قرار رقم: 2 /2020
إن المجلس الدستوري،
الملتئم في مقره بتاريخ 9/4/2020 برئاسة رئيسه طنوس مشلب وحضور نائب الرئيس أكرم بعاصيري والأعضاء: عوني رمضان، الياس بو عيد، أنطوان بريدي، رياض أبو غيدا، عمر حمزه، ، فوزات فرحات والياس مشرقاني، وغياب عبدالله الشامي لأسباب صحية.
عملا بالمادة 19 من الدستور
وبعد الاطلاع،
على ملف المراجعة والمستندات المرفقة بها،
وعلى تقرير العضو المقرر
تبين الآتي،
بتاريخ 19/3/2020 وردت الى المجلس الدستوري مراجعة موقّعة من النواب السادة المذكورين أعلاه، يطعنون فيها بالفقرة 2 من المادة 22 من القانون رقم 6، قانون موازنة العام 2020والموازنات الملحقة، المنشور في ملحق الجريدة الرسمية عدد 10 بتاريخ 5/3/2020 وعرضوا ما يلي:
ان المادة 22 فقرة (2) من قانون الموازنة لعام 2020 قد مددت المهل المنصوص عليها في المادة 96 من قانون موازنة 2019، والتي تنص على انه "أجيز لوزارة الداخلية والبلديات-هيئة إدارة السير والآليات والمركبات-ان تضع في التداول ستة آلاف وخمسماية لوحة عمومية للشاحنات، وخمسماية لوحة للصهاريج وخمسة عشر الف لوحة عمومية للأتوبيسات الصغيرة التي لا يتعدّى عدد مقاعدها الخمسة عشر مقعداً". واستطراداً، ان البند الثاني (فقرة 2) من المادة عينها تنص على وجوب الشاري "بتسجيل اللوحة على اسمه خلال مهلة أقصاها 31/12/2019 وخلال مهلة ستة أشهر من تاريخ التمديد في حال تم تمديد المهلة بمرسوم يتّخذ في مجلس الوزراء بناء على اقتراح وزير الداخلية والبلديات.
وانه جرت العادة، حفاظا على حقوق حاملي اللوحات العمومية القديمة، كلما قرر المشترع اللبناني فتح باب السماح للعموم شراء اللوحات العمومية، تكريس مادة أو بند في القانون عينه (الذي لا يجوز ان يكون ضمن قانون الموازنة العامة) من شأنه صون وحماية الحقوق المكتسبة لحاملي اللوحات من المزاحمة غير المشروعة التي سوف يتعرضون اليها، ناهيك عن الغبن الذي قد يطالهم من الناحية المالية.
وتأكيداً على ذلك، صدر القانون الرقم 384/94 الذي نص في مادته الأولى على الترخيص "لوزارة الداخلية والبلديات –هيئة إدارة السير والآليات والمركبات- ان تضع في التداول إثني عشر الف لوحة عمومية للسيارات السياحية لأجل بيعها من السائقين العموميين، كما أجيز لوزارة الداخلية ان تضع في التداول سبعة آلاف لوحة عمومية للشاحنات وأربعة الاف لوحة عمومية للأوتوبيسات الصغيرة التي لا يتعدّى عدد مقاعدها الخمسة عشر مقعدا..." أما المادة الثانية من هذا القانون، فقد نصت على تأمين الحماية المرجوة من هذا الإجراء لحاملي اللوحات العمومية الحاليين والقدامى، عبر ايلائهم لوحة عمومية مماثلة، ومجّانية، " يمتلكها ويحق له التصرف بها ووضعها في السير في جميع المناطق اللبنانية". بالإضافة على ذلك، وفي المادة نفسها، تنبّه المشترع اللبناني آنذاك الى إعطاء أصحاب اللوحات المسجلة كنقل خارجي في لبنان الأفضلية في شراء اللوحات العمومية للشاحنات على ان يتقدم صاحب العلاقة بطلب ضمن المهلة القانونية.
وانه يستفاد إذا من ذلك ان القانون رقم 384/94 وغيره من القوانين التي سبقته، انها صانت الحقوق المكتسبة كافة لحاملي اللوحات العمومية القدامى والحاليين، وأسبغت جميعها لحاملي هذه اللوحات، لوحة عمومية مماثلة ومجّانية شرط وضعها في السير خلال سنة من تاريخ تملكها. كما لحظت هذه القوانين، لا سيما القانون الرقم 384/94 إمكانية تحويل لوحات تسجيل سيارات عمومية وتحويل لوحات تسجيل سيارات السياحة العمومية الى لوحات اوتوبيس عمومية ضمن شروط ومهل حددها القانون وترك حرية الخيار لمالكي هذه اللوحات في اجراء التحويل.
وانه خلافاً لكل الضمانات الواردة أعلاه، فان المادة 22 فقرة (2) من قانون الموازنة للعام 2020 المطعون فيه خلقت مزاحمة غير مشروعة، فضلا عن تفاوت بليغ في احترام مبدأ المساواة أمام القانون بين جميع المواطنين في حقوقهم وواجباتهم، وقع ضحيتها أصحاب اللوحات الحاليين والقدامى، وذلك، لأسباب عدة. من ناحية أولى، لقد امتلك أصحاب اللوحات الحاليين والقدامى لوحاتهم العمومية بمبالغ طائلة تجاوز سعر اللوحة الواحدة د.أ./52.000/(دولار أميركي اثني وخمسون الف) وسدد المبلغ على فوائد 12 و13% بالعملة الصعبة، وهي مبالغ طائلة جدا نسبة للمبالغ التي سوف يسددها الشاري الجديد المستفيد من المادة المذكورة أعلاه، الذي لن يسدد مبلغا يتجاوز ل.ل./55.000.000/(ليرة لبنانية خمسة وخمسون) للشاحنات مثلاً. ان هذا الأمر سوف يؤدي حكما الى خلق حالة مضاربة غير مشروعة، ناهيك عن حالة عدم إستقرار في قطاع النقل العام. من ناحية ثانية، لم يضع القانون المطعون فيه اية معايير علمية ومهنية للراغبين بشراء لوحة عمومية، الأمر الذي من شأنه أن يدخل الى قطاع النقل العام مجموعة من الأشخاص الذين لا يتمتعون بالكفاءة العلمية والمهنية لادارة القطاع ولإسداء الخدمة، ممّا قد يؤدي حكما الى تدنّي مستواها، فضلا عن ازدياد نسبة ازدحام وحوادث السير على الطرقات كافة.
وأنه كما تم ذكره أعلاه، لقد سبق وعمد المشترع اللبناني الى فتح باب تملك اللوحات العمومية الى الجمهور، ولكن ضمن آلية معينة وبعد دراسة ونقاش، حفاظا على حقوق مالكي اللوحات الحاليين والقدامى. ان القانون الرقم 384/94 المذكور أعلاه خصص لهذه الغاية، وكان يولي مثلا أصحاب اللوحات العمومية استعمالها على مختلف الفئات، لا سيما على فئة الشاحنات والصهاريج وغيرها، دون ان تلزم مالكها بتخصيص اللوحة لفئة واحدة دون سواها. انما ما هو معمول عليه حاضرا، فهو مبدأ تخصيص اللوحة العمومية للفئة الواحدة. وبما ان لبنان مقدم اليوم على ثروة نفطية مرتقبة، من البديهي القول بأن هذا التخصيص من شأنه ان يحرم كل أصحاب اللوحات القديمة الذين لا يملكون لوحات صهاريج من الاستفادة من نقل النفط عند حلول الأوان، واستفادة فئة معينة فقط من ذلك، لا يتجاوز عددها 2200 فقط. لقد تم انتقاء الدفعة الأولى والبالغ عددها 1800 لوحة، ولم يبق سوى 500 لوحة قابلة للبيع مخصصة للصهاريج، سوف يتم الإعتناء بانتقائهم من دون اية معايير علمية ومهنية.
وأسندوا طعنهم الى السببين القانونيين التاليين:
1-مخالفة القانون المطعون فيه لأحكام الفقرة "ج" من مقدمة الدستور وللمادة السابعة منه.
2-مخالفة المادة 83 من الدستور والمادة الخامسة من قانون المحاسبة العمومية وموجب التقيد بالمبادئ والأصول التي ترعى الموازنة العامة.
وطلبوا،
1-قبول المراجعة شكلاً.
2-وقف العمل بالفقرة المطعون فيها ريثما يصار الى بت المراجعة في الأساس.
3-إبطال الفقرة الثالثة المطعون فيها.
4-إبلاغ القرار من المراجع الرسمية المختصة ونشره في الجريدة الرسمية.
وأرفقوا بالمراجعة صورة عن ملحق العدد العاشر من الجريدة الرسمية وصورة كتاب موجه الى فخامة رئيس الجمهورية، بتاريخ 30/1/2020 من نقابة مالكي الشاحنات العمومية يتضمن طلباً بإلغاء قرار وزيرة الداخلية رقم 2264 تاريخ 9/12/2019 المتعلق بتحديد الأصول والشروط الواجب التقيد بها للاستفادة من نص المادة 96 من قانون موازنة العام 2019 وإلا تعديله وكذلك طلباً بإعداد مشروع قانون لإلغاء هذه المادة.
بنـــــــاءً عليـــــــه
أولاً:في الشـــــــــــكل:
حيث ان القانون رقم 6 المطعون فيه قد نشر في ملحق الجريدة الرسمية عدد 10 الصادر بتاريخ 5/3/2020،
حيث ان مراجعة الطعن موقّعة من عشرة نواب وقد وردت الى المجلس وسجلت في 19/3/2020، أي ضمن مهلة الخمسة عشر يوماً المشترطة، فتكون مستوفية لجميع الشروط الشكلية المنصوص عنها في المادة 19 من قانون إنشاء المجلس الدستوري رقم 250/تاريخ 14/7/1993، وفي المادة 31 من نظامه الداخلي الصادر بالقانون رقم 243 وتقبل شكلاً.
ثانياً:في طلب وقف العمل بالمادة المطعون فيها:
حيث ان الطاعنين يطلبون وقف العمل بالفقرة 2 من المادة 22 المطعون فيها،
حيث ان المراجعة جاهزة للقرار فيضم الطلب الى الأساس.
ثالثاً:في الأســـــــاس:
حيث ان الطاعنين يدلون بعدم دستورية الفقرة 2 من المادة 22 من القانون رقم 6/2020 ويطلبون ابطالها مسندين طعنهم الى السببين التاليين:
الأول-مخالفة المادة 83 من الدستور والمادة الخامسة من قانون المحاسبة العمومية وعدم التقيد
بالمبادئ والأصول والقواعد الدستورية التي ترعى الموازنة العامة.
الثاني-مخالفة أحكام الفقرة جيم من مقدمة الدستور والمادة السابعة منه.
حيث ان الفقرة (2) من المادة الثانية والعشرين من القانون المطعون فيه، المطلوب وقف العمل بها ومن ثمّ ابطالها، تنص على ما يلي:
تمدّد لغاية 31/12/2020 المهل المنصوص عليها في المادة السادسة والتسعين من
قانون موازنة العام 2019 المتعلقة بوضع لوحات عمومية في التداول."
حيث ان المادة السادسة والتسعين من قانون الموازنة العامة والموازنات الملحقة لعام 2019 وعنوانها وضع لوحات عمومية في التداول، تنص على ما يلي:
أولاً: أجيز لوزارة الداخلية والبلديات-هيئة إدارة السير والآليات والمركبات-ان تضع في
التداول خمسة عشر الف لوحة عمومية للسيارات السياحية لأجل بيعها للسائقين العموميين. كما أجيز لوزارة الداخلية والبلديات-هيئة إدارة السير والآليات والمركبات- ان تضع في التداول ستة آلاف وخمسماية لوحة عمومية للشاحنات، وخمسماية لوحة للصهاريج، وخمسة عشر الف لوحة عمومية للأوتوبيسات الصغيرة (Mini Bus) التي لا يتعدى عدد مقاعدها الخمسة عشر مقعداً.
ثانياً: تتولى وزارة الداخلية والبلديات-هيئة إدارة السير والآليات والمركبات- بيع اللوحات العمومية الموضوعة في التداول بموجب البند أولا من هذه المادة وفقاً للشروط التالية:
ا-ان يكون صاحب الطلب لبناني الجنسية.
2-ان يسجل اللوحة على اسمه خلال مهلة أقصاها 31/12/2019 وخلال مهلة ستة أشهر من تاريخ التمديد في حال تم تمديد المهلة بمرسوم يتخذ في مجلس الوزراء بناء على اقتراح وزير الداخلية والبلديات.
3-ان يضع اللوحة في السير على مركبة خلال سنة على الأكثر من تاريخ تسجيل اللوحة على اسمه تحت طائلة سقوط حقه بها، ويعاد له المبلغ الذي يكون قد دفعه محسوماً منه نسبة 10%(عشرة بالمائة) من الثمن المحدد للوحة.
4-ان يتم تسديد ثمن اللوحة نقداً او بالتقسيط على ان يسدد الدفعة الأولى البالغة 25% في مهلة أقصاها 31/12/2019، أو خلال ستة أشهر من تاريخ تمديد المهلة، ويسدد الباقي على اثني عشر قسطا فصلياً مع فائدة معدلها 7%سنويا. وفي حال التخلف عن تسديد أحد الأقساط بتاريخ استحقاقه تستحق الأقساط المتبقية كافة مع فائدة نسبتها 12%.
ثالثاً: تؤلف بقرار من وزير الداخلية والبلديات لجنة خاصة للبت بالطلبات المقدمة.
تتمثل في اللجنة كل من وزارات الداخلية والبلديات والأشغال العامة والنقل والسياحة والمالية، بمندوب يسميه الوزير المختص، ومندوب عن النقابات المختصة تسميه في مهلة عشرة أيام من تاريخ تبليغها.
تحدد بقرار مشترك من وزيري الداخلية والبلديات والمالية أصول تقديم الطلبات والمستندات اللازمة والشروط الواجب توفرها للحصول على اللوحة.
تعطى الأفضلية خلال ثلاثة أشهر وبلوحة واحدة لصاحب الطلب الذي يحمل رخصة سوق عمومية.
يحدد سعر اللوحة العمومية للسيارة السياحية بأربعين مليون ليرة لبنانية، وللأوتوبيس الصغير بخمسين مليون ليرة لبنانية، وللشاحنة بخمسة وخمسين مليون ليرة لبنانية، وللصهريج بخمسين مليون ليرة لبنانية.
رابعاً: تعفى من خمسين بالمائة من الرسوم الجمركية المتوجبة، وشرط ان تكون جديدة وغير موضوعة في السير، الباصات الصغيرة والسيارات السياحية والشاحنات والصهاريج التي تستورد خلال مهلة أقصاها 31/12/2019 شرط وضعها في السير وعليها اللوحة العمومية خلال ستة أشهر من تاريخ استيرادها، وان تبقى كذلك خلال مدة لا تقل عن خمس سنوات، والا توجب على صاحبها إعادة دفع الرسوم الجمركية التي كانت متوجبة عليها. وفي حال البيع بعد هذه المدة، ونزع اللوحة العمومية عنها وجب دفع الرسوم الجمركية على أساس السعر الرائج بتاريخ البيع.
خامساً: يتوجب على الأوتوبيسات الصغيرة التي توضع عليها اللوحة العمومية ان تكون مطابقة للمواصفات المحددة لدى هيئة إدارة السير والآليات والمركبات.
سادساً: تحدد دقائق تطبيق هذه المادة، عند الاقتضاء، بمراسيم تتخذ في مجلس الوزراء بناءً على اقتراح وزير الداخلية والبلديات ووزير المالية.
حيث ان المجلس الدستوري يضع يده عفوا على كل ما يمكن ان يكون قد شاب القانون من مخالفات ويرتب عليها النتائج اللازمة، بمجرد تقديم مراجعة طعن لمخالفة القانون للدستور، ودون ان يكون مقيداً بمطالب الطاعنين او بالأسباب التي استندوا اليها، وفقا لاجتهاده المستقر، فإنه يرى من المفيد بداية التطرق الى مدى دستورية القانون المطعون فيه، لصدوره دون قطع حساب وفقاً لما تفرضه المادة 87 من الدستور ومن ثم لسببي الطعن المدلى بهما في ضوء أحكام مضمون المادة 96 المستعاد أعلاه وما أدلى به الطاعنون والمبادئ الدستورية التي ترعى الموضوع.
أولاً-في مدى دستورية إقرار وتصديق ونشر قانون موازنة العام 2020 قبل انجاز الحكومة مشروع او مشاريع قوانين قطع الحساب لكل سنة من سنوات 1993 حتى2019 ضمناً وموافقة مجلس النواب عليها.
حيث ان المادة 87 من الدستور تنص على ما يلي:
"ان حسابات الإدارة المالية النهائية لكل سنة يجب ان تعرض على المجلس ليوافق عليها قبل نشر موازنة السنة الثانية التي تلي تلك السنة وسيوضع قانون خاص لتشكيل ديوان المحاسبات."،
حيث ان قانون المحاسبة العمومية ينص في مادته 195 على ان تضع مصلحة المحاسبة العامة كل سنة:
-قطع حساب الموازنة الذي يجب تقديمه الى ديوان المحاسبة قبل 15 آب من السنة التي تلي سنة الموازنة.
-حساب المهمة العام الذي يجب تقديمه الى ديوان المحاسبة قبل أول أيلول من السنة التي تلي سنة الحساب.
......."
كما ينص في مادته 197 على أنه يتوجّب على الحكومة ان تحيل مشروع قانون قطع حساب الموازنة الى مجلس النواب قبل أول تشرين الثاني من السنة التي تلي سنة الموازنة."، وفي مادته 213 على ان "يضم الى مشروع قانون قطع الحساب بيان بسلفات الخزينة المعطاة وفقاً لأحكام المادة 203 من هذا القانون وبما سُدّد منها خلال سنة الموازنة."،
حيث ان المرسوم الاشتراعي رقم 82 تاريخ 16/9/1983 المتعلق بتنظيم ديوان المحاسبة، ينص في مادته 53 على ان "يصدر الديوان كل سنة بياناً بمطابقة كل من الحسابات التي تُقدّم اليه مدعومة بالأوراق المثبتة المنصوص عليها في القوانين والأنظمة."، وفي مادته 54 على ان "تبلّغ بيانات المطابقة:
-الى رئيس مجلس النواب لتوزّع على أعضاء المجلس، والى وزير المالية اذا كانت عائدة لحسابات الموازنة العامة والموازنات الملحقة ولسائر الموازنات الخاضعة لتصديق السلطة التشريعية، وتطبق عليها أحكام المادة 51 من هذا المرسوم الاشتراعي.
-الى وزير المالية ووزير الوصاية والهيئات المعنية والمرجع المختص بالتصديق على قطع حساب الموازنة لديها، اذا كانت عائدة لحسابات الموازنات الخاضعة لتصديق مرجع غير السلطة التشريعية."،
حيث ان قانون الموازنة العامة والموازنات الملحقة لسنة 2017 الرقم 66 تاريخ 3/11/2017، المنشور في الجريدة الرسمية، ملحق العدد 52 تاريخ 7/11/2017، ينص في مادته الخامسة والستين (65) المتعلقة بالحسابات المالية والمدققة منذ 1993 وحتى سنة 2015 ضمناً على ما يلي:
"على سبيل الاستثناء ولضرورات الانتظام المالي العام يُنشر هذا القانون وعلى الحكومة انجاز عملية إنتاج جميع الحسابات المالية المدققة منذ 1993 وحتى سنة 2015 ضمناً خلال فترة لا تتعدّى السنة اعتباراً من تاريخ نفاذ هذا القانون واحالة مشاريع قوانين قطع الحساب عن السنوات التي لم تقر فيها الى مجلس النواب، عملا بالأصول الدستورية والقانونية، المرعية."،
حيث ان القانون رقم 143 الصادر بتاريخ 31/7/2019، ينص في مادته الوحيدة، على ما يلي:
"أولاً: خلافاً لأي نص مغاير يتعلق بمنع التوظيف على أنواعه، على الحكومة خلال شهر واحد اعتباراً من تاريخ نفاذ هذا القانون، تأمين الموارد البشرية والمالية اللازمة لتمكين ديوان المحاسبة من انجاز مهمته في تدقيق الحسابات المالية النهائية حتى سنة 2017 ضمناً.
ثانياً:على سبيل الاستثناء، ولضرورات الانتظام المالي العام، يُنشر قانون موازنة العام 2019 والموازنات الملحقة، على ان تنجز الحكومة جميع الحسابات المالية النهائية والمدققة اعتباراً من سنة 1993 حتى سنة 2017 ضمناً، وتحيل مشاريع قوانين قطع الحساب عنها بمهلة أقصاها ستة أشهر اعتباراً من تاريخ نفاذ هذا القانون.
ثالثاً:يعمل بهذا القانون فور نشره في الجريدة الرسمية."،
حيث ان المجلس الدستوري، في قراره رقم 2/2018 الصادر بتاريخ 14/5/2018، المنشور في مجموعة قرارات المجلس الدستوري 2015-2019، الجزء الثالث، رقم 47، ص.93 الى 112، ردّ مراجعة الطعن في القانون رقم 79 تاريخ 18/4/2018، المنشور في الجريدة الرسمية، ملحق العدد 18 تاريخ 19/4/2018، المتعلق بالموازنة العامة والموازنات الملحقة للعام 2018، لجهة الأسباب المدلى بها بشأن مخالفة هذا القانون المادة 87 من الدستور،
إضافة الى ما ورد في قرار المجلس الدستوري آنف الذكر،
حيث ان المشترع، أقرّ المادة 65 من قانون الموازنة العامة والموازنات الملحقة لسنة 2017، التي رُدّ الطعن بشأنها، وثم أقرّ القانون رقم 143 الصادر بتاريخ 31/7/2019 دون ان يصار الى الطعن بهذا القانون، مما يشكل مخالفة لأصول التشريع العادي.
حيث انه بالنسبة لقانون موازنة عام 2020 فنشره قبل قطع الحساب بالنسبة للسنة السابقة يشكل مخالفة للمادة 87 من الدستور، الا انه يظل من الضروري معرفة ما اذا كان مجرد حصول هذه المخالفة يوجب ابطال القانون المطعون به أم ان وجود معطيات وظروف محددة يمكن ان تحول دون الابطال.
حيث ان اجتهاد المجلس الدستوري مستقر على انه يجوز الخروج عن المبدأ الدستوري عندما تقضي بذلك مصلحة البلاد العليا وان الظروف الاستثنائية تؤسس لشرعية يجوز فيها للمشترع مخالفة أحكام الدستور حفاظا على النظام العام او ضمانا لسير المرافق العامة وصونا لمصالح البلاد العليا،
قرار المجلس الدستوري اللبناني رقم 2/2001 تاريخ 10/5/2001
قرار المجلس الدستوري اللبناني رقم 2/97 تاريخ 12 أيلول 1997،
حيث انه من المعروف لدى الكافة أن لبنان كان يمر في أوضاع سياسية ومالية واقتصادية صعبة، فضلاً عن أنه قبل افتتاح الدورة العادية الثانية للعام 2019 لمجلس النواب، وتحديداً منذ 17/10/2019، أضيفت الى تلك الأوضاع ظروف استثنائية في محيط ونطاق مجلس النواب كادت أن تؤدي الى شلل العمل التشريعي.
حيث انه في مثل هكذا ظروف، لا يرى هذا المجلس ضيراً في صدور قانون الموازنة ونشره من دون قطع الحساب الذي لم ينجز ويقر لأن البديل أي عدم إقرار الموازنة ونشرها يؤدي الى إطلاق يد الحكومة في الانفاق دون تحديد أي سقف لهذا الانفاق ما يشكل خللا أكبر في النظام العام المالي وضرراً فادحاً بمصالح البلاد العليا.
حيث انه وأكثر من ذلك وفي جميع الأحوال، فانه يعود للسلطتين الإجرائية والتشريعية، كل سلطة ضمن دائرة اختصاصها، اتخاذ جميع التدابير او الإجراءات المالية او ذات الطابع المالي، الضرورية لتأمين مبدأ استمرارية وديمومة عمل الحياة الوطنية، أي عمل السلطات الدستورية، كإقرار قانون الموازنة العامة والموازنات الملحقة لسنة 2020، دون أن تؤدي هذه التدابير او الإجراءات –حتى في حال مخالفتها او افتراض مخالفتها للدستور-الى إبطال النص القانوني الذي يحتضنها. يراجع بهذا الخصوص:
“1-Considérant que ni la constitution, ni l’ordonnance du 2 janvier 1959 portant loi organique (قانون دستوري) relative aux lois de finances, n’ont prévu explicitement la procédure à suivre après une décision du Conseil constitutionnel déclarant la loi de finances de l’année non conforme à la constitution;
2- Considérant que, dans cette situation et en l'absence de dispositions constitutionnelles ou organiques directement applicables, il appartient, de toute évidence, au Parlement et au Gouvernement, dans la sphère de leurs compétences respectives, de prendre toutes les mesures d’ordre financier nécessaires pour assurer la continuité de la vie nationale. (il s’agissait – après l’annulation de la loi de finances de 1980 – d’une loi dont les dispositions qu’elle comportait étaient de celles qui figuraient normalement dans une loi de finances, et qu’ainsi elle constituait un élément détaché, préalable et temporaire de la loi de finances pour 1980. Le Conseil constitutionnel avait décidé que la loi autorisant le Gouvernement à continuer à percevoir en 1980 les impôts et taxes existants, était conforme à la constitution(.
يراجع أيضاً بهذا الخصوص:
1-Conseil Constitutionnel, 13 décembre 2012, nº 2012-658 DC, in Les Grandes Décisions du Conseil Constitutionnel, Dalloz, 19ème, éd. sous nº28, observations, nº15,p.437 et 438.
2-Cons.Const., 18 déc.1997, nº97-393 DC, op.cit., sous nº49, observations, nº14, p. 791, 792 et 793.
حيث ان الاجتهاد الفرنسي في قرار حديث له اعتبر ان القانون يجب ألا يتعارض مع مبدأ ذي قيمة دستورية إلا إذا كان يرمي لتحقيق هدف عام intérêt general له قوة دستورية مثل استمرارية القطاع العام او مؤسسات الدولة.
استئناف كولمار رقم 80 تاريخ 12/3/2020.
حيث انه تبعاً لكل ما تقدّم لا يرى المجلس، ما يوجب ابطال القانون لعدم سبقه بقطع الحساب وعلما انه قد ذهب بهذا الاتجاه في قراريه رقم 1/2018 تاريخ 26/4/2018 ورقم 23/2019 تاريخ 12/9/2019.
ثانياً-في مدى دستورية البند ثامناً من المادة الخامسة والعشرين من قانون موازنة العام 2020.
حيث ان البند ثامناً من المادة 25 من قانون موازنة العام 2020، ينص على ما يلي:
«ثامناً: تعدل الفقرة 4 من المادة 154 من قانون السير الجديد بحيث تصبح كالتالي:
"4-تستعمل الأحرف اللاتينية Y-H-K-B-G-M-N-O-R-S-T-Z للوحات السيارات الخصوصية العائدة لجميع المواطنين. كما يستعمل حرف P للسيارات العمومية وحرف D للسلك الدبلوماسي وحرف C للسلك القنصلي".»
حيث ان الفقرة الأخيرة من مستهل المادة 154-1 المضافة الى القانون رقم 243 تاريخ 22/10/2012 (قانون السير الجديد) تنص على ما يلي:
"تفرض رسوم على مالكي لوحات الآليات ذات الأرقام المميزة من كل الرموز باستثناء الرموز AP, AG, R, J, D, C وذلك وفقاً لما يلي: ..."
حيث ان ايراد حرف R في البند ثامناً من المادة 25 من قانون موازنة العام 2020، يتناقض بصورة جلية مع مضمون الفقرة الأخيرة من مستهل المادة 154-1 المذكورة أعلاه، التي لم يرد فيها حرف R تقيّداً من المشترع بقرار المجلس الدستوري رقم 23/2019 الصادر بتاريخ 12/9/2019،
حيث يقتضي تبعاً لما تقدّم ابطال البند ثامناً من المادة 25 من قانون موازنة العام 2020 جزئياً لجهة وجوب حذف حرف R من البند المذكور،
ثالثاً-في مدى دستورية الفقرة 2 من المادة 22 المطعون فيها.
1-في السبب الأول.
حيث ان الطاعنين يدلون تحت هذا السبب بأن الفقرة 2 من المادة 22 تفتح باب تقديم الطلبات وتحديد الشروط الواجب توافرها للحصول على اللوحات العمومية وهي بذلك مادة دخيلة على نطاق قانون الموازنة، بمفهوم المادة الخامسة من قانون المحاسبة العمومية وتشكل فارساً من فرسان الموازنة، كونها لا علاقة لها بالمالية العامة للدولة، وقد أُدرجت في ختام قانون الموازنة دون ان تتم مناقشتها أصلاً في حين يجب إصدارها في قانون مستقل، الأمور التي توجب إبطالها.
حيث ان المادة 83 من الدستور تنص على ما يلي:
"كل سنة في بدء عقد تشرين الأول تقدم الحكومة لمجلس النواب موازنة شاملة نفقات الدولة ودخلها عن السنة القادمة ويقترع على الموازنة بنداً بنداً".
حيث ان المادة الخامسة من قانون المحاسبة العمومية تعرّف قانون الموازنة بأنه النص المتضمن إقرار السلطة التشريعية لمشروع الموازنة وبأنه يحتوي على أحكام أساسية تقضي بتقدير النفقات والواردات، وإجازة الجباية، وفتح الاعتمادات اللازمة للإنفاق، وعلى أحكام خاصة تقتصر على ما له علاقة مباشرة بتنفيذ الموازنة.
حيث انه اذا كان الاجتهادان اللبناني والفرنسي قد استقرا على انه لا يمكن تضمين قوانين الموازنة الا أحكاما ذات صبغة مالية وان الأحكام الغريبة التي لا علاقة لها بقوانين الموازنة تشكل فرسان موازنة cavaliers Budgetaires ويكون مصيرها الإبطال فإنه يقتضي معرفة ما اذا كان نص الفقرة 2 من المادة 22 المطلوب إبطاله هو من فرسان الموازنة فيبطل، ام انه ذو طبيعة مالية فيرد سبب الإبطال،
حيث ان المهل التي مددتها الفقرة الثانية من المادة 22 حتى 31/12/2020 هي تلك المنصوص عليها في المادة 96 من قانون موازنة العام 2019 وهي التالية:
-مهلة تسجيل اللوحات العمومية (15.000 لوحة عمومية للسيارات السياحية لأجل بيعها من السائقين العموميين-6.500 لوحة عمومية للشاحنات- 500 لوحة للصهاريج- 15.000 لوحة عمومية للأوتوبيسات الصغيرة Mini Bus التي لا يتعدى عدد مقاعدها 15 مقعداً) على اسم طالبي شرائها،
-مهلة وضع اللوحات العمومية في السير على مركبات خلال سنة على الأكثر من تاريخ تسجيل اللوحة على اسم كل شارٍ تحت طائلة سقوط حقه بها،
-مهلة تسديد ثمن اللوحة نقداً او بالتقسيط، على ان يتم تسديد الدفعة الأولى البالغة 25% في مهلة أقصاها 31/12/2019 (وقد مدّدت حتى 31/12/2020)،
-مهلة إعطاء الأفضلية خلال ثلاثة أشهر وبلوحة واحدة لصاحب الطلب الذي يحمل رخصة سوق عمومية.
-مهلة إعفاء من 50% من الرسوم الجمركية، الباصات الصغيرة والسيارات السياحية والشاحنات والصهاريج التي تستورد خلال مهلة أقصاها 31/12/2019،
علماً ان المادة 96 من قانون موازنة العام 2019 حدّدت سعر اللوحة العمومية للسيارة السياحية بأربعين مليون ليرة لبنانية، وللأوتوبيس الصغير بخمسين مليون ل.ل. وللشاحنة بخمسة وخمسين مليون ل.ل. وللصهريج بخمسين مليون ليرة لبنانية.
حيث ان الرسوم والأثمان التي تنتج من بيع كل تلك الآليات لغاية نهاية 31/12/2020 يشكل مورداً من إيرادات الخزينة العامة وقد تضمن قانون موازنة العام 2020 في تقديره للايرادات في الباب الأول، تقديراً لتلك الرسوم في الفقرة الأولى من البند 139، كما تضمن تقديراً لثمن مبيع اللوحات العمومية في بابه الثاني في الفقرة 3 من البند 273، كما هو ثابت في الصفحتين 47 و48 من ملحق الجريدة الرسمية عدد 10 تاريخ 5/3/2020،
حيث ان أحكام المادة (96) من قانون موازنة العام 2019، الممدّدة مهلها بمقتضى الفقرة (2) من المادة (22) من قانون موازنة العام 2020 المطعون فيها، تكون اذاً-بنصها الأصلي والمهلة الأصلية، وبمهلها الممدّدة بموجب الفقرة (2) من المادة (22) المشار اليها- ذات طبيعة مالية ترتبط مباشرةً بالمالية العامة،
حيث ان إضافة الى ما تقدّم فإن هذا المجلس، بمعرض بحثه في مراجعتي طعن بقانون موازنة العام 2019 والموازنات الملحقة واللتين فصلتا بالقرار رقم 23 تاريخ 12/9/2019، قد اطلع على المادة 96، وان لم تكن موضع طعن بحد ذاتها، ولم يبطلها، بخلاف ما ذهب اليه بالنسبة لمواد أخرى اعتبرها فرسان موازنة وأبطلها دون ان تكون هي الأخرى مشمولة بالطعن، فيكون أي المجلس قد أقر ضمناً بدستورية المادة 96 وبكونها ذا طابع مالي.
حيث انه يقتضي تبعاً لما تقدّم، ردّ سبب الطعن المتعلق باعتبار الفقرة (2) من المادة (22) من قانون الموازنة العامة لعام 2020 وكذلك المادة (96) من قانون موازنة العام 2019، الممدّدة مهلها بالفقرة (2) من المادة (22) من قانون موازنة العام 2020، المطعون فيها، من قبيل فرسان الموازنة.
2-في السبب الثاني للطعن المتعلق بمخالفة الفقرة (2) من المادة (22) من قانون موازنة العام 2020، وبالتبعية المادة (96) من قانون موازنة العام 2019، للفقرة (ج) من مقدمة الدستور وللمادة (7) من الدستور.
حيث ان المستدعين يدلون ضمن هذا السبب بأن الفقرة 2 من المادة 22 من قانون موازنة 2020 وبالتبعية المادة 96 من قانون موازنة 2019 الممدّدة مهلها بموجب النص المطعون فيه، هي مخالفة للفقرة (ج) من مقدمة الدستور وللمادة (7) منه لأنها تمس بحقوق حاملي اللوحات العمومية القديمة الذين لم يؤمّن لهم النص المطعون فيه الحماية التي كان القانون رقم 384/94 قد أمّنها لهم عبر ايلائهم-حينها-حق الحصول على لوحة عمومية مجانية مماثلة للوحاتهم، الأمر الذي سيعرّضهم الى مزاحمة غير مشروعة من قبل المستفيدين من النص المطعون فيه والى إلحاق الخسارة بهم بسبب التفاوت بين الثمن الذي دفعوه في حينه لقاء شرائهم لوحات عمومية والثمن الذي سيدفعه المستفيدون من النص المطعون فيه،
حيث ان الفقرة (ج) من مقدمة الدستور تنص على ان لبنان جمهورية ديمقراطية برلمانية تقوم على ... العدالة الاجتماعية والمساواة في الحقوق والواجبات بين جميع المواطنين دون تمايز او تفضيل، فيما تنص المادة (7) من الدستور على ان كل اللبنانيين سواء لدى القانون وهم يتمتعون بالسواء بالحقوق المدنية والسياسية ويتحملون الفرائض والواجبات العامة دون ما فرق بينهم،
حيث انه اذا كان القانون رقم 384 الصادر بتاريخ 4/11/1994، الذي أجاز لوزارة الداخلية أن تضع في التداول عدداً من اللوحات العمومية للسيارات السياحية وللشاحنات وللأوتوبيسات الصغيرة Mini Bus وللأوتوبيسات الأخرى، لأجل بيعها، قد أعطى في مادته (2) كل صاحب لوحة من أصحاب لوحات السيارات والشاحنات والأوتوبيسات العمومية الموجودة بتاريخ نفاذ ذاك القانون، لوحة عمومية مماثلة مجانية يمتلكها ويحق له التصرف بها ووضعها في السير، كما أعطى أصحاب اللوحات المسجلة كنقل خارجي في لبنان الأفضلية في شراء اللوحات العمومية للشاحنات على ان يتقدّم صاحب العلاقة بطلب خلال ثلاثة أشهر من تاريخ نفاذ القانون المذكور، لأسباب ارتآها المشترع في حينه، فذلك لا يوليهم حقوقاً مكتسبة مماثلة، في كل مرة يوضع في التداول لوحات عمومية، والقول بغير ذلك يعني تشريع احتكار قطاعي النقل والشحن العموميين بكل فئاتهما.
حيث ان إعطاء المادة 96 الحق بتملك اللوحات العمومية المقرر وضعها في التداول لجميع اللبنانيين دون استثناء، وفقاً لشروط معينة، لا يمس، بأية صورة من الصور بمبدأ المساواة او مبدأ العدالة الاجتماعية، علما ان المادة المذكورة، التي لحظت إمكان تمديد المهل الواردة فيها بمرسوم، ويكون من باب أولى إمكان التمديد بقانون، لم يطعن بها صراحة في حينه، كما ان هذا المجلس، الذي وضع يده على الطعن بالقانون الذي وردت فيه لم يبطلها عفوا اسوة بمواد أخرى لم تكن بدورها موضع طعن وذلك في قراره رقم 23/2019 المشار اليه أعلاه ويكون بالتالي قد اعتبرها منسجمة مع الدستور،
حيث انه بالإضافة الى ما تقدّم، تقتضي الإشارة الى أن مبدأي المساواة والعدالة الاجتماعية ليسا مطلقين إنما تحد من إطلاقهما المادة 22 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان التي تنص على حق كل شخص في أن توفر له الدولة، بما يتفق ومواردها، الحقوق الاقتصادية والاجتماعية التي لا غنى عنها لكرامته وتنامي شخصيته في حرية، مع الإشارة الى ان لبنان ملتزم بهذا الإعلان بموجب الفقرة "ب" من مقدمة الدستور.
حيث انه اذا كان الوضع المالي للدولة قد سمح لها سنة 1994، وفقاً لمواردها وامكانياتها المالية آنذاك، بأن تَهب كل صاحب لوحة من أصحاب لوحات السيارات والشاحنات والأوتوبيسات العمومية الموجودة بتاريخ نفاذ ذاك القانون، لوحة عمومية مماثلة مجانية يمتلكها ويحق له التصرف بها ووضعها في السير،
فإنه من المعلوم من الكافة ان موارد الدولة الآن لا تسمح لها بتاتاً بأن تهب أصحاب اللوحات العمومية الموجودة في السير بتاريخ نفاذ قانون موازنة العام 2019 وبتاريخ نفاذ قانون موازنة العام 2020، لوحات عمومية مماثلة للوحاتهم مجاناً، علماً ان المادة 96 من قانون موازنة 2019 أعطت، رغم ذلك، الأفضلية خلال ثلاثة أشهر بلوحة واحدة، لصاحب الطلب الذي يحمل رخصة سوق عمومية،
حيث انه يقتضي تبعاً لما تقدّم، ردّ السبب المتعلّق بمخالفة الفقرة (2) من المادة (22) من قانون موازنة العام 2020، وبالتبعية المادة (96) من قانون موازنة العام 2019، للفقرة (ج) من مقدمة الدستور وللمادة (7) من الدستور.
حيث انه تأسيساً على كل ما سبق بيانه يكون القانون رقم 6/2020 المطعون فيه مطابقاً للدستور ويقتضي رد المراجعة برمتها باستثناء ما ورد في البند ثانياً أعلاه.
لـــــــهذه الأســـــــــباب
يقرّر بالأكثرية:
1-قبول الطعن شكلاً.
2-رد طلب تعليق نص الفقرة 2 من المادة 22 من القانون رقم 6/2020 المطعون فيها.
3-ابطال البند ثامناً من المادة 25 من قانون موازنة العام 2020 جزئياً لجهة وجوب حذف حرف R من البند المذكور،
4-رد مراجعة الطعن.
5- ابلاغ هذا القرار الى فخامة رئيس الجمهورية ودولة رئيس مجلس النواب ودولة رئيس مجلس الوزراء ونشره في الجريدة الرسمية.
قراراً صدر في 9 / 4 /2020 في غرفة المذاكرة
الأعضـاء
الياس مشرقاني فوزات فرحات عمر حمزة رياض أبو غيدا
(مخالف)
عبد الله الشامي أنطوان بريدي الياس بو عيد عوني رمضان
(مخالف)
نائب الرئيس الرئيس
أكرم بعاصيري طنوس مشلب
مخالفة القرار رقم 2/2020
قاضي المجلس الدستوري
الياس بو عيد
أخالف رأي الأكثرية معتبراً أنه كان يقتضي إثارة مسألة غياب قطع الحساب عفواً، وبالتالي إقرار بطلان قانون الموازنة بكامله، معللاً موقفي على النحو التالي:
-في غياب قطع الحساب وتأثيره على مصادقة ونشر الموازنة.
من المسلّم به قانوناً أن الموازنة صكٌ تشريعي مالي سنوي تُقدرُ بموجبه الجباية والإنفاق.
ومن أجل تخمين أركان الموازنة للعام الجديد، لا مندوحة من الوقوف على بيان النفقات التي أُنفقت فعلاً والايرادات التي حُصّلت فعلاً خلال السنة المنقضية. ومحور هذا البيان هو "قطع الحساب" Compte de gestion ou compte définitif الذي يوضع بعد انتهاء السنة المالية العائد لها.
من هذا التوصيف، تتّضح جليّاً أهمية هذا القانون، قانون قطع الحساب، لذا جاءت المادة 87 من الدستور تنص على ان حسابات الإدارة المالية النهائية لكل سنة يجب ان تُعرض على المجلس النيابي ليوافق عليها قبل نشر موازنة السنة الثانية التي تلي تلك السنة إذ لا يمكن، عملياً، لأي حكومة إقرار الموازنة ما لم يتم قطع الحساب عن السنة التي سبقتها، الأمر الذي يستوجب قطع حساب عن العام 2018 التي سبقت العام 2019. وقد أكدت على أهمية هذا القانون المادة 118 من النظام الداخلي لمجلس النواب التي نصّت على التالي:" يُصدّق المجلس أولاً على قانون قطع الحساب، ثم على موازنة النفقات، ثم على قانون الموازنة، وفي النهاية على موازنة الواردات".
ممّا يدل دلالةً واضحةً على ان عملية التصديق تطال، "ابتداءً وبصورةٍ أوّلية"، قانون قطع الحساب، من ثم موازنة النفقات وثالثاً قانون الموازنة. ما يعني ان حسابات الإدارة المالية النهائية للسنة المنصرمة هي "عمادُ" الموازنة وقانونها، من دونه لا موازنة صحيّة Condition sine qua non، إذ نكون أمام موازنةٍ غير صحيّة Budget insalubre،وذلك لغياب بيان النفقات التي أُنفقت فعلياً والايرادات التي حصّلت فعلاً خلال السنة المنصرمة، الأمر الذي يرتدّ سلباًعلى رقابة المجلس النيابي على أعمال الحكومة وعلى المالية العامة سواءً بسواء، مما يُحظّر على ممثلي الشعب إبراءذمة السلطة التنفيذية ويحرم ديوان المحاسبة من إجراء التدقيق في الحسابات العامة وفي تنفيذ الموازنة ويُعطّل المبدأ الدستوري المتجسّد "بتأثير السلطة التشريعية على أعمال السلطة التنفيذية" وينتهك مبدأ الفصل بين السلطات.
والمشَاهد أن الحكومات المتعاقبة تقاعست، منذ التسعينات عن وضع قوانين قطع الحساب السنوي والموازنات العامة السنوية، دون أي محاسبة من قبل السلطة التشريعية، ممّا شكّل ويُشكل "مخالفة للأصول" Irrégularité de procedure الراعية للتصديق على مشروع قانون قطع الحساب ومشروع قانون الموازنة.
وبما أن القانون هو التعبير عن الإرادة العامة المتمثلة في مجلس النواب، وهو لا يكون كذلك إلا إذا جاء متوافقاً مع أحكام الدستور والمبادئ العامة الدستورية (المجلس الدستوري، قرار رقم 4 تاريخ 7 آب سنة 1996)، بحيث ان كل مخالفةٍ أصولية لأحكام الدستور أو المبادئ العامة الدستورية، تؤدي بل يجب ان تؤدي الى إعلان عدم الدستورية، وبالتالي الى البطلان، تطبيقاً لأحكام المادة 22 من قانون إنشاء المجلس الدستوري. وهذا النهج "نصّي" يختزن المبدأ القائل "حذاري اللعب مع الدستور" On ne doit pas jouer avec la Constitution حتى ولو كان نصّه قاسياً، كل ذلك تيمّناً بالمبدأ الكلي القائل "القانون قاسٍ، ولكن هذا هو القانون": Dura lex sed lex.
وقد تسنّى للمجلس الدستوري الفرنسي أن تصدّى الى مثل هذه المخالفات للأصول في التصويت على مشروع قانون الموازنة Vote du budget واعتبر القانون المذكور "غير دستوري بكلّيته" Inconstitutionnalité totale de la loi de finances ومما جاء في القرار، سيّما في حيثيته الأخيرة:
Considérant, en conséquence, et, bien que la suite de la procédure ait été régulière, tant devant le Sénat que devant l’Assemblée nationale, que la loi de finances pour 1980 n’a pas été adoptée conformément aux dispositions de l’ordonnance du 2 Janvier 1959 portant loi organique relative aux lois de finances, prévue à l’article 47 de la Constitution.
Décide :
Article premier : La loi de finance pour 1980 est déclarée non conforme à la Constitution. (Conseil constitutionnel, décision rendue le 24 Décembre 1979. Recueil des décisions du Conseil constitutionnel.36)
Et déjà :
Conseil constitutionnel, Décision du 30 Décembre 1974. Dalloz 1975. Page 721. Note Léo Hamon où le Conseil a déclaré la loi de finances non conforme pour méconnaissance d’exigence de l’ordonnance organique du 2 Janvier 1959.
وبما ان مخالفة الأصول في التصديق على مشروع موازنة 2020 تجسّدت في انتهاك أحكام المادة 87 من الدستور التي نصّت على أن حسابات الإدارة المالية النهائية لكل سنة يجب أن تُعرض على المجلس (النيابي) ليوافق عليها قبل نشر موازنة السنة الثانية التي تلي السنة".
وبما ان النص المذكور "صريحٌ"، فلا مجال للاجتهاد بشأنه إذ، وعملا بالمبدأ العام، "لا إجتهاد في معرض النص الصريح":
Interpretation cessat in clraris (l’interprétation cesse lorsque le texte est clair).
وعندما يقول النص شيئاً، فهذا يعني أنه أنكر العكس، عملاً بالمبدأ العام:
Qui dicit de uno negat de altero (Quand le texte dit quelque chose, il est censé en nier le contraire).
ونص المادة 87 من الدستور قال شيئاً"، قال بوجوب عرض مشروع قانون قطع الحساب على المجلس النيابي قبل نشر موازنة السنة الثانية التي تلي السنة. وقد تمّ التأكيد على هذا المبدأ في قانون المحاسبة العمومية، كما في المادة 118 من النظام الداخلي لمجلس النواب التي فرضت المصادقة تسلسلياً:
أولاً-على قانون قطع الحساب.
ثانياً-على موازنة النفقات.
ثالثاً-على قانون الموازنة.
رابعاً-على موازنة الواردات.
من هذا المنطلق النصّي، سواءً لأحكام الدستور أو قانون المحاسبة العمومية أو النظام الداخلي لمجلس النواب، تنهضُ قاعدةٌ إلزاميةٌ مفادها وجوب وجود مشروع قطع الحساب، والتصديق عليه قبل التصديق على مشروع قانون الموازنة، وإلا نكونُ أمام حالة "عدم إنتظامٍ وعدم مراعاةٍ للأصول القانونية"، Irrégularité de procedure budgétaire في التصديق على أركان الصك التشريعي المالي السنوي، أي الموازنة. الأمر الذي يحرم الهيئات الرقابية، سيّما ديوان المحاسبة، من تدقيق أوضاع المالية العامة .....، بل يمنع من محاسبة الحكومة على تقصيرها في بيان النفقات التي أُنفقت فعلاً والايرادات التي حُصّلت فعلاً خلال السنة المنصرمة.
ومن يُمعن النظر في ألفاظ المادة 87 من الدستور يتّضح أمامه جليّاً ان المشترع الدستوري استعمل فعل "يجب" في صدد حديثه عن عرض قطع الحساب على المجلس النيابي قبل التصديق على مشروع الموازنة ومن ثمّ نشرها. وهذا النهج، في انتقاء الألفاظ، يدل دلالةً واضحة على أن مدلول فعل "يجب" يؤشر الى اعتبار النص القانوني نصاً متعلقاً بالانتظام العام، لما يحتويه من إلزام، فلا تجوز مخالفته لأي سبب كان، بحيث إذا حصلت مثل هذه المخالفة، توجّبت المحاسبة.
وعلى هذا،
وبما أنه، من مهام المجلس الدستوري، عملاً بالمادة 18 من قانون إنشائه، مراقبة دستورية القوانين وسائر النصوص التي لها قوة القانون، وبالتالي "السهر على حماية أحكام الدستور" Sauvegarde des dispositions de la constitution، وهذا النهج متعارفٌ عليه منذ القدم (أنظر على سبيل الإستئناس:
H.Kelsen: La garantie juridictionnelle de la Constitution (La justice constitutionnelle). Revue de droit public 1928.page 245. Nº19 :
Le tribunal constitutionnel pourra remplir sa mission de garant de la Constitution).
وذلك على اعتبار أن القاضي يقول القانون، وليس من مهامه حماية موازنة الدولة المخالفة للدستور أو أي قانون آخر مخالف لأحكام الدستور (أنظر في ذلك:
G.Vedel: Droit administrative 1961.Page 280 : …Le rôle du juge est de dire le droit et non de pourrer des économies à l’Etat…
ما يعني أن المجلس الدستوري يُصدر قراراته ولا يؤدي خدمات للدولة أو لأي سلطة أخرى.
وعلى هذا الأساس، يُعتبر المجلس الدستوري الفم الناطقة بأحكام الدستور:
Le Conseil constitutionnel est la bouche qui pronounce les dispositions de la Constitution.
(أنظر في هذا المعنى:
Louis Favoreu et Loïc Philip: Les grandes décisions du Conseil constitutionnel. Dalloz 1991. Page 295. Nº9 :
…Le Conseil constitutionnel… est chargé de dire le droit, de veiller au respect des règles constitutionnelles dans les limites et les conditions fixées par la Constitution…
Il se borne à constater qu’il ne peut être porté atteinte à ce droit ou à cette liberté par la voie législative ordinaire…
لذلك، إذا اعتبر المجلس الدستوري أن النص موضوع المراجعة غير دستوري ومشوبٌ بعيبٍ من هذا النوع، كلياً أو جزئياً، فعليه أن يقضي، سنداً للمادة 22 من قانون إنشائه، بإبطاله كلياً أو جزئياً، بقرارٍ معلّل يرسم حدود البطلان.
واستفاضة في البحث القانوني والدستوري لأهمية قطع الحساب نقول أن هذا البيان الختامي للموازنة هو بيانٌ محوري لتنفيذ التفقات والواردات العمومية الفعلية للسنة المنصرمة. وهو يستوجب مراعاة مبدأ "صدق الموازنة" Sincérité du budget في نفقاتها ووارداتها، و"حسن تقديرها"، وذلك كي لا تأتي الموازنة موازنةً "وهمية". وقطع الحساب، بالتالي، هو الذي يبيّن "فعلية" النفقات والواردات للسنة المنصرمة، بحيث إن التصويت على الموازنة يستوجب وجود هذا البيان الختامي للإستئناس به لجهة تقدير النفقات والواردات في أوسع احتمالها بالنسبة للأولى، وفي أضيقها بالنسبة للثانية. بحيث إن غياب هذا البيان الختامي يجعل من العسير تطبيق مبدأ التقدير القياسي Pénultième année الذي يقضي ويسمح بتخمين حجم الواردات للسنة التالية بالقياس الى أرقام الواردات الفعلية للسنة المنصرمة. ما يخالفُ قانون المحاسبة العمومية الذي ينص على ان واردات السنة الجديدة تُقدّر بالإستناد الى تحصيلات السنة الأخيرة التي أُنجز مشروعُ قطع حسابها، ويُعطل أحكام المادة 87 من الدستور التي فرضت عرض مشروع قانون قطع الحساب على مجلس النواب قبل نشر موازنة السنة الثانية التي تلي السنة،
ويعطّل نص المادة 118 من النظام الداخلي لمجلس النواب التي فرضت المصادقة تسلسلياً على قانون قطع الحساب، ابتداءً، ثم على موازنة النفقات، وبعدها على قانون الموازنة، وأخيراً على موازنة الواردات.
وهذا النهجُ المتعلّقُ "بصُدقية الموازنة" وبشروط هذا المبدأ، متعارفٌ عليه في اجتهادات المجلس الدستوري.
Voy.sur le contrôle de la sincérité budgetaire :
Favoreu et Philip : Les grandes décisions du Conseil constitutionnel. 14ème édition 2007. Observations. Page 755 (3) :
Pour que la présentation de la loi de finances puisse être jugée sincère, il faut d’abord qu’elle comporte effectivement toutes les données qui doivent normalement y figurer.
وقد إعتُبر "عدم صدقية" الموازنة سبباً لعدم دستورية قانون الموازنة (أُنظر في ذلك:
Favoreu et Philip : Op. cit. Page 812 (13) :
La consécration du principe de sincérité budgétaire.
Depuis 1993, le juge constitutionnel acceptait de répondre aux griefs des requérants tirés de l’insincérité budgétaire, considérée dès lors comme un motif d’inconstitutionnalité…(qui) pourrait être sanctionnée et se traduise éventuellement par une déclaration d’inconstitutionnalité de l’ensemble de la loi de finances. »
أيضاً وأيضاً، ومن وجهٍ آخر،
إنّ إقرار الموازنة خلافاً لأحكام المادة 87 من الدستور، وخلافاً لقانون المحاسبة العمومية وللمادة 118 من نظام مجلس النواب الداخلي يُشكل تخلّياً، من قبل السلطة التشريعية، عن اختصاصاتها ومسؤوليتها. فالمجلس النيابي، وإن كان سلطة، ملتزمٌ، مثله مثل باقي سلطات الدولة، باحترام الدستور وأحكامه تطبيقاً لمبدأ "دولة القانون" (أنظر في ذلك:
Favoreu et Philip: Op.cit. Page 419. Nº28 :
Tout d’abord, comme tous les organes de l’Etat, le législateur est soumis au respect de la Constitution. C’est l’affirmation fondamentale de la plénitude de la réalisation de l’Etat de droit, dans la mesure où le législateur qui, jusqu’à une époque récente, échappait en fait sinon en droit à la soumission à la règle supérieure, est désormais astreint, lui aussi, comme les autres organes de l’Etat, tels le Président de la République et le gouvernement, au respect des règles qui lui sont supérieures…
Le Conseil constitutionnel se réfuse à faire une distinction entre les cas où le législateur serait astreint à respecter certaines règles supérieures objectives et d’autres cas où il serait souverain.
من هذا المنطلق الدستوري، لم يكن يحق لمجلس النواب ان يُصادق على مشروع الموازنة في غياب قطع الحساب للسنة المنصرمة (ولسنواتٍ عدّة قبلها، بالمناسبة). ممّا شكّل ويُشكّل تخلّياً من قبله عن صلاحياته الدستورية، الأمر الذي أدّى ويؤدّي الى خرق مبدأ فصل السلطات، من جهة، المنصوص عليه في الفقرة (ه) من مقدّمة الدستور، والى خرق قاعدة وجوب خضوعه الى مبدأ الدستورية.
Soumission au principe de constitutionnalité
من جهة ثانية، أي مبدأ احترامه لقواعد وأحكام الدستور والمبادئ العامة الدستورية، فضلاً عن تخلّيه عن "إختصاصه السياسي" في الرقابة على أعمال السلطة التنفيذية، من جهة ثالثة، مخالف القاعدة القائلة بأن "حُسن اختيار القوانين بحاجة الى أنظار وأعين أعضاء الهيئة التشريعية":
Et Thémis pour vivre clair a besoin de vos yeux.
وجاراه في هذه المخالفة قرار الأكثرية من دون وجه حق، مخالفاً بذلك الدور المنوط به دستورياً "كحامٍ لأحكام الدستور" Gardien de la Constitution (أنظر حول دوره الحمائي ادمون رباط: الوسيط في التعاون الدستوري، الجزء الأول، صفحة 499 أولاً).
وعدم احترام القواعد الدستورية الآنفة الذكر لا يندرج ضمن خانة "الحالة الشاذة"، كما وصفها المجلس الدستوري السابق في قراره حامل الرقم 2 تاريخ 14/5/2018 (مجموعة قرارات المجلس الدستوري للأعوام 2015-2019، الجزء الثالث، صفحة 102 و103) تبريراً لموقفه الرافض إبطال موازنة العام 2018 لغياب قطع الحساب، بل هي "ظاهرة" غير صحيّة وغير دستورية، درجت عليها الحكومات المتعاقبة منذ التسعينات حيث تقاعست عن وضع موازناتٍ عامة سنوية، وبالتالي عن وضع قطع حساب لكل هذه السنوات. وهذه الظاهرة غير الصحيّة وغير الدستورية تجسّدت في مخالفة أحكام الدستور، سيما المادة 87 منه، وقانون المحاسبة العمومية، والنظام الداخلي لمجلس النواب. ما يُصبغها بصبغة "المخالفة الدستورية" وليس بصبغة "الحالة الشاذة"، بحيث كان يقتضي محاسبة الحكومة على تقصيرها، من الناحية الدستورية وكسلطة تنفيذية منوطٌ بها احترام مبدأ "سنوية" الموازنة من جهة، وبالتالي سنوية قطع الحساب، من جهة ثانية.
ولا يُرد علينا القول بأن "قطع الحساب إعتُمد من أجل تحديد الخلل في تنفيذ موازنةٍ سابقة، وبالتالي من أجل الموازنة، ولم تُعتمد الموازنة من أجل قطع الحساب" (المجلس الدستوري، قرار رقم 2 تاريخ 14/5/2018، مجموعة قرارات المجلس الدستوري للأعوام 2015-2019، الجزء الثالث، صفحة 103)، وذلك على اعتبار ان هذا البيان المالي هو كناية عن حساب الإدارة المالية Compte de gestion تمهيداً لإقفال الحسابات والوقوف على حقيقة النفقات التي صُرفت فعلاً والواردات التي حصّلت فعلاً أثناء السنة المنصرمة. ومن "ميّزاته" أنه يُسهّل تخمينات موازنة السنة التالية، لأنه يُظهر ما جُبي فعلاً وما أُنفق فعلاً في أقرب سنةٍ للسنة التالية، ويُتيح لمجلس النواب الموافقة والمصادقة عليه قبل التصويت والمصادقة على مشروع الموازنة للسنة الجديدة التي تلي السنة المنصرمة. كما يُشكل وسيلةً للإسراع في إقفال الحسابات والوقوف على معاملات السنة المنصرمة. وهو، أي حساب القطع، يُساعد على إبطال الاعتمادات الفائضة، وبالتالي على إبطال الإذن بإنفاقها، بحيث تُعتبر وفراً للخزينة. وهو يختلفُ عن الموازنة من حيث أنه يُنظم لسنةٍ مالية منصرمة، في حين أن الموازنة توضع لسنةٍ جديدة، تالية للسنة تلك. كما انه يختلف عنها من حيث طابعه "المحدد والنهائي"، في حين أن طابع الموازنة له الصفة "التقديرية" Acte de prévision.
من هذه المنطلقات، يمكن القول أن قطع الحساب هو "الموازنة كما طُبّقت عملياً". وبالتالي ليس دقيقاً القول المعتمد من قبل المجلس الدستوري السابق في قراره حامل الرقم 2/2018 تاريخ 14/5/2018، أن قطع الحساب "اعتمد من أجل تحديد الخلل" في تنفيذ موازنةٍ سابقة، وبالتالي من أجل الموازنة، ولم تُعتمد الموازنة من أجل قطع الحساب، إذ إن قطع الحساب هو "بيان" لحساب النفقات المصروفة فعلاً والواردات المحصّلة فعلاً أثناء السنة المنصرمة، في حين أن الموازنة هي "صك تشريعي" تُقدّر فيه نفقات الدولة ووارداتها عن السنة المقبلة، تُجاز بموجبه، ومسبقاً، الجبايةُ والانفاق (أنظر من ذلك:
Jean-Luc Albert: Op. cit. Page 38 Nº54 infine :
Il (le budget) revêt deux caractères principaux. Il s’agit d’un acte de prévision et d’un acte d’autorisation préalable.
Adde :
Paul Leroy-Beaulieu : Traité de la science des finances. Tome II. Page 2 :
Le Budget est un état de prévoyance des recettes et des dépences pendant une période déterminée.
إنطلاقاً من هذه التعليلات مجتمعةً، اعتبر أن قانون موازنة 2020 جاء معيوباً بعدة عيوب أصولية ودستورية مؤداها البطلان الكلي: كما اعتبر أن قرار الأكثرية الذي لم يحاسبه يكونُ غير جديرٍ بالتأييد. لذلك أخالفه.
قاضي المجلس الدستوري
الياس بو عيد
أسباب المخالفة
بما أنّ طبيعة المراجعات أمام المجلس الدستوري تفرض عليه عدم التقيّد في النظر بالنصوص القانونية المطعون في دستوريتها وحسب، إنما التصدي للقانون برمّته وبالتالي ممارسة الرقابة الدستورية الشاملة عليه،
وبما أنّ مراجعة الطعن بدستورية القانون ليست مراجعة شخصية بل أنها تتعلق بالإنتظام العام الدستوري المرتبط بكل قانون يصار إلى إقراره وإصداره، فيكون من واجب المجلس الدستوري أن يضع يده عفواً على كلّ مخالفة لأحكام الدستور بدون أن يتقيّد بمطالب المستدعين حصراً،
(قرار المجلس الدستوري رقم 23/2019 تاريخ 12/9/2019)
وبما أنّ المقصود بالدستور هو معناه الواسع أي ليس النصّ المكتوب فحسب بل أيضاً مجموعة القواعد والمبادئ التي لها قيمة دستورية والتي تشكّل مجتمعةً ما يعرف بالكتلة الدستورية،
(Bloc de constitutionnalité)
وبما أنه، إنطلاقاً من تصدّي المجلس الدستوري عفواً لمدى مراعاة القانون النافذ حكماً رقم 6/2020 (الموازنة العامة) لأحكام الدستور ولا سيما المادة /87/ منه، يقتضي مخالفة النتيجة التي توصّل إليها هذا المجلس إستناداً على ما يلي:
في عدم دستورية قانون موازنة العام 2020 لمخالفته أحكام المادة /87/ من الدستور:
بما أنّ إجتهاد المجلس الدستوري يعتبر في قراره رقم 2/2018 أنّ قطع الحساب يعبّر عن واقع تنفيذ الموازنة وتحديداً أرقام الواردات والنفقات والتوازن في ما بينهما، ويعكس مدى الإلتزام بخطّة عمل السنة المنصرمة، ويمكّن البرلمان من اتخاذ قرارات مبنيّة على معلومات حقيقية عند إقرار الموازنة أو تعديلها وفقاً لمعطيات مالية وإقتصادية واكتشاف مكامن الخطر في المالية العامة، وإتخاذ التدابير التصحيحية في الوقت المناسب،
وبما أنّ إنجاز الحسابات المالية يتيح لهيئات الرقابة القضائية، وبشكل خاص ديوان المحاسبة، تدقيق أوضاع المالية العامة، كما يمكّن السلطة الإشتراعية من القيام بوظيفتها الرقابية في الشق المالي من خلال مراقبة الحكومة ومحاسبتها،
وبما أنّه وفقاً للدستور تجري مناقشة وإقرار الحسابات المالية للسنة المنصرمة في مجلس النواب قبل نشر موازنة السنة اللاحقة،
وبما أنّ المادة /118/ من النظام الداخلي لمجلس النواب تنصّ على أن يصدّق المجلس أولاً على قطع الحساب ثم على قانون الموازنة،
وبما أنّه على الحكومة أن تحيل قطع الحساب على المجلس النيابي في نهاية كل سنة ليوافق عليه ويبرئ ذمّتها،
وبما أنّ قطع الحساب هو الأداة الأساسية لإجراء التدقيق في الحسابات العامة وفي تنفيذ الموازنة ولإتمام المراقبة والإشراف على حسن استخدام السلطة التنفيذية للأموال العامة،
وبما أنّ إقرار الموازنة بدون قطع حساب يعطل الرقابة المالية المناطة بموجب الدستور بالسلطتين الإشتراعية والقضائية، وينتهك مبدأ فصل السلطات، ويحوّل السلطة الإشتراعية إلى أداة بيد السلطة التنفيذية فتصبح عاجزة عن ممارسة دورها في الرقابة الجدّية والمجدية،
وبما أنّ غياب قطع الحساب يؤدي إلى غياب الشفافية في جباية المال العام وإنفاقه، وبالتالي التشكيك في صدقية الموازنة العامة وسلامة تنفيذها، كما يؤدي إلى فتح الباب واسعاً أمام تفشّي الفساد واستشرائه،
وبما أنّ الحكومات المتعاقبة تقاعست عن وضع قطع الحساب السنوي وفقاً لما نصّ عليه الدستور كما تقاعست عن وضع موازنات عامة سنوية طيلة عقدٍ من الزمن، يقابلها تراخي مجلس النواب في القيام بدوره الأساسي لناحية إلزام الحكومة بوضع قطع الحساب السنوي، وتخلّيا معاً عن الإضطلاع بالصلاحيات التي ناطها بهما الدستور، فألحقا ضرراً فادحاً بالمصلحة الوطنية العليا،
وبما أنّ الإستمرار في تغييب قطع الحساب يشكّل إنتهاكاً فاضحاً للدستور،
وبما أنّ المجلس الدستوري في قراره رقم 2/2018 الآنف ذكره سبق أن نبّه إلى ضرورة أن يجري " سريعاً وبدون تباطؤ " وضع قطع الحساب وفق القواعد التي أملاها الدستور وقانون المحاسبة العمومية لكي تعود المالية العامة إلى الإنتظام، " ولوضع حدٍّ لتسييب المال العام "، وضبط الواردات والنفقات و" تقليص العجز في الموازنة العامة "، وممارسة رقابة فعلية وفاعلة على تنفيذ الموازنة،
وبما أنّ عبارة " سريعاً وبدون تباطؤ " لا يمكن أن تستمرّ المخالفة تحت ستارها ردحاً طويلاً من الزمن لا حدّ له ولا أفق، خاصة أنّ المخالفة تلك امتدت على مدى موازنات ثلاث متتالية بدون أن يحرّك المجلس النيابي الركود الضارب بعملية إنجاز قطع الحساب المطلوب بإلحاح،
وبما أنّه ليس ثمة ما يبشّر بعدم جعل الإستثناء قاعدة لا بل عرفاً فندخل في المحظور الأكثر خطورة على الوضع الدستوري،
وبما أن السلطة الإشتراعية ليست سيّدة نفسها إلاّ بقدر ما تلتزم أحكام الدستور، ومن هنا ضرورة ممارسة الرقابة عليها من القضاء الدستوري.
“ La loi est l’expression de la volonté générale était le discours produit et légitimant à la fois, le pouvoir législatif des seuls représentants de la Nation, du Parlement seul. La loi n’exprime la volonté générale que dans le respect de la constitution est aujourd’hui le discours produit et légitimant à la fois le pouvoir du Conseil de participer à la formation de la loi en vérifiant qu’elle respecte les règles constitutionnelles. »
(Droit du Contentieux Constitutionnel, 4éme éd. Dominique Rousseau, pp. 409-410)
وبما أنّ المادة /13/ من قانون إنشاء المجلس الدستوري نصّت على تمتّع القرارات الصادرة عنه بقوة القضية المقضية وعلى أنها ملزمة لجميع السلطات والمراجع وهي غير قابلة لأي طريق من طرق الطعن،
وبما أنه لا يسع مجلس النواب التمادي في تجاهل قرارات المجلس الدستوري الملزمة والتي تساهم مساهمة أساسية في صناعة سليمة لقانونٍ مؤتلف وأحكام الدستور،
وبما أنّه، وللأسف، فإنّ " خرق الدساتير تقوم به الأطراف التي يناط بها تطبيق الدستور والتي تمتلك صلاحيات دستورية "، (الدكتور عصام اسماعيل)
وبما أنّ البند ثانياً من القانون رقم 143/2019 الصادر بمادة وحيدة (الذي شكّل إستثناءاً بمعرض نشر موازنة العام 2019) حدّد للحكومة مدّة ستة أشهر لإنجاز الحسابات المالية النهائية والمدقّقة،
وبما أنّ المهلة المضروبة فيه انقضت قبل تاريخ نشر القانون رقم 6/2020 (موازنة سنة 2020) الذي صار إقراره بدون إنجاز قطع الحساب المفروض ولم يعد القانون 143/2019 ساري المفعول ولا صالحاً كذريعة لإقرار الموازنة المطعون فيها راهناً،
وبما أنّه في مطلق الأحوال لا يمكن للقانون رقم 143/2019 أن يرقى إلى مصافّ التعديل الدستوري بأي شكل من الأشكال لعدم مراعاته الإجراءات الدستورية المفروضة لهكذا تعديل ولإنتهاء مفاعيله بحلول الأجل المحدّد في متنه بدون أدنى مساس بمضمون المادة /87/ من الدستور التي تبقى كما هي، خاصة لجهة إلزامها بوضع قطع الحساب قبل نشر قاتون الموازنة العامة مهما كانت الإعتبارات والأسباب في ظلّ وضوح النصّ وصراحته،
وبما أنّه لا يجوز بالتالي القول بمخالفة موجب قانوني لم يعد موجوداً أصلاً (على فرض صوابه) إنما نكون لا محال أمام مخالفة دستورية صارخة،
وبما أنّ التذرّع بقراريّ المجلس الدستوري رقم 2/2001 ورقم 2/1997 لا يجد صدىً دستورياً له في مقاربة قانون الموازنة العامة المرعية بنصوص صريحة وواضحة تقابلها مصلحة عامة مفترضة ومبهمة لم يستند إليها المشترع أصلاً ولم يورد الأسباب الإستثنائية التي حدت به إلى مخالفة المادة /87/ من الدستور مرّة إضافية تزاد على سابقاتها،
وبما أنّ المجلس الدستوري بدوره إجتهد في إجتراح " أوضاع سياسية ومالية واقتصادية صعبة " بدون أن يبيّن الترابط المباشر والوثيق بين تلك الأوضاع وبين الإمتناع عن إعداد قطع الحساب وإقراره، لا سيما أنّ إغفال إقراره نشأ قبل الأوضاع التي شكا منها المجلس وما زالت حالة الإغفال مستمرّة بدون مبرّر،
وبما أنّ الأوضاع المعوّل عليها كحالة استثنائية، سمحت لا بل سَهُلَ معها إقرار قانون الموازنة وقوانين أخرى شتّى كما ومناقشة بيان الحكومة ومنحها الثقة البرلمانية ما عدا العمل على ولادة قطع الحساب وإقراره، الأمر الذي ينزع عن الأوضاع المعدّدة في القرار جدّيتها وصوابها ويؤكد وجوب إهمالها وعدم أخذها في الحسبان بوجه نصّ المادة /87/ من الدستور،
وبما أنّ الإرتكاز أيضاً على القرار الصادر عن المجلس الدستوري الفرنسي والذي أعقب قرار إبطال موازنة سنة 1980 يقع في غير محلّه السليم لأنه لم يصدر بصدد قانون الموازنة العامة إنّما بمناسبة قانون لاحق يولي الحكومة والبرلمان صلاحية إتخاذ التدابير المالية لإستمرار الحياة الوطنية عند غياب الموازنة التي أبطلها يومذاك المجلس الدستوري الفرنسي، وتالياً لا ينطبق كاجتهادٍ على الوضع الذي نحن في كنفه،
وبما أنه من غير الجائز بعد، أن تنطوي قرارات المجلس الدستوري المتعاقبة على تساهلٍ إزاء الخرق البرلماني للدستور، بل ينبغي أن تبني الحصن المنيع بوجه أي تجاوز لحرفية النص الدستوري الواضح والصريح وبدون الإكتراث لأي ذريعة أو مبرّر مخالف،
وبما أنّ المادة /87/ من الدستور نصت صراحة وبكل وضوح على " أن حسابات الإدارة المالية النهائية لكلّ سنة يجب أن تعرض على المجلس ليوافق عليها قبل نشر موازنة السنة الثانية التي تلي تلك السنة،"
وبما أنّ المهمة الأساسية للمجلس الدستوري هي مراقبة دستورية القوانين وبالتالي يكون هو حامي الدستور،
وبما أنّه لا يعوّل على القول بالمصلحة العامة في معرض النص الدستوري الصريح والواضح والقاطع والملزم،
وبما أنّ الإجتهاد الدستوري جعل من المصلحة العامة مبدأً ثانوياً ومكمّلاً secondaire et complémentaire في غياب النص، بمعنى أنّه لا يؤخذ بها مع وجود النص الصريح،
(مخالفة نائب رئيس المجلس الدستوري القاضي طارق زيادة وهي جزء لا يتجزأ من القرار رقم 2/2018)
وبما أنّه ليس ثمة ظرف مقبول يبرّر الإمتناع عن وضع قطع الحساب المفروض وجوباً، الأمر الذي يشكل مخالفة للمادة /87/ من الدستور التي تحتّم إبطال قانون موازنة سنة 2020،
وبما أنّ المجلس الدستوري الفرنسي اعتمد موقفاً متشدداً عندما أعلن عدم دستورية موازنة العام 1980 بسبب مخالفة البرلمان لأصول التشريع (CC 79-110 DC du 24 décembre 1979)، وكانت المخالفة أنّ البرلمان إنتقل إلى مناقشة الباب الثاني من الموازنة قبل التصويت على الباب الأوّل مخالفاً الأصول المنصوص عليها في المادة /40/ من القرار التنظيمي (Ordonnance) الصادر في 2 كانون الثاني 1959، فكم بالحري متى كانت المخالفة جوهريّة وجسيمة وبالحجم العارم والمتكرّر إبّانَ نشر كل موازنة سنويّة.
لكل هذه الأسباب خالفت رأي الأكثرية.
القاضي المخالف
الياس مشرقاني