قرار رقم 3\95



قرار 3\95

تاريخ 18\9\1995

طلب إبطال بعض المواد من القانون رقم 452 الصادر في 17\8\1995:

تعديل بعض أحكام قانون تنظيم القضاء الشرعي، السنّي والجعفري

المواد المسند اليها القرار

الفقرة (ه) من مقدمة الدستور

معطوفة على المادة 20 منه

 

رقم المراجعة: 2\95

المستدعون: النواب السادة: الرئيس حسين الحسيني، نجاح واكيم، أسامة فاخوري، ربيعة كيروز، اكرم شهّيب،  ابراهيم بيان،  أيمن شقير، سمير عون،  منير الحجيري، حبيب صادق.

القانون المطلوب تعليقه وإبطاله: المواد \2\ و\3\ و\4\ من القانون رقم \452\ الصادر في 17\8\1995 المنشور في العدد \34\ من الجريدة الرسمية الصادر في 24\8\1995.

إن المجلس الدستوري

الملتئم في مقره بتاريخ 18\9\1995 بحضور: الرئيس وجدي ملاّط، ونائب الرئيس محمد المجذوب، والاعضاء السادة: جواد عسيران، أديب علاّم، كامل ريدان، ميشال تركية، بيار غنّاجة، سليم العازار، أنطوان خير، خالد قبّاني.  

بعد الاطلاع على ملف المراجعة وسـائر المستندات المرفقـــة بهــا، وعلى تقرير العضو المقرّر، المؤرخ في 13\9\1995.

وبما أن السادة النواب المذكورين تقدّموا بمراجعة سُجّلت في قلم المجلس بتاريخ 29\8\1995، ترمي إلى إعلان إبطال المواد الثانية والثالثة والرابعة من القانون رقم \452\ الصادر بتاريخ 17\8\1995،  والمنشور في العــدد \34\ من الجريــدة الرسميــة، الصادر في 24\8\1995.

وبما أنهم طلبوا، مؤقتاً، تعليق مفعول هذه المواد الثانية والثالثة والرابعة من القانون المطعون فيه، عملاً بأحكام المادة \20\ من القانون رقم 250\93، وذلك إلى حين البتّ نهائياً بالمراجعة،

وبما أن الاسباب المدلى بها تأخذ على المواد المطلوب تعليقها وإبطالها مخالفتها مبدأ فصل السلطات، المعلن في الفقرة (هــ) من مقدمة الدستور، وانتقاصها من استقلال القضاء ومن الضمانات المعطاة للقضاة والمتقاضين، المشار إليها في المادة \20\ من الدستور،

وبما أن المجلس كان قد تدارس طلب تعليق المواد المطعون فيها، المبّين في المراجعة، وذلك في جلساته المنعقدة بتاريخ \4\ و\5\ و\7\ أيلول 1995، ولم يرَ سبباً مبررّاً للاستجابة إلى هذا الطلب،

وبناءً على ما تقدّم

اولاً – في الشكل:

حيث أن المراجعة الأساسية المقدّمة من عشرة نواب جاءت في المهلة المحددة في الفقرة الاخيرة من المادة \19\ من القانون رقم 250\93، مستوفية جميع الشروط الشكلية، فهي مقبولة شكلاً.

ثانياً- في الأساس:

ألف – في البحث بالمطاعن الواردة في إطار السبب الثاني من المراجعة:

حيث أن المراجعة تعيب على القانون المطعون فيه أنه لم تُراعَ، عند درسه والمصادقة عليه، الضوابط المحددة في النظام الداخلي لمجلس النواب، وأنه لم يمرّ بالمراحل الآتية:

1-        لم يحمل توقيع أحد، أو توقيع بعض النواب.

2-        لم يُقدّم إلى المجلس بواسطة رئيسه.

3-        لم يُرفق بمذكرة تتضمّن الأسباب الموجبة.

4-        لم يُحله رئيس المجلس على اللجنة او اللجان المختصة.

5-        لم يودعه رئيس المجلس الحكومة للاطّلاع.

6-        لم تجتمع اللجنة او اللجان المختصة لدرسه.

7-        لم ترفع اللجنة او اللجان المختصة تقريرها الذي " يجب ان يتضمّن مختلف وجهات النظر والآراء إلى مكتب المجلس لإدراجها في جدول أعمال جلسات المجلس العامة وفق ترتيب وصولها إليه ".

8-        لم يُتل اقتراح القانون مع أسبابه الموجبة أمام الهيئة العامة للمجلس.

9-        لم يُتل تقرير اللجنة او اللجان المختصة أمام الهيئة العامة للمجلس حيث لا علم لها به أصلاً.

وحيث أن مجال الرقابة على دستورية القوانين لدى المجلس الدستوري مرتبط بمدلول المادتين \20\ و\21\ من القانون رقم 250\93.

وحيث أن ما ورد في استدعاء المراجعة لجهة مخالفة مبادئ وأصول التشريع، لم يبيّن بوضوح، مكمن المخالفة الدستورية التي تضمنتها المواد المطعون فيها ومدى هذه المخالفة،

وحيث انه، والحالة هذه، وفي عدم اشتمال المراجعة على الإثباتات الذاتية المباشرة للوقائع والانتقاصات المدلى بها، وبمعزل عن تحديد الأثر الناشئ عنها في حال ثبوتها، لا يمكن المجلس الدستوري الأخذ بما ورد بشأنها في المراجعة.

باء – في سائر المطاعن:

حيث ان المراجعة أخذت على المواد القانونية المطلوب إبطالها الأمور التالية:

1-    مخالفتها مبدأ فصل السلطات المثبت في الفقرة ( هــ ) من مقدمة الدستور.

2-    انتقاصها من استقلال القضاء ومن الضمانات المعطاة للقضاة والمتقاضين في المادة \20\ من الدستور.

3-    الانحراف التشريعي للقانون المطعون فيه.

4-    إخلال هذا القانون بالضمانات الدستورية المقررة للسلطة القضائية.

وحيث ان النظام الدستوري المقرر للسلطة القضائية والمشار اليه في البند (هــ) من مقدّمة الدستور يتكامل مع نصّ المادة \20\ من الدستور التي تدعو المشترع على سنّ التشريع الذي "يحفظ بموجبه للقضاة والمتقاضين الضمانات اللازمة".

وحيث أن المادة \20\ من الدستور أرادت ان يأتي عمل السلطة القضائية – في ضوء الفقرة (هــ) من مقدمة الدستور- متناسقاً ومتوازناً مع مهام سائر السلطات والهيئات العامة في الدولة.

وحيث ان القوانين المتصلة بتنظيم القضاء العدلي أو الشرعي وسائر القضاءات غير المذهبية في نصوصها المتعاقبة عبر الزمن، أخذت بهذا المدلول المستمد في المادة العشرين هذه، مع اتجاه مستمر لتوفير المزيد من الاستقلال للجسم القضائي العام، دون ان يبلغ هذا الاتجاه حتى اليوم كامل مداه المرتجى،

وحيث أنه ينبغي التفريق بين النصوص التشريعية غير الدستورية التي تستدعي الإبطال، وبين النصوص الاخرى، التي قد تكون مغايرة لبعض المبادئ القانونية، دون ان يتولد عنها أيّ خرق للمادة العشرين من الدستور، او للفقرة (هـ) من مقدمة الدستور، او لسواها من المسلمات الدستورية،

وحيث انه لا رقابة للمجلس الدستوري على النص التشريعي، ما لم ينطوِ على مساس بالمبادئ الدستورية.

1-    في الطعن الموجّه إلى المادتين الثالثة والرابعة من القانون رقم \452\

حيث أنه من مراجعة القانون رقم \452\ المطعون في المواد الثانية الثالثة والرابعة منه، يتبين ان المادة الثالثة هذه تنصّ على ما يلي:

المادة 3:

"تلغى المادة التاسعة عشرة  من القانون 350\1994 ويستمرّ العمل بالمادة \460\ من قانون تنظيم القضاء الشرعي تاريخ 16\7\1962، نصها كما يأتي:

"يتألف مجلس القضاء الشرعي الأعلى من مفتي الجمهورية اللبنانية رئيساً، وعضوية رؤساء المحاكم العليا والقضاة المنتدبين للنيابة العامة والمفتشين. وكل قرار يصدر عن هذا المجلس في حق أحد الجعفريين او العلويين لا يكون نافذاً إلاّ اذا ضمّت الأكثرية أحد الاعضاء من طائفته".

"كما تلغي المادة الثالثة والعشرون من نفس القانون ويستمر العمل بالمادة \467\ من قانون 16\7\1962".

وحيث ان المادة الرابعة من هذا القانون المطعون فيها تنصّ على ما يلي:

"تعدّل المادة العشرون من القانون 350\1994 وتصبح كما يأتي:

"يتولى مراقبة حسن سير القضاء الشرعي السني والجعفري والعلوي وأعمال القضاة وموظفي المحاكم الشرعية مفتش واحد غير متفرغ من الدرجة الثامنة على الاقل لكل من المحاكم يتم انتدابه من القضاة العدليين من مذهب المحكمة المختصة وذلك بمرسوم بعد استطلاع رأي مجلس القضاء الشرعي الاعلى، ويكون عضواً في مجلس القضاء الشرعي الاعلى، ويحدد تعويضه الشهري المقطوع  بمرسوم الانتداب ويحتفظ كل منهم بوظيفته الاصلية في الملاك التابع له، ويرفع كل منهم تقاريره الشهرية الى مجلس القضاء الشرعي الاعلى وله حقّ اقتراح العقوبات المسلكية والتدابير المناسبة".

وحيث أن المادة الثالثة من القانون المطعون فيه لا تختلف في مدلولها عن محتوى المادة \460\ السابقة من قانون تنظيم القضاء الشرعي المعدلة بالمادة \19\ من القانون رقم \350\ الصادر في 16 حزيران 1994.

وحيث أن المادة الرابعة من القانون المطعون فيه هي أيضاً غير مختلفة عن مدلول المادة \461\ من قانون 16\7\1962 المعدلة بالمادة \20\ من القانون رقم 350\94، مع الملاحظة أن المادة الرابعة قد ربطت صدور مرسوم تعيين القاضي العدلي المفتش "باستطلاع رأي مجلس القضاء الشرعي الاعلى "وهو استئناس رقابي لم يكن وارداً في النص السابق.

وحيث ان المجلس الدستوري لا يجد موانع مشروعة تحول دون انتداب مفتش تابع للقضاء العدلي إلى مهام الرقابة لدى القضاء الشرعي، بل يرى في التقريب بين التشريعات خطوة قانونية مرجوّة، تؤول إلى تكامل في الضمانات المتوخاة للقضاة والمتقاضين لدى سائر المحاكم في لبنان، عامة كانت ام مذهبية.

وحيث ان المجلس الدستوري، في النتيجة، لا يرى في نص هاتين المادتين ما يخالف اياً من المبادئ الدستورية المشار اليها في المادة \20\ من الدستور، معطوفة على الفقرة (هــ) من مقدمة الدستور.

2-    في الطعن الموجّه إلى المادة الثانية من القانون رقم \452\

حيث أن المادة الثانية نصّت على ما يلي:

المادة \2\ - تعدل المادة \459\ من قانون القضاء الشرعي على الوجه الآتي:

"يمكن نقل قضاة المحاكم الشرعية وصرفهم وإحالتهم على المجلس التأديبي ووضعهم بتصرّف مرجع المحاكم بعد موافقة مجلس القضاء الشرعي الاعلى ولا يسوغ شيء من ذلك بحقّ رئيس المحكمة الشرعية العليا الا بعد موافقة ثلثي أعضاء مجلس القضاء الشرعي الاعلى الحاضرين، وذلك في غياب القاضي او العضو المعني، وبمرسوم يتّخذ في مجلس الوزراء".

          وحيث ان هذه المادة هي ايضاً لا تختلف اختلافاً جوهرياً عن النص الاول للمادة \459\ من قانون عام 1962، المتعلق بتنظيم القضاء الشرعي السني والجعفري، التي جاء فيها ما يلي:

"لا ينقل قضاة المحاكم الشرعية ولا يصرفون ولا يحالون على المجلس التأديبي إلاّ بعد موافقة مجلس القضاء الشرعي الاعلى".

وحيث ان إنشاء مجلس قضاء أعلى لدى كل من القضاءين العدلي والشرعي، يعتبر احدى ابرز الضمانات لحماية استقلال القضاء في مفهوم المادة العشرين من الدستور.

وحيث أن اكثرية الثلثين المحددة في متن هذه المادة الثانية عند قيام مساءلة لأي من رؤساء المحاكم الشرعية العليا الثلاث، والتي تزيد على الاكثرية الوراد ذكرها في المادة الثالثة من القانون، توسع في الضمانة المعطاة لهؤلاء الرؤساء بالنسبة إلى باقي القضاة الشرعيين، ولا تتعارض مع قاعدة التراتب المسلكي المشروع.

وحيث ان مرجع المحاكم الشرعية هو المرجع الاسلامي الاعلى للقضاء الشرعي، وفقاً لما هو مبيّن في المادة \463\ من قانون المحاكم الشرعية الصادر في عام 1962.

وحيث ان بعض صلاحيات هذا المرجع حيال القضاة الشرعيين هي مرتبطة بالموافقة المسبقة الصادرة عن مجلس القضاء الشرعي الاعلى، وتتلاقى في منشئها مع المهمة المسندة الى وزير العدل في تشريع القضاء العدلي.

وحيث ان وضع القاضي الشرعي بتصرّف مرجع المحاكم الشرعية، في حال موافقة مجلس القضاء الشرعي الاعلى، وعلى وجه غير مختلف عن مبدأ إلحاق القاضي بوزير العدل، وهو تدبير غير مشوب بأية مخالفة دستورية.

وحيث أن المادة الثانية من القانون المطعون فيه أوردت أن ما يقوم به مجلس القضاء الاعلى الشرعي يتمّ "في غياب القاضي او العضو المعني".

وحيث ان عبارة "وذلك في غياب القاضي او العضو المعني" تؤدي الى حرمان القاضي وأي عضو آخر لدى القضاء الشرعي من اسماع دفاعه عندما  يمارس مجلس القضاء الاعلى صلاحياته بحقّه، وفي ذلك، مغايبة تنتقص من حقوق الدفاع الدستورية، المكفولة لكل من القضاة والمتقاضين بموجب المادة \20\ من الدستور.

وحيث ان المجلس الدستوري يرى وجوب تمكين القاضي او العضو المعني، من مزاولة حقّ الدفاع ابتداء، قبل إقدام المجلس الشرعي الاعلى على اتخاذ أي تدبير حياله.

وحيث أنه تأسيساً على ما تقدمّ، تكون هذا العبارة منطوية على تدبير غير دستوري وينبغي إلغاؤها، واعتبارها كأنها غير موجودة في متن المادة الثانية من القانون 452\95، مع الحفاظ على باقي نصوص المادة، دون تعديل.

لهذه الأسباب

وبعد المداولة،

يقرّر المجلس الدستوري بالأكثرية:

أولاً - في الشكل:

قبول المراجعة لورودها في المهلة القانونية، مستوفية جميع الشروط الشكلية المطلوبة قانوناً.

ثانياً - في الاساس:

1-    ردّ طلب إبطال المواد الثانية الثالثة والرابعة من القانون المطعون فيه ذي الرقم 452\95.

2-    إعلان عدم مخالفة المواد للدستور، باستثناء مضمون العبارة الاخيرة من المادة الثانية، التي جاءت بالنص التالي:

"وذلك في غياب القاضي او العضو المعني" وإلغاء كامل هذه العبارة، وإثبات المحتوى الباقي للمادة.

ثالثاً: إبلاغ هذا القرار إلى المراجع الرسمية المختصة ونشره في الجريدة الرسمية.

قرارًا صدر في الثامن عشر من أيلول 1995.