قرار 2019/15
قرار 15/2019
تاريخ 21/2/2019
المقعد الماروني في قضاء بشري، دائرة الشمال الثالثة
نتيجة القرار:
-رد الطعن
-تصحيح النتيجة النهائية بإضافة الأصوات التي نالها كل من الطاعن والمطعون بنيابته في أقلام المقترعين اللبنانيين في الخارج والمشكو من تصفير نتائجها
الأفكار الرئيسية:
-إن انتخاب الأعضاء الستة في المجلس النيابي اللبناني من قبل اللبنانيين غير المقيمين يجري حتمًا وحكمًا في دائرة انتخابية واحدة لتعذّر إجراء هذه الانتخابات وفق آلية مختلفة عندما يترشح لهذه المقاعد مرشحون من بلدان اغترابية مختلفة ، ولذلك يُمسي نص المادة /118/ من قانون الانتخابات لجهة الدائرة الانتخابية الواحدة مؤجل التطبيق للدورة الانتخابية القادمة، ويصبح الانتخاب وآليته لهذه السنة ولهذه الدورة الحالية في خمس عشرة دائرة، وبالتالي لا مخالفة لقانون الانتخاب كون الانتخابات حصلت في بلاد الاغتراب بطريقة سليمة وصحيحة
-اعتماد مبدأ المسؤولية الشخصية وفرض توافر العلاقة السببية بين المخالفات والأفعال المشكو منها، والنتيجة التي نالها الطاعن الخاسر من جهة أخرى
-عدم تحمل المطعون في صحة نيابته مسؤولية مخالفة حياد السلطة، وعدم استحصال الطاعن على داتا المغتربين من وزارة الخارجية والمغتربين
-عدم تحمّلالمرشّح المسؤولية عن تصرفات وتجاوزات أو مخالفات زملائه أو قيادة الحزب اذا انتفت العلاقة السببية بينه وبين تلك التصرفات، بمجرد انتمائه الى لائحة نيابية أو حزب سياسي
-وجوب إثبات تجاوز سقف الانفاق والاتهام بمصاريف هائلة وانفاقات باهظة حتى لا يبقي الادعاء على عتبة التهمة المجردة من كل دليل، خاصة أنه جاء في تقرير هيئة الاشراف على الانتخاب لعام 2018 "ان الأستاذ جوزف اسحق تقيّد تماماً بالسقف الأقصى للانفاق أثناء الفترة الانتخابية" ضرورة تدوين اعتراض أو شكوى أو ملاحظة، وإلا اعتبرت الأسباب المثارة والمخالفات والتجاوزات المزعومة مُجردة من الاثبات والجدّية
-ضرورة تقديم الدليل على ثبوت عمليات الرشوة وتقديم الشكاوى ضد الراشي او المرتشي أو تسجيل اعتراض أو تحفظ لدى أقلام الاقتراع أو لدى لجان القيد كي لا تبقى في حدود العموميات
-إن عبء الاثبات يقع على عاتق الطاعن لاظهار الراشي والمرتشي والمبالغ المدفوعة بجدّية ودقة، الى جانب ممارسة المجلس الدستوري لصلاحياته الاستقصائية ولسلطته الواسعة في التحقيق كونه يقارب مسألة الرشوة بدقة متناهية وبحذر شديد إظهارًا للحقيقة وصونًا لحقوق من اقترع بصورة سليمة تجاه من رشى او ارتشى او كان موضوع شبهة
-إن التعميم الصادر عن وزير الخارجية والمغتربين الى رؤساء البعثات اللبنانية في الخارج، للسماح للناخبين غير المقيمين على الأراضي اللبنانية الذين لم يتمكنوا من الاقتراع في الخارج بأن يقترعوا في لبنان، يندرج في خانة توفير كل الظروف التي تُسهل للمواطن اللبناني ممارسة حق الاقتراع
-عدم استلام الطاعن لمحاضر نتائج الفرز المؤقتة، لا يسأل عنها المطعون بنيابته ولا تُؤثر في نتيجة الانتخاب
-بعد التأكيد على أن ما حصل في هذه الدائرة لا يبلغ درجة من الجسامة تفضي الى ابطال نيابة نائب، إن مسؤولية المجلس في التوجيه والإرشاد تحتم عليه لفت أنظار وتوجيه عناية المسؤولين إلى ضرورة السعي إلى الارتقاء بالعمليات الانتخابية منذ بدئها حتى نهايتها إلى مستوى
رقم المراجعة: 19/2018
المستدعي: ملحم جبران طوق، المرشح الخاسر عن المقعد الماروني في قضاء بشري، دائرة الشمال الثالثة.
المستدعى ضده: جوزف جرجس اسحق المعلن فوزه عن المقعد الماروني في قضاء بشري، دائرة الشمال الثالثة.
إن المجلس الدستوري
الملتئم في مقرّه بتاريخ 21/2/2019 برئاسة رئيسه عصام سليمان وحضور نائب الرئيس السيد طارق زياده والأعضاء: أحمد تقي الدين، أنطوان مسره، أنطوان خير، زغلول عطية، توفيق سوبره، سهيل عبد الصمد، صلاح مخيبر ومحمد بسام مرتضى.
بعد الإطلاع على ملف المراجعة وسائر المستندات المرفقة بها وعلى تقرير العضوين المقررين المؤرخ في 27/12/2018،
اولاً: في الوقائع:
بما ان السيد ملحم جبران طوق تقدم من هذا المجلس بتاريخ 6/6/2018 بمراجعة سُجلت بالرقم 19/2018 ويعرض بموجبها ما مُلخصه: بتاريخ 17/6/2017 صدر القانون الرقم 44/2017 المتعلق بانتخاب أعضاء مجلس النواب معتمدًا النظام النسبي للانتخاب في دوائر مُتوسطة بلغ عددها خمس عشرة دائرة والصوت التفضيلي لمرشح واحد ضمن القضاء، والحاصل الانتخابي في الدائرة الكبرى ليعتبر المرشح فائزًا، بالإضافة الى الكسر الأعلى، على ان يُوزع عدد المقاعد النيابية على اللوائح حسب الحواصل الانتخابية التي تنالها كل لائحة. خلق هذا القانون ارباكًا لدى المواطنين بالنظر الى تعقيداته وغموضه وبسبب حصر حق الاقتراع باختيار مرشح واحد والزامه بالتصويت لكل أعضاء اللائحة التي يكون فيها، كما ضرب كل التحالفات السياسية وحوَّل القوى السياسية ذات التوجه السياسي الواحد الى أخصام انتخابيين بحيث حصد اللبنانيون كل مساوئ هذا النظام الانتخابي بدون حسناته وكل سلبيات نظام الصوت التفضيلي الواحد بدون حسناته "One person, one vote" ما عطّل المبادئ الديمقراطية والقانونية لقانون الانتخاب.
لم يقتصر هذا الامر على ذلك، بل تعداه الى مخالفات كبيرة في تفسير القانون وفي تنفيذ احكامه من قبل الحكومة وبصورة خاصة من قبل وزارة الداخلية والبلديات ووزارة الخارجية والمغتربين.
- اما المخالفات الكبرى والاهم فكانت في اشراك اللبنانيين غير المقيمين والمغتربين في الانتخابات، في الوقت الذي نص القانون النافذ في الفصل الحادي عشر على حق اللبنانيين غير المقيمين على الأراضي اللبنانية، في ممارسة حق الاقتراع خارج لبنان (المادة 111) والمقاعد المخصصة لهم تبلغ ستة مقاعد تُحدد بالتساوي بين المسلمين والمسيحيين (المادة 112).
- ان الاقتراع في الخارج يجري على أساس النظام النسبي ودائرة انتخابية واحدة (المادة 118) وليس على أساس خمس عشرة دائرة مع صوت تفضيلي واحد ضمن القضاء مستشهدًا بأحكام المادتين 122 و125 من القانون مؤكدًا على ان هذه المادة الأخيرة تنص على الغاء جميع النصوص المخالفة لأحكامه مع بعض الاستثناءات وبمواقف بعض النواب التي تلفت الى هذه المخالفة.
- ويتابع الطاعن انه رافقت العملية الانتخابية مخالفات كبيرة من قبل القيّمين عليها ومن قبل المستدعي بوجهه، والحزب الذي ينتمي اليه أدت الى تعديل نتائج الانتخابات والى خسارة المستدعي وإعلان نجاح المستدعي بوجهه وانه سيكتفي بما أمكنه جمعه من معلومات وادلة طالبًا من المجلس الدستوري، بما يتمتع به من صلاحيات واسعة للتحقيق، الاستحصال على المعلومات والوثائق والمستندات الرسمية التي تؤكد ما يثيره من مخالفات بدون اللجوء الى قاعدة عبء الاثبات على من ادعى لإحجام وزارة الداخلية ولجان القيد من تزويده بالمستندات والمحاضر التي تؤكد صحة إدلاءاته.
- ومن هذه المخالفات الكبيرة بحسب الطاعن:
أ. مخالفة أحكام الفقرة الثانية من المادة 120 من القانون رقم 44/2017 التي تنص على انه في نهاية العملية الانتخابية ونهاية الاقتراع ترسل أوراق الاقتراع الجاري في الخارج ضمن مغلفات كبيرة مع المستندات الانتخابية الى لجنة القيد العليا في بيروت لفرزها من قبلها وتوثيق نتائجها، غير ان وزير الداخلية أصدر تعميمًا بتاريخ 3/4/2018 برقم 3/أ.م./2018، تضمن إيلاء لجان القيد الابتدائية في الدوائر الصغرى صلاحية فرز الأوراق التي تحتويها المغلفات التابعة لدائرتها وذلك خلافًا لأحكام المادة 120 المذكورة التي حصرت هذا الحق بلجنة القيد العليا في بيروت، ما سمح لوزارة الداخلية والبلديات ولوزارة الخارجية والمغتربين بالتلاعب في نتائج انتخاب المغتربين وإبدال الملفات وتعديل نتائجها تحقيقًا لمصالحها ومصالح مرشحيها، ما يؤدي الى إبطال عملية فرز أصوات اللبنانيين المقيمين في الخارج.
ب. بعدما أعلنت وزارة الداخلية أسماء ولوائح الذين سجلوا أسماءهم للاقتراع في الخارج، وبعدما ثبت مشاركة اللبنانيين في الانتخاب في هذه الأقلام، كانت المفاجأة الكبرى في اعلان وزارة الداخلية عدم تسجيل او اقتراع أي لبناني في بعض المراكز في الخارج، وأعلنت تصفير 28 قلمًا في قضاء بشري، وقد سهل عملية التزوير هذه رفض لجان القيد الابتدائية توقيع مندوبي المرشحين عليها وتسليم محاضر الفرز لمندوبي المستدعي ورفض تسجيل اعتراضهم عليها وعلى ذلك.
ج. ثبت للمستدعي ان عددًا لا يستهان به ممن سجلوا أسماءهم للاقتراع في الخارج، وفقدوا حقهم في الاقتراع في لبنان، عادوا فاقترعوا في لبنان خلافًا لأحكام المادة 114 من القانون 44/2017. وأبرز ما يُثبت اقتراع عشرة اشخاص في بشري.
د. المخالفات التي ارتكبها الوزراء المرشحون وغير المرشحين، بتسخير الوزارات لخدمة مصالحهم ومصالح مرشحيهم الانتخابية، من توظيف انتخابي (كرشوة توظيف) وتمرير مخالفات وعرقلة مصالح المواطنين أصحاب التوجه الانتخابي المعاكس، كما أقدم حزب القوات اللبنانية على تسخير اتحاد بلديات قضاء بشري للدعاية الانتخابية وبلديتي بقاعكفرا وحصرون باستعمالهما فايسبوك البلدية لنشر موقف سياسي مؤيد لحزب القوات اللبنانية.
وبما ان الطاعن بعدما عرض في باب القانون لتوافر الشروط في الشكل، عرض الأسباب القانونية الثلاثة المبسوطة وطلب بالنتيجة قبول استدعاء الطعن في الشكل لوروده ضمن المهلة القانونية، مستوفيًا سائر الشروط المفروضة، وإصدار القرار بإبطال النتيجة المعلنة للانتخابات وإعادة ترتيب المرشحين في الدائرة الثالثة في الشمال، وتصحيحها وإعلان فوز المستدعي بالنيابة عن المقعد الماروني في قضاء بشري في الدائرة الثالثة مكان المستدعي بوجهه.
بما ان المستدعى بوجهه، السيد جوزف جرجس اسحق، بواسطة وكيلته، أجاب على الطعن بتاريخ 28/6/2018 طالبًا قبول لائحته ورد الطعن شكلاً في حال تبين ان مراجعة المستدعي غير مستوفية الشروط الشكلية المنصوص عنها في المادة 24 من قانون انشاء المجلس الدستوري، ورده اساسًا ورد ما اثاره الطاعن في الأساس وفق الآتي:
أ. في ما خص قانون الانتخاب، يُركز الطاعن على قانون الانتخاب وشوائبه، الامر الذي يخرج عن اختصاص المجلس الدستوري، بعدما اصبح القانون الذي جرت على أساسه الانتخابات قانونًا محصنًا Loi Ecran، مستندًا الى بعض الاجتهاد.
ب. اما بالنسبة للعيوب المزعومة في مرحلة التحضير للانتخابات فيقتضي رد مزاعم المستدعي للأسباب التالية:
1. ان الفقرة المتعلقة باقتراع اللبنانيين في الخارج – طلب المستدعي عدم احتساب أصوات هؤلاء المقترعين لكون الحكومة خالفت قانون الانتخاب مستندة الى قانون ملغى، وفي معرض طلبه هذا عاد فتناول تفسير القانون الجديد متناسيًا او تناسى ان المجلس الدستوري بفصله بصحة نيابة احد النواب، لا يتناول كيفية تفسير الحكومة لهذا القانون.
2. في التأثير على إرادة الناخبين وصرف النفوذ واستغلال الوظيفة والرشاوى الانتخابية، يعتبر المستدعي بوجهه ان المستدعي ساق هذه المخالفات بدون تقديم أي اثبات او تقرير مفصّل من هيئة الاشراف على الانتخابات، بحيث بقيت مزاعمه خارجة عن الصحة، واكتفى بما يدعيه بالعموميات بدون إيراد أسباب طعن دقيقة مع مستندات ووثائق تؤيدها بحيث يتصف الطعن بعدم الدقة والجدية.
3. مخالفة مبدأ حياد السلطة، يعيب المستدعي بوجهه على الاستدعاء تناوله امورًا عامة ووقائع غير دقيقة وغير كافية وبعيدة عن الحقيقة إذ ان حزب القوات اللبنانية لم تصله داتا وزارة الخارجية وليس بحاجة اليها للتواصل مع المنتسبين الكثر في الخارج، إضافة الى ذلك ان اتهام التسريب يجب ان يوجه الى الجهة المعنية وليس للنائب اسحق.
4. مخالفة المادة 77 من قانون الانتخاب: ان نشاطات الحزب والنائب اسحق، جاءت وفق ما حددته هيئة الاشراف على الانتخاب وضمن المعايير القانونية التي تحفظ حرية التعبير من قبل أي من المقترعين، أكان رئيس بلدية او مختار او سواهما طالما لهم حق الانتخاب وابداء رأيهم بكل حرية، فهم ظلوا بعيدًا عن ما يسمى صرف نفوذ وبذلك ظلت مزاعم الطاعن مُجردة عن الاثبات وعن أي دليل على كيفية التأثير على نتائج الانتخاب، وظلت في صيغة عامة ومبهمة بحيث يقتضي ردها.
5. في تجاوز سقف المصاريف الانتخابية المسموح بها قانونًا: ان هذه التهمة بقيت على عتبة الادعاءات المجردة عن أي دليل، كما ان المستدعي لم يُقدم أي بيان حسابي لتبيان تجاوز سقف الانفاق.
ج. في العيوب المزعومة في مرحلة العملية الانتخابية وتلك التي شابت عملية فرز الأصوات.
1. في ما خص تصفير الأقلام وغيرها من المزاعم، ان أي تصفير لأي قلم اقتراع يتضرر منه حزب القوات اللبنانية.
2. اما ما يتعلق بجوازات السفر وزيادة الرسم او تخفيضه او إلغائه فهذا اجراء يساوي بين المواطنين، بالإضافة الى عدم وضوح سبب ايراد هذا الاجراء كعيب انتخابي يُعطل نيابة اسحق.
3. في انتخاب غير المقيمين على الأراضي اللبنانية، هناك تعميم صدر عن وزير الخارجية والمغتربين بالاستناد الى رأي هيئة التشريع والاستشارات، يسمح للذين تسجلوا للاقتراع في الخارج وحرموا منه، ان يقترعوا في لبنان في 6/5/2018.
4. ما خص العيوب التي شابت عملية فرز الأصوات: تُسأل وزارة الداخلية والبلديات عن أي تعميم تصدره، ولا علاقة بذلك لصحة انتخاب نائب، علمًا بأن لجان القيد الابتدائية مارست عملها في كافة الدوائر بدون أي اعتراض. اما عدم تسليم المندوبين نسخًا عن محاضر النتائج المؤقتة، لا يُسأل عنها المستدعى بوجهه.
وبما ان المقررين استمعا في جلسة 17/8/2018 الى كل من الطاعن السيد ملحم جبران طوق، والمطعون في نيابته السيد جوزف جرجس اسحق، على حدة وبمفرده.
وبما ان المقررين استمعا بتاريخ 28 آب 2018 الى كل من الشاهدين: ايلي حنا ملحم مخلوف رئيس بلدية بقاعكفرا وجيرار هنري سمعاني رئيس بلدية حصرون الذي ابرز بعض المستندات ضُمت الى الملف.
وبما ان المقررين، قررا بتاريخ 9/8/2018، تسطير مذكرة الى وزارة الداخلية والبلديات – المديرية العامة للشؤون السياسية واللاجئين عن طريق حضرة رئيس المجلس الدستوري لإيداعهم المحاضر المتعلقة بأقلام اقتراع غير المقيمين من اللبنانيين واوراق الفرز او بيانات الأصوات واي مستند يبيّن نتائج المحاضر العائدة للأقلام المصفرة التابعة لقضاء بشري – دائرة الشمال الثالثة والمبيّنة في المذكرة.
وبما ان الأقلام المطلوبة والمشكو من تصفير نتائجها، وردت الى مقر المجلس الدستوري من قبل المديرية العامة للشؤون السياسية واللاجئين باستثناء الأقلام الثلاثة:
- كولومبيا – مبنى السفارة – قلم 5: ناخب 2 – مقترع: 2.
- الولايات المتحدة الأميركية – اتلانتا- غرفة 9: ناخب: 2.
- الجمهورية الاتحادية البرازيلية – برازيليا- غرفة: 1- ناخب: 14.
وبعد الاطلاع والتدقيق اجرى المقرران عملية الفرز الخميس 18/10/2018، ومراجعة محاضر الاقتراع ومطابقة نتائجها مع النتائج المدونة في سجلات لجان القيد القضائية، وقاما بكل ما من شأنه تكوين قناعتهما، وإظهار الحقيقة.
وبما أنه يتبين ان كلا من الفريقين استحصل على أصوات المقترعين في الخارج، خلافًا للتصفير وجرى تنظيم محضر بالفرز ونتائجه وباحتساب ما ناله كل منهما، على ان يصار الى تصحيح النتيجة النهائية بإضافة ما ناله كل مرشح الى النتيجة التي حصل عليها، على ان يعتبر المحضر جزءًا متممًا لهذا القرار.
بنــــــــــاء عليــــه
اولاً: في الشكل
بما ان العملية الانتخابية جرت في كل لبنان وبالتالي في دائرة الشمال الثالثة، يوم الاحد الموافق 6/5/2018 وأعلنت نتائجها في اليوم التالي، بصورة رسمية، الاثنين 7/5/2018.
بما ان المراجعة قدمت الى المجلس الدستوري بتاريخ 6/6/2018 من قبل السيد ملحم جبران طوق، المرشح الخاسر عن المقعد الماروني في قضاء بشري دائرة الشمال الثالثة – وموقعة منه بالذات ومن وكيله، ومستوفية الشروط المفروضة في المادة 24 من قانون انشاء المجلس الدستوري الرقم 250/93، وفي المادة 46 من قانون النظام الداخلي للمجلس الرقم 243/2000، فتكون مقبولة في الشكل.
ثانيًا: في الأساس
بما ان مُقدم الطعن بنى مراجعته على ثلاثة أسباب قانونية، هي:
1. العيوب خلال عملية التحضير للانتخابات.
2. العيوب التي طالت عمليات الانتخابات والفرز.
3. في انعكاس هذه العيوب على النتائج النهائية للانتخابات في الدائرة الانتخابية وتأثيرها على عدد الأصوات التي نالها المستدعي بوجهه. ويخصص الطاعن بندًا رابعًا لمطالبه.
وبما انه يتعين بحث هذه الأسباب تباعًا.
1. في العيوب خلال عملية التحضير للانتخابات.
بما ان الطاعن السيد ملحم طوق أورد تحت هذا السبب مجموعة من المخالفات والتجاوزات التي أثرت، بحسب قناعته، في رأي الناخبين. ووجهت "تصويتهم" وأدت الى تزوير نتيجة الانتخابات وشكلت مرتكزًا للطعن في قانونية العملية الانتخابية وصحتها، ما يؤدي الى اعلان عدم صحة نيابة المستدعي بوجهه.
وبما ان المجلس يرى من نحو اول، معالجة الفقرة المتعلقة باقتراع اللبنانيين غير المقيمين والذي يعتبره الطاعن مخالفًا للقانون، ليعالج من نحو ثانٍ وفي فقرة واحدة مجموع الأسباب الأخرى لترابطها بعضها بالبعض الآخر، وتكاملها وتلازمها.
أ. في اقتراع اللبنانيين غير المقيمين
بما ان الطاعن يعيب في هذه الفقرة على الحكومة اللبنانية، اشراكها اللبنانيين غير المقيمين في الانتخابات النيابية خارج لبنان بالرغم من عدم وجود أي مادة في القانون الجديد الرقم 44/2017 تنظم هذه الانتخابات، ملاحظًا ان المادة 112 من هذا القانون تخصّص ستة مقاعد لهم وان المادة 118 منه تنص على الاقتراع في الخارج على أساس النظام النسبي ودائرة انتخابية واحدة، خلافًا لما ينص عليه القانون لانتخاب اللبنانيين في الداخل، وذلك على أساس النظام النسبي في خمس عشرة دائرة ولانتخاب مئة وثمانية وعشرين نائبًا وهو يطلب إسقاط أصوات المغتربين من حساب الأصوات التي نالها المرشحون ولاسيما المستدعى بوجهه كون العملية الانتخابية غير قانونية وفاسدة.
وبما ان المادة 111 من القانون 44/2017، التي تنص على حق غير المقيم في الاقتراع، قد كرسّت هذا الحق في انتخابات 6/5/2018 بشكل صريح لا يرقى اليه ريب بالتساوي مع حق المقيمين – وإن اختلف تاريخ الانتخاب لأسباب تقنية – فالقانون ألزم المقيمين وغير المقيمين على حد سواء وبالتالي لا يمكن لغير المقيمين أن يخرجوا عن هذا النص الإلزام. فالعملية الانتخابية في لبنان لسنة 2018، هي الأم والعملية الانتخابية في الخارج هي جزء من هذا الكل، والدليل حصول الانتخابات في الخارج (27 و 29 نيسان 2018) على غرار ما حصل في الداخل.
كما ان المادة الثالثة من قانون الانتخاب الرقم 44/2017، تنص على حق كل لبناني مقيم او غير مقيم في الاقتراع...
وبما أن ما يثيره الطاعن لجهة مضمون المادتين 112 و 118 من القانون الرقم 44/2017 وبخاصة بما يتعلق بعدد النواب أو الدوائر، لا يمكن إلا أن يطبق في الدورات الانتخابية اللاحقة لأن المادة 112 معنونة " في المرشحين عن غير المقيمين" ولأن نص المادة 118 ورد لاحقًا لنصوص ترعى أوضاع اللبنانيين غير المقيمين لجهة ممارسة حقهم في الانتخابات النيابية وتسمية وانتخاب مرشحيهم الستة الى مجلس النواب اللبناني في الدورة الانتخابية القادمة... بحيث يفرض المجرى الطبيعي للأمور، ولممارسة الحقوق لانتخاب الأعضاء الستة – أن يطبق نص المادة 118 خاصة لجهة الدائرة الانتخابية الواحدة في الدورة الانتخابية لسنة 2022. يتحصل مما تقدّم ان استثناء تطبيق القانون الى الدورة الانتخابية التالية، محصور فقط بالمقاعد الستة المخصصة للمغتربين وليس لاقتراع الناخبين المغتربين في الخارج.
وبما أن انتخاب الأعضاء الستة في المجلس النيابي اللبناني من قبل اللبنانيين غير المقيمين يجري حتمًا وحكمًا في دائرة انتخابية واحدة إذ يتعذر بل يستحيل إجراء هذه الانتخابات وفق آلية مختلفة عندما يترشح لهذه المقاعد مرشحون من بلدان مختلفة – اغترابية، ولذلك يُمسي نص المادة 118 لجهة الدائرة الانتخابية الواحدة مؤجل التطبيق للدورة الانتخابية القادمة، ويصبح الانتخاب وآليته لهذه السنة ولهذه الدورة الحالية – كما حصل بالفعل، في خمس عشرة دائرة وبالتالي لا مخالفة لقانون الانتخاب كون الانتخابات حصلت في بلاد الاغتراب بطريقة سليمة وصحيحة.
وبما أنه يقتضي رد ما أثاره الطاعن لهذه الجهة لعدم استناده الى أساس قانوني سليم.
ب. لسائر الأسباب والمخالفات والتجاوزات
بما أن الطاعن يشكو صرف النفوذ واستغلال الوظيفة والتوظيفات الانتخابية، وتدخّل موظفي الدولة والمؤسسات العامة والبلديات لمصلحة المستدعي ضده والحزب الذي ينتمي إليه، كما يشكو عدم حياد السلطة وأجهزتها، ومخالفة أحكام المادة 77 من قانون الانتخاب، وتجاوز سقف الإنفاق.
وبما أنه معلوم ومستقر فقهًا واجتهادًا أن المجلس الدستوري يفصل في النزاع بالاستناد الى أسباب طعن دقيقة واردة في المراجعة والى مستندات ووثائق مرفقة بها والى أدلة وبينّات من شأنها إضفاء المنطق والجديّة والدقّة على أدعاء الطعن.
وبما أن المقَرَرين وسعيًا منهما لكشف الحقيقة ولوضع ما يثيره الطاعن في موضعه السليم، عمدا الى اجراء التحقيقات الوافية، فاستمعا الى فريقي النزاع والى رؤساء البلديات وتيقنا أن الطاعن اكتفى في ما يدعي بالعموميات من دون تقديم أي دليل على ثبوت المخالفات المشكو منها، لا بل جاءت نتيجة التحقيقات لتدحض المزاعم المثارة، وبالفعل صرح في محضر استماعه: أن الجو الذي ساء الانتخابات يوم 6/5/2018 كان هادئًا لكنه يستطرد شاكيًا من الضغوط النفسية وتدخل رؤساء بلديات بقاع كفرا وحصرون وقنات... وبالطبع ينفي تسجيله أي طعن أو اعتراض أو مراجعة وينفي وجود الدليل القاطع على تدخل وزارتي الداخلية والبلديات والخارجية والمغتربين وتلاعبهما بالملفات والقيام بتوظيفات وبقيت أجوبته متصّفة بعدم الجدية والجزم والإقناع ومفتقرة الى الدقة والشفافية، وبالتأكيد تراجع عن إتهام سعادة محافظ الشمال.
وبما أن المطعون بصحة نيابته السيد جوزف إسحق نفى اتهامات الطاعن جملة وتفصيلاً ونفي الترخيص بإقامة كسارات أو وجود كسارات أو فتح باب التوظيفات أو منح مكافآت أو تدخل رؤساء البلديات في الانتخابات أو التحضير لإجرائها.
وبما أن رئيس بلدية بقاعكفرا وهو أيضًا رئيس اتحاد بلديات قضاء بشري نفى ما أبداه الطاعن واتهمه به وأكد أنه لم يستعمل مركز البلدية في فترة الانتخابات حتى لاستقبال المستدعين بطلبات شخصية وأكد عدم مشاركة موظفي البلدية والاتحاد بلباسهم وأوضح، خلافًا لأقوال الطاعن، بأن الملاك البلدي يتألف من موظف مدني واحد غير حزبي، وشرطي أصيل واحد يدور في فلك المرشح ملحم طوق ومن ثلاثة شرطيين متعاقدين وبالتالي لم تجرَ أية توظيفات في البلدية ولم تقفل أي طريق بل سعى هو لفتح طريق أقفلت لأسباب شخصية، وإنه لم يخالف أحكام المادة 77 من قانون الانتخاب ومارس حقه الانتخابي كأي مواطن.
أما رئيس بلدية حصرون السيد جيرار سمعان فنفى كل مزاعم الطاعن وجزم بعدم مخالفته أحكام المادة 77 من قانون الانتخاب. وأكد ان المستند رقم 8 المرفق باستدعاء الطعن يفتقر الى أي تاريخ وهو لا يمت الى انتخابات سنة 2018 بأية صلة وأبرز أصل المستند وهو الرسم الكامل المؤرخ في 23/9/2017 ويعود لعشاء أقامته القوات اللبنانية في نبع حصرون ونشر في مجلة المسيرة بتاريخ 30/9/2017 وبالتالي لا علاقة للمجلس البلدي ولرئيسه بالرسم المذكور. وأكد أنه لم يعطِ أية رخصة لاستثمار مرملة للسيد لابا الخوري عواد لأن هذا الأخير سبق له أن باع عقاره من السيد شفيق نصار الذي باشر بالبناء. وأشار إلى أن موظفي البلدية هم: موظفان مدنيان اثنان وشرطيان لكل منهم اتجاه مختلف.
وبما أن ما أثاره الطاعن لجهة مخالفة حياد السلطة بعدم تمكينه من الاستحصال على داتا المغتربين من وزارة الخارجية والمغتربين لا يحمل وزره المطعون في صحة نيابته.
وبما انه سبق للمجلس الدستوري أن اعتمد في قراراته مبدأ المسؤولية الشخصية وفرض توافر العلاقة السببية بين المخالفات والأفعال المشكو منها، والنتيجة التي نالها الطاعن الخاسر من جهة أخرى، وتشدد في تطبيق هذه الشروط، خاصة لناحية الصلة السببية والتأثير المباشر على النتيجة، وعليه ان مجرد انتماء المرشح الى لائحة نيابية أو حزب سياسي لا يحمّله مسؤولية عن تصرفات وتجاوزات أو مخالفات زملائه أو قيادة الحزب اذا انتفت العلاقة السببية بينه وبين تلك التصرفات وهو بالتالي لا يُسأل عنها لعدم صدورها عنه ولعجزه عن منع صدورها ولعدم إمكانية الجزم باستفادته منها انتخابيًا.
اما تجاوز سقف الانفاق والاتهام بمصاريف هائلة وانفاقات باهظة بقي على عتبة التهمة المجردة من كل دليل والبعيدة كل البعد عن الحقيقة لعلة تحديد المصاريف بعشرات ملايين الدولارات من دون إثبات. والأهم أنه جاء في تقرير هيئة الاشراف على الانتخاب لعام 2018. "ان الأستاذ جوزف اسحق تقيّد تماماً بالسقف الأقصى للانفاق أثناء الفترة الانتخابية".
وبما ان الأسباب المثارة والمخالفات والتجاوزات المزعومة وكل ما يشكو منه الطاعن بقيت مُجردة من الاثبات وتعوزها الجدّية واتسمت في جوانب كثيرة بالخطأ والتشويه وإطلاق التهم بدون تدوين اعتراض او شكوى او ملاحظة.
وبما ان ما يشكو منه الطاعن من ناحية أخرى، وفي ما يتعلق بعمليات الرشوة الضخمة التي قام بها المستدعي بوجهه وحزبه على صعيد الدائرة الانتخابية وعلى صعيد قضاء بشري بالذات، وبصورة خاصة مصاريف انتقال الاف المقترعين اللبنانيين المقيمين في الخارج واغرائهم بتسفيرهم الى لبنان على نفقة حزب القوات اللبنانية وجمعهم بأهلهم وتأمين نفقات الانتقال والسفر والإقامة في الفنادق والمصاريف والدفعات المالية النقدية، شرط الاقتراع لمرشحي الحزب ولوائحه لينتهي الى اعتبار القادمين الى بشري بالآلاف – بقي في حدود العموميات من دون تقديم أي دليل على ثبوت عمليات الرشوة ولم يتقدم بأية شكوى ضد راشٍ او مرتشٍ ولم يسجل أي اعتراض او تحفظ لدى أقلام الاقتراع او لدى لجان القيد.
بما ان الطاعن يعتبر تاليًا عملية استقدام الناخبين من الخارج بمثابة رشوة واكتفى في ما يدعيه بالعموميات والشائع بين الناس وبقيت ادعاءاته مُجردة عن الدقة والحجة الدامغة، ذلك ان حضور اللبنانيين من الخارج لممارسة حق الاقتراع امر حصل وهو ثابت، اما ما هو غير ثابت وغير اكيد فهو عدد القادمين وعدد الذين استقدمتهم كل جهة، وتحديد الجهة التي دفعت نفقات السفر والإقامة - في حال حصول دفع – ومقدار المبالغ المدفوعة، علمًا ان هناك لبنانيين حضروا بملء ارادتهم ليقترعوا لصالح من يريدون، بعدما قصد بعض القادة اللبنانيين بلاد الاغتراب وتواصلوا معهم وتفاعلوا ونجحوا في مساعيهم، وقد نجح الاقتراع في الخارج الى حد مقبول وتهيأ الجو للمستقبل، فحضر قسم الى لبنان ومارسوا حق الاقتراع في الوطن الام وبالطبع لا يمكن الجزم لصالح من اقترعوا مع إلزامية العازل.
وبما انه، بالإضافة الى ما تقدم، معلوم ان عبء الاثبات يقع على عاتق الطاعن لاظهار الراشي والمرتشي والمبالغ المدفوعة بجدّية ودقة الى جانب ممارسة المجلس الدستوري لصلاحياته الاستقصائية ولسلطته الواسعة في التحقيق كون المجلس الدستوري يقارب مسألة الرشوة بدقة متناهية وبحذر شديد إظهارًا للحقيقة وصونًا لحقوق من اقترع بصورة سليمة تجاه من رشا او ارتشى او كان موضوع شبهة.
وبما انه يقتضي تأسيسًا على ما تقدم رد هذا السبب ايضًا لعدم استناده الى أساس قانوني وواقعي سليم.
2. في العيوب التي طالت العملية الانتخابية والفرز
بما ان الطاعن يشكو في هذا البند، ما شاب عملية اقتراع غير المقيمين من شوائب وعيوب أساسية أكان لجهة عدم قانونية حصولها او لمجرياتها وحرمان العديد من اللبنانيين غير المقيمين من الانتخاب لأسباب أصبحت معروفة ولخدمة مرشحي السلطة، ام لحرمان من لم ترد أسماؤهم في لوائح شطب غير المقيمين رغم ابلاغهم بصحة تسجيلهم او لتصفير عدد كبير من أقلام الاقتراع في الخارج وقد بلغ العدد في قضاء بشري ثمانية وعشرين قلمًا او لتمييز فريق من المرشحين عن الاخرين او السماح بإعطاء جوازات سفر خلافًا للقانون. وهو يعتبر ان هذه المخالفات جوهرية تؤدي الى اعلان بطلان اقتراع اللبنانيين غير المقيمين برمتها.
وبما انه يقتضي بحث ما سميت مخالفات جوهرية تباعًا:
- يشكو الطاعن من نحو اول، من استخدام جوازات سفر صادرة خلافًا للقانون لان الحكومة عدلّت رسم الاستحصال على جواز سفر بجعله ألف ليرة لبنانية، للبنانيين المغتربين، بدل الرسم المحدّد في قانون الموازنة العامة بستين ألف ليرة لبنانية، وتكون بذلك قد ميزّت بين المقيمين والمغتربين وخالفت احكام الدستور والقانون.
وبما ان الاجراء الذي اتخذته الدولة اللبنانية لهذه الجهة ينسحب تأثيره وافادته على جميع المواطنين بالتساوي كما على الطاعن والمطعون بنيابته وناخبيهم، وبالتالي لا علاقة لهذا الأخير بالاجراء الذي لا يشكل عيب ابطال ولا تترتب مسؤوليته جراء فعل لا يد له في اتخاذه،
- ومن نحو ثانٍ يشكو الطاعن من مخالفة المواد 112 وما يليها من قانون الانتخاب غير المقيمين إذ أقدم عشرة اشخاص من الذين تسجلوا في الخارج كغير مقيمين، على الاقتراع في لبنان – قضاء بشري.
وبما انه يتبين ان معالي وزير الخارجية والمغتربين كان قد أصدر تعميمًا الى رؤساء البعثات اللبنانية في الخارج، للسماح للناخبين غير المقيمين على الأراضي اللبنانية الذين لم يتمكنوا من الاقتراع يومي 27 و29/4/2018 – لعلة منسوبة الى الإدارة (كعدم تسليم جواز سفر مثلاً) بأن يقترعوا في لبنان يوم 6/5/2018 وقد استند التعميم المذكور الى رأي هيئة التشريع والاستشارات في وزارة العدل رقم 224/2018 تاريخ 3/5/2018.
وبما انه من الواضح ان التعميم المذكور يندرج في خانة توفير كل الظروف التي تُسهل للمواطن اللبناني ممارسة حق الاقتراع وبالتالي لا يحمل بذور الضرر والتمييز ولا يلقي على عاتق المطعون في نيابته اية تبعة.
- ومن نحو ثالث يشكو الطاعن من عيوب في عملية فرز أصوات غير المقيمين وفرز صناديق أصوات هؤلاء.
- وبما ان الطاعن يطلب ابطال عملية الفرز ونتائجها لمخالفتها احكام المادة 120 التي تولي لجنة القيد العليا في بيروت مسؤولية فرز أصوات غير المقيمين وتوثيق نتائجها، بينما أصدر وزير الداخلية والبلديات تعميمًا يحمل الرقم 3. أ.م./2018 أولى بموجبه لجان القيد الابتدائية في الدوائر الصغرى صلاحية فرز الأصوات.
وبما ان مراسيم انشاء لجان القيد العليا والابتدائية والاضافية صدرت ونُشرت في ملحق عدد الجريدة الرسمية رقم 5 تاريخ 6/2/2018 ما يعني ان لجان القيد الابتدائية كانت موجودة للقيام بمهامها، اما الاستعانة بها لفرز الأصوات للناخبين غير المقيمين فمرده – كما افاد المدير العام للأحوال الشخصية العميد الياس الخوري امام الهيئة العامة للمجلس الدستوري، الى عدم إمكانية لجنة القيد العليا في بيروت القيام بفرز جميع صناديق اقتراع المغتربين؛ وامام هذه الاستحالة المادية والزمنية تم الاستحصال على رأي هيئة التشريع والاستشارات في وزارة العدل وصدر لاحقًا التعميم المشار اليه.
وبما انه تجدر الإشارة الى ان قيام لجان القيد الابتدائية بعمليات الفرز، كما تمت بصورة طبيعية ومن دون أي اعتراض من اية جهة – لا تلحق الضرر بأي فريق لا بل فيها افادة للجميع بالتساوي، ولا صحة لمزاعم الطاعن بأن هذه المخالفة سمحت للحكومة ولوزارة الداخلية والبلديات ولوزارة الخارجية والمغتربين، التلاعب في نتائج المقترعين وابدال المغلفات وتعديل نتائجها تحقيقًا لمصالحها ومصالح مرشحيها، ذلك ان الامر لم يحصل ولان تكليف لجان القيد الابتدائية العديدة بعمليات الفرز يسرّع في اعلان النتائج ويزيل الشكوك ويحفظ حقوق الجميع بحيث تبقى هذه الاتهامات باطلة ومرفوضة.
وبما ان الطاعن يشكو من ان ثمانية وعشرين صندوقًا عائدة لأصوات غير المقيمين من ناخبي قضاء بشري تم تصفيرها وظهر ذلك عند صدور النتيجة الرسمية للانتخابات عن وزارة الداخلية والبلديات.
وبما ان المقررين طلبا إيداع المجلس الدستوري الأقلام المشكو من تصفير نتائجها وقد اودعت باستثناء الأقلام الثلاثة الواردة أعلاه، وتمت عملية الفرز يوم الخميس في 18/10/2018 وبعده، وتبين بالفعل استحصال كل من الفريقين وسواهما على عدد من الأصوات فتم احتسابها وتنظيم محضر نتيجة الفرز ليصار لاحقًا الى تعديل النتيجة.
وبما انه تجدر الملاحظة ان ما سمي تصفيرًا لا علاقة له بالتزوير الذي لم يحصل، ولا بتدخل السلطة لخدمة مرشحيها – كما يدعي الطاعن – ولا بالتلاعب بالصناديق ومحتوياتها وبالأقلام، فالحقيقة استقاها المجلس الدستوري بكامل هيئته العامة من خلال الاستماع الى مدير عام الأحوال الشخصية العميد الياس الخوري، والى المديرة العامة للشؤون السياسية واللاجئين في وزارة الداخلية والبلديات السيدة فاتن علي يونس والى السيدين هيثم غسان أبو حمدان المدير التنفيذي لشركة ARABIAGIS والمسؤول في الشركة السيد رواد وليد عزام –وتبين ان التصفير المرفوض قطعاً – حصل لدى بعض لجان القيد بذريعة تأخر وصول بعض نتائج الأقلام، ما جمّد نظام الكمبيوتر وأخّر إعلان النتائج.
وتجدر الملاحظة، تعقيباً على ما تقدّم، ان المجلس الدستوري يسجل رفضه المطلق لهذه الإشكاليات والأخطاء التي تلامس الإهمال الكبير والعمد ويلفت المسؤولين الى ضرورة تفاديها وعدم الوقوع فيها مستقبلاً.
اما ما يشكو منه الطاعن من عدم استلامه محاضر نتائج الفرز المؤقتة، فلا يسأل عنها المطعون في نيابته ولا تُؤثر في نتيجة الانتخاب وإن كان المجلس الدستوري يسجل، بعد التدقيق في المحاضر العائدة للانتخابات، حصول بعض المخالفات والتجاوزات والاخطاء وتقصير السلطة وينبه من مغبّة تكرارها ومن ضرورة تجاوز كل الشوائب في العملية الانتخابية ويؤكد ان ما حصل في هذه الدائرة لا يبلغ درجة من الجسامة تفضي الى ابطال نيابة نائب غير ان مسؤوليته في التوجيه والإرشاد تحتم عليه لفت أنظار وتوجيه عناية المسؤولين إلى ضرورة السعي إلى الارتقاء بالعمليات الانتخابية منذ بدئها حتى نهايتها إلى مستوى الكمال.
3. في انعكاس الاخذ بالعيوب التي شابت العملية الانتخابية على مجمل نتائج الانتخاب في دائرة الشمال الثالثة.
بما ان الطاعن تحت هذا العنوان يهدف الى ابطال نيابة المستدعي بوجهه السيد جوزف اسحق ويعتبر ان طعنه قد يتسبب بانعكاسات على كل نتائج الدائرة الانتخابية وبذلك يعتبر ان نتائج الطعن في ظل القانون الجديد الذي يعتمد النظام النسبي لا تنحصر في شخص المطعون في نيابته والقضاء الذي ترشح عنه بل يتعداه لتطال نيابة آخرين نجحوا في اقضية أخرى ضمن الدائرة الانتخابية.
بما انه بغض النظر عن المرمى الذي يطمح اليه الطاعن، والى المبادئ الأساسية التي ساقها، يبقى طعنه عاجزًا عن بلوغ مرماه ومقاصد تلك المبادئ، لان المبدأ الأساسي الذي يسود موقف الاجتهاد الدستوري في شأن الطعون النيابية، هو عدم ابطال الانتخابات إلا إذا كانت المخالفات المدلى بها خطيرة وتشكل اعتداءً على حرية الانتخابات وصدقيتها ونزاهتها وإذا كان لهذه المخالفات تأثير حاسم في نتائجها ويؤخذ عنصر الفارق في الأصوات كعنصر هام في تقرير ابطال او عدم ابطال الانتخاب. مع الاخذ في الاعتبار جسامة الأخطاء وتكرارها وقصديتها والتعمد في ارتكابها.
وبما ان ما ساقه الطاعن في غالبيته الكبرى جاء مفتقرًا الى الحجة والجدية والدقة ومجردًا من الاثبات القاطع والدليل الجازم، وإن كان بعض المخالفات القائمة والحاصلة لا تتسم بأية خطورة تؤثر في نتيجة الانتخابات ويكتنف بعضها الغموض والابهام.
وبما انه يقتضي اخيرًا تصحيح النتيجة النهائية بإضافة ما ناله كل مرشح في أقلام المقترعين اللبنانيين غير المقيمين والمشكو من تصفيرها، وعليه يضاف ستة وستون صوتًا الى مجموع الأصوات التي نالها الطاعن السيد ملحم جبران طوق واضافة مئة وأربعة وستين صوتًا الى مجموع الأصوات التي نالها المطعون في نيابته السيد جوزف اسحق، فتمسي النتيجة النهائية: 4649 + 66 = 4715 صوتًا بالنسبة للأول و5990 + 164 = 6154 صوتًا بالنسبة للثاني.
وبما انه يتبيّن مما توافر في الملف ومن مجمل العناصر الواقعية والقانونية، انه لا يمكن الاستناد الى الأسباب والعناصر المدلى بها من الطاعن – وغير الثابتة – للقول بتأثيرها على نتيجة الانتخاب فيقتضي تبعًا لذلك رد الطعن في الأساس.
وبما انه لم يعد بالتالي من ضرورة لاستفاضة في تحقيق او اجراء او بحث أي سبب مدلى به بصورة ثانوية وعارضة لعدم الجدوى.
لهذه الأسباب
وبعد المداولة
اولاً: في الشكل
قبول الطعن لوروده ضمن المهلة القانونية، مستوفيًا شروطه القانونية.
ثانيًا: في الأساس
1. تصحيح النتيجة النهائية بإضافة الأصوات التي نالها كل من الطاعن والمطعون في نيابته في أقلام المقترعين اللبنانيين في الخارج والمشكو من تصفير نتائجها بحيث يصبح مجموع أصوات الطاعن 4715 صوتًا واصوات المطعون في نيابته: 6154 صوتًا.
2. رد الطعن المقدم من السيد ملحم جبران طوق المرشح المنافس الخاسر عن المقعد الماروني في دائرة الشمال الثالثة، قضاء بشري.
ثالثاً: ابلاغ القرار من المراجع المختصة والمستدعي حسب الأصول.
رابعاً: نشر هذا القرار في الجريدة الرسمية.
قراراً صدر في 21/2/2019