قرار رقم 29\2009
قرار رقم 29\2009
تاريخ 25\11\2009
رضا الميس \ عاصم عراجي
المقعد السني في دائرة زحلة، انتخابات 2009
رقم المراجعة: 10\2009
المستدعي: السيد رضا الميس، المرشح الخاسر عن المقعد المخصص للطائفة السنيّة في دائرة زحلة الانتخابية، في الانتخابات النيابية العامة التي جرت في 7\6\ 2009.
المستدعى ضده: السيد عاصم عراجي، النائب المعلن فوزه عن المقعد عينه.
الموضوع: الطعن في صحة نيابة المستدعى ضده.
إن المجلس الدستوري،
الملتئم في مقره بتاريخ 25\11\2009 برئاسة رئيسه السيّد عصام سليمان وحضـور نائب الرئيس السيّد طارق زيـاده والسـاده الأعضاء أحمد تقي الديـن، انطوان مسـرّه، انطوان خيـر، زغلول عطيـه، توفيق سـوبره، أسـعد دياب، سهيل عبد الصّمد وصلاح مخيبر.
وبعد الاطلاع على ملف المراجعة وتقرير العضوين المقررَين والتحقيق المجرى من قبلهما والافادات الواردة من المديرية العامة للأحوال الشخصية.
تبين ان المستدعي السيد رضا الميس قد تقدّم بمراجعة سجلت في ديوان المجلس في تاريخ 7\7\2009 يطعن بموجبها في صحة نيابة المستدعى ضده السيد عاصم عراجي، طالباً قبول مراجعته في الشكل، وفي الأساس اعلان عدم صحة نيابة المستدعى ضده وإبطالها وبالتالي اعلان فوز المستدعي بالمقعد المخصص للمسلمين السنّة في دائرة زحلة الانتخابية، واستطراداً فرض اعادة اجراء الانتخابات للمقعد المحكي عنه، مدلياً
بما يأتي:
أولاً: في مخالفة قانون الانتخابات وخاصةً المادتين 68و71 منه
يدرج مستدعي الطعن تحت هذا العنوان ما يدعي حصوله من مخالفات من قبل المطعون في صحة نيابته وهي:
أ-إثارة النعرات الطائفية والمذهبية
وتتمثل هذه الإثارة – حسب ما ورد في مراجعة الطعن، باستنهاض الشعور الطائفي والمذهبي في مدينة زحلة عن طريق الإستئثار بالرموز الدينية والإستعانة بها من مثل وضع صورة تمثال السيدة العذراء على لوحته الإعلانية، كما وصورة غبطة البطريرك الماروني.
هذا بالاضافة الى البيانات والمناشير التي وزّعها حزب القوات اللبنانية، والمتضمنة عبارات تبث روح الفتنة والتخويف من حكم ولاية الفقيه، فضلاً عن تصريحات من بعض المفتين وتصريحاً صادراً عن غبطة البطريرك الماروني يحذر من فوز لوائح المعارضة.
ب-التشهير والإفتراء
وفي هذا يقول مستدعي الطعن ان لائحة " زحلة بالقلب " التي ينتمي اليها المطعون في صحة نيابته، أقدمت على التشهير بالطاعن والافتراء عليه والاساءة الى سمعته عن طريق الأضاليل والأكاذيب. ويدخل في هذا الباب أيضاً ما تمّ نشره على كل من الموقعين الالكترونيين التابعين لحزبي الكتائب اللبنانية والقوات اللبنانية.
فضلاً عما صرّح به السيد عاصم عراجي الى كل من تلفزيوني المستقبل وMTV ، مورداً نصوص الكلام المنسوب الى المطعون في صحة نيابته.
ج-في التزوير والتحريف والتخوين والقدح والذم
يدلي مستدعي الطعن بأن تصريح أحد المرشحين في حينه، حليف المطعون في صحة نيابته، المتضمن اتهاماً لمستدعي الطعن ورفاقه في اللائحة انهم يمثلون المحور السوري الايراني، هو قول يدخل في باب التزوير والتحريف والتخوين والقدح والذم.
ثانياً: في عمليات الرشوة
يدلي مقدم الطعن بأن الرشوة الانتخابية وشراء الأصوات كانا من أكثر الاخبار شيوعاً ورواجاً حتى تداولها الاعلام المحلي والأجنبي الأمر المعتبر قرينة على حصولها.
الا ان مقدم الطعن يعلن في المقابل عجزه عن الإتيان بأي مرتشي أمام المجلس انما هو يسند ادعاءه الى دلائل، منها تحويل مبلغ 240 مليار ليرة لبنانية من المصرف المركزي الى بنك البحر المتوسط فرع شتورة او زحلة في 5\6\2009، متسائلاً من سحب هذه المبالغ ولأي غاية، منوهاً ان الإجابة عن هذه الأسئلة تتيح للمجلس التوصل الى الحقيقة بموجب سلطته الاستقصائية.
كما ان مقدم الطعن أبرز صور محاضر تحقيق من قبل فصيلة درك زحلة معتبرا انها تثبت حصول أعمال رشوة.
ثالثاً: استقدام اللبنانيين من الخارج
في هذا الصدد يقرّ مقدم الطعن بحق المرشح او المرشحين في استقدام الناخبين من الخارج شرط ادراج نفقات استقدامهم ضمن نفقات الحملة الانتخابية.
الا انه في الوقت ذاته، وفي قول معاكس، يدلي ان ما فعلته اللائحة التي ينتمي اليها المطعون في صحة نيابته باستقدامها اللبنانيين من الخارج وتسديدها نفقاتهم هو بمثابة رشوة انتخابية لحملهم على التصويت لهذه اللائحة، ودون ان يرد ذكر هذه المبالغ في بيان النفقات. ويضيف ان دليله على قوله هو ان هذا الأمر أصبح من الشائع والمشهور، مقدّراً ما صرفته لائحة المطعون في صحة نيابته بمبلغ 30 مليون دولار أميركي.
رابعاً: في ممارسة التضييق على الناخبين ومنعهم من الوصول الى أقلام الاقتراع
ينسب مقدم الطعن الى العملية الانتخابية انها كانت مشوبة بعيب أساسي وخطير تمثّل في صرف النفوذ واستعمال السلطة وقيام أحد الاجهزة المعروفة الولاء لأحد التيارات النافذة بتجنيد آلاف بلباس مدني توزعوا على أقلام الاقتراع ومارسوا ضغوطاً على الناخبين المعروفين بولائهم لمستدعي الطعن، مورداً بعض الأسماء طالباً الاستماع اليهم لتبيان الحقيقة.
كذلك يقول الطاعن ان مندوبي اللائحة التي ينتمي اليها أثبتوا عشرات المخالفات وهي مثبتة في محاضر أقلام الاقتراع طالباً تحليل تلك المخالفات بعد ان ذكر نموذجاً منها على حد قوله، وذلك لبيان أثرها على صحة ونزاهة العملية الانتخابية.
ويختم الطاعن بقوله ان المخالفات التي فصّلها أفقدت الكثير من الناس حريتهم في الاختيار ومنعتهم بالإكراه والإرهاب ووسائل الرعب من المشاركة في تقرير مصير السلطة التشريعية، وخلافا لاقتناعاتهم، فكان من جراء ذلك انتقال آلاف الأصوات من جهة مستدعي الطعن الى جهة منافسه المطعون في صحة نيابته.
وأضاف ان نسبة الاقتراع التي بلغت 83% في أقلام وتدنّت الى نسبة 30% في أقلام أخرى هو أمر يدعو الى التساؤل ويثير الريبة.
خامساً: المخالفات المرتكبة من السلطة المولجة بالأعمال الانتخابية
أ-مخالفة أحكام المادة 35 من القانون رقم 25\2008
وفي هذا المجال ينسب الى لجان القيد عدم الاستجابة لطلبات اللائحة التي ينتمي اليها، والرامية الى قيد أسماء لم ترد في القوائم الانتخابية.
ب-مخالفة أحكام المادة 27 من القانون رقم 25\2008
وتتمثل هذه المخالفة في ايراد أسماء عدة عائلات على رقم سجل واحد، وقد أورد أسماء بعض هذه العائلات.
ج- مخالفة أحكام المادة 25 من القانون 25\2008
وهذه المخالفة ناشئة عن استحداث سجلات نفوس جديدة لم تكن واردة في قوائم سنة 2005، حيث جرى الأمر بصورة مبهمة وخلافاً للقانون.
د-المخالفة في تصحيح القوائم الانتخابية خارج الأصول المعتمدة قانوناً بإضافة أسماء 15918 ناخباً خلافاً لأحكام المادة 37 من القانون رقم 25\2008.
يدلي الطاعن ان القائمة الانتخابية تجمد في 30 آذار من كل سنة ويبقى معمولا بها حتى 30 آذار من السنة التي تليها.
وان المديرية العامة للأحوال الشخصية أرسلت قوائم الناخبين قبل 10 شباط 2009 ثم قامت بتجميد القوائم في 30 آذار 2009 بعد ان أجرت فيها التصحيحات التي أضافتها لجنة القيد.
وانه تبين إضافة 15918 إسماً عفواً بدون اي طلب ودون قرار من لجنة القيد.
وان بعض الأسماء المضافة يعود الى متوفين او قاصرين مما يشكل دليلاً على عدم تقديم اي طلبات تصحيح.
وانه تبين ان الإضافات تمت بناء على تعميم من وزير الداخلية، الا ان هذا التعميم هو مخالف للقانون، وقد سهّل هذا التعميم اجراء إضافات وتعديلات دون اتباع الأصول المفروضة بموجب المادتين 35 و36 من القانون 25\2008.
وانه، وان كان أمر ابطال هذا التعميم من صلاحية مجلس شورى الدولة، فانه يبقى للمجلس الدستوري أمر الرقابة على العملية الانتخابية في حال تمّ التلاعب عن طريق المناورات الاحتيالية، مثل الاستناد الى تعميم وزير الداخلية لإجراء إضافات خارج الوسائل المحددة قانوناً.
سادساً: في المخالفات الحاصلة في فرز الأصوات
يدلي الطاعن بحصول عشرات المخالفات أثناء عملية فرز الأصوات، وهي مخالفات كانت موضع اعتراض من مندوبي الطاعن الذي دون هذه الاعتراضات في محاضر الفرز، قائلاً ان وزارة الداخلية رفضت تزويده بنسخ عن هذه المحاضر، ومعدداً أبرز هذه المخالفات ومنها ما حصل في قلم الراسية الفوقا رقم 61 بنقل المغلف من غرفة رقم 1 الى غرفة رقم 2 مفتوحاً الأمر الذي أثار إشكالاً حسمه رئيس اللجنة العليا باحتساب القلم وفرز نتيجته.
سابعاً: في تعذر إحصاء نتائج المقترعين
ومفاد هذا الأمر ان المخالفات العديدة الحاصلة في أقلام الاقتراع ولدى لجان الفرز، حالت دون بيان عدد المقترعين في دائرة زحلة فجاء محضر لجنة القيد العليا خالياً من ذكر هذا العدد، وفي هذا الدليل القاطع على التلاعب الكبير او في أسوأ الاحتمال الخطأ في احتساب الأصوات.
ثامناً: في أسباب الطعن القانونية
بعد ان يطلب الطاعن قبول استدعائه في الشكل، ينتقل الى بيان الأسباب القانونية التي تعيب في رأيه العملية الانتخابية وتوجب إبطال نيابة السيد عاصم عراجي، مسنداً إيّاها الى الأقوال المعروضة أعلاه وهي التالية:
أ-مناورات غش تعيب العملية الانتخابية والتي منها الحملات الافترائية الدعائية في وسائل الاعلام التي لم تلتزم بالحدود والضوابط المفروضة قانوناً في المادة \68\ من قانون الانتخابات فأقدمت على نشر القدح والذم والتشهير وتلفيق التهم واستعمال الشتائم وإثارة النعرات الطائفية والمذهبية ودون تأمين مبدأ المساواة بين المرشحين المتنافسين وإتاحة مجال الرد للطاعن.
ب-في ان هذه المناورات المحكي عنها هي أيضاً كاذبة وتعيب العملية الانتخابية وقد تمثّل هذا الكذب في حملات دعائية غشاشة بإطلاق تهم بأمور لم تحدث إطلاقاً، وهذه المناورات مدانة وان لم تصدر عن المرشح نفسه او كان له يد في إطلاقها، انما يكفي ان يكون قد استفاد منها.
ج-حصول هذه المناورات في الساعات الأخيرة من الحملة الانتخابية.
وفي هذا الصدد ان بث وإذاعة ونشر نداء غبطة البطريرك الماروني والرئيس أمين الجميّل في اللحظات الأخيرة من العملية الانتخابية الأمر الذي لم يتمكن معه الطاعن من الرد، ولما لموقعهما المعنوي والديني والسياسي من أثر معنوي، يشكل عيباً عندما يكون له تأثير حاسم في النتيجة كما هي الحال بالنسبة للطاعن، وبالتالي تفقد العملية الانتخابية صدقيتها وصحّتها.
د-بطلان العملية الانتخابية نتيجة الضغوط التي رافقتها وعمليات الاكراه والرشوة التي شابتها.
ومن هذه الضغوط وجهها المادي المالي المتمثل بشراء الأصوات، ومنها الضغوط الدينية التي تمارسها السلطات الدينية كون البيئة اللبنانية مهيأة لقبول مثل هذه الضغوط والامتثال لها. وأهم هذه الضغوط بالتحديد موقف وبيان غبطة البطريرك الماروني.
ه-عدم الاستجابة لطلب اللائحة التي ينتمي اليها الطاعن إدراج أسماء ساقطة سهواً من القوائم الانتخابية.
و-التعميم الصادر عن وزير الداخلية بشأن تنقيح القوائم الانتخابية وتصحيحها والذي أسفر عن إضافة 15918 إسماً على القوائم خلافاً للأصول ومع العلم بأن التعميم بحد ذاته مخالف للقانون.
ز-تجاوز سقف الانفاق الانتخابي كما هو محدد قانوناً من قبل المطعون في صحة نيابته.
وخلص الطاعن الى القول، انه بالرغم من الفارق في الأصوات بين الطاعن ومنافسه الفائز، فإن المخالفات المعددة من قبله جسيمة وخطيرة تؤدي الى إبطال العملية الانتخابية.
كما أورد الكثير من الاجتهادات والآراء التي تؤيد وجهة نظره، طالبا في النتيجة قبول مراجعته شكلاً وفي الأساس ابطال النيابة المطعون في صحتها ومن ثمّ اعلان فوزه والا استطراداً فرض اعادة الانتخابات للمقعد المخصص للمسلمين السنّة.
تاسعاً: وتبين ان المستدعى ضده قدّم لائحة ملاحظات ودفاع مدلياً بما يأتي:
أ-انه ينبغي رد المراجعة شكلاً لأن وكالة المحامي موقع المراجعة لا تتضمن اسم المطعون في صحة نيابته ولأن التوكيل يتناول الطعن في صحة الانتخابات وليس بنيابة الفائز الأمر غير المقبول امام المجلس الدستوري، وأيضاً لأن الطعن مجرّد من كل اثبات، وأكثر لأن الفارق في الأصوات بين الطاعن والمطعون في صحة نيابته كبير جداً الأمر الذي يؤدي الى رد الطعن شكلاً.
ب-انه لا اثبات على صحة الطعن، وان المستندات المبرزة من الطاعن ليست رسمية بل ان بعضها صادر عن الجهة التي ينتمي اليها الطاعن فلا يجوز الأخذ بها.
وانه وان كان المجلس الدستوري يتمتع بسلطة واسعة في التحقيق فانه ليس من شأن هذا الأمر ان يغير في قواعد الاثبات الملقى على عاتق المدعي عملا بالقاعدة العامة.
ج-ان ما يدلي به الطاعن من أقوال بالاستناد الى ما هو شائع، تبقى أقوالاً لا يؤخذ بها في مجال الاثبات وخاصة لجهة ما أدلى به الطاعن من حصول رشوة واستقدام الناخبين من الخارج وتدخل أحد الاجهزة الأمنية.
د-وان ما أثاره الطاعن من شك حول نسبة المقترعين ان ازدياداً او نقصاناً لا يمكن اعتباره إثبات على وجود رشوة او حصول ضغوط.
وان النتائج تدحض هذا القول، اذ ان الطاعن يذكر انه تمّ عرقلة الاقتراع في الأقلام الشيعية، انما يتبين من النتيجة ان الطاعن نال في هذه الأقلام 15834 صوتاً في حين ان المطعون في صحة نيابته لم ينل سوى 448 صوتاً.
ه-ان صورة السيدة العذراء وكذلك صورة غبطة البطريرك الماروني لا تثيران اي نعرة طائفية، اذ ان الصورة الأولى هي بمثابة جزء من صورة زحلة، والبطريرك هو مرجعية وطنية لكل اللبنانيين.
و-ان لا علاقة للمطعون في صحة نيابته بالمناشير الموزعة من أحزاب لا ينتمي هو اليها في حين ان التصريحات المنسوبة الى رجال دين انما تتضمن مبادئ وطنية عامة.
ز-ان محاضر التحقيقات المجراة من قبل فصيلة درك زحلة لا تتضمن اي اثبات على حصول رشوة، وانه اي المستدعى ضده لم يستقدم أحداً من الخارج.
ح-انه لا صحة لما يدلي به الطاعن من مخالفات يدعي حصولها في الأقلام ولدى لجان الفرز وهي غير ثابتة وغير مدونة في المحاضر العائدة للأقلام.
ط-ردا على ما أثاره الطاعن لجهة التعميم الصادر عن وزير الداخلية والتصحيح الذي تم في القوائم الانتخابية – يقول المستدعى ضده ان الطعن في هذا الأمر يخرج عن صلاحية المجلس الدستوري لأنه يتعلق بالأعمال التمهيدية، وان التصحيح المحكي عنه جرى خلال المهلة القانونية ووفقاً للأصول وان التعميم هذا قد أضحى مبرما لعدم الطعن به خلال المهلة القانونية امام المرجع المختص.
ي-ان المستندات المبرزة من الطاعن غير رسمية ولا تمت الى المطعون في صحة نيابته او الطعن المقدم ضده بأي صلة فضلاً عن انها غير مثبتة لهذا الطعن.
ك-ان الطاعن نفسه قد خالف قانون الانتخابات وأثار النعرات الطائفية وافترى وكذب في اللوحات العائدة للائحة التي ينتمي اليها وفي بعضها اتهام للمطعون في صحة نيابته ورفاقه في اللائحة بالسرقة وبالفساد وغيرها من التهم.
ل-انه لا يجوز اثبات عكس المحاضر الرسمية ومضمونها بالبيّنة الشخصية.
وفي الختام طلب رد الطعن شكلاً في حال تبين عدم استيفائه الشروط القانونية، والا رده شكلاً للأسباب التي أوردها في دفاعه والا رده أساساً لعدم الصحة والجدية والقانونية ولعدم الثبوت، مؤيداً طلباته بالكثير من الاجتهادات والآراء القانونية.
عاشراً: في الإستماع الى الفريقين
وتبين ان المقررَين استمعا الى الفريقين ودوّنت أقوالهما في محضرين على حدة.
أ-وتبين من الاستماع الى أقوال الطاعن:
- انه بالنسبة الى التجييش الطائفي فقد أقرّ الطاعن ان هذا الأمر كان من أكثر من جهة.
-وان الإدعاء بنقل الناخبين من الخارج كان معروفاً لدى الجميع وبالتواتر.
-لدى السؤال عن معرفته بنقل 240 مليار ليرة لبنانية الى بنك البحر المتوسط وصرفها لغايات انتخابية ومدى ثبوت هذا الأمر، أجاب الطاعن بأن هناك خطأ في الرقم 240 والحقيقة انه 24 مليار وهو يصرّ على ما ورد في الطعن انما ليس لديه شيء يضيفه.
-وعن السؤال هل يعتبر ان خطاب البطريرك صفير كان بدافع طائفي وتأثير طائفي أم انه كان بدافع ولغاية سياسية وطنية، أجاب الطاعن ان رأيه (اي البطريرك صفير) سياسي وغير طائفي.
ب-اما المطعون في صحة نيابته فقد اكتفى بما ورد في لائحة الملاحظات المقدّمة منه بواسطة وكيله.
حادي عشر: في محاضر فرز الأصوات
وتبين انه لدى الاطلاع على محاضر فرز الأصوات ومحاضر أقلام الاقتراع ولجان القيد المرسلة من وزارة الداخلية، ان قلم كرك نوح 87 لم يتم فرزه من قبل لجنة القيد الابتدائية وقد بقي المظروف المحتوي على المحضر مختوما بالشمع الأحمر وبالتالي لم يتم احتساب نتيجة هذا القلم.
وتبين انه تم فض المظروف المحكي عنه والاطلاع على محتوياته، وبعد التثبت من النتيجة يرى المقرران إضافة الأصوات التي نالها المرشحان الى النتيجة النهائية.
وتبين ان الطاعن نال في هذا القلم 205 أصوات في حين نال المطعون في صحة نيابته \175\ صوتاً.
ثاني عشر: في التحقيقات المجراة
وتبين انه في سبيل جلاء الحقيقة حول الزيادة الحاصلة في القوائم الانتخابية ومعرفة ما اذا كان قد تم اجراء معاملات تبديل مكان ونقل قيود نفوس بصورة مخالفة للقانون، فقد وجّه حضرة رئيس المجلس الدستوري كتاباً الى معالي وزير الداخلية
برقم 41\ص في تاريخ 8\9\2009 طالباً:
"الافادة عما اذا كان قد جرى نقل نفوس الى دائرة زحلة الانتخابية من دوائر أخرى بمقتضى قرارات صادرة عن وزارة الداخلية وفي حال الايجاب بيان تاريخها وتاريخ اتمام نقل النفوس والأساس القانوني الذي أسندت اليه، وعما اذا كان قد تم نقل نفوس منذ سنة 2005 وما هو عدد المنقول قيدهم وهل روعيت في عمليات النقل الأصول المفروضة في المادة 40 من القانون الصادر في 7\12\1951 وإطلاع المجلس الدستوري على عدد المقترعين من الذين تم نقل قيدهم وفقا لما تقدّم.
وكذلك الإفادة عن سبب ورود أسماء لعائلات مختلفة في سجل واحد في ذات البلدة وبيان ما اذا كانت هذه القيود مستوفية الشروط القانونية وعن سبب وجود أرقام سجل جديدة في دائرة زحلة الانتخابية وهل استوفى ذلك الأصول القانونية."
وقد وردت الإفادة المطلوبة مع المستندات المؤيدة لها وضمّت صورة عنها الى هذا الملف.
كما تمّ ضم صورة عن إفادة كل من المدير العام للأحوال الشخصية ورئيسة دائرة نفوس البقاع ومأمور نفوس زحلة المستمعين في الموضوع عينه في المراجعة رقم 5\و\2009 المقدمة من السيد حسن يعقوب.
وتبين أيضا ان المدير العام للأحوال الشخصية قد أودع المجلس بيانا بعدد الناخبين في دائرة زحلة الانتخابية وفقا للمذاهب ويظهر الفارق في العدد ما بين المرحلة الأولى، اي القوائم الأولية، وبين المرحلة الثانية، اي القوائم النهائية، بعد اجراء جميع التصحيحات عملاً بالمادة 35 من قانون الانتخابات وما يليها، وذلك في جميع الدوائر الانتخابية في لبنان، ومنها زحلة، وقد ضمت صورة عنه الى ملف هذه المراجعة.
وتبين من هذا البيان الأخير ان الإضافات الحاصلة في القوائم الانتخابية قد تمّت بموجب قرارات صادرة أصولاً عن لجنة القيد وعدد هذه القرارات 127 مرقّمة من1 الى 127 وهي تتناول كل التصحيحات والإضافات والشطوبات التي جرت على القوائم الانتخابية لدائرة زحلة، كما صار الاطلاع على هذه القرارات الصادرة في 12\3\2009 و 14\3\2009.
بنــــــــاءً عليــــه
فـي الشـــكل
بما ان استدعاء الطعن مقدم ضمن المهلة القانونية ومستوف كل شروطه الشكلية،
وبما ان وكالة الأستاذ يوسف سعدالله الخوري عن المستدعي تتضمن نصّا يجيز للوكيل الطعن في صحة الانتخابات النيابية التي جرت في 7\6\2009 في دائرة قضاء زحلة وكل ما يتفرع عنها
وبما ان الطعن في صحة نيابة المستدعى ضده يتفرع عن تلك الانتخابات ويكون بالتالي مجازاً للوكيل تقديمه.
وبما ان طلب رد الطعن شكلاً لعدم توفر الإثبات يخرج عن نطاق الشكل ويدخل في الأساس
وبما ان طلب رده شكلاً أيضاً للفارق الكبير في الأصوات بين الطاعن والمطعون في صحة نيابته، فأن مثل هذا الفارق في الأصوات لا يعتبر سبباً لرد الطعن شكلاً.
فـي الأسـاس
أ-في إثارة النعرات الطائفية
بما ان مستدعي الطعن يدلي بأن المستدعى ضده ورفاقه في اللائحة قد أقدموا على الإستئثار بالرموز الدينية والاستعانة بصورة تمثال السيدة العذراء الأمر الذي يشكل استنهاضاً للشعور الطائفي والمذهبي،
وبما ان لا شيء كان يحول دون قيام المستدعي ورفاقه في اللائحة من استعمال الرمز ذاته، الأمر الذي يدعو الى القول ان لا استئثار بالرموز الدينية وهي ليست موضع احتكار من أحد او لأحد، وبصورة خاصة لأن السيدة العذراء مكرمة لدى جميع الطوائف والمذاهب، فلا تثير الاستعانة بصورتها اي نعرات طائفية أو مذهبية،
وبما ان الادعاء بالاستعانة برسم غبطة البطريرك الماروني او بتصريح له هو في غير محله، ذلك ان مثل هذه الاستعانة لا يمكن ان تثير النعرات الطائفية فضلاً عن توفر امكانية الاستعانة برسمه لجميع الأفرقاء،
وبما ان المستدعي قد صرّح لدى استماعه من قبل المقررَين ان تصريح غبطة البطريرك يمثل رأيا سياسياً وليس طائفياً، فأنه لا يمكن القول ان هذا التصريح يثير النعرات الطائفية،
وبما انه في كل حال لم يثبت ان الاستعانة بصورة تمثال السيدة العذراء او برسم غبطة البطريرك الماروني، او انه كان لتصريح غبطته تأثير واضح وحاسم في تقرير نتيجة الانتخابات.
ب-في التشهير والافتراء والقدح والذّم
بما ان مستدعي الطعن ينسب الأقوال التي تشكل تشهيراً وافتراءً وقدحاً وذماً الى أشخاص آخرين وليس الى المستدعى ضده بالذات،
وبما ان المستدعى ضده لا يسأل عن تصريحات وبيانات غير صادرة عنه ولم يتبين انه استفاد منها او كانت نتيجة تواطؤ بينه وبين قائلها،
وبما ان ما ينسبه المستدعي من أقوال صادرة عن المستدعى ضده هو في غير محله، اذ من مراجعة المستند 10 المرفق باستدعاء الطعن والذي يستند اليه الطاعن، يتبين ان هذه الأقوال صادرة عن مرشح آخر هو النائب نقولا فتوش،
وبما انه في ضوء ما تقدم لا يمكن الركون الى جدية هذا السبب وتأثيره في العملية الانتخابية،
ج-في الرشوة
بما ان ما يدعيه الطاعن من وجود رشوة للناخبين يبقى مجرداً عن كل اثبات، اذ هو يعتمد على الشائع وعلى وسائل الاعلام التي لا يمكن اعتبارها أدلة ثبوتية.
وبما ان الطاعن ذاته يقر في استدعاء الطعن المقدم منه انه لا يسعه اثبات الرشوة واحضار المرتشين أمام المجلس الدستوري، بل هو يبني أقواله على استنتاجات، غير مؤيدة بأي دليل
وبما انه يذكر في طعنه انه تم تحويل مبلغ 240 مليار ليرة لبنانية الى أحد المصارف في البقاع دون ان يجزم بمكان الفرع اذ يقول هو في شتورا او زحلة ليصرف هذا المبلغ من ثم على الحملة الانتخابية للمستدعى ضده ورفاقه في اللائحة، ليعود بعد ذلك ويصحح لدى استماعه من قبل المقررَين ان المبلغ هو 24 مليار وليس 240 مليار ودون ان يقدم أي بيّنة أو بدء بيّنة على ذلك، تمكّن المجلس من التحقيق في هذا الأمر،
وبما ان صور المحاضر العائدة للتحقيقات التي أجراها عناصر فصيلة درك زحلة لا تثبت وجود أي رشوة
وبما انه في ضوء ما تقدم لا يسع المجلس الدستوري ان يباشر أي تحقيق لعدم وجود أي دليل أو بدء دليل.
د-في التضييق على الناخبين
بما ان ما أدلى به مستدعي الطعن بقي مفتقراً الى عنصر الاثبات او أقله بداية الدليل
وبما انه لدى التدقيق في الأسماء التي ادعى الطاعن ان أصحابها منعوا من الوصول الى أقلام الاقتراع، تبين ان أصحاب بعض هذه الأسماء قد اقترعوا فعلاً وان بعضهم متوفٍ منذ زمن، الأمر الذي يثبت عدم صحة ما يدعيه الطاعن.
ه-في المخالفات في العمليات الانتخابية
بما ان الطاعن أدلى بحصول مخالفات في أقلام 127 الإناث- جديتا، 106 بر الياس، 216 مجدل عنجر، 166 سعدنايل، وبحصول عمليات لعرقلة الاقتراع في الأقلام الشيعية، واختفاء قلم كرك نوح 87 وعدم احتساب نتيجته،
وبما انه تبين عدم وجود او تسجيل اي اعتراض على محاضر هيئة الأقلام المبينة سابقاً المدعى حصول المخالفات فيها،
وبما انه تبين انه في الأقلام الشيعية المشار اليها نال الطاعن 15834 صوتاً في حين ان المطعون في نيابته لم ينل سوى 448 صوتاً الأمر الذي ينفي حصول عرقلة موجهة ضد الطاعن،
وبما انه من ناحية أخرى، وعلى فرض صحة ادعاءات الطاعن بوجود هذه المخالفات، فأنه ليس من شأنها ان تعدّل في النتيجة ذلك ان الفارق في الأصوات بين المرشحين، الفائز والخاسر، بلغ 8418 صوتاً،
وبما انه تبين ان قلم كرك نوح 87 لم يتم فرزه فعلاً وبالتالي لم تحتسب نتيجته، فأنه بعد فرزه تبين ان الطاعن نال فيه 205 أصوات فيما نال المستدعى ضده 175 صوتاً وينبغي احتسابها،
و-في المخالفات المرتكبة من قبل السلطة المولجة بالأعمال الانتخابية
بما ان ما يدلي به الطاعن من مخالفات انما هي تدخل في نطاق الأعمال التمهيدية وليست من صلب العملية الانتخابية،
وبما ان الطعن في هذه المخالفات لا يدخل في اختصاص المجلس الدستوري ما لم يرافقها غش او تزوير ومن شأنها التأثير في نزاهة الانتخابات،
وبما ان حصول الغش او التزوير غير ثابت،
وبما انه تبين من التحقيق ومن الافادات الخطيّة المرسلة من وزارة الداخلية ان الزيادة في عدد الأسماء الواردة في القوائم الانتخابية مردها تصحيح القوائم ضمن المهلة القانونية والتزاما بالشروط القانونية وبموجب قرارات صادرة عن لجنة القيد،
ز-في تجاوز السقف المحدد قانوناً للنفقات الانتخابية
بما انه لا إثبات على حصول تجاوز لسقف النفقات المحدد قانوناً،
وبما ان تقرير الهيئة المشرفة على الانتخابات يفيد ان المستدعى ضده لم يتجاوز هذا السقف وفقاً للبيانات والمستندات المبرزة منه على مسؤوليته، والمقترنة بتوقيع مراقب النفقات،
ح-في المخالفات الحاصلة في فرز الأصوات
بما ان الطاعن يدلي انه تمّت عشرات المخالفات في عمليات فرز الأصوات، مشيراً الى واحدة منها تتعلق بقلم الراسية الفوقا رقم 61 عندما تمّ تسليم المحضر الى غرفة القيد رقم 1 وتبين للقاضي انه يعود للغرفة رقم 2 فأرسله الى مرجعه مفتوحاً فرفض القاضي استلامه وبقي الأمر بين مد وجزر حتى أقرّ رئيس اللجنة العليا جواز فرزه واحتسابه من قبل رئيس الغرفة رقم 2،
وبما انه يتبين من الاطلاع على المحاضر العائدة للقلم المشار اليه ان الفرز قد تم وفقا للأصول وتم إعلان النتيجة على ذلك الأساس،
وبما ان الطاعن لم يبيّن ماهية المخالفات التي يدعي حصولها في أقلام أخرى ولم يذكرها بالتحديد حتى يتمكن المجلس الدستوري من إعمال رقابته،
وبما ان كل الأسباب المدلى بها تكون والحالة كما بيّنا أعلاه مستوجبة الرد لعدم ثبوتها وعدم قانونيتها.
لــــــــــــــهذه الأســــــــــــــباب
وبعـد المداولـة
يقرر المجلس الدستوري بالإجماع
أولاً: في الشكل
قبول الطعن لوروده ضمن المهلة ، مستوفياً الشروط القانونية.
ثانياً: في الأساس
1-تصحيح نتيجة الانتخابات بإضافة 205 أصوات الى مجموع الأصوات التي نالها المستدعي وإضافة 175 صوتاً الى مجموع الأصوات التي نالها المستدهى ضده.
2-رد الطعـن برمته.
ثالثاً: ابلاغ هذا القرار الى المراجع المختصة والمستدعي.
رابعاً: نشر هذا القرار في الجريدة الرسمية.
قـراراً صـدر في 25\11\2009.