة وتدنٍ في نوعية الخدمات العامة وانخفاض مستوى الشفافية والمساءلة... تستدعي تطبيق القوانين لا مخالفتها أو التذرع بأن القانون لا يضمن الفعالية.

          56. وبما أن التقيّد بالقوانين وتطبيقها هو ضمانة للأمان القانوني والمالي والانتظام العام وضمانة للحقوق وحسن التنفيذ واستمراريته وتأمين الطاقة الكهربائية والخدمات الأخرى للمواطنين.

          57. وبما أن الحالة الراهنة تتطلب ثباتًا في العلاقات القانونية والاستقرار التشريعي بحيث تبعث الطمأنينة في نفوس المواطنين وبخاصة المستثمرين وتضمن المنافسة من أجل خدمة أفضل وكلفة أقل وحماية المال العام وحقوق المستهلكين.

          58. وبما أنّ النص يكرّس الانتهاكات المرتكبة لجهة التمادي في عدم تطبيق القوانين ويُوفر تغطية لهذه الممارسة، مما يؤدي الى تقويض حكم القانون.

          59. وبما ان النص المطعون فيه لا يتصف بالقانون في أي نظرية حقوقية لأن القانون يرسم حدودًا وضوابط limite تجنبًا للتعسُّف في استعمال الحق abus de droit.

          60. وبما ان عدم تطبيق القوانين، وعدم تطبيق أي قانون، هو مخالفة دستورية، لأن مفهوم سمّو الدستور ليس مجرد تراتبية عليا في الصلاحيات في المنظومة الحقوقية، بل التزامًا شاملاً للمبادئ والقيم والمعايير الواردة في مقدمات الدساتير ومتنها وأيًّا كان موقع أي اجراء.

          61. وبما انه يتوجب، كما هو معمول به في عدة مجالس نيابية، ضمانًا للفعالية، ارفاق دراسة جدوى étude d’impact في النص التشريعي.

          62. وبما ان المجلس النيابي هو حريص على الصياغة التشريعية ضمانًا للوضوح والمفهومية والبلوغية clarté, intelligibilité et accessibilité:

            الجمهورية اللبنانية، المجلس النيابي، دليل مبادئ الصياغة القانونية، تقديم الرئيس نبيه بري، بالتعاون مع الاتحاد الأوروبي، 2017، 102 ص.

 


 

خامسًا: ارادة نيابية معبّر عنها في محضر الجلسة من كتل متعددة

في سبيل المراقبة والمحاسبة والشفافية

 

          63. وبما انه يستخلص من المحضر التفصيلي للجلسة العامة للمجلس النيابي في 17/4/2019، ومن كتل نيابية متعددة، العبارات التالية:

"لا أعلم"،

"لا أفهم"،

"تهريبة"،

"استثناء لاستثناء"،

"من يراقب"،

"هل يمكننا أن نعرف؟"،

"لماذا لا نطبّق قانون الشراكة؟"،

"نطبّق تشريعات لا نعلم ما هي"،

"حالة هجينة"،

"شيك على بياض"،

"فوضى تشريعية"،

"ازدواجية بكل شيء"...

ونورد هنا اثباتًا لذلك بعض الملاحظات النقدية نقلاً عن محضر الجلسة النيابية:

 

"عدم دعوة إدارة المناقصات الى اجتماعات لجنة الأشغال العامة وضرورة إضافة فقرة: ويخضع هذا الدفتر لتدقيق إدارة المناقصات وفقًا لأحكام الدستور" (أنور الخليل، ص 3).

"تهريبة جديدة لهيئة رقابية" (مروان حماده، ص 5).

"بناء على مناقصات تجري وفقًا للقوانين والأنظمة المرعية الاجراء..." (بوليت يعقوبيان، ص 6).

"كيف نقوم بحملة لأجل تطبيق القوانين بينما بهذا القانون نكرّس عدم تطبيق القوانين؟ (...) بأي اطار تنظيمي سيتم اجراء دفاتر الشروط؟ اليوم ضمن الإصلاحات، المطلوب وضع أطر تنظيمية(...) هناك مخالفة لقانون المحاسبة العمومية (...) أيضًا يوجد مخالفة لقانون تنظيم الشراكة بين القطاعين العام والخاص" (ياسين جابر، ص 7-8).

 

"لم يطبّق القانون رغم تمديده قبل الآن، والآن الحكومة تطلب إعادة العمل بهذا القانون" (حسين الحاج حسن، ص 8).

 

"لماذا لا يطبّق القانون 462/2004 كما هو" (فيصل كرامي، ص 10).

 

"نحن نقوم باستثناء من دون اطار قانوني يعطي الشفافية والنزاهة (...) وهذا لا يعطي انطباعًا للخارج بأن هذا الموضوع هو إصلاحي. نحن نقوم باستثناء لاستثناء بدون اطار قانوني جامع يعطي للمشرّع النيابي أو الحكومة نوع من المرجعية (...) هل يوجد اطار قانوني لإدارة هذا الموضوع؟ (نقولا نحاس، ص 15).

 

"من يراقب هذه الشروط (...) لذا هنا أضيف بناء على اقتراح دائرة المناقصات، في آخر الفقرة: "ويخضع هذا الدفتر لتدقيق إدارة المناقصات وفقًا لأحكام المرسوم التنظيمي رقم 2866/59 نظام المناقصات، المادة 17 منه (...) هكذا يصبح لدينا نوع من المساواة بين ما تقوم به الإدارة أي الوزارة المعنية، وما بين المراقبة (...) ويجب أن تكون قادرة بمراقبة التطبيق" (أنور الخليل، ص 16).

 

"سأعطي الاقتراح (...): "وتبدي إدارة المناقصات ملاحظاتها عليه (دفتر الشروط) وفي حال الخلاف (...) يُرفع الأمر الى مجلس الوزراء للبت (...) فما هو المانع من إضافة فقرة على هذه المادة؟" (جورج عقيص، ص 16),

 

"هل يمكننا أن نعرف ما هو المانع من ذكر هذه الأمور في النص (...) هكذا نكون قد اعطينا لوزارة الطاقة حقها القانوني ولإدارة المناقصات حقها القانوني ودورها الرقابي واعطينا لمجلس الوزراء الصلاحية العليا" (جورج عقيص، ص 16-17).

 

"القانون رقم 48 تاريخ 7/9/2017 المتعلق بالشراكة بين القطاعين العام والخاص والمادة الثانية منه تقول: "خلافًا لأي نص آخر، تخضع المشاريع المشتركة المنصوص عليها في القوانين المنظمة في قطاعات الاتصالات والكهرباء والطيران المدني لأحكام هذا القانون" (...) أي كلام عن تطبيق قوانين أخرى هو مخالف للقانون (...) وأقرينا قانون الشراكة اذا لم نطبّقه في موضوع الكهرباء والذي هو أهم ملف شراكة أمامنا اليوم (...) اذا لا نريد أن نطبق قانون الشراكة، أتمنى من أحد القول لماذا؟ (...) نطبّق تشريعات لا نعلم ما هي (...) هل من أحد يقول لي ما هي الأصول القانونية التي ستطبّق خلال كل عملية التلزيمات بموضوع الـ BOT (...) قانون الشراكة الذي من المفترض أن يرعى هذه العملية لن يطبّق وبما أن قانون المحاسبة العمومية لا يتكلم عن BOT أيضًا من يطبّق، وبالتالي سنكون أمام حالة هجينة لأنه لا نعرف ما هي القوانين التي ستطبّق فيها ولن نعرف ما هي الأصول التي ستطبّق. لذلك عمليًا نحن نعطي وزارة الطاقة شيك على بياض لإدارة العملية وهذا ليس مقبولاً (سامي الجميل، ص 17-20).

 

"كأننا نتهرب من ذكر إدارة المناقصات وهيئة الخصخصة ومجلس الوزراء. انني لا أفهم! فنحن نريد أن ندعم ونقوي هذا المشروع أمام الرأي العام اللبناني والخارجي" (مروان حماده، ص 21).

 

" ان الاستثناء الذي تتكلم عنه الحكومة لا يُبرر أبدًا خرق المادة 89 من الدستوري.

" ان القانون المعروض في المادة الثانية يعتدي على قانون المحاسبة القانونية (...) فاذا أصبح هذا الأمر قاعدة، سوف ندخل بفوضى تشريعية، فمن قال أن خطة الكهرباء لا تنجح الا بخرق الدستور والقوانين؟ (أسامة سعد، ص 22).

 

"الغاية ليس التعطيل ولكنها الضمان ليحصل الموضوع مع الحد الأدنى من الضوابط والوضوح (...) نحن نطلب أن يتم ادراج الاستثناءات التي يريدون تجاوزها بل أن تبقى مبهمة واستنسابية (...) ولكي لا يبقى الموضوع "كحزورة" ونصادق عليها دون معرفة (...) يجب أن ندرج أي شيء نستثنيه بهذا النص بوضوح (...) لديّ اقتراح لتعديل النص (...): ويخضع هذا الدفتر لتطبيق إدارة المناقصات العمومية (...) فبدل أن نقول: "تلك التي لا تتفق مع طبقة التلزيم" نضع: باستثناء 1، 2، 3، 4 نكون قد حددنا بوضوح وعلمنا ماذا يطبّق (...) دفتر الشروط حينها كان مرفقًا بالقانون (أيام الرئيس كميل شمعون وقبله الرئيس بشاره الخوري) ليكون الموضوع متمّم 100% (جميل السيد، ص 23-24).

 

"اننا نشرّع خطط ومشاريع قوانين لشيء جاهز" (بلال عبدالله، ص 25).

 

"اليوم يمر علينا قانون، باستثناء ثم استثناء ثم استثناء، لم يعد موجودًا في هذه الدولة أي شيء مركّب بطريقة مناسبة (...) لقد خلقنا مؤسسات رديفة لكل شيء وازدواجية لكل شيء، لم يعد هناك مبدأ عام (...) لم يعد بإمكاننا إعطاء إشارات واضحة اليوم بكيفية الاجراء بهذا البلد، نجد الاستثناء في الكهرباء والمياه والنفايات وقريبًا بالاتصالات فلنقم بهذا الاستثناء كقاعدة (...) ما الذي يمنعنا اليوم من استخدام أصول المحاسبة العمومية وأصول التلزيم بالمناقصات؟ (نديم الجميّل، ص 26).

 

وبعدها طرح رئيس المجلس النيابي الاقتراح الأول التالي للنائب أنور الخليل على التصويت:

 

" في المادة الثانية – يضاف الى آخرها: "ويخضع هذا الدفتر لتدقيق إدارة المناقصات وفقًا لأحكام المرسوم التنظيمي رقم 866 تنظيم المادة 17، باستثناء مسألة توفير الاعتمادات".

 

الاقتراح الثاني من النائب جميل السيد بإخضاع دفتر الشروط لتدقيق إدارة المناقصات العمومية.

"يخضع هذا الدفتر لتدقيق إدارة المناقصات"

 

الاقتراح الثالث من النائب بوليت يعقوبيان: "وفقًا للأصول المقررة في قانون المحاسبة العمومية"

سقط الاقتراح / أكثرية

 

عندئذ طالب رئيس المجلس النيابي تسجيل تفسيره التالي: "هذا النص يعني ان الإدارة أو الوزارة هي من تعد دفتر الشروط، فترسل لإدارة المناقصات وتوضع الملاحظات، فاذا كان هناك اختلاف مع الوزارة يرفع الأمر الى مجلس الوزراء الذي يقرر اللازم" (ص 29).

 

64. بالتالي ان مخالفتي لقرار المجلس الدستوري هي تأكيد على إرادة المجلس النيابي وموافقة أكثر الكتل، بأكثرية غير معروفة، وغير محدّدة، مشروطة، حذرة، مشكّكة، ومخالفتي هي تأكيد للتفسير الوارد في ختام المحضر من قبل رئيس المجلس والذي هو "تفسير"، ليس له، بالرغم من أهميته وصوابيته، صفة القانون والالزام.

***

          65. وبما ان النص ينطبق عليه تمامًا التوصيف بأنه لاقانون non-droit، أي انه يجيز التصرف مع التحرر الشامل من الضوابط الحقوقية المعترف بها عالميًا في المراقبة والمحاسبة والشفافية وتكافئ الفرص والمساواة في المنافسة والحرص على المال العام وحقوق المستهلكين، ومع إرادة تعميم الادراك، في الأسباب الموجبة، بأن القانون مناقض للفعالية والتطبيق والانجاز والضمانة للحكم الرشيد.

لكل هذه الأسباب فإن النص التشريعي المطعون فيه رقم 129 تاريخ 30/4/2019، المنشور في الجريدة الرسمية ملحق العدد 23 تاريخ 30/4/2019، مخالف للدستور وبشكل عام لكافة القواعد الحقوقية.

 

أنطوان مسرّه