قرار رقم 3\97



قرار رقم 3\1997

تاريخ 17\5\1997

ناظم الخوري\ أميل نوفل

المقعد الماروني في دائرة قضاء جبيل، انتخابات 1996

 

رقم المراجعة: 4\96

المستدعي: ناظم شهيد الخوري، المرشح المنافس الخاسر عن المقعد الماروني في قضاء جبيل، في دورة العام 1996 لانتخابات مجلس النواب.

المستدعى ضده: أميل نوفل، المعلن فوزه عن المقعد المذكور.

الموضوع: الطعن في صحة انتخاب المستدعى ضده.

          إن المجلس الدستوري

الملتئم في مقره بتاريخ 17\5\1997، بحضور نائب الرئيس محمد المجذوب، والأعضاء السادة: جواد عسيران، كامل ريدان، ميشال تركيه، بيار غناجه، سليم العازار، انطوان خير، خالد قباني.

          بعد الاطلاع على ملف المراجعة وتقرير العضوين المقررين.

          بما أن المستدعي تقدم، في 6\9\1996، بمراجعة إلى المجلس الدستوري، سجلت في القلم تحت الرقم 4\96، يطعن بموجبها في صحة انتخاب السيد أميل نوفل، النائب المعلن فوزه عن المقعد الماروني في دائرة قضاء جبيل، مدلياً بالأسباب التالية:

1-

مخالفات حصلت في أقلام اقتراع بلدة لاسا، لجهة خلو بعض المحاضر من توقيع رئيس القلم، أو من توقيع أعضاء القلم، ولجهة استعمال إخراجات قيد مزورة للاقتراع مكان المتوفين والمهاجرين.

2-مخالفات حصلت في أقلام الاقتراع في بلدات لحفد وأفقا والمجدل.

3-مخالفات حصلت في قلم اقتراع بلدة بشتليدة.

4-مخالفات حصلت في قلم اقتراع بلدة بلاط.

5-اللجوء إلى وسائل مالية، لا سيما في بلدة بشتليدة، للتأثير في الاقتراع بقصد إفساد نتيجة الانتخاب. وأبرز المستدعي صورة شيك صادر عن أحد المرشحين وموجّه إلى أحد وجهاء البلدة.

وطلب المستدعي، في ختام مراجعته، إجراء التحقيق اللازم، ومن ثم إبطال العملية الانتخابية في بلدة لاسا وحسم الأصوات التي نالها هو والمستدعي ضده من العدد الإجمالي للأصوات، وإلغاء النتيجة وتصحيحها، وبالتالي إعلان فوزه عن المقعد الماروني في قضاء جبيل لحيازته الأغلبية التي تؤهله للنيابة.

وبما أن المستدعى ضده تقدم من المجلس بلائحة جوابية، في 23\9\1996، طلب فيها رد الطعن شكلاً لاستعانة المستدعي بأكثر من محام، ولعدم قانونية كل من الوكالتين العامتين المنظمتين للمحاميين اللذين وقعا مراجعة الطعن، باعتبار أن الأولى يعود تاريخها إلى 15\10\1987، والثانية إلى 22\8\1989، خلافاً للقانون الذي يشترط لقبول الطعن شكلاً أن يكون هذا الطعن موقعاً من الطاعن شخصياً أو من أحد المحامين، مع الإشارة إلى أن الوكالتين تتعلقان بالمراجع القضائية المنصوص عليها في المادة \20\ من الدستور وليس بالمجلس الدستوري، وإلى انهما نظمتا بتاريخ سابق لتاريخ إنشاء المجلس الدستوري.

وطلب المستدعى ضده، استطراداً، رد الطعن بالأساس لعدم صحته وعدم قانونيته، مدلياً بما يلي:

1- إن المستدعي لم يوضح كيف تبيّن له وجود خطأ في احتساب مجموع أصواته، وهذا يثبت عدم جدية طلبه.

2-إن المستدعي لم يحدد في أي قلم من أقلام الاقتراع في بلدة لاسا قد حصلت المخالفات القانونية،  علماً أنه كان يوجد في تلك البلدة أربعة أقلام تم توقيع محاضرها حسب الأصول. وعدم توقيع مندوبي المرشحين على بعضها، في حال ثبوته، لا يؤدي إلى إبطال هذه المحاضر. وما أدلى به المستدعي حول اقتراع أشخاص مكان متوفين أو مهاجرين هو غير صحيح. واختيار المستدعي لبلدة لاسا أمر كيفي وشخصي لأن المستدعي ضده نال فيها العدد الأكبر من الأًصوات.

3-إن الدعوى الجزائية التي يشير إليها المستدعي لا وجود لها في سجلات ورود الشكاوى.

4-إن الطريقة البدائية التي تجري بها عملية فرز الأصوات وتدوينها تستغرق وقتاً طويلاً، وهذا ما يتسبب بوصول الصناديق إلى السراي في أوقات متفاوتة.

5-إن الحادث الأمني الذي أشار إليه المستدعي حصل خارج قلم الاقتراع، ولم يكن له أي تأثير في سير عملية الاقتراع .

6-إن الزعم بورود نتيجة صندوق بلدة بلاط في ظرف مفتوح وبمحضر غير موقّع ليس صحيحاً، فلم يتقدم أي من المرشحين، بمن فيهم المستدعي، بأي اعتراض بهذا الشأن.

7-إن المستدعي الذي تحدث عن عطايا مالية لم يحدد حالة واحدة قام فيها المستدعى ضده بمثل هذا العمل. وليس للمستدعى ضده أية علاقة بوجود شيك صادر عن أحد المرشحين. وطلب المستدعى ضده، بالنتيجة، رد الطعن شكلاً وأساساً.

فبناء على ما تقدم

أولاً- في الشكل

1- في صحة الوكالة

حيث أن المستدعى ضده يطلب رد المراجعة شكلاً لأن الوكالتين المنظمتين من المستدعي لكل من المحاميين فادي كرم وأنطوان بمبينو لا تخولهما تقديم الطعن أمام المجلس الدستوري، فإحداهما مؤرخة في 15\10\1987 ، والأخرى في 22\8\1989، أي قبل إنشاء المجلس الدستوري، وهما تتعلقان بالمراجع القضائية المنصوص عليها في المادة 20 من الدستور، فضلاً عن أن استدعاء المراجعة قد وقّع من المحاميين المذكورين، خلافاً لما تنص عليه المادة \27\ من القانون 250\93.

أ- حيث أنه تبين أن المستدعي أرفق باستدعاء مراجعته الوكالتين العامتين المشار إليهما اللتين تخولان كلاّ من المحاميين، كما ورد فيهما حرفياً، "المرافعة والمدافعة لدى كافة المحاكم والدوائر على اختلاف درجاتها ووظائفها بكل دعوى تكون لي أو عليّ، حادثة أو ستحدث مع أي شخص كان، وبأي خصوص كان، وبأية دعوى كانت، حقوقية وإدارية وتجارية وصلحية وجزائية وعقارية وروحية وعسكرية، بداية واعتراضاً واستئنافاً وتمييزاً وتصحيحا وإعادة محاكمة بصفة مدعي ومدعى عليه..."

وحيث أن نص كل من الوكالتين جاء عاماً ومطلقاً، والتعداد الوارد فيهما لجهة تحديد طبيعة الدعوى أو نوعها ورد على سبيل المثال لا الحصر، والوكالتان تمنحان الحق لكل من المحاميين المذكورين في تمثيل الموكل الطاعن في كل دعوى، له أم عليه، بسبب أي نزاع، حالي أو مستقبلي، ومهما تكن طبيعته، وأمام الجميع المراجع القضائية دون تخصيص.

وحيث أن الوكالة، وفقاً لما تنص عليه المادة 769 من قانون الموجبات والعقود، هي "عقد بمقتضاه يفوض الموكل إلى الوكيل القيام بقضية أو بعدة قضايا، أو بإتمام عمل أو فعل أو جملة أعمال أو أفعال. ويشترط قبول الوكيل. ويجوز أن يكون قبول الوكالة ضمنياً وأن يستفاد من قيام الوكيل بها". ولا تنتهي الوكالة، كما جاء في المادة 808
من هذا القانون، إلا بحلول الأجل المعين لها، إذا ما حدد لها أجل.

وحيث أنه لم يعين لأي من الوكالتين المبرزتين أجل معين، فإنهما تبقيان صالحتين ومعمولاً بهما وتمنحان الحق لكل من المحاميين ، على حدة، في تمثيل المستدعي أمام جميع المحاكم والمراجع القضائية أو ذات الطابع القضائي القائمة أو التي ستحدث، ولا ضرورة بالتالي – والقانون لا يفرض ذلك – لتنظيم وكالة خاصة في كل مرة يتم فيها تشكيل محكمة جديدة، مهما تكن وظيفتها أو طبيعتها.

وحيث أن كلاً من الوكالتين المبرزتين في استدعاء المراجعة تكون، إذن، صحيحة وتؤدي كل مفاعيلها القانونية أمام المجلس الدستوري.

ب- بحيث أن الفقرة الثانية من المادة 27 من القانون 250\93 تنص على أن "لكل من الطاعن والمطعون بنيابته أن يستعين بمحام واحد أمام المجلس الدستوري".

وحيث أن المستدعي لم ينظم وكالة واحدة للمحاميين، ولم يلزمهما بالعمل متضامنين، بل نظم وكالتين مستقلتين تجيز لكل وكيل أن يعمل منفرداً، فليس هناك مخالفة لمضمون الفقرة الثانية من المادة 27 المشار إليها، ولا تأثير، إذن، لتوقيعهما على استدعاء المراجعة، في صحة الطعن.

وحيث أن توقيع استدعاء المراجعة من قبل محاميين لا يشكل، على كل حال، مخالفة لصيغة جوهرية فرضها القانون، وليس من شأنه، بالتالي، أن يؤدي إلى رد المراجعة.

أ‌-

 

ب‌-

 

ت‌-

 

ث‌-

 

ج‌-

 

2- في المهلة

       حيث أن المراجعة مقدمة من ضمن المهلة ومستوفية شروطها القانونية، فهي مقبولة شكلاً.

ثانياً – في الأساس

          حيث أن المستدعي يطلب إبطال نيابة السيد أميل نوفل لأن فوزه بالمقعد الماروني في انتخابات قضاء جبيل قد جاء بسبب مخالفة أحكام قانون الانتخاب، لا سيما المادتين \54\ و\58\ منه، وما رافق العملية الانتخابية من ممارسات رشوة وتزوير، واقتراع أشخاص متوفين أو مهاجرين واعتماد محاضر انتخاب غير موقعة او موقعة خلافاً للأصول، فضلاً عن وجود أخطاء مادية في احتساب الأصوات، ومن ثم يطلب تصحيح النتيجة وإعلان فوزه لحيازته الأغلبية التي تؤهله للنيابة.

          وحيث أن المستدعى ضده يطلب رد المراجعة لأن أسباب الطعن المدلى بها مخالفة للواقع والقانون ومجردة من كل إثبات.

          وحيث أنه، وإن كان المجلس الدستوري يتمتع في الطعون الانتخابية بصلاحية التحقيق، وكانت أصول المحاكمات المتبعة لديه هي أصول استقصائية توليه سلطة واسعة في التحقيق، فإن ذلك لا يخل بالقاعدة العامة التي تلقى على عاتق المدعي، مبدئياً، عبء إثبات ما يدعيه، أو على الأقل تقديم بينة أو بداية بينة أو ما يدل على تقدمه باعتراض على المخالفات التي يدعيها إلى رئاسة قلم الاقتراع أو إلى لجنة القيد.

          وحيث أن المجلس لا يسعه الاعتداد بالادعاءات والأقوال التي يدلي بها المتنازعون إذا لم تتصف بالدقة الكافية، ولا يسعه التوقف عند الاتهامات ذات الطابع العام أو غير المؤيدة ببينة أو بداية بينة.

          وحيث أن أقوال المستدعي، في ما يدعيه من تزوير في إخراجات القيد أدت إلى اقتراع متوفين أو مسافرين أو انتخاب أشخاص مكان آخرين، وخاصة في بلدة لاسا، وإن تكن مؤيدة بإفادات بعض الشهود، قد بقيت أقوالاً مجردة من كل إثبات، ولم يتبين من التحقيق وجود أي اعتراض أو تدوين أية ملاحظة بشأنها في محاضر الانتخاب.

          وحيث أنه ثبت للمجلس الدستوري ، بعد مراجعة لوائح الشطب ، عدم اقتراع الأشخاص المهاجرين الذين أورد المستدعي أسماءهم في مراجعته، إثباتاً لأقواله .

          وحيث أن المجلس عمد إلى إجراء تحقيق واسع في المخالفات المدعى بها، لا سيما لأحكام المادتين 54 و 58 من قانون الانتخاب، وقام بالكشف على جميع محاضر الانتخاب، واطلع على مختلف المستندات والوثائق المتعلقة بعمليات الاقتراع في الأقلام، وتولى التدقيق فيها والتثبت من مطابقة الأرقام في المحاضر والقيود.

          وحيث أنه تبين للمجلس وجود مخالفات عديدة لقانون الانتخاب في تنظيم محاضر الانتخاب، ومنها وجود محاضر غير موقعة إطلاقاً، ومحاضر غير موقعة وفقاً للأصول، ومحاضر لا تتضمن أسماء المرشحين، ولا عدد الأصوات، ولا اسم البلدة، ولا رقم قلم الاقتراع، ووجود أصوات محتسبة لا تستند إلى محضر انتخاب أو إلى مستند آخر يبرر احتسابها.

          وحيث أن اجتهاد المحاكم الدستورية يتطلب لإبطال الانتخاب أن تكون المخالفات المشكو منها على درجة من الخطورة بحيث تشكل تشويهاً لإرادة الناخبين، أو يكون من شأنها التأثير الحاسم في النتيجة.

          وحيث أن المجلس لا يتوانى عن إبطال نتائج الانتخاب أو عدم احتساب الأصوات في أقلام الاقتراع عندما تؤدي المخالفات فيها إلى عدم تمكينه من ممارسة رقابته، أو عندما تكشف هذه المخالفات عن وجود تلاعب في محاضر الانتخاب، أو عندما تكون ناشئة عن الإهمال في ضبط هذه المحاضر.

          وحيث أن المجلس، بما له من حق التقدير، يعتبر هذه المخالفات، من جهة، مخالفات خطيرة للقانون، لا سيما للمادتين 54 و 58 من قانون الانتخاب، وتجعله غير مطمئن، من جهة ثانية، إلى سلامة ونزاهة عمليات الاقتراع التي جرت في بعض الأقلام والتي تؤثر تأثيراً حاسماً في نتيجة الانتخاب.

          وحيث أنه، عندما تتضافر عدة عوامل وعناصر في المراجعة الواحدة، أو عندما تتزاحم المخالفات وتتعدد وتكون على جانب من الجسامة، مع وجود فارق ضئيل في الأصوات، كما في المراجعة الحاضرة، فإن المجلس، بما له من سلطة واسعة في التقدير، وفي ضوء العناصر الخاصة بالقضية والتي في ظروفها تختلف عن غيرها، يقرر إبطال الانتخابات في دائرة جبيل.

لــــــــــــــهذه  الأســــــــــــــباب

وبعد المداولة

يقرر المجلس الدستوري بالأكثرية:

أولاً - في الشكل، وبالأكثرية:

قبول طلب الطعن لوروده ضمن المهلة مستوفياً جميع الشروط القانونية.

ثانياً – في الأساس:

1- إعلان عدم صحة نيابة النائب أميل نوفل وإبطال نيابته.

2-إبطال الانتخاب في دائرة قضاء جبيل الانتخابية عن المقعد الماروني وإعادة إجرائه وفقاً للأصول.

3-إبلاغ هذا القرار إلى رئيس مجلس النواب ووزارة الداخلية وأصحاب العلاقة.

4-نشر هذا القرار في الجريدة الرسمية.

قراراً صدر في السابع عشر من شهر أيار 1997.

مخالف: سليم العازار