قرار رقم 14\97
قرار رقم 14\1997
تاريخ 17\5\1997
أنطونيوس سعد وأميل شحادة \ ابراهيم دده يان
المقعد الإنجيلي في دائرة محافظة بيروت، انتخابات 1996
رقم المراجعة: 16\96
المستدعيان: أنطونيوس فيكتور سعد، وأميلإبراهيم شحادة، المرشحان المنافسان الخاسران عن المقعد الإنجيلي في دائرة محافظة بيروت، في دورة العام 1996 لانتخابات مجلس النواب.
المستدعى ضده: ابراهام دده يان، المعلن فوزه عن المقعد المذكور.
طالب التدخل: فؤاد نجيب عيسى، المرشح المنافس الخاسر عن المقعد المذكور.
الموضوع: الطعن في صحة انتخاب المستدعى ضـــده.
إن المجلس الدستوري
الملتئم في مقره بتاريخ 17\5\1997، بحضور نائب الرئيس محمد المجذوب، والأعضاء السادة: جواد عسيران، أديب علاّم، كامل ريدان، ميشال تركيه، بيار غناجه، سليم العازار، أنطوان خير، خالد قباني.
بعد الإطلاع على ملف المراجعة وتقرير العضوين المقررين.
بما أن المستدعي، السيد أنطونيوس فيكتور سعد، المرشح المنافس الخاسر عن المقعد الإنجيلي في دائرة محافظة بيروت، في دورة العام 1996 لانتخابات مجلس النواب، قد تقدم من المجلس الدستوري، في 28\9\1996، بمراجعة سجلت في القلم تحت الرقم 16\96، يطعن بموجبها في صحة انتخاب السيد ابراهام دده يان، المعلن فوزه عن المقعد المذكور في الانتخابات التي جرت في محافظة بيروت في 1\9\1996، مدلياً بأسباب تتعلق بمخالفة بعض مواد قانون الانتخاب لجهة اجراء تغيير في بعض الأقلام، واستبدال بعض الأسماء، ووجود لوائح ومحاضر غير موقعة، وارتكاب أعمال غش وتزوير ورشوة وشراء أصوات، وبأسباب تتعلق بالعملية الانتخابية لجهة تأخر وصول بعض الصناديق، ووجود مغلفات مفتوحة، وتواجد عناصر أمنية في معظم الأقلام.
وبما أن المستدعي انتهى إلى القول بأن وزارة الداخلية رفضت تسليمه الوثائق والمستندات التي تثبت جميع هذه المخالفات، وطلب إلى المجلس الدستوري إجراء التحقيقات اللازمة وسماع الشهود والتدقيق في القيود، ثم إبطال النتيجة النهائية لكل من الفريقين وإعلان فوز طالب الطعن.
وبما أن السيد اميل ابراهيم شحادة تقدم، بدوره، بمراجعة سجلت في القلم بتاريخ 2\10\1996، تحت الرقم 16\96، يطلب فيها، بعد تقرير إدخال السيدين أنطونيوس سعد وفؤاد عيسى، إبطال صحة نيابة السيد ابراهام دده يان لمخالفتها بعض المبادئ، وإعلان شغور المقعد النيابي المحدد للانجيلي، تمهيداً لاتخاذ السلطة قراراً بإجراء دورة فرعية لملء المقعد الشاغر.
وبما أنه يذكر أنه ترشح والسيدين أنطونيوس سعد وفؤاد عيسى عن المقعد الإنجيلي، كما ترشح عنه وفاز به الأرمني الإنجيلي، السيد دده يان، نتيجة طلب ترشيح مخالف لمبادئ وثيقة الوفاق الوطني وأحكام الدستور وقوانين الانتخاب.
وبما أن المستدعي، السيد شحاده، يرى أن القانون خص أبناء الطائفة الانجيلية بمقعد نيابي لكي يمثلوا سياسياً ونسبياً، أسوة بالمذاهب الاثنية الأخرى بحيث لا يمكننا القول بأن الأرمني الإنجيلي يمكنه أن يترشح عن المقعد الإنجيلي، لأنه يحرم الإنجيليين من التمثيل السياسي والنسبي، إنما يمكنه أن يترشح عن مقعد الأقليات، علماً بأن كنيسة الأرمن الإنجيليين مستقلة عن الكنيسة الإنجيلية الوطنية وتمارس شعائرها الدينية وفق طقوسها الخاصة، كما أن الطائفة الأرمنية الإنجيلية لها مرجعيتها في محاكم أرمنية خاصة بها لا تقبل إلا اللغة الأرمنية للمرافعة أمامها مع الإشارة إلى أن عدد المواطنين من فئة الإنجيليين يربو على الخمسين ألف شخص، في حين أن عدد المواطنين من الأرمن الإنجيليين لا يتعدى الستة آلاف شخص. وليس في وسع السيد دده يان أن يمثل الإنجيليين سياسياً لأن الأرمن يجتمعون في كتلة سياسية واحدة في الوقت الذي لا يجتمع فيه نواب طائفة معينة أو نواب قضاء معين أو محافظة معينة في كتلة سياسية واحدة. وهذا بالإضافة إلى أن قانون الانتخاب يقسم المقاعد النيابية بالتساوي بين الطائفتين المسيحية والإسلامية ثم يجري تقسيم المراكز في كل طائفة وفق تقسيم مذهبي إثني، بحيث لا يمكن الكاثوليكي أن يحل محل الأرمني الكاثوليكي، والعكس صحيح، وهذا القانون هو قانون استثنائي خاص مسند إلى المعطيات التاريخيه والسياسية والاجتماعية، ولا يجوز التوسع في تفسيره بالسماح للإنجيلي الأرمني بالترشح عن المقعد الإنجيلي. وقيود الأحوال الشخصية فرقت الإنجيلي أو البروتستانتي عن الأرمني البروتستانتي، مما يؤكد أن المقعد المحدد بقانون الانتخاب هو مقعد الإنجيلي أو البروتستانتي وليس مقعد الأرمني البروتستانتي.
وبما أن السيد فؤاد نجيب عيسى تقدم من هذا المجلس، في 16\10\1996، بطلب تدخل في المراجعة المقدمة من المعترض، السيد شحادة، طاعناً في صحة نيابة السيد دده يان، بدءاً بالأعمال التمهيدية وانتهاء بإعلان النتيجة، متبنياً أسباب الطعن الواردة في مراجعة المعترض، وملاحظاً أن له المصلحة والصفة اللازمتين للتدخل في استدعاء الطعن، باعتبار أنه ترشح للانتخابات عن المقعد الإنجيلي في دائرة محافظة بيروت واستمر في ترشيحه وتنافس مع المرشحين الآخرين على المقعد النيابي ذاته، فيقتضي بالتالي قبول طلب التدخل.
وبما أن المستدعى ضده، السيد دده يان، تقدم من المجلس، بتاريخ 14 و16 و31 تشرين الأول 1996، بثلاث لوائح جوابية أوضح فيها أنه ترشح عن المقعد الإنجيلي ونال 52372 صوتاً، وحل المرشح الطاعن، أنطونيوس سعد ثانياً ونال 15901 صوت، ونال المرشح الثالث، فؤاد عيسى 10898 صوتاً، ونال المرشح الرابع، أميل شحادة 1083 صوتاً.
وبما أن المستدعى ضده طلب رد الطعون الموجهة ضد نيابته شكلاً، وإلا فأساساً مدلياً بالأسباب التالية:
1-رد المطالب الواردة في الطعن المقدم من السيد أنطونيوس سعد:
أ-رد استدعاء الطعن للفارق الكبير في الأصوات الذي بلغ 36471 صوتاً بينه وبين السيد سعد.
ب-دحض المخالفات المدلى بها لقانون الانتخاب.
ج-عدم ثبوت حصول أعمال غش وتزوير واقتراع أشخاص عن آخرين.
د-عدم ثبوت وجود مغلفات مزورة في صناديق الاقتراع.
ه-حصول أعمال الفرز بصورة دقيقة وسليمة.
2-رد المطالب الواردة في الطعن المقدم من السيد أميل شحادة:
أ-عدم توافر صفة "المرشح المنافس الخاسر" في الطاعن، لأنه أتى في المرتبة الثالثة في المنافسة على المقعد الإنجيلي.
ب-ارتكاز الطاعن على سبب وحيد، هو أن الإنجيلي الأرمني ليس إنجيلياً. وهذا السبب يتعلق بالأحوال الشخصية. وللمجمع الأعلى للطائفة الإنجيلية وحده حق المراجعة في صحة الأحوال الشخصية.
ج-عدم إرفاق إيصال الترشيح في استدعاء الطاعن.
د-عدم جواز إدخال أشخاص ثالثين في المحاكمة أمام المجلس الدستوري.
ه-تحديد الطوائف الدينية المعترف بها قانوناً في نظام الطوائف الدينية الصادر بالقرار 60 ل.ر، في 13\3\1936، والمعدل بالقرار 146 ل.ر، في 18\11\1938، ومنها الكنيسة البروتستانتية. كما أن قانون 2\4\1951 عاد وعدد هذه الطوائف وحدد صلاحيات المراجع المذهبية للطوائف المسيحية، وأورد من بينها الطائفة الإنجيلية. وهذا يثبت وجود طائفة إنجيلية واحدة معترف بها كطائفة ذات نظام شخصي. وقد قدمت هذه الطائفة للسلطات المختصة، استجابة لهذا القانون، القوانين التي ترعى شؤونها الدينية والأحوال الشخصية وأصول المحاكمات لديها في ما يسمى "نظام المجمع الأعلى للطائفة الإنجيلية في لبنان".
و-إن المجمع الأعلى للطائفة يتألف من مندوبين عن جميع الكنائس والفرق الإنجيلية في لبنان، وعددهم ثلاثون. والإنجيليون الأرمن يشاركون فيه بثمانية أعضاء. والكنيسة الأرمنية تابعة للمجمع الأعلى للطائفة الإنجيلية، الذي يتولى رئيسه تمثيل الطائفة أمام السلطات الرسمية. والطائفة الإنجيلية واحدة، وذات قانون واحد يخضع له جميع التابعين لها من عرب وسريان وفينيقيين وأرمن.
ز-إن قيود الإدارات الرسمية تدرج أحياناً على مذهب الأرمني الإنجيلي "بروتستانت" فقط، وذلك لعدم وجود طائفة أرمنية بروتستانتية، وتدرج في أحيان أخرى "أرمن بروتستانت". وتأكيد لذلك فإن المرشح الإنجيلي، أنطونيوس سعد، مدرج اسمه على لائحة " أرمن بروتستانت". والاعتراض الذي يقدمه المستدعي هو اعتراض سياسي وشخصي وعرقي وليس قانونياً.
ح-إن الطائفة الإنجيلية في لبنان واحدة ينتمي إليها عدد من اللبنانيين من عروق مختلفة، والإنجليون الأرمن هم من الطائفة الإنجيلية في لبنان، ولا طائفة خاصة بهم، وليسوا من الأقليات.
3-رد طلب التدخل المقدم من السيد فؤاد نجيب عيسى:
أ-لا يجوز المخاصمة أمام المجلس الدستوري إلا بطلب طعن أصلي، وليس بطلب تدخل، وضمن شروط حددها القانون حصراً، كما حدد حصراً الأشخاص الذين يجوز لهم مراجعة المجلس.
ب-عدم توافر صفة "المرشح المنافس الخاسر" في المتدخل.
ج-إن طلب التدخل يعد تدخلاً أصلياً لا يجوز التقدم به خارج مهلة الثلاثين يومــــاً المحددة في المادة \24\ من القانون 250\93، وإلا رد شكلاً.
د-إن الدستور اللبناني وقانون الانتخاب وزعا المقاعد النيابية على قاعدة النسبية بين الطوائف، وليس على أساس الأيدويولجية أو العرق.
ه-لا يمكن الطلب من الإنجيلي الأرمني الترشيح مع الأقليات لأنه ليس من طوائف الأقليات، بل هو جزء لا يتجزأ من الطائفة الإنجيلية.
وبما أن المستدعى ضده انتهى إلى تكرار ما ورد في لائحته، رداً على الطعن المقدم من السيد أميل شحادة.
فبناء على ما تقدم
أولاً – في طلب التدخل والإدخال
حيث أن السيد فؤاد عيسى تقدم بطلب تدخل في المراجعة المقدمة من السيد أميل شحادة الذي طلب في مراجعته أيضاً إدخال السيد أنطونيوس سعد وفؤاد عيسى في المراجعة.
وحيث أن أصول المحاكمات لدى المجلس الدستوري، سواء أكان ذلك في إطار اختصاصه في الرقابة على دستورية القوانين، أم في إطار النظر في الطعون والنزاعات الناشئة عن الانتخابات النيابية، هي أصول خاصة تستقي خصوصيتها من طبيعة الصلاحيات المناطة بالمجلس وطبيعة المراجعات التي تقدم إليه.
وحيث أنه يتبين من مجمل نصوص القانون 250\93، ولا سيما المواد 24 و25 و27 منه، وكذلك من أحكام النظام الداخلي، أن الطعن في صحة نيابة نائب منتخب يجب أن يقدم بموجب استدعاء، أي بموجب دعوى أصلية، من قبل المرشح المنافس الخاسر في الدائرة الانتخابية ذاتها إلى رئاسة المجلس الدستوري في مهلة أقصاها ثلاثون يوماً تلي تاريخ إعلان نتائج الانتخاب في دائرته، تحت طائلة رد الطلب شكلاً مما ينفي جواز قبول التدخل أو طلب الإدخال في المراجعات التي تقدم إلى المجلس الدستوري من قبل المتنازعين بعد انصرام مهلة قبول المراجعة القانونية.
وحيث أنه بمعزل عما تقدم، عندما يضع المجلس يده على الدعوى بعد تشكيل الخصومة، تكون له الصلاحيات الكاملة في التحقيق في الطعن توصلاً إلى الحقيقة، ويعود له وحده حق الإدخال بعد انصرام مهل المراجعة إذا استدعت وجهة الحق هذا التدبير، مع مراعاة أحكام المادة \27\ من القانون 250\93.
وحيث أنه يقتضي، إذن، رد طلب التدخل المقدم من المتدخل، السيد فؤاد عيسى، شكلاً.
وحيث أن المطالب التي يدلي بها المستدعيان، أنطونيوس سعد وأميل شحادة، ترمي إلى إبطال نيابة النائب المعلن فوزه في انتخابات بيروت عن المقعد الإنجيلي، ابراهام دده يان، وإجراء انتخابات جديدة محصورة في بيروت.
وحيث أن هناك تلازماً بين المراجعتين يستلزم، تحقيقاً لحسن سير العدالة، ضمهما والسير بهما معاً في مراجعة واحدة.
ثانياً – في مراجعة السيد أميل شحادة
1- في الشكل
حيث أن العملية الانتخابية جرت في دائرة محافظة بيروت في 1\9\1996، وأعلنت نتائجها في اليوم التالي.
وحيث أن المراجعة قدمت إلى هذا المجلس في 2\10\1996، أي ضمن المهلة القانونية المنصوص عليها في المادة 24 من القانون 250\93، فتكون مقبولة شكلاً.
وحيث أنه تبين من النتائج التي أسفرت عنها هذه الانتخابات أن المرشحين عن المقعد الإنجيلي في دائرة محافظة بيروت قد حصلوا على ما يلي:
ابراهام دده يان: 52372 صوتاً
أنطونيوس سعد: 15901 صوت
فؤاد عيسى: 10898 صوتاً
أميل شحادة: 1083 صوتاً
جورج عويضة: 649 صوتاً
وحيث أن مقدم الطعن، وإن جاء في المرتبة الرابعة في ترتيب مجموع الأصوات، إلا أن له، مبدئياً، الصفة القانونية التي تؤهله لتقديم هذا الطعن، أياً تكن مرتبته، بوصفه أحد المتنافسين من الطائفة ذاتها والدائرة الانتخابية ذاتها اللتين ينتمي إليهما المطعون في صحة نيابته.
وحيث أنه يقتضي، تبعاً لذلك، قبول الطعن لتوافر الصفة والمصلحة معاً.
2- في الأساس:
حيث أن المستدعي يطلب إعلان عدم صحة ترشيح النائب المنتخب، ابراهام دده يان، عن المقعد الإنجيلي في دائرة محافظة بيروت، وبالتالي إبطال انتخابه وإعادة الانتخابات لملء المركز الشاغر، لأن المقعد الإنجيلي مخصص للإنجيلي وليس للأرمني الإنجيلي، ولأنه، وفقاً للقانون اللبناني، لا يحق لمن ينتمي إلى إثنية معينة أن يترشح عن المقعد المخصص للمذهب الآخر.
وحيث أن المادة 24 من الدستور تنص على ما يلي:
"يتألف مجلس النواب من نواب منتخبين يكون عددهم وكيفية انتخابهم وفقاً لقوانين الانتخاب المرعية الاجراء.
"وإلى أن يضع مجلس النواب قانون انتخاب خارج القيد الطائفي، توزع المقاعد النيابية وفقاً للقواعد الآتية:
أ-بالتساوي بين المسيحين والمسلمين.
ب-نسبياً بين طوائف كل من الفئتين.
ت-نسبياً بين المناطق".
وحيث أن توزيع المقاعد النيابية يتم، إذن، على أساس انتماء اللبنانيين إلى طوائف يتشكل منها المجتمع اللبناني، وليس على أساس آخر، وذلك إلى حين تجاوز جميع الأوضاع الطائفية الراهنة.
وحيث أن المادة 95 المعدلة من الدستور تنص، بدورها، على أن مجلس النواب ينتخب على أساس المناصفة بين المسيحيين والمسلمين، مما يعني أن المقاعد النيابية توزع مناصفة بين الفئتين، ونسبياً بين طوائف كل منهما، وهذا يؤكد ان انتخاب أعضاء مجلس النواب يقوم على قاعدة تمثيل الطوائف وليس على قاعدة أخرى.
وحيث أن المادة الثالثة من قانون الانتخاب تنص على تحديد عدد نواب كل طائفة في كل دائرة وفقاً للجدول الملحق بهذا القانون، ويبين الجدول عدد المقاعد المخصصة لكل طائفة.
وحيث أن الفقرة (ب) من المادة الخامسة من القانون رقم \154\، تاريخ 22\7\1992، تنص على ما يلي:
"يفوز بالانتخاب المرشح عن الطائفة الذي ينال العدد الأكبر من أصوات المقترعين في الدائرة الانتخابية".
وحيث أن نظام الطوائف الدينية الصادر بالقرار رقم 60 ل.ر، في 13\3\1936، والمعدل بالقرار رقم 146، في 18\11\1938، قد حدد في الملحق
رقم 1 الطوائف التاريخية المعترف بها قانوناً كطوائف ذات نظام شخصي، ومن بينها البطريركية الأرمنية الغريغورية (الأرثوذوكسية) والبطريركية الأرمنية الكاثوليكية.
وحيث أن الأرمن اللبنانيين ينضوون، إذن، مثلهم مثل سائر اللبنانيين، في طوائف تاريخية معترف بها رسمياً، ويعاملهم الدستور والقانون كطوائف منتمية إلى مذاهب وعقائد دينية مختلفة.
وحيث أن المادة 28 من القرار رقم 60 ل.ر، المعدل، تنص على "أن الطائفة البروتستانتية داخلة في الملحق 1 من القرار 60 ل.ر. الصادر في 13\3\1936 بإقرار نظام الطوائف الدينية في عداد الطوائف المعترف بها قانونياً وفعلياً".
وحيث أن القانون الصادر في 2\4\1951، والمتعلق بتحديد صلاحيات المراجع المذهبية للطوائف المسيحية والطائفة الإسرائيلية قد حدد من جديد، في المادة الأولى منه، هذه الطوائف وأدخل في عدادها الطائفة الإنجيلية.
وحيث أن الطائفة الإنجيلية هي، إذن، من الطوائف التاريخية المعترف بها رسمياً ويخضع لها جميع اللبنانيين الذين ينتمون إلى هذه الطائفة.
وحيث أنه لم يتبين من مجمل القوانين التي ترعى أوضاع الطوائف في لبنان أي وجود لطائفة أرمنية إنجيلية.
وحيث أنه في المقابل، يتبين من ملف المراجعة والأوراق المثبتة فيه، ومن التحقيق ومراجعة القوانين والأنظمة المتعلقة بالموضوع، ان نظام المجمع الأعلى للطائفة الإنجيلية في لبنان يتضمن النصوص التنظيمية التي ترعى الشؤون الدينية والأحوال الشخصية للطائفة الإنجيلية وأصول المحاكمات لديها، وأن هذا المجمع الأعلى يتألف من مندوبين عن جميع الكنائس والفرق الإنجيلية في لبنان، ويشارك الأرمن الإنجيليون فيه بممثلين عنهم.
وحيث ان هذا المجمع الأعلى هو الممثل القانوني للطائفة الإنجيلية تجاه السلطات الرسمية، وأن ليس للأرمن الإنجيليين أي كيان قانوني أو اعتراف رسمي أو مرجعية مستقلة عن مرجعية الطائفة الإنجيلية.
وحيث أنه لا يمكن اعتبار الأرمن الإنجيليين من الأقليات بمفهوم قانون الانتخاب، طالما أنهم ينتمون إلى طائفة معترف بها رسمياً، هي الطائفة الإنجيلية التي خصص قانون الانتخاب لها مقعداً نيابياً، فأخرج بذلك الفئات التي تنتمي إليها من فئة الأقليات.
وحيث أن الإدلاء بأن الأرمن يجتمعون بمختلف مذاهبهم في كتلة سياسية واحدة هو أمر – على فرض قيامه واستمراره – لا يبدل في الواقع القانوني، ولا تأثير للتحالفات السياسية في القواعد والمبادئ التي أقرها الدستور وقوانين الانتخاب المتعلقة بتمثيل الطوائف في لبنان.
وحيث أن أسباب الطعن التي يدلي بها المستدعي تكون، إذن في غير محلها الواقعي والقانوني.
وحيث أن طلب ترشيح السيد ابراهام دده يان للانتخابات النيابية عن المقعد الانجيلي في دائرة محافظة بيروت يكون، بالتالي، غير مخالف للقانون أو لأصول الترشيح.
ثالثاً – في مراجعة السيد أنطونيوس سعد
1- في الشكل
حيث أن مراجعة المستدعي، السيد أنطونيوس سعد، مقدمة ضمن المهلة ومستوفية شروطها القانونية، فتكون مقبولة شكلاً.
2- في الأساس
حيث أن المستدعي، يدلي بأن الانتخابات، منذ بدايتها وحتى نهايتها، كانت مزورة، وقد رافقها مخالفات قانونية، وتزوير إخراجات قيد، وأعمال رشورة، وشراء أصوات، واقتراع عن أشخاص متوفين أو مهاجرين أو موجودين، وخاصة في أقلام الاقتراع التي تقع في مناطق ذات أكثرية أرمنية ضاغطة.
وحيث أنه تبين من نتائج انتخابات دائرة محافظة بيروت التي أعلنت رسمياً أن السيد ابراهام دده يان نال 52372 صوتاً، والسيد أنطونيوس سعد 15901 صوت، وأن الفارق في الأصوات بينهما هو 36471 صوتاً.
وحيث أن المجلس الدستوري يرى أنه، مهما تكن طبيعة المخالفات الانتخابية، سواء أكانت على شكل ضغوط أم مناشير كاذبة، أو كانت تتضمن قدحاً وذماً، أو كانت على شكل أخطاء في فرز الأصوات، ومهما تكن أهميتها، فليس من شأن هذه المخالفات أن تؤدي إلى إبطال الانتخاب إذا كان الفارق في الأصوات بين المرشح المنتخب ومنافسه على درجة لافتة من الأهمية والاتساع، ومن غير أن يقترن ذلك بثبوت أوضاع غير جائزة تحمل على الاقتناع بأنه كان للمخالفات تأثير حاسم في حرية الانتخاب وصحته.
وحيث أنه لا يكفي أن يدلي المستدعي بوجود مخالفات في العملية الانتخابية، بل عليه أيضاً يبين أن المرشح الفائز يدين لهذه المخالفات بفوزه، أي عليه أن يبرهن على وجود صلة سببية بين المخالفات التي يدعي حصولها وفوز المرشح المطعون في صحة نيابته.
وحيث أن الفارق في الأصوات بين ما ناله كل من المستدعي والمستدعى ضده هو فارق كبير، وأن المخالفات التي يدعي المستدعي حصولها، وإن لم تخل في بعض جوانبها من الجدية ومن قرائن تفصح عنها، وعلى افتراض صحتها، فليس من شأنها التأثير القاطع في نتيجة الانتخاب.
لــــــــــــــهذه الأســــــــــــــباب
وبعد المداولة
يقرر المجلس الدستوري بالإجماع:
أولاً – في الشكل
1-قبول المراجعة المقدمة من السيد أنطونيوس فيكتور سعد، والمراجعة المقدمة من السيد أميل ابراهيم شحادة، لورودهما ضمن المهلة، مستوفيتين جميع الشروط القانونية.
2-ضم المراجعتين والسير بهما معاً في مراجعة واحدة.
3-رد طلب التدخل المقدم من السيد فؤاد نجيب عيسى لوروده بعد انصرام مهلة المراجعة القانونية.
ثانياً – في الأساس
1-رد طلب الطعن المقدم من السيد أميل ابراهيم شحادة، المرشح المنافس الخاسر عن المقعد الإنجيلي في دائرة محافظة بيروت الانتخابية.
2-رد طلب الطعن المقدم من السيد أنطونيوس فيكتور سعد، المرشح المنافس الخاسر عن المقعد المذكور.
3-إعلان صحة نيابة السيد ابراهام دده يان، الفائر عن المقعد المذكور.
4-ابلاغ هذا القرار إلى رئيس مجلس النواب ووزارة الداخلية وأصحاب العلاقة.
5-نشر هذا القرار في الجريدة الرسمية.
قراراً صدر في السابع عشر من شهر أيار 1997.