قرار رقم 19\97
قرار رقم 19\1997
تاريخ 17\5\1997
روبير غانم \ هنري شديد
المقعد الماروني في منطقة قضاء البقاع الغربي وراشيا (دائرة محافظة البقاع)، انتخابات 1996
رقم المراجعة: 22\96
المستدعي: روبير اسكندر غانم، المرشح المنافس الخاسر عن المقعد الماروني في منطقة قضاء البقاع الغربي وراشيا (دائرة محافظة البقاع الانتخابية)، في دورة العام 1996 لانتخابات مجلس النواب.
المستدعى ضده: هنري شديد، المعلن فوزه عن المقعد المذكور.
الموضوع: الطعن في صحة إنتخاب المستدعى ضده.
إن المجلس الدستوري
الملتئم في مقره بتاريخ 17\5\1997، بحضور نائب الرئيس محمد المجذوب، والأعضاء السادة: جواد عسيران، أديب علاّم، كامل ريدان، ميشال تركيه، بيار غناجه، سليم العازار، أنطوان خير، خالد قباني.
بعد الإطلاع على ملف المراجعة وتقرير العضوين المقررين.
بما أن المستدعي، السيد روبير غانم، المرشح الخاسر عن المقعد الماروني في منطقة قضاء البقاع الغربي وراشيا (دائرة محافظة البقاع الانتخابية)، في دورة العام 1996 لانتخابات مجلس النواب، قد تقدم بتاريخ 16\10\1996، بمراجعة إلى المجلس الدستوري، سجلت في القلم تحت الرقم 22\96، يطلب فيها إعلان عدم صحة نيابة المستدعى ضده، السيد هنري شديد، واعتبار انتخابه باطلاً وتصحيح النتيجة وإعلان فوز المستدعي بالمعقد الماروني في منطقة قضاء البقاع الغربي وراشيا، وإلا، استطراداً، إجراء انتخابات جديدة محصورة بالمركز الشاغر نتيجة لهذا الإبطال.
وبما أن المستدعي أشار، في مراجعته، إلى الملابسات التي اكتنفت المعركة الانتخابية في محافظة البقاع، وإلى "المؤامرة الكبيرة التي اشترك فيها بعض حلفائه مع بعض أجهزة السلطة المحلية"، والتي استهدفت شطب اسمه بغية اسقاطه في الانتخابات، كما أشار إلى الشوائب والمخالفات التي رافقت العملية الانتخابية.
وبما أن الاقتراع في محافظة البقاع جرى نهار الأحد في 15\9\1996، ومدد موعد إقفال بعض الأقلام حتى الساعة السابعة مساءً بدلاً من الخامسة، وامتدت عمليات الفرز حتى يوم الاثنين، وأعلن في وسائل الاعلام، بالاستناد إلى مصادر رسمية ومصادر المرشحين، فوز المستدعي بفارق 370 صوتاً على منافسه، على أساس نيله 69076 صوتاً، مقابل 68706 صوتاً لمنافسه.
وبما أنه لأسباب مجهولة، تأخر، حتى الساعة العاشرة من صباح الثلاثاء في 17\9\1996، إعلان النتائج الرسمية من قبل وزارة الداخلية بسبب ما قيل عن وجود أخطاء وإشكالات تستدعي إعادة الفرز والجمع، وتبين، بنتيجتها خسارة المستدعي باحتساب 67240 صوتاً له، وإعلان فوز منافسه بأغلبية 68510 صوتاً، أي بفارق 1270 صوتاً.
وبما أن المستدعي قد أدلى في مراجعته بالأسباب التي دعته إلى تقديم الطعن وملخصها:
1- مخالفات قانونية تتعلق بعمليات الفرز وقيد النتائج
بما أن المستدعي أدلى بأن لجنة القيد المنصوص عليها في المادة 14 من قانون الانتخاب قد خالفت النصوص القانونية المبينة في المادتين 54 و58 من هذا القانون، التي يعتبرها اجتهاد المجلس الدستوري الفرنسي من الأصول الجوهرية التي يترتب على مخالفتها بطلان نتائج الاقتراع في الأقلام التي لم تراع فيها تلك الأصول. ومن هذه المخالفات:
أ-احتساب نتائج أقلام دون الاستناد إلى أي محضر أو أي إعلان نتيجة. وقد حدث ذلك في حوالي خمسين قلم اقتراع في منطقة بعلبك – الهرمل.
ب-احتساب لجنة القيد نتائج أقلام بالاستناد إلى محاضر وإعلان نتائج غير موقعة.
ج-احتساب لجنة القيد نتائج أقلام بالاستناد إلى محاضر غير منظمة حسب الأصول، أو بالاستناد إلى محاضر لا تتضمن أسماء جميع المرشحين والأصوات التي نالها كل منهم، أو بالاستناد إلى محاضر موقعة على بياض، أو بالاستناد إلى بيان أصوات أو ملحق لمحضر لا يعرف من وقعه، ودون أن يكون هناك محضر رسمي منظم وموقع حسب الأصول.
د-احتساب لجنة القيد نتائج أقلام وصلت في مغلفات مفتوحة، وكان المستدعي قد قدم اعتراضاً بشأنها لم تأخذ به لجنة القيد المركزية، بل احتسب نتائج هذه الأقلام خلافاً لما قررته لجان القيد.
ه-احتساب لجنة القيد المركزية نتائج أقلام وإعلان النتيجة رسمياً دون أن تكون قد تسلمت المحاضر المتعلقة بها.
و-إغفال قراءة اسم المستدعي لدى إجراء عمليات الفرز في بعض الأقلام ومنع المندوبين من ممارسة الرقابة على قراءة الأسماء، خلافاً للمادة 45 من قانون الانتخاب.
2- مخالفات قانونية أخرى رافقت سير العملية الانتخابية.
3- القيام بأعمال غش وخداع تستهدف إغفال اسم المستدعي.
وبما أن المستدعي طلب، في ختام مراجعته، اتخاذ التدابير والاجراءات اللازمة للتحقيق، ومن ثم إبطال انتخاب المطعون في صحة نيابته، وإعلان فوز المستدعي عن المقعد الماروني في منطقة البقاع الغربي وراشيا.
وبما أن المستدعى ضده قد تقدم من المجلس، بتاريخ 30\10\1996، بلائحة جوابية عرض فيها أنه، انطلاقاً من التأييد الشعبي الواسع، ترشح عن المقعد الماروني في المنطقة المذكورة. وأدت الانتخابات إلى فوزه بـ 68510 صوتاً، فقد طلب ردّ الطعن لعدم جدية الوقائع التي عرضها المستدعي وعدم قانونيتها، وأدلى بالحجج التالية:
1-إن نتائج الأقلام التي ذكرها المستدعي قد احتسبت وفقاً للأصول، ولم يقدم المستدعي مستندات تثبت صحة مزاعمه، ولم يرد في القانونين 250\93 و516\96، الخاصين بالمجلس الدستوري ما يجيز، أولاً إبطال نتائج أقلام لم تراع فيها الأصول لعدم وجود محضر أو إعلان نتيجة، وما يجيز، ثانياً، إعلان عدم صحة النيابة، كما أنه لم يرد في قانون الانتخاب أي نص يشير إلى ابطال الانتخاب بالاستناد إلى النتائج المترتبة على مخالفة هذه الأصول.
2-إن المستندات التي أرفقها المستدعي، في مراجعته، بعضها غير نهائي وغير كامل، وبعضها الآخر مجرد صور عنها لا تثبت شيئاً، كما أن قانون الانتخاب لا ينص صراحة ولا ضمناً على الغاء النتائج أو المحاضر إن لم تكن مستوفية الشروط القانونية، بل نص على عقوبة مالية في حال حصول مخالفات لاحكامه.
3-إن صلاحية لجنة القيد تنحصر في إعلان نتيجة الانتخاب بعد فرز الأصوات ولا تشمل مراقبة المغلفات. ولم يدون في محضر لجنة القيد النهائي أية ملاحظة في هذا الصدد.
4-إن ما نسبه المستدعي إلى المستدعى ضده من أعمال رشوة ليس سوى إدعاء باطل يفتقر إلى الاثبات والسند القانوني.
5-ليس للمستدعى ضده أية علاقة بما جرى من استبدال أسماء في لوائح المرشحين.
6-إن المستندات التي أبرزها المستدعي ما هي إلا مجرد صور. وهو لم يقدم وثائق بالنسبة إلى أكثر من الاتهامات والادعاءات الباطلة التي أوردها. وخلافاً لما أدعاه من أن نتائج الأقلام التي اعتبرها غير قانونية لافتقارها إلى المحاضر، فإنها موجودة في حوزة المجلس الدستوري.
وبما أن المستدعى ضده انتهى إلى طلب ردّ الطعن المقدم من المستدعي.
وبما أن المقررين استمعا إلى الفريقين، وأجريا التحقيقات اللازمة من استماع إلى الشهود، والتدقيق في السجلات والقيود والوثائق، ومراجعة محاضر الاقتراع على مختلف أشكالها، ومطابقة نتائجها مع النتائج المدونة في سجلات لجان القيد القضائية، وإعادة فرز الأصوات وجمعها من جديد.
فبناء على ما تقدم
أولاً – في الشكل
حيث أن المراجعة مقدمة ضمن المهلة ومستوفية شروطها القانونية، فهي مقبولة شكلاً.
ثانياً – في الأساس
حيث أن المستدعي يطلب إعلان عدم صحة نيابة المستدعى ضده واعتبار انتخابه باطلاً، ومن ثم تصحيح النتيجة وإعلان فوز المستدعي في الانتخابات عن المقعد الماروني في منطقة البقاع الغربي وراشيا، وإلا إجراء انتخابات جديدة محصورة بالمركز الشاغر نتيجة هذا الابطال.
وحيث أن المستدعى ضده يطلب، من جهته، ردّ الطعن بدعوى أن أقوال المستدعي بقيت مجرد مزاعم وادعاءات غير مثبتة بالأدلة.
وحيث أنه، وإن كان المجلس الدستوري يتمتع، في الطعون الانتخابية بصلاحية التحقيق، وكانت أصول المحاكمات المتبعة لديه هي أصول استقصائية توليه سلطة واسعة في التحقيق، فإن ذلك لا يخل بالقاعدة العامة التي تلقي على عاتق المدعي، مبدئياً، عبء إثبات ما يدعيه، أو على الأقل تقديم بينة أو بداية بينة، أو إثبات تقدمه باعتراض على المخالفات التي يدعيها إلى رئاسة قلم الاقتراع أو إلى لجنة القيد.
وحيث أن المجلس الدستوري لا يسعه الاعتداد بالادعاءات والأقوال التي يدلي بها المتنازعون إذا لم تتصف بالدقة الكافية، ولا يسعه التوقف عند الاتهامات ذات الطابع العام أو غير المؤيدة ببينة أو بداية بينة.
وحيث أن أقوال المستدعي، في ما يدعيه من أخطاء في لوائح الشطب أو من مخالفات تناولت اقتراع المتوفين والمسافرين، أو انتخاب أشخاص مكان آخرين، أو عدم استعمال المعزل، أو وجود تزوير في إخراجات القيد، أو أعمال رشوة، بقيت أقوالاً مجردة من كل إثبات، كما أنه لم يتبين من التحقيق وجود اي اعتراض بشأنها في محاضر الاقتراع.
وحيث أن التأخير في إعلان نتائج الانتخابات من 15\9\1996، إلى 17 منه لا يعتبر أمراً غير عادي من شأنه إبطال هذه النتائج، وذلك بالنظر إلى الصعوبات التي ترافق عادة عمليات فرز الأصوات وجمعها التي تتم بالطرق اليدوية، وطالما أنه لم يثبت أن هذا التأخير كان مقصوداً بغرض التلاعب بنتائج الانتخاب.
وحيث أنه لا يمكن الركون إلى النتائج التي أعلنت في وسائل الإعلام وجاءت لمصلحة المستدعي، لأنها لم تصدر عن جهة رسمية ذات صلاحية، ولأنها أعلنت في وقت لم تكن فيه لجنة القيد العليا قد فرغت من فرز الأصوات، وإن كانت قد استندت، كما تبين من التحقيق، إلى النتائج المؤقتة الصادرة عن أقلام الاقتراع.
وحيث أن ما يحصل عليه المرشحون أو بعض الجهات من معلومات أو نتائج من أقلام الاقتراع لا يعتد به لأن ذلك يعتبر نتائج مؤقتة، وفقاً للمادة 57 من قانون الانتخاب، وهي قد تشكل قرينة تساهم مع غيرها، في تكوين قناعة المجلس حول نتائج الانتخاب.
وحيث أن المجلس عمد إلى اجراء تحقيق واسع في المخالفات المدلى بها، وقام بالكشف على جميع محاضر الانتخاب ومختلف المستندات والوثائق التي تتناول عمليات الاقتراع، وتولى التدقيق فيها وفي أسماء المرشحين والأصوات التي حصل عليها كل مرشح لمعرفة ما إذا كانت قد نظمت وفقاً للأصول.
وحيث أن المجلس تولى، أيضاً، إعادة التدقيق في الأصوات لمعرفة مدى مطابقة محاضر الانتخاب والنتائج الواردة فيها مع البيانات التي نظمتها لجان القيد في محافظة البقاع، وأعاد جمع الأصوات، ثم دقق في النتائج المدونة في محضر لجنة القيد العليا، وقام بمطابقة أرقامها مع الأرقام الواردة في بيانات لجان القيد البدائية.
وحيث أنه تبين للمجلس وجود مخالفات عديدة وفادحة لقانون الانتخاب في تنظيم المحاضر، ومنها وجود محاضر موقعة على بياض لا تتضمن أسماء المرشحين، أو تحتوي على أسمائهم دون أن تكون موقعة، أو غير موقعة وفقاً للأصول، ووجود بيانات فرز غير موقعة ولا تتضمن اسم البلدة ولا رقم قلم الاقتراع، ووجود ملاحق، تتضمن أسماء بعض المرشحين مع الأصوات التي حصلوا عليها، ولكن دون توقيع ودون إشارة إلى رقم القلم أو اسم البلدة.
وحيث أن هذه المخالفات الجسيمة والإهمال الخطير في تنظيم محاضر الانتخاب وبيانات فرز الأصوات تنبىء بوجود خلل كبير في إدارة المرفق الانتخابي عموماً وفي تنظيم عمليات الاقتراع خصوصاً، في محافظة البقاع، وفي الإعداد لها الإعداد اللازم من قبل وزارة الداخلية، لا سيما لجهة تدريب الموظفين على كيفية إجراء العمليات الانتخابية وأصولها، ومراعاة أحكام القانون في تنظيم المحاضر وتوفير وسائل العمل الملائمة لكي تأتي العملية الانتخابية خالية من الشوائب ومعبرة عن إرادة الناخبين تعبيراً سليماً.
وحيث أن المجلس لا يتوانى عن إبطال نتائج الانتخاب أو عدم احتساب الأصوات في أقلام الاقتراع عندما تؤدي المخالفات، بالنظر إلى فداحتها، إلى عدم تمكين المجلس من ممارسة رقابته، أو عندما تكشف هذه المخالفات عن وجود تلاعب في محاضر الانتخاب، أو عندما تكون ناشئة عن الإهمال في ضبط هذه المحاضر.
وحيث أن المجلس، بما له من حق التقدير، يعتبر هذه المخالفات، من جهة، مخالفات خطيرة للقانون، لا سيما للمادتين 54 و58 من قانون الانتخاب، وتجعله، من جهة ثانية، غير مطمئن إلى سلامة ونزاهة عمليات الاقتراع في بعض الأقلام، وتؤثر تأثيراً حاسماً في نتيجة الانتخاب، وتدفعه إلى الحكم ببطلانها، وبالتالي بعدم احتساب النتائج التي تضمنتها محاضر الانتخاب وبيانات الأصوات، سواء أكان ذلك بالنسبة إلى المدعى عليه، أم بالنسبة إلى المدعي.
وحيث أن نتائج بعض المحاضر وبيانات الفرز جاءت، كلياً أو جزئياً، غير صحيحة وتستوجب الإبطال بالنسبة إلى كل من الفريقين، وبالتالي عدم احستاب نتائجها.
وحيث أنه، في قضايا الانتخاب، لكل مراجعة من المراجعات خصوصيتها وظروفها التي تختلف عن غيرها، واقعاً وموقعاً وتأثيراً، بحيث لا يمكن إحداها أن تنحسب بالضرورة، بنتائجها، على الأخرى، وإن تشابهت في خطوطها العريضة، ويبقى للمجلس حق التقدير وتحديد النتائج بالنسبة إلى ظروف كل قضية، وفي ضوء ما يتوافر لديه من عناصر التقدير التي تؤدي إلى تكوين قناعته.
وحيث أنه، إذا كان قانون إنشاء المجلس الدستوري والقانون المتعلق بنظامه الداخلي يعطيانه صلاحية إعلان عدم صحة نيابة النائب المطعون في انتخابه، واعتبار انتخابه باطلاً، ومن ثم إعلان فوز المرشح الحائز الأغلبية التي تؤهله للنيابة، فإنه لا يمتنع عليه إبطال الانتخاب، بدلاً من تصحيح النتيجة، عندما يتحقق من وجود مخالفات جسيمة من شأنها التأثير في حرية الانتخاب ونزاهته، في حال عدم تمكنه، بصورة دقيقة وقاطعة، من إحصاء عدد الأصوات المشوبة بعيوب جسيمة، لا سيما مع وجود فارق ضئيل في الأصوات.
وحيث أنه يقتضي إعلان عدم صحة نيابة النائب هنري شديد وإبطال نيابته.
لــــــــــــــهذه الأســــــــــــــباب
وبعد المداولة
يقرر المجلس الدستوري بالإجماع
أولاً – في الشكل
قبول الطعن لوروده ضمن المهلة مستوفياً جميع الشروط القانونية.
ثانياً – في الأساس
1-إعلان عدم صحة نيابة النائب هنري شديد وإبطال نيابته.
2-إبطال الانتخاب في دائرة محافظة البقاع الانتخابية عن المقعد الماروني قي قضاء البقاع الغربي وراشيا وإعادة اجرائه وفقاً للأصول.
3-إبلاغ هذا القرار إلى رئيس مجلس النواب ووزارة الداخلية وأصحاب العلاقة.
4-نشر هذا القرار في الجريدة الرسمية.
قراراً صدر في السابع عشر من شهر أيار 1997.