قرار رقم 14\2009



قرار رقم 14\2009

تاريخ 25\11\2009

نقولا صحناوي \ ميشال فرعون

مقعد الروم الكاثوليك في دائرة بيروت الأولى، انتخابات 2009

 

رقم المراجعة: 12/2009

المستدعي: السيد نقولا صحناوي، المرشح الخاسر عن المقعد المخصص للروم الكاثوليك في دائرة بيروت الأولىالانتخابية، في الانتخابات النيابية العامة التي جرت في7\6\2009.

المستدعى ضده: السيد ميشال فرعون، المعلن فوزه عن المقعد المشار اليه.

الموضوع: الطعن في صحة نيابة المستدعى ضده.

إن المجلس الدستوري

الملتئم في مقره في تاريخ  25\11\2009 برئاسة رئيسه السيّد عصام سليمان وحضـور نائب الرئيس السيّد طارق زيـاده والسـاده الأعضاء أحمد تقي الديـن، انطوان مسـرّه، انطوان خيـر، زغلول عطيـه، توفيق سـوبره، أسـعد  دياب، سهيل عبد الصّمد وصلاح مخيبر.

وعملاً بأحكام المادة 19 من الدستور

ولدى الاطلاع على ملف هذه المراجعة وتقرير العضوين المقررَين والتحقيق المجرى من قبلهما وتقرير الهيئة المشرفة على الانتخابات،

تبين ان السيد نقولا صحناوي – المرشح الخاسر في الانتخابات النيابية العامة التي جرت في 7\6\2009، عن المقعد المخصص للروم الكاثوليك في دائرة بيروت الأولى الانتخابية، قد تقدّم بهذه المراجعة المسجّلة في قلم المجلس الدستوري في تاريخ 8\7\2009، يطعن بموجبها في صحة نيابة السيد ميشال فرعون المعلن فوزه عن المقعد عينه في الانتخابات المشار اليها، طالباً قبول مراجعته في الشكل وفي الأساس إبطال نيابة المعلن فوزه كما إبطال الانتخابات في دائرة بيروت الأولى، دون أي مطلب آخر ودون تحديد للمقاعد المطلوب إبطال الانتخاب لها، مدلياً بالوقائع والأسباب المؤدية في رأيه للإبطال وعددها خمسة، وهي التالية:

أولاً: في الغاية من الطعن والوقائع السابقة ليوم الانتخاب.

‌أ-      

يدلي مقدم الطعن بأنه لم يكن ليتقدّم بطعنه لولم تكن العملية الانتخابية التي جرت في 7\6\2009 مع ما سبقها ورافقها ولحقها من حملات إعلامية واستنفار سياسي ودفع أموال لشراء الأصوات ونقل قيود نفوس بشكل مريب وغير قانوني وإصدار بيانات ترهيب وتخويف من الأضرار التي تلحق بالوطن في حال انتخاب وفوز مرشحي التيار الوطني الحر، الأمر الذي صوّرها كأنها حملة بين من يريد تحويل لبنان الى دولة ولاية الفقيه والمحور السوري الايراني وبين من يريد لبنان أولاً،

وان الواجب الوطني يدعوه ويملي عليه وجوب التقدم بهذا الطعن بهدف وضع حد للإفتراءات والإشاعات ووضع حد لتضليل اللبنانيين.

‌ب-ويدلي أيضاً بأنه في تاريخ 5\6\2009 أي قبل يومين من موعد الاقتراع صدر مرسوم أجرى تبديلاً وتعديلاً في تأليف نحو من ثلاثة عشرة لجنة قيد عادية وعليا، من بينها لجنة الدائرة الأولى في بيروت حيث هو مرشح، الأمر الذي أثار تساؤلات خاصة وان المرسوم المشار اليه لم يتضمن أسباب التعديل التي املت صدوره.

الا انه في الوقت عينه لم يورد هذا الأمر في جملة الأسباب القانونية التي بنى عليها طعنه، بل اكتفى بايراده كواقعة.

‌ج-حصول ضغط كبير من مراجع دينية او بواسطتها في تاريخ 6\6\2009 وهو في هذا يشير الى بيان صادر عن غبطة البطريرك الماروني، ويفصّل مقدّم الطعن في هذا الأمر – فيقول:

-ان البيان موجه الى المسيحيين بشكل عام والى الموارنة بشكل خاص.

-وانه يتضمن تحذيرا من مغبة إقدامهم على انتخاب لوائح المعارضة ولوائح التيار الوطني الحر الذي ينتمي اليه مقدّم الطعن لأن " كيان لبنان في خطر محدق لذلك يتوجب علينا ان نهزم المشروع الذي يهدف الى تغيير وجه هذا الكيان."

-ان النص الملزم بالتوقف عن الادلاء بأي موقف إعلامي مكتوب ام مسموع ومتعلق بالانتخابات لا ينطبق فقط على المرشحين – بل يلزم كل جهة سواء دينية او سياسية بحيث يمتنع عليها ان تدلي بدلوها حول الانتخابات ضمن مهلة ثلاثة أيام تسبق موعد الاقتراع.

-وان من يقف وراء هذا البيان هو جهة بل دولة أجنبية بشخص المستشار السياسي في السفارة الأميركية السيد فادي حافظ الذي نص البيان وعرضه على السيدين سمير فرنجية وفارس سعيد اللذين عرضاه لاحقاً على غبطة البطريرك فتبناه.

وان هذا البيان سحب من التداول الإعلامي بقرار من وزير الداخلية، فما كان من البطريرك الا ان أرسل بيانه الى الناخبين بواسطة الرسائل على هاتفهم الخليوي.

-وانه نتيجة لهذا البيان تغيّرت قناعات الناخبين المسيحيين بسبب الخوف الذي لحقهم من البيان الصادر عن المرجعية الدينية الكبيرة.

ثانياً: في الوقائع التي حصلت في تاريخ 7\6\2009.

-وتحت هذا العنوان يدلي مقدم الطعن انه اتصل بعلم رفيقه في اللائحة اللواء عصام ابو جمرة ان الاقتراع يسير بشكل سيء جداً، الأمر الذي دفعه الى التوجه الى الأقلام المشكو منها في مدرسة الإمام علي بن ابي طالب فتبين له ان أحد الوزراء قد أدخل جمعاً من النسوة يبلغ عددهن نحواً من مئة امرأة الى داخل قلم الاقتراع دفعة واحدة وان رئيس القلم كان يمسك في يده عدداً من بطاقات الهوية بالاضافة الى عدد كبير آخر موضوع أمامه على الطاولة، الأمر الذي يعتبر مخالفا لأحكام قانون الانتخابات. كما كان يتواجد أيضاً في الغرفة المرشح من اللائحة المنافسة السيد سيرج طورسركسيان.

وانه بحضور اللواء أبو جمرة تم وقف عملية الاقتراع بناء لطلبه وبعد اتصال بوزير الداخلية الذي أعطى أمراً بذلك الى ان تمّ إخراج النسوة الموجودات في القاعة وانتظم بعدها سير عملية الاقتراع.

كما ان رئيس القلم دوّن في المحضر واقعة الإشكال مع عبارة " تمت معالجته ".

وان هذا الإشكال قد وقع في الغرفة 5 في القلم رقم \39\، ومن ثم تقدّم المستدعي باعتراض أمام لجنة القيد التي ردّت اعتراضه في الأساس.

-وانه وردت معلومات الى وزير الداخلية عن المخالفات المرتكبة قبل وأثناء العملية الانتخابية أدّت الى تغيير نتيجة الانتخابات بشكل حاسم، وتتعلق بقيام رئيسة المصلحة في المديرية العامة للأحوال الشخصية، وهي التابعة الى جهة سياسية مناوئة، بالتلاعب بقوائم الشطب بإدراج أسماء لمؤيدي خصمه وبإسقاط أسماء لمؤيديه فضلاً عن تأمين بطاقات الهوية للجهة المناوئة بسهولة في حين كانت معاملات مؤيديه تتعثّر، مع الاشارة الى ان أعمالها كانت مخالفة للقانون.

-وانه تمّ القبض في مطار بيروت الدولي على سيّدتين اقترعتا بواسطة جوازي سفر مزورين، وانه من المحتمل ان تكون هذه الواقعة معمّمة بحيث تؤثر في نتائج الانتخابات، طالباً من المجلس التحقيق لرصد كافة حالات التزوير.

-وانه جرى دفع أموال للناخبين وتمّ شراء أصوات، مسميا أحد مخاتير بيروت على انه كان وسيطاً في الأمر، وهو المختار أحمد بيضون.

ثالثاً: في أسباب الطعن.

على الأقوال المسرودة أعلاه بنى المستدعي طعنه محدداً أسبابه بخمسة هي:

1-مخالفة أحكام المادتين 68 و 73 من قانون الانتخابات بواسطة احدى المرجعيات الدينية.

2-مخالفة أحكام المادة 68 من قانون الانتخابات من قبل المطعون في نيابته والمؤسسات الاعلامية الحليفة له.

3-مخالفة أحكام المواد 79 و88 و90 من قانون الانتخابات من قبل رؤساء الأقلام في مدرسة علي بن ابي طالب عبر الضغط عليهم.

4-مخالفة قانون الانتخابات لجهة الاقتراع بجوازات سفر مزورة.

5-المخالفة المتمثلة بالقيام بأعمال نقل قيود نفوس بطريقة مريبة وغير مشروعة.

وتبين ان المطعون في صحة نيابته السيد ميشال فرعون قد تقدّم بلائحة ملاحظات ودفاع طالباً فيها رد الطعن شكلاً وأساساً مدلياً بالأسباب التالية:

‌أ-يطلب المستدعى ضده رد الطعن شكلاً:

-لعدم صحة التوكيل اذ ان مقدم الطعن قد نظم وكالة للمحامي موقع استدعاء الطعن قبل حصول الانتخابات، اي في وقت لم يكن فيه مقدم الطعن يتمتع بصفة المرشح الخاسر.

-لافتقار الطعن الى عناصر النزاع الانتخابي، اذ نوّه ان سبب طعنه هو " وضع حد لتضليل الشعب اللبناني"، وانه يطلب ابطال النتيجة في دائرة بيروت الأولى برمتها في فقرة المطالب، هذا فضلاً عن الالتباسات التي اعترت طلب الطعن اذ يرد الكلام أحيانا باسم اللواء عصام ابو جمرة ويرد الطلب أحيانا أخرى بإبطال نيابة النائبة نايلة تويني.

‌ب-وفي الأساس، يقول:

-ان العملية الانتخابية كانت جد سليمة بدليل ظهور الطاعن على شاشة المؤسسة اللبنانية للإرسال قبيل إقفال صناديق الاقتراع وتصريحه بأن التنافس في دائرة بيروت الأولى كان رياضياً وديمقراطياً.

-وان التعديل في لجان القيد لم يكن له أي تأثير في صحة الانتخاب وسلامته.

-وان بيان غبطة البطريرك الماروني جاء في صيغة عامة ومبدئية دون ذكر اي اسم او جهة سياسية، فضلاً عن ان لا علاقة للمطعون في نيابته بهذا البيان، ولا ثبوت او إثبات او دليل على وجود تأثير حاسم لهذا البيان في نتيجة الانتخابات.

-وانه لجهة مخالفة أحكام المادة 68 من قانون الانتخابات من قبل المطعون في نيابته، فانها ادعاءات بقيت دون إثبات، وعلى كلٍ فإنه كان في وسع الطاعن والتيار الذي ينتمي اليه ان يردا على الحملة الاعلامية المزعومة وان يسلكوا جميع السبل القانونية المتاحة.

-وفي ما خص المخالفات في مدرسة الامام علي بن ابي طالب فإنها لا تعدو كونها اشكالات عادية عولجت في حينه وتم بعد ذلك انتظام عملية الاقتراع دون اي اعتراض من قبل مندوب الطاعن.

-وان الاقتراع من قبل سيدتين بواسطة جوازي سفر مزورين، على فرض صحته، لا يعدو كونه حالة فردية لا تؤثر في النتيجة ولايجوز تعميمها، فضلا عن انه لا دليل على اقتراعهما لمصلحة المطعون في نيابته.

-وان الادعاء بوجود عمليات نقل قيود نفوس بصورة غير قانونية يخرج النظر فيه عن اختصاص المجلس الدستوري، ذلك ان نقل القيود هو من الأعمال التمهيدية يطعن في صحتها امام المراجع القضائية المختصة، كما انه لم يثبت ان النقل قد حصل بطريقة غير قانونية.

وفي هذا الصدد اورد المطعون في صحة نيابته جدولاً يتبين منه ان عدد الناخبين السنّة، وهم موضوع الشكوى، قد زاد 405 ناخبين بين العامين 2000و2005 وانه زاد \552\ ناخباً بين الأعوام 2005و2009، وعليه يكون الادعاء بالزيادة الكبيرة المؤثرة في النتائج في غير محله وغير صحيح.

-وأورد المطعون في نيابته جملة من الآراء والاجتهادات القانونية دعماً لما أدلى به، طالباً رد الطعن برمته شكلاً وأساساً.

وتبين ان المقررَين قد استمعا الى الفريقين، كما الى الشاهدين اللواء عصام ابو جمرة والمحامي جورج راغب حداد بموجب محضرين على حدة ضُمّا الى الملف،

وانهما استجوبا كلاً من الآنسة سوزان الخوري يوحنا، رئيسة مصلحة النفوس في وزارة الداخلية، والسيد وفيق نحيلي، الكاتب في دائرة نفوس بيروت، والمختار أحمد بيضون، مختار محلة الأشرفية، وذلك بموجب محاضر ضُمّت الى الملف،

وتبين من أقوال المستمعين ما يأتي:

- في أقوال مقدّم الطعن نقولا صحناوي.

وقد أفاد لدى الاستماع اليه انه استنتج استنتاجاً تدخل الأسماء المذكورة في الطعن في اصدار بيان غبطة البطريرك، بدليل انهم زاروه بعد قيامهم بزيارة السفارة الأميركية.

وانه يعتبر ان بيان غبطة البطريرك موجه ضده وضد التيار الذي ينتمي اليه كون هذا البيان يصب في الاتجاه نفسه الذي كانت الجهة المنافسة تعتمده في الحملة الانتخابية، بالرغم من ان البيان المحكي عنه لم يسمِ أحداً او يذكر اي جهة سياسية، مؤكداً انه كان لهذا البيان تأثير كبير على الناخبين.

- في أقوال الشاهد اللواء عصام أبوجمرة.

وقد روى قصة الاشكال الذي حدث في الغرفة رقم 5 في القلم رقم 39 الأشرفية، وعندما سئل عن تأثير هذا الاشكال على الاقتراع، اكتفى بالقول ان ما حصل كان غير قانوني.

- في أقوال سوزان الخوري يوحنا،

وقد نفت اي تحيّز او تصرّف غير قانوني من قبلها او حصول تدخل معها من أي مرجع،

ونفت حصول اي نقل قيود نفوس بطريقة غير قانونية مضيفة ان ازدياد عدد الناخبين مردّه الى اعادة النظر في القوائم الانتخابية في جميع الدوائر الانتخابية بعد ان تم اعتماد بطاقة الهوية وأجريت مقارنة بين قاعدة المعلومات الخاصة بالذين يحملون بطاقات الهوية وبين القاعدة العائدة للقوائم الانتخابية فتبين وجود عدد كبير لم ترد أسماؤهم في القائمة الانتخابية فتم إضافتها بعد التدقيق استناداً الى سجلات النفوس.

- في أقوال الشاهد وفيق نحيلي.

وقد أفاد أنه مكلّف بتنفيذ المعاملات المقترنة بموافقة وزير الداخلية ورئيس مصلحة النفوس، وانه كان يتأكّد من قانونية المعلومات.

- في أقوال المختار أحمد بيضون.

وقد نفى كل تهمة بالتوسّط في رشوة الناخبين وانه لا علم له بنقل قيود بصورة غير قانونية.

- في أقوال الشاهد جورج حداد.

وقد كرّر رواية الاشكال الذي حصل في القلم \39\ غرفة 5، اذا حضر برفقة اللواء عصام ابو جمرة، وأضاف انه جرى اتصال بالمرشح ميشال فرعون، المطعون في صحة نيابته، الذي حضر الى القلم وتمكن من اقناع النسوة بالخروج منه.

وتبين انه تم الاطلاع على المحضر الموضوع من هيئة القلم 39 غرفة 5، وعلى تقرير الهيئة المشرفة على الانتخابات وتقرير لجنة الخبراء بخصوص البيان الحسابي الشامل المقدم من المطعون في نيابته.

بنـــــاء علـى مـا تقــدّم

فـي الشـــكل

بما ان الانتخابات جرت في 7\6\2009 وأعلنت نتيجتها في 8\6\2009،

وبما ان الطعن الحالي ورد وسجّل في ديوان المجلس الدستوري في تاريخ 8\7\2009 برقم 12\و\2009، اي ضمن المهلة القانونية،

وبما ان الوكالة الصادرة عن مقدم الطعن الى وكيله قد تضمنت صلاحية "تقديم وتوقيع الطعون الانتخابية عند الإقتضاء" ولا مانع من إعطاء الوكالة في هذه الصيغة طالما ان الفشل في الانتخابات هو أمر احتمالي، وقد تحققت هذه الصفة لاحقاً،

وبما انه وان جاء في فقرة المطالب تحت بند " ثالثاً " طلب ابطال الانتخابات في دائرة بيروت الأولى دون اي تحديد، فانه في الفقرة " ثانياً " قد ورد صراحة طلب اعلان عدم صحة نيابة النائب ميشال فرعون، وبالتالي يكون النزاع موجهاً ضد النائب ميشال فرعون،

وعليه يكون الطعن مستوفياً جميع شروطه الشكلية، فينبغي قبوله شكلاً.

فـي الأســـاس

ان أسباب الطعن القانونية وهي كما مبينة سابقاً خمسة نبحث فيها تباعاً.

في السببين الأول والثاني

في مخالفة أحكام المادتين 68 و 73 من قانون الانتخابات بواسطة احدى المرجعيات الدينية.

وفي مخالفة أحكام المادة 68 من قانون الانتخابات النيابية من قبل المستدعى ضده والمؤسسات الاعلامية الحليفة له.

بما ان المستدعي يدلي بأن بيان غبطة البطريرك الماروني الصادر في 6\6\2009 يشكل وسيلة اعلان انتخابي سياسي للمستدعى ضده، لا بل كان وسيلة تخويف للمسيحيين من مغبة انتخاب المستدعي او مرشحي التيار الذي ينتمي اليه، وان المطعون في صحة نيابته قد استفاد من هذا البيان، لا بل شارك في اصداره "بطريقة إلتفافية" انما دون ان يحدد كيفية هذه المشاركة.

وبما انه برغم هذا الادلاء فإن الطاعن يسند طعنه الى مخالفة أحكام المادتين 68 و73 من قانون الانتخابات وليس الى مضمون البيان في ذاته، بل الى قيام وسائل الإعلام بنشره،

وبما ان المستدعي يدلي أيضاً بأن المستدعى ضده وبعض وسائل الإعلام قد خالفوا أحكام المادة 68 من قانون الانتخابات بقيامهم بشكل مستمر واضح لمدة 35 يوماً استمرّت حتى إعلان نتائج الاقتراع بحملات الترويج والإعلان الانتخابي عن طريق تنظيم المقابلات مع السياسيين مستعملين الشتائم والقدح والذم والتشهير وإطلاق الاتهامات والتحريض الطائفي والعنصري،

وبما ان المادتين 68 و 73 المشار اليهما ترتبان موجبات على وسائل الاعلام وليس على مصدر البيان او قائل الكلام، كما ترتب المادة 76 من قانون الانتخابات عقوبات تطال وسائل الاعلام المخالفة لأحكام هاتين المادتين دون ان ترتب اي مفاعيل على مصدر البيان او مطلق الكلام او حتى على المرشح المعني،

وبما انه لبحث مسؤولية المرشح عن اي بيان يصدره او عن اي كلام يطلقه اي مواطن، في حال استفادة المرشح من هذا الكلام، ينبغي التفريق بين الادلاء برأي سياسي او قول يتناول شأناً من شؤون المجتمع وحياة الأفراد، وذلك في صيغة وصورة مبدئية، وبين القول، سواء كتابة او شفاها، ويتناول مرشحا بالذم او القدح او التحقير، او يتضمن كل ما هو ممنوع قانونا،

وبما ان الانتخابات النيابية هي، او يفترض ان تكون، ساحة نقاش ومجال منافسة سياسية بين مبادئ وأفكار وبرامج وطموحات تمس حياة المواطنين، والكلام في هذه الأمور مكفولة ومصانة حريته بمقتضى أحكام المادة الثالثة عشرة من دستور لبنان،

وبما انه والحالة هذه لا يمكن ولا يجوز اعتبار المرشح مسؤولاً عن بيان أو قول يصدر عن مواطن لبناني، أياً يكن هذا المواطن، في إطار ما كفل حريته الدستور،

وبما انه لا يمكن اسناد اي مخالفة في هذا الصدد الى المستدعى ضده، وعلى افتراض انه استفاد من هذا البيان، فضلاً عن انه لم يثبت في الملف وجود مثل هذه الاستفادة وعبء إثباتها يقع على عاتق المستدعي،

وبما انه لا دليل ولا إثبات على صحة ما يدلي به المستدعي من "مشاركة  إلتفافية " للمستدعى ضده في اصدار البيان المنوه عنه،

وبما انه من ناحية أخرى لم يقدم المستدعي الدليل او بدء الدليل على قيام المستدعى ضده بمخالفة أحكام المادة 68 من قانون الانتخابات. فضلاً عن ان هذه المادة تسري على وسائل الاعلام وليس على المرشح نفسه،

وبما انه في كل حال فإنه كان بوسع المستدعي ان يرد على أقوال المستدعى ضده، وقد تبين من الملف انه قام بذلك،

وبما انه على فرض ان المستدعى ضده قد تجاوز في كلامه باستعمال تعابير خارجة عن نطاق ما هو واجب، فإن هذا الأمر كان مشتركاً بين الفريقين كما تبين من الملف، الأمر الذي يجعل من هذه المخالفات معطّلة لبعضها كما استقرّ عليه الاجتهاد الدستوري،

وبما انه تبعاً لما تقدّم ينبغي رد هذين السببين.

السبب الثالث: في مخالفة أحكام المواد 79 و88 و90 من قانون الانتخاب من قبل رؤساء الأقلام في مدرسة الامام علي بن ابي طالب نتيجة ضغط عليهم.

بما ان مقدم الطعن أدلى بأن المخالفات التي حصلت في الغرفة 5 القلم 39 الأشرفية، تؤدي الى إعلان عدم قانونية الاقتراع في هذا القلم،

وبما ان رئيس هيئة القلم دوّن على المحضر حصول إشكال تمّت معالجته ودون ان يسجل مندوب الطاعن اي اعتراض،

وبما ان التحقيق المجرى من قبل المقررين بيّن ان الأمرلا يعدو كونه إشكالاً عالجه وزير الداخلية فعاد مجرى الاقتراع الى الإنتظام، وبالتالي لا مجال لاعتبار هذا الإشكال مؤثراً في إرادة الناخبين أو في نتيجة الإقتراع،

وعليه، ينبغي رد هذا السبب الثالث أيضا.

السبب الرابع: في الاقتراع بجوازات سفر مزوّرة.

بما أن الطاعن يدلي أنه حصلت واقعة تزوير إذ انتخبت سيدتان سنداً لجوازي سفر مزوّرين،

وبما أنه لا يمكن استناداً الى هذه الواقعة تعميم وجود التزوير الذي لا دليل عليه.

وبما ان طلب الطاعن قيام المقررَين بالتحقيق في هذا الأمر لبيان مدى انتشار التزوير. هو طلب غير واقعي وغير منطقي اذ يقتضي التحقيق في هوية كامل الهيئة الناخبة.

وبما أن لا تأثير لاقتراع سيدتين بجوازي سفر مزوّرين على نتيجة الانتخاب.

لذلك ينبغي رد هذا السبب.

السبب الخامس: نقل قيود النفوس الى دائرة بيروت الاولى بصورة غير قانونية.

بما أن الطاعن يعرض أن عمليات نقل قيود النفوس وتبديل مكان الإقامة لأفراد الطائفة السنيّة قد تمّت بشكل غير قانوني ممّا أثّر على نتيجة الاقتراع.

وبما أن التحقيق لم يثبّت وجود أي نقل قيود غير قانوني، بل تبين ان الزيادة في العدد ناشئة عن إعادة النظر في القوائم الانتخابية على أسس جديدة كما هو مبين في عرض الوقائع.

وبما انه في كل حال فإن الإجتهاد الدستوري مستقر على ان أعداد القوائم الانتخابية والأخطاء التي تقع فيها هو أمر لا يدخل النظر فيه ضمن اختصاص المجلس الدستوري الا اذا رافقه أو شابته عوامل غش وتزوير.

وبما أن مثل هذه الأمور لم تثبت ولم يقدّم الطاعن أي دليل على حدوث أي منها، مع أن عبء الأثبات يقع عليه،

وبما ان المقترعين السنّة في الدائرة الأولى كان يبلغ 2187 في انتخابات سنة 2005 وقد بلغ 3145 في انتخابات 2009 بحيث تكون الزيادة في هذه الفترة بالغة 958 مقترعاً،

وبما أنه على فرض أن الزيادة هذه جاءت كلها نتيجة نقل قيود بصورة غير قانونية، وذلك مجرد افتراض، وتمّ حسم هذه الزيادة من النتيجة، فلا يكون من تأثير لها في نتيجة الانتخاب النهائية ذلك ان الفارق في الأصوات بين الفائز والخاسر بلغ 3012 صوتاً.

وعليه ينبغي رد هذا السبب ايضاً.

وأخيرا قد اشار الطاعن في عرضه الوقائع الى حصول أعمال رشوة وشراء أصوات، الا انه لم يعتمد هذا سببًا للطعن ولم يورده ضمن الأسباب التي عددها.

وبما أن هذا القول بقي مجرد ادّعاء لم يقم عليه أي دليل ولم يقدّم الطاعن أي اثبات عليه.

وبما أن المختار أحمد بيضون نفى لدى استجوابه، الأمر جملةً وتفصيلاً، فعليه ينبغي إهمال هذا الادعاء.

لــــــــــــــهذه  الأســــــــــــــباب

وبعد المداولــــة

يقرر المجلس الدستوري بالإجماع

أولاً: في الشكل

قبول المراجعة شكلاً لورودها ضمن المهلة مستوفية لشروطها القانونية.

ثانياً: في الأساس

رد المراجعة أساساً.

ثالثاً: ابلاغ هذا القرار الى المراجع المختصة والمستدعي.

رابعاً: نشر هذا القرار في الجريدة الرسمية.

قـراراً صـدر في 25\11\2009.