قرار رقم 1\2002



قرار رقم 1\2002

تاريخ 31\1\2002

طلب ابطال القانون رقم 379 الصادر بتاريخ 14\12\2001:

 الضريبة على القيمة المضافة

المواد المسند اليها القرار

 

الفقرات (ج) و(ه) و(ي) من مقدّمة الدستور

المواد  7، 16، 17، 65 و81 من الدستور

 

رقم المراجعة: 1\2002

المستدعون: النواب: الرئيس حسين الحسيني، الرئيس عمر كرامي، مصطفى سعد المصري، الياس سكاف، محمد كباره، فيصل الداوود، منصور البون، محمد الصفدي- جهاد الصمد، فارس سعيد، عباس هاشم، فريد الخازن.

القانون المطلوب ابطاله: القانون رقم 379 (الضريبة على القيمة المضافة) الصادر بتاريخ 14\12\2001 والمنشور في العدد 63 تاريخ 24\12\2001 من الجريدة الرسمية.

          إن المجلس الدستوري

          الملتئم في مقره بتاريخ 31\1\2002 برئاسة رئيسه امين نصار، وحضور نائب الرئيس مصطفى العوجي، والاعضاء حسين حمدان، فوزي ابو مراد، سليم جريصاتي، سامي يونس، عفيف المقدم، مصطفى منصور، كبرِيال سرياني، اميل بجاني.

          وعملا بالمادة 19 من الدستور،

          وبعد الاطلاع على ملف المراجعة وتقرير العضو المقرر،

          وبما انه تبين ان السادة النواب المستدعين تقدموا بمراجعة تسجلت في قلم المجلس الدستوري بتاريخ 8\1\2002 برقم 1\2002 ترمي الى  تعليق مفعول وابطال القانون رقم 379 (الضريبة على القيمة المضافة) تاريخ 14\12\2001 برمته، وهو القانون المنشور في العدد 63 من الجريدة الرسمية تاريخ 24\12\2001، وذلك لمخالفته احكام وثيقة الوفاق  الوطني والدستور، وقد ادلوا، في الشكل، بأن مراجعتهم واردة ضمن المهلة القانونية ومن قبل جهة مخولة دستوريا بتقديمها، بحيث يقتضي قبولها شكلا، وفي الاساس، وبعد ان استعرض المستدعون بعض مواد هذا القانون، ادلوا بأسباب الابطال التالية:

اولا -في الاسباب المتعلقة بمخالفة القانون المطلوب ابطاله لاحكام وثيقة الوفاق الوطني وفقا للمراجعة:

          يدلي المستدعون لهذه الجهة بأن وثيقة الوفاق الوطني، بالاضافة الى الاصلاحات السياسية التي تضمنتها، قد نصت على:

1-"العمل على تحقيق عدالة اجتماعية شاملة من خلال الاصلاح المالي والاقتصادي والاجتماعي."

2-"اعتماد خطة موحدة شاملة للبلاد قادرة على تطوير المناطق اللبنانية وتنميتها اقتصاديا واجتماعيا، وتعزيز موارد البلديات والبلديات الموحدة والاتحادات البلدية والامكانيات المالية اللازمة".

3- انشاء " مجلس اقتصادي اجتماعي تأمينا لمشاركة ممثلي مختلف القطاعات في صياغة السياسة الاقتصادية والاجتماعية للدولة وذلك عن طريق تقديم المشورة والاقتراحات".

          وقد ارتكز المستدعون على هذه النصوص ليدلوا بأن القانون المطلوب ابطاله لم يسبقه، على ما نصت عليه وثيقة الوفاق الوطني، اصلاح مالي واقتصادي واجتماعي الذي من اولى خطواته نظام ضريبي واضح وهادف وذلك تحقيقا للعدالة الاجتماعية الشاملة في البلاد، بل بالعكس اغرقت الخزينة اللبنانية بدين عام متزايد تسبب في عجز متماد في الموازنة انعكس سلبا على الاوضاع المالية والاقتصادية والاجتماعية، وان القانون المطلوب ابطاله لم يؤخذ بشأنه رأي "المجلس الاقتصادي والاجتماعي للتنمية"، وان من ابسط قواعد الضرائب ان تكون عادلة ومحددة وصريحة اي معلومة من المكلف وغير مفروضة بصورة كيفية او في زمن يعاني فيه الاقتصاد من الانكماش والركود كما هي الحال في لبنان، وان القانون المطلوب ابطاله قد جاء مخالفا لجميع هذه الاحكام والقواعد بحيث اضطر المشرع الى اعطاء صلاحيات استثنائية غير ميثاقية وغير دستورية مع كل مادة من مواد القانون لتحديدها وايضاحها.

          ويخلص المستدعون الى ان القانون المطلوب ابطاله قد جاء بالتالي مخالفا لاحكام وثيقة الوفاق الوطني نصا وروحا، تلك الوثيقة التي يعتبرها العديد من علماء الحقوق الدستورية بأنها "ذات قيمة دستورية" او "منطوية على تعهدات وطنية."

ثانيا- في الاسباب المتعلقة بمخالفة القانون المطلوب ابطاله لاحكام الدستور وفقا للمراجعة:

          يدلي المستدعون لهذه الجهة بأن القانون المطلوب ابطاله قد خالف الفقرات "ج" و "ه" و"ي" من مقدمة الدستور، والمواد 7 و16 و17 و65 و81 و82 منه، وانه يمكن توزيع النصوص المخالفة الى ثلاث فئات:

- الفئة الاولى، التي تضمن في كل من المواد التي تتألف منها تفويضا تشريعيا للسلطة الاجرائية، لمدة غير محددة وهو غير جائز دستوريا. وان المواد المشمولة بهذه الفئة هي كل من المواد 40 (فقرة 2) و42 و56 و57 و58 و62 من القانون المطلوب ابطاله.

- الفئة الثانية، التي تتضمن كل من المواد التي تتألف منها تفويضا تشريعيا لغير السلطة الاجرائية، لمدة غير محددة، وهو غير جائز دستوريا ايضا. وان المواد المشمولة بهذه الفئة هي كل من المواد 16 و17 و18 و19 و20 و21 و28 و30 و31 و49 و55 و59 (فقرة ج) من القانون المطلوب ابطاله.

- الفئة الثالثة، التي تتضمن في كل من المواد التي تتألف منها تفويضا تشريعيا لوزير المالية لمدة غير محددة وغير جائز دستوريا. وان المواد المشمولة بهذه الفئة هي كل من المواد 3 و26 و36 و39 و40 (فقرة 1) و60 (فقرة ب وفقرة د) من القانون المطلوب ابطاله.

ثم يبادر المستدعون الى تفصيل مآخذهم واسباب مراجعتهم بالنسبة الى كل من هذه الفئات، فيدلون بما يلي:

1-بالنسبة الى الفئة الاولى، تعطي المواد التي تتألف منها هذه الفئة تفويضا تشريعيا للسلطة الاجرائية، غير محدد بمهلة زمنية، متجاوزا في بعض المواد مسألة تحديد الدقائق التي قد تدخل في نطاق الصلاحية التنظيمية او التطبيقية للسلطة الاجرائية المشمولة بالمادة 65 من الدستور. ويعطي المستدعون في هذا السياق مثلين عن هذا التفويض، اولهما ما ورد في الفقرة الاخيرة من المادة 42، وثانيهما ما ورد في الفقرة 3 من المادة 56 من القانون المطلوب ابطاله.

ويضيف المستدعون في هذا الخصوص بأن مثل هذه النصوص المطلوب ابطالها تحل السلطة الاجرائية محل السلطة المشترعة في ممارسة صلاحياتها في اصدار قواعد ملزمة، لها صفة التشريع، ولمدة غير محددة وخلافا للنص الدستوري والمبدأ العام الدستوري والاداري "لا حلول بدون نص" مما ينال من مبدأ فصل السلطات كما ومن مبدأ عدم جواز تفويض اختصاص الهيئات الدستورية التي لا تمارس حقوقا خاصة بها بمعرض مزاولتها للسلطة العامة، وان هذا الامر يتعلق اصلا بمبدأ "سمو الدستور" ومبدأ "سيادة القانون"، بمعنى ان الدستور هو الذي يجيز اي تفويض من هيئة دستورية الى اخرى في معرض مزاولة اختصاصاتها لان مثل هذه الهيئات على اختلافها لا تمتلك سلطاتها بل تمارسها فقط وفقا لاحكام الدستور، وان من شأن اي تفويض غير متاح دستورا المساس بالدستور.

ويخلص المستدعون لهذه الجهة الى ان المواد الوارد تعدادها اعلاه من ضمن الفئة الاولى انما تقر تفويضا من السلطة التشريعية الى السلطة الاجرائية بشأن مالي خلافا لاحكام المادة 16 من الدستور لجهة الاختصاص وخلافا لاحكام المادتين 81 و82 من الدستور لجهة فرض الضرائب او تعديلها او الاعفاء منها.

2-اما بالنسبة الى الفئة الثانية، فان المواد التي تتألف منهاهذه الفئة انما تعطي تفويضا تشريعيا ليس للسلطة الاجرائية المتمثلة بمجلس الوزراء والمنصوص عنها في المادتين 17 و65 من الدستور بل لرئيس الجمهورية ورئيس مجلس الوزراء ووزير المالية دون عرض الامر على مجلس الوزراء، بحيث يوقعون معا مراسيم تتضمن قواعد تشريعية ملزمة. وان اناطة السلطة الاجرائية بمجلس الوزراء دون سواه يعني انه يجوز لهذه السلطة دون سواها اصدار مراسيم تنظيمية في اطار التشريع، اي بتفويض من السلطة المشترعة، على ان يكون هذا التفويض ضيقا ولمدة محدودة، وهذا ما يعبر عنه بعبارة "دقائق تطبيق القانون". ولا يوجد اي نص دستوري يجيز لغير مجلس الوزراء مثل هذه الصلاحية.

3-اما الفئة الثالثة، فان المواد التي تتضمنها تتجاوز كل المخالفات الدستورية اعلاه الى ما هو ابعد منها اذ تنيط سلطة فرض الضرائب وتعديلها والاعفاء منها بوزير المالية.

بناء عليه

اولا: في الشكل:

          بما ان مراجعة الطعن الحاضرة قدمت ضمن المهلة مستوفية سائر شروطها القانونية، فتكون مقبولة في الشكل.

ثانيا: في الاساس:

1-في طلب ابطال القانون رقم 379\2001 (الضريبة على القيمة المضافة) لمخالفته احكام وثيقة الوفاق الوطني:

          بما ان المادة 19 من الدستور التي انشأت المجلس الدستوري، قد اناطت به مراقبة دستورية القوانين، واعادت استعمال العبارة ذاتها، اي دستورية القوانين، في معرض تسميتها لاصحاب حق مراجعة هذا المجلس في ما يتعلق بهذه المراقبة.

          وبما ان المادة الاولى من كل من قانون انشاء المجلس الدستوري (القانون رقم 250 تاريخ 14\7\1993 المعدل بالقانون رقم 150 تاريخ 30\10\1999) والنظام الداخلي للمجلس الدستوري (القانون رقم 243 تاريخ 7\8\2000) تنص على ان المجلس الدستوري يتولى مراقبة دستورية القوانين، وان المواد 18 و19 و22 من الفصل الثالث المعنون "في الرقابة على دستورية القوانين" من قانون انشاء المجلس الدستوري، كما والمادتين 32 و37 من الفصل الاول المعنون "في اصول الطعن بعدم دستورية القوانين" من النظام الداخلي للمجلس الدستوري، تشير جميعها في متنها صراحة الى عبارة "مخالفة الدستور"،

          وبما ان المستدعين يعتبرون ان وثيقة الوفاق الوطني "ذات قيمة دستورية" وان القانون رقم 379\2001 يخالف بعض مندرجاتها مما يعرضه للابطال من قبل المجلس الدستوري،

          وبما انه ومن الرجوع الى ما يدلي به المستدعون من مبادئ وخطوات مدرجة في وثيقة الوفاق الوطني، لا يتبين انها ادرجت جميعها كما وردت في الوثيقة في مقدمة الدستور او متنه، او انها تؤلف جميعها مبادئ عامة ذات قيمة دستورية،

          وبما ان المجلس يرى انه بقدر ما تتضمن وثيقة الوفاق الوطني نصوصا ادرجت في مقدمة الدستور او في متنه، او مبادئ عامة ذات قيمة دستورية، بقدر ما تكون مخالفة تلك النصوص والمبادئ خاضعة لرقابة المجلس الدستوري،

          وبما ان ادراج "العدالة الاجتماعية" في الفقرة "ج" من مقدمة الدستور من بين مرتكزات النظام الجمهوري الديموقرطي البرلماني يجعل من هذا المرتكز مبدأ دستوريا نصيا يصار الى التحقق من تقيد اي قانون به بمعرض اعمال الرقابة على دستوريته، اي على التزامه احكام الدستور ومبادئه،

          وبما ان سائر ما ادلى به المستدعون بهذا الخصوص من اسباب اقتصادية للقول بوجود مخالفة دستورية لا يقع تحت رقابة المجلس الدستوري المختص بالنظر في المخالفات التي تتعلق بالدستور او بالمبادئ ذات القيمة الدستورية،

          وبما ان ادلاء المستدعين، من جهة اخيرة، بالعدالة الضريبية ووجوب تحديد الضريبة بشكل دقيق وعدم فرضها كيفيا واعلام المكلّف بها ليقف على موجباته بخصوصها، هي من الضوابط التي يحرص عليها القانون بدليل حجز الدستور المادة الضريبية للقانون كما سيلي بيانه لاحقا في معرض هذا القرار، مما يخضع بالتالي هذه الضوابط لرقابة المجلس الدستوري،

          لذلك، وفي ضوء كل ما سبق، يكون طلب ابطال القانون رقم 379\2001 (الضريبة على القيمة المضافة) برمته لمخالفته احكام وثيقة الوفاق الوطني بحد ذاتها واقعا في غير محله القانوني ومردودا في الاساس.

2-في طلب ابطال القانون رقم 379\2001 (الضريبة على القيمة المضافة) لمخالفته احكام الدستور:

          بما ان ما يعيبه المستدعون على القانون المطلوب ابطاله لجهة مخالفته احكام الدستور يتمحور حول مسألتين اساسيتين:

-المسألة الاولى تتعلق بالعدالة الاجتماعية والمساواة في الحقوق والواجبات بين جميع اللبنانيين (الفقرة "ج" من مقدمة الدستور والمادة 7 منه).

-المسألة الثانية تتعلق بمبدأ الفصل بين السلطات (فقرة "ه" من مقدمة الدستور) وحصر السلطة المشترعة بمجلس النواب (المادة 16 من الدستور) واناطة السلطة الاجرائية بمجلس الوزراء (المادتان 17 و65 من الدستور) واعتبار الاختصاص المالي لمجلس النواب بفرض الضرائب واحداثها وجبايتها وتعديلها والغائها من الاختصاصات المحجوزة له دون سواه والتي لا يجوز تفويضها، سواء للسلطة الاجرائية او لسواها (المادتان 81 و82 من الدستور).

وبما ان ما يدلي به المستدعون من أن "لا شرعية لاي سلطة تناقض ميثاق العيش المشترك" (الفقرة "ي " من مقدمة الدستور) لا يعني هذه المراجعة لان اسبابها لا تتعلق بشرعية اي سلطة تناقض في ممارستها ميثاق العيش المشترك بمفهوم ما تضمنته الفقرة "ط" من مقدمة الدستور، مما يقصر البحث على المسألتين المشار اليهما اعلاه فقط:

أ-المسألة الاولى المتعلقة بالعدالة الاجتماعية والمساواة في الحقوق والواجبات بين جميع اللبنانيين:

          بما ان الفقرة "ج" من مقدمة الدستور تنص ان العدالة الاجتماعية والمساواة بين الحقوق والواجبات بين جميع المواطنين دون تمايز او تفضيل هي من مرتكزات نظام لبنان الديموقراطي البرلماني،

          وبما ان المادة 7 من الدستور تنص على ما يلي: "كل اللبنانيين سواء لدى القانون وهم يتمتعون بالسواء بالحقوق المدنية والسياسية ويتحملون الفرائض والواجبات العامة دون ما فرق بينهم"،

          وبما ان الدستور اللبناني قد خلا من تحديد عام لمعنى العدالة الاجتماعية، الا انه اوجد مفهوما تطبيقيا لها في بعض المواضيع التي حجزها للقانون الضامن لهذه العدالة، ومن ابرز هذه المواضيع الملكية، التي جعلها الدستور في حمى القانون وفرض التعويض العادل لمصلحة من نزعت عنه ملكيته مما يؤلف بحد ذاته مفهوما تطبيقيا للعدالة الاجتماعية، وكذلك الامر الفرائض العامة كالضرائب التي اقر الدستور بأن يخضع لها جميع اللبنانيين على حدّ سواء وبشكل عادل فلا يلحق غبن بفئة من جرائها ولا تخضع لها منطقة من اقليم الدولة دون اخرى، وهذا ما عبّرت عنه صراحة المادة 81 من الدستور بشأن شمول الضريبة المحدثة بقانون اقليم الدولة بأكمله دون استثناء، وهذا كله يؤلف ايضا في الموضوع الضريبي مفهوما تطبيقيا للعدالة الاجتماعية، فلا تعتبر جباية الاموال في ذاتها، اي مصلحة الدولة بأن تستحصل على ايرادها الواجب والمشروع، هدفا يؤثره القانون بمنحه حمايته دون ان يوازنه مع سواه من الاعتبارات الناجمة عن ان الاصل في النظام الضريبي، كما سبق، ان يكون قائما على العدالة الاجتماعية بمفهومها اعلاه،

          وبما ان ما تقدم مؤداه ان المعيار في توافر العدالة الاجتماعية في نص قانوني ما، هو عدم انفصام غايتها عن القانون المعني باعتباره اداة لتحقيقها فلا يكون القانون، اي قانون، منصفا وبمنأى عن الطعن الا اذا كان قانونا عادلا وشاملا، اي ضامناً غايات العدالة المذكورة، بالمساواة بين جميع المناطق وجميع المعنيين به في اوضاع مشابهة،

          وبما انه سبق للمجلس الدستوري ان اعتبر المساواة بين المواطنين في حقوقهم وموجباتهم مبدأ من المبادئ الدستورية النصيّة القابلة للتقييم وفقا للاوضاع القانونية المشابهة او المختلفة، وذلك عملا بالاجتهاد الثابت الذي عبرت عنه مختلف المحاكم الدستورية، سيما المجلس الدستوري الفرنسي:

"Considérant que le principe d'égalité ne s'oppose ni à ce que le législateur règle de façon différente des situations différentes, ni à ce qu'il déroge à l'égalité pour des raisons d'intérêt général, pourvu que, dans l'un et l'autre cas, la différence de traitement qui en résulte soit en rapport avec l'objet de la loi. »

C.C. 95-369 D.C. 28\12\1995, cité dans le Bulletin no. 1, ACCPUF, « Le principe d'égalité dans la jurisprudence des Cours constitutionnelles et institutions de compétence équivalente ayant en partage l'usage du Français", sept. 1998, p. 153.

          وفي الموضوع الضريبي تحديدا، ما ورد من خلاصة للاجتهاد الدستوري الفرنسي في مؤلف Dominique Rousseau:

"Le principe d'égalité devant les charges publiques et ses cas d'application.

D'abord, l'égalité devant l'impôt  ou, plus précisément, "le principe de la répartition de l'impôt selon la faculté contributive des citoyens". La logique de ce principe n'interdit donc pas que le législateur puisse établir des règles fiscales différentes en raison de la nature particulière de l'activité ou de la situation des diverses catégories de contribuables…, mais ce principe impose, qu'à l'intérieur d'une catégorie de contribuables, les intéressés doivent être traités de manière égale… Au total, le principe d'égalité ne se réalise concrètement que dans ses multiples et infinies applications; il est comme une onde qui se propage dans toutes les matières législatives et, par voie de conséquence, dans toutes les décisions du Conseil. Une onde dont l'amplitude varie: le principe d'égalité, pour être constitutionnel, n'a pas une valeur absolue."

Droit du contentieux constitutionnel, Dominique Rousseau, Montchréstien, 4e éd.,
pp. 356 et 357.

          وبما انه قد لفت المجلس بنتيجة اعمال رقابته على جميع مواد القانون رقم 379\2001 المطلوب ابطاله، نص المادة 61 منه، غير المشار اليها تحديدا في مراجعة الطعن، والتي تضيف الى الفقرة (أ) من القانون رقم 20\79 وتعديلاته تاريخ 26\12\1979 النص التالي:

"كما تعفى من الضريبة على القيمة المضافة المنصوص عليها في قانون الضريبة على القيمة المضافة"،

          وبما ان هذا الاعفاء يتناقض ومبدأ المساواة بالمطلق كما وتحديدا مساواة المواطنين امام الفرائض العامة والضرائب، وذلك دون اي مبرر او مرتكز،

          وبما ان هذه المادة 61 من القانون رقم 379\2001 تكون بالتالي مشوبة بعيب عدم الدستورية لاهدارها مبدأ المساواة المنصوص عنه في مقدمة الدستور وفي المادة 7 من متنه، بحيث تكون واجبة الابطال،

          وبما انه، فيما عدا ذلك، من مواد القانون رقم 379\2001 المطلوب ابطاله لجهة مخالفته احكام الدستور ومبادئه المتعلقة بالعدالة الاجتماعية والمساواة في الحقوق والواجبات بين جميع اللبنانيين، يتبين اول بأول ان المادة الاولى من هذا القانون والمعنونة "احداث الضريبة"، كما هو عنوان الباب الاول من هذا القانون، قد نصّت على ما يلي:

"تحدث ضريبة باسم "الضريبة على القيمة المضافة"، تفرض، تدفع وتحصّل وفقا لاحكام هذا القانون" بحيث شملت الفرض والتسديد والتحصيل،

          وبما ان الضريبة على القيمة المضافة بطبيعتها وعناصرها المكونة، كما هي مبينة في القانون رقم 379\2001، هي ضريبة عامة على استهلاك السلع والخدمات بعوض، تزداد قيمتها بازدياد هذا الاستهلاك وتنخفض بانخفاضه، وهي ضريبة اقليمية اي شاملة من حيث انها مطبقة على كامل اقليم الدولة دون استثناء (الفقرة الاولى من المادة الاولى، والمادة 2)،

          وبما ان القانون رقم 379\2001 قد اخضع لهذه الضريبة جميع الاشخاص الطبيعيين والمعنويين الذي يقومون من خلال ممارستهم لنشاط اقتصادي بصورة مستقلة بعمليات تسليم اموال او تقديم خدمات خاضعة للضريبة او معفاة من الضريبة مع حق الحسم وفقا لاحكام هذا القانون بشرط بلوغ رقم الاعمال السنوي حدا معينا، ومع لحظ امكانية ان يبادر غير المكلفين حكما بهذه الضريبة الى اخضاع انفسهم اختياريا لها بشرط عدم تدني رقم اعمالهم السنوي عن مبلغ معين (المادة 3)، كما توسع القانون المذكور في تفصيل نطاق تطبيق الضريبة من حيث العمليات والاشخاص الخاضعين لها او الخارجين عن نطاقها (المواد 2 الى 15 ضمنا) كما توسع ايضا في موضوع الاعفاءات من الضريبة (المواد 16 الى 21 ضمنا) التي ارتكزت على معايير مختلفة، قد يكون اهمها العدالة الاجتماعية وعدم اثقال كاهل المواطنين عن طريق تكليفهم بهذه الضريبة عن الخدمات او السلع المتعلقة بأمورهم الحياتية الاساسية، كالطب والاستشفاء والتعليم والضمان والتقديمات الصحية والخدمات التي تؤديها الهيئات والجمعيات التي لا تبتغي الربح والنقل المشترك والنشاطات الزراعية بالنسبة الى تسليم المحاصيل، مع الاخذ بعين الاعتبار معايير اخرى تهدف الى عدم اثقال بعض القطاعات الاقتصادية بما قد يزيد من ركودها او يحد من حيويتها وميزاتها، كبيع وتأجير العقارات المبنية او الخدمات المصرفية والمالية، هذا من حيث الخدمات، او المواد الاستهلاكية الاساسية والحيوية، سيما الغذائية منها والادوية والادوات والاجهزة والمواد الطبية على اختلاف انواعها او السلع التثقيفية كالكتب والمجلات والصحف وموادها الاولية والبذور والمواد والآلات الزراعية على انواعها، وسواها من السلع الاساسية المتعلقة بقطاعات حيوية قدّر المشرع وجوب صونها وتنميتها، كما وبعض عمليات الاستيراد والتصدير المبررة في النص، مما يدل على ان المشرّع كان حريصا على ان يأخذ بعين الاعتبار مقتضيات العدالة الاجتماعية والنهوض الاقتصادي والمساواة بين المواطنين على اساس القدرة (Répartition de l'impôt selon la capacité contributive).

          وبما ان القانون رقم 379\2001 قد نص ايضا على مواضيع اسس فرض الضريبة والحسم الذي هو من مرتكزاتها، وحدد معدلا ثابتا وموحدا للضريبة يبلغ 10%، بشكل قاطع وغير قابل للتعديل الا بموجب قانون، ووصف مختلف الموجبات الملقاة على عاتق المكلفين بهذه الضريبة ونص على اصول تأديتها كما وعلى اصول الرقابة وتحصيل هذه الضريبة وعلى غرامات التأخير في تسديدها وعلى مختلف المخالفات والغرامات وعلى الاعتراضات ومرور الزمن وما شابه من احكام تتعلق بتحصيل الضرائب، مع تخصيص باب مستقل من القانون للمخالفات والغرامات (الباب الثالث عشر) وللاعتراضات (الباب الخامس عشر) ولمرور الزمن (الباب السادس عشر)، كما نص على استرداد الضريبة كليا او جزئيا في حالات معينة تقضي بها العدالة الضريبية (Justice fiscale) وذلك في المواد 49 و58 و59 من القانون المذكور،

          لذلك، وفي ضوء كل ما سبق، يكون طلب ابطال القانون رقم 379\2001 (الضريبة على القيمة المضافة) برمته لعدم دستوريته بمخالفته مبدأ العدالة الاجتماعية والمساواة في الحقوق والواجبات بين جميع اللبنانيين، واقعا في غير محله القانوني ومردودا في الاساس، باستثناء المادة 61 منه الواجب ابطالها لتعارضها ومبدأ المساواة في الحقوق والواجبات بين اللبنانيين المنصوص عنه في الفقرة "ج" من مقدمة الدستور والمادة 7 من الدستور.

ب- المسألة الثانية المتعلقة بمبدأ الفصل بين السلطات وحصر السلطة المشترعة بمجلس النواب واناطة السلطة الاجرائية بمجلس الوزراء واعتبار الاختصاص المالي لمجلس النواب بفرض الضرائب واحداثها والترخيص بجبايتها وتعديلها والغائها من الاختصاصات المحجوزة له دون سواه، والمحجوبة بالتالي عن السلطة الاجرائية وبصورة اولى عن غير مجلس الوزراء الذي يتولاها:

          بما ان الفقرة "ه" من مقدمة الدستور تنص على ان "النظام قائم على مبدأ الفصل بين السلطات وتوازنها وتعاونها"، والفقرة "ي" ان "لا شرعية لاي سلطة تناقض ميثاق العيش المشترك"، كما تنص المادة 16 من الدستور على ما يلي: "تتولى السلطة المشترعة هيئة واحدة هي مجلس النواب" والمادة 17: تناط السلطة الاجرائية بمجلس الوزراء. وهو يتولاها وفقا لاحكام هذا الدستور" والمادة 65 من الدستور : "تناط السلطة الاجرائية بمجلس الوزراء... ومن الصلاحيات التي يمارسها:

1-    ... وضع مشاريع القوانين والمراسيم التنظيمية واتخاذ القرارات اللازمة لتطبيقها.

2-    السهر على تنفيذ القوانين والانظمة والاشراف على اعمال كل اجهزة الدولة..."

وبما انه سبق للمجلس الدستوري ان اشار الى ان الدستور قد اعتبر، في طائفة من مواده، ان مواضيع مختلفة هي محجوزة للقانون ولا يجوز للمشرّع التفويض بشأنها، وذلك لاهمية هذه المواضيع ولحرص المشرع الدستوري على الضمانات التي يوفرها القانون ان لجهة الثبات والقوة او لجهة التعبير عن ارادة الشعب مصدر السلطات او لجهة الحفاظ على المال العام،

          وبما ان من بين هذه المواضيع التي يعتبرها الدستور صراحة في حمى القانون ويحفظها حصرا له، الجنسية (م6) والحريات الشخصية والعامة على انواعها (المواد 8 و9 و10 و13 و14) وشروط تولي الوظيفة العامة وضمان حقوق الموظفين العامين (المادة 12) والملكية الخاصة (المادة 15) وفرض الضرائب (المادتان 81 و82) وسواها من المواضيع التي عددها الدستور في بعض مواده وجعلها حكرا على القانون،

          وبما ان ما يعني المراجعة الحاضرة من هذه المواضيع الاساسية ما ورد في كل من المواد 12 و81 و82 من الدستور،

          وبما ان المادة 12 من الدستور تنص على ما يلي:

"لكل لبناني الحق في تولي الوظائف العامة لا ميزة لاحد على الآخر الا من حيث الاستحقاق والجدارة حسب الشروط التي ينص عليها القانون. وسيوضع نظام خاص يضمن حقوق الموظفين في الدوائر التي ينتمون اليها."

          وبما ان هذه المادة تعني صراحة ان الوظيفة العامة من حيث الحق في توليها وشروط ممارستها، كما وحقوق الموظفين العامين لا بد ان يرعاها قانون يشرعها ويكفلها، سيما وانه تترتب عن تولي الوظائف العامة نتائج وآثار على المالية العامة، التي هي ايضا من المواضيع المكرسة للقانون ضمن الاطار الذي سيأتي بيانه،

          وبما ان المادة 81 من الدستور تنص صراحة على ما يلي:

"تفرض الضرائب العمومية ولا يجوز احداث ضريبة ما وجبايتها في الجمهورية اللبنانية الا بموجب قانون شامل تطبق احكامه على جميع الاراضي اللبنانية دون استثناء."

          كما تنص المادة 82 من الدستور على ما يلي:

"لا يجوز تعديل ضريبة او الغاؤها الا بقانون."

          وبما ان يستفاد من صراحة نص المادتين 81 و82 اعلاه ان مجلس النواب هو الذي اناط به الدستور دون سواه من السلطات اختصاص فرض الضرائب العمومية واحداثها والترخيص بجبايتها في الجمهورية اللبنانية، وذلك بموجب قوانين شاملة تطبق احكامها على جميع الاراضي اللبنانية دون استثناء، وان المقصود بالنص الشامل (Loi uniforme) انه يطبق على اقليم الدولة بأكمله، وانه يعود لمجلس النواب ايضا دون سواه من السلطات تعديل الضرائب او الغاؤها بموجب قانون يصدر عنه:

La Constitution libanaise, origines, textes et commentaires,
Edmond Rabbath, 1982,  pp. 500-501.

          وبما انه من المفيد النظر ناحية القانون الدستوري المقارن، سيما الفرنسي، على الفارق الهام الذي يميزه عن الدستور اللبناني لجهة تعداده في النص اختصاصات السلطة المشترعة وتوسيع نطاق السلطة التنظيمية، مما يتيح الوقوف على المادة الضريبية المحجوزة للقانون والتي تؤلف مبدأ من المبادئ الاساسية للقانون الضريبي متداولا بعبارة Le principe de la légalité fiscale حيث يعتبر الفقه والاجتهاد المعتمدين بهذا الخصوص ان المشرّع لا يستطيع التخلي عن اختصاصه الضريبي المحجوز له بمقتضى المادة 34 من الدستور الفرنسي تحت طائلة مخالفة الدستور:

"Dans un sens strict... (la légalité fiscale) signifie ce qui relève de la loi, de la compétence du législateur. Le principe de la légalité fiscale implique que la décision d'imposer la création d'un impôt et la détermination de l'essentiel de son régime relèvent de la loi, donc de la compétence du législateur…

Le législateur n'a pas la possibilité d'abandonner ou de déléguer une partie de sa compétence fiscale au pouvoir réglementaire sous peine d'inconstitutionnalité. Ceci constitue un cas d'incompétence négative qui est assimilé à une violation de la Constitution. Selon l'expression utilisée par le juge constitutionnel, le législateur ne peut rester "en deçà" de sa compétence fiscale, par exemple, en confiant à d'autres autorités le soin de fixer une partie du régime de l'impôt ou d'en déterminer librement le taux… Le gouvernement… ne peut que mettre en œuvre les règles fixées par le législateur en précisant les modalités d'application de la loi fiscale. »

Les fondements constitutionnels des Finances publiques, Loïc Philip, Economica, 1995, pp, 54 à 56.

          وبما ان القانون الشامل بمفهوم المادة 81 من الدستور اللبناني لا يعني ان يلحظ المشرع فيه جميع التفاصيل سيما المعقدة منها او الكثيرة التشعب او ذات المنحى التقني او التطبيقي لمضمون القانون، وهذا ما كان سبق للمجلس الدستوري بأن اشار اليه من ان النهج الذي يعتمده المشرّع عموما عند سنّه القوانين قائم على تفادي اثقال عمله بأمور تفصيلية، بل فقط تأطير التفاصيل تمهيدا لتناولها بمعرض الاعمال الاجرائية والنصوص التطبيقية، وهو ما يندرج في اطار تعاون السلطات وتوازنها المتممين لمبدأ فصل السلطات،

          وبما ان المجلس الدستوري قد سبق له ايضا ان قرر ان مجلس النواب يتمتع باختصاص شامل على صعيد التشريع، على ما جاء في المادة 16 من الدستور، بحيث لا يقتصر اختصاصه على المواضيع التي حجزها له الدستور صراحة، بل انه يمكنه ان يشرّع صحيحا في اي موضوع يريده بقانون يصدر عنه بشرط توافقه واحكام الدستور والمبادئ العامة ذات القيمة الدستورية، حتى لو كان هذا الموضوع من الشؤون التنظيمية والتطبيقية، ما لم يترك مجلس النواب في نص القانون هذه الشؤون الى من اناط به الدستور توليها،

          وبما ان كل ذلك يفضي الى طرح سؤالين اثنين اساسيين يؤلف كل منهما محورا يكون الموقف القانوني بشأنه مفصلا للحل في اطار المسألة الثانية المثارة تحت "ب" اعلاه من هذا القرار:

-هل قام مجلس النواب في القانون رقم 379\2001 المطلوب ابطاله بأي تفويض غير جائز دستورا لاختصاص من اختصاصاته بسبب حفظه له حكرا في الدستور، وذلك لمصلحة مجلس الوزراء او سواه؟

-هل تكون الشؤون التطبيقية او التنفيذية او التفصيلية للقوانين التي يقرها مجلس النواب، دون ان يتناول هذه الشؤون من ضمن احكامها كما درج ان يحجم عن ذلك، حكرا على مجلس الوزراء ام يكون من الجائز دستورا ان يتولاها سواه؟

السؤال الاول:

          وبما ان طرح السؤال الاول مردّه الى مبدأ سمو الدستور الذي ينجم عنه ان على كل سلطة عامة انشأها الدستور ان تمارس اختصاصها المحجوز لها في احكامه بنفسها وانه لا يجوز لها ان تفوض سلطة اخرى في ممارسة هذا الاختصاص الا اذا سمح الدستور بهذا التفويض بموجب نص صريح، لان هذا الاختصاص ليس امتيازا شخصيا او حقا خاصا وانما وظيفة راعى الدستور في ايلائها الى كل من السلطات اهلية السلطة وقدرتها لممارستها وبلوغ غاياتها، حتى ان مثل هذا التفويض اذا حصل بدون نص دستوري، انما يكون قد اهدر مبدأ الفصل بين السلطات الذي يقيمه الدستور من المبادئ الاساسية للدولة،

          وبما انه عند حصول مثل هذا التفويض للاختصاص المحجوز تنتفي الحاجة الى بحث مسألة عدم تحديد مدة لهذا التفويض وتركه على غاربه، لان مثل هذا التفويض يكون بحد ذاته غير جائز دستوريا وباطلا، سواء تم تحديده بمدة او لا، ذلك لان شرط المهلة انما ينطبق على التفويضات الجائزة بالعرف الدستوري او بموجب القانون والتي لا يمكن اطلاقها في الزمن لانها تتجاوز عندئذ طبيعة التفويض الى التخلي عن الاختصاص،

          وبما ان خلاصة كل ذلك انه اذا كان لا يجوز للسلطة المشترعة في ممارستها لاختصاصاتها في مجال اقرار القوانين بالمواضيع المحفوظة لها ان تتخلى بنفسها عنها، فلا يعتبر تخليا تكليف سواها بالمواضيع التنظيمية او بتنفيذ هذه القوانين ضمن اطرها بتفصيل ما ورد اجمالا فيها دون اي تعديل فيها او تعطيل لها، وذلك لان هذه الصلاحية التنظيمية والتنفيذية والتطبيقية غير محفوظة اصلا في الدستور للسلطة المشترعة وان كان ليس ما يحول دون ان تلج هذه السلطة هذا المجال بمباردة منها، حتى اذا احجمت عنها مارست سلطة التنظيم وتطبيق القوانين اختصاصها عند الحاجة دون اي معوق،

          وبما ان الامر يقتصر اذا على تحديد نطاق الاختصاص المحجوز للسلطة المشترعة في الموضوع الضريبي، بحيث يسهل عندئذ معرفة فيما اذا كان تمّ تفويض هذا الاختصاص في اي من مواد القانون المطلوب ابطاله مما يعتبر بحد ذاته ماسا بالدستور،

          وبما ان المجلس يرى ان تخلي السلطة المشترعة عن صلاحية فرض الضريبة العمومية او احداثها او السماح بتحصيلها او تنظيم قواعد هذا التحصيل او تعديل الضريبة او الغائها انما يمس بمبدأ الفصل بين السلطات ويخالف المادتين 81 و82 من الدستور،

          وبما ان المجلس يرى ايضا ان تخلي السلطة المشترعة عن اختصاصها الضامن لشروط التعيين في الوظيفة العامة وحقوق الموظفين العامين، على ما جاء في المادة 12 من الدستور، انما هو ايضا اجراء غير دستوري معرض للابطال،

          وبما ان المجلس يرى الاعتماد على المعيار التالي لاعماله على مواد القانون رقم 379\2001 المطلوب ابطاله التي ترد فيها احالة من السلطة المشترعة غير جائزة دستورا بالمفهوم الذي تم شرحه اعلاه:

          هل ان في المواد اعلاه نصوصا منشئة لاوضاع قانونية حجزها الدستور للسلطة المشترعة وتخلت عنها هذه الاخيرة لسواها ام فيها نصوص تقر سلطة تنظيمية اولاها الدستور اصلا لغير السلطة المشترعة دون ان يحجبها عنها، او مجرد نصوص تولي صلاحية تطبيق او تنفيذ او تفصيل احكام القانون الى غير السلطة المشترعة؟

          وبما انه قد سبق للمجلس الدستوري الفرنسي ان اعتمد المعيار ذاته في معرض الفصل بين السلطات وتوزيعها:

« Plus généralement, le Conseil a, ces dernières années, réactivé pour sa politique de répartition des compétences, le critère "mise en cause-mise en œuvre": quand une disposition met en cause des règles ou des principes, elle relève du domaine de la loi; quand elle met en œuvre ces mêmes règles ou principes, elle relève du domaine du règlement. »

Droit du contentieux constitutionnel, Dominique Rousseau, Montchrestien, 4ème éd., p. 246

السؤال الثاني:

          بما ان القانون المطعون فيه، وفي حقل ما لحظه على صعيد تنفيذ احكامه وتطبيق تفاصيل ودقائق بعض مواده، قد نص على تدابير ثلاثة:

-اما مراسيم تتخذ في مجلس الوزراء بناءً على اقتراح وزير المالية،

-واما مراسيم لا حاجة لاتخاذها في مجلس الوزراء وتتخذ بناءً على اقتراح وزير المالية،

-واما قرارات يتخذها وزير المالية.

وبما ان لمعرفة ما اذا كان القانون المطعون فيه قد احسن في انتهاج هذه التدابير، لا بدّ من تحديد النطاق او الحدود التي يندرج فيها كل من التدابير المتخذة بموجب القانون المطعون فيه، وهو مما لا يمكن ان يتم الا في ضوء احكام الدستور والممارسة الدستورية لتلك الاحكام،

          وبما ان المادة 65 النبذة 1 من الدستور تنص على ان من الصلاحيات التي يمارسها مجلس الوزراء وضع مشاريع القوانين والمراسيم التنظيمية واتخاذ القرارات اللازمة لتطبيقها، في حين تنص المادة 66 فقرة 2 على ان يتولى الوزراء ادارة مصالح الدولة ويناط بهم تطبيق الانظمة والقوانين كل بما يتعلق بالامور العائدة لادارته وبما خص به،

          وبما ان من مقارنة هذين النصين وتفسيرهما بما يضمن التكافل بينهما، يتبين ان المراسيم على نوعين، بالاضافة الى القرارات التي يتخذها الوزير ضمن دائرة اختصاصه:

-فهناك المراسيم التي تتخذ في مجلس الوزراء والمفروض ان تتعلق اما بالمواضيع الاساسية المحددة في الفقرة الاخيرة من المادة 65 من الدستور، واما بالمواضيع التي تشمل جميع الوزارات ومرافق الدولة واداراتها واجهزتها عامة، فتكون هذه المراسيم من صلاحية مجلس الوزراء وتتخذ في مجلس الوزراء مجتمعا.

-وهناك المراسيم التطبيقية التي تتصل بادارة مصالح الدولة لكنها تتعلق بالامور العائدة الى ادارة الوزير وبما خص به، فتتخذ بناء على اقتراح الوزير ولا حاجة لاتخاذها في مجلس الوزراء، علما بأن لا حائل دستوريا يمنع اتخاذها في مجلس الوزراء باعتبار ان هذا الاخير الذي يستطيع الاكثر انما يستطيع ايضا الاقل.

-وهناك القرارات الادارية التي يتخذها الوزير منفردا بصفته متوليا ادارة مصالح الدولة ومسؤولا عن تطبيق الانظمة والقوانين بما يتعلق بالامور العائدة الى ادارته وبما خص به، علما هنا ايضا بأن لا حائل دستوريا يمنع معالجة هذه المواضيع بمراسيم تطبيقية باعتبار ان الذي يستطيع الاكثر انما يستطيع ايضاً الأقل، كما سبق بيانه.

وبما ان في ضوء هذه المعايير الدستورية يقتضي بحث ما اذا كانت المواد المطعون فيها قد احترمت تلك المعايير وعملت بموجبها:

المادة 3:

اذا كان تحديد الوعاء الضريبي يدخل في اختصاص السلطة المشترعة المحفوظ لها دستورا فلأن فرض الضريبة العامة يفترض تحديد هذا الوعاء، كون الوعاء من العناصر الاساسية المكونة للضريبة التي تكون بطبيعتها من الضرائب غير المقطوعة، الا ان هذه المادة عندما تفوض تحديد الحد الادنى لوعاء هذه الضريبة الى غير السلطة المشترعة فانما تفعل ذلك خارج اطار الفرض الضريبي، بل في حالة واحدة فقط، هي الحالة الاختيارية اي التي يختار فيها غير المكلف اخضاع نفسه اختياريا للضريبة حتى ولو كان رقم اعماله لا يقع بين الشطرين المحددين  في النص. ولقد اتى ترك امر تحديد الحد الادنى لهذا الوعاء لغير السلطة المشترعة بهدف المحافظة على المنافسة في الاسواق، ما يفترض توفر آلية راصدة ومتحركة ومتفاعلة بشيء من السرعة، لا تتوفر في السلطة المشترعة. الا ان هذا النص وقع في المحظور عندما ترك في فقرته الاخيرة امر تحديد الحد الادنى لهذا الوعاء لوزير المالية منفردا، وهذا ما يتجاوز اختصاصه الدستوري بمقتضى المادة 66 من الدستور كما اسلف المجلس شرحها.

المواد 16 الى 21 ضمنا:

تحدد هذه المواد تفصيلا حالات الاعفاء من الضريبة وتترك في فقرتها الاخيرة امر تحديد دقائق تطبيقها الى مراسيم تصدر بناء على اقتراح وزير المالية، ولا يوجد اي تعارض مع الدستور في ذلك سيما وان هذه المواد قد توسعت في النص على هذه الاعفاءات وانتهت الى انها تسري من تاريخ نفاذ القانون ولم تترك بالتالي هذا النفاذ يخرج في اي من عناصره عن اختصاص السلطة المشترعة.

المادة 26: تحدد هذه المادة موعد احتساب الضريبة بنهاية كل شهر من اشهر السنة وتترك لوزير المالية بقرار يصدر عنه، ولاسباب تقتضيها مرحلة البدء باعتماد هذه الضريبة او لاسباب ادارية، تعديل هذه الفترة بحيث تحتسب الضريبة على اساس الفصل. ولا يجد المجلس في هذه المادة اي تعارض مع الدستور سيما وان ترك تحديد موعد آخر لاحتساب الضريبة لوزير المالية انما وجد مبرراته في النص ذاته لاسباب تقنية او ادارية بحتة تعود الى مرحلة البدء باعتماد هذه الضريبة المستحدثة او التأقلم الاداري معها.

المادة 28: تحدد هذه المادة الحالات التي تكون فيها هذه الضريبة قابلة للحسم وتترك امر تحديد اصول واجراءات تطبيقها الى مرسوم يصدر بناء على اقتراح وزير المالية. وهذه المادة ايضا لا تتعارض مع الدستور، سيما ان الصلاحية المتروكة للمرسوم هي صلاحية تطبيقية للمادة المذكورة وان عبارة "اصول" الواردة فيها يجب عطفها على عبارة "تطبيقها"، اي تطبيق المادة المذكورة.

المادة 30: تحدد هذه المادة مصير فائض الضريبة القابلة للحسم وتنص انه يحق للمصدرين ان يقدموا، بعد نهاية اية فترة احتساب للضريبة، طلب استرجاع رصيد فائض الضريبة القابلة للحسم، وذلك وفقا لمعايير تحدد بمرسوم يصدر بناء على اقتراح وزير المالية. وان هذه المعايير انما هي معايير تقنية وادارية، وهي تتعلق اصلا بمسألة فائض الضريبة القابلة للحسم، والحسم من تقنيات الضريبة على القيمة المضافة منعا لتراكمها. ولا يجد المجلس اي تعارض بين هذه المادة واحكام الدستور.

المادة 31: تنص هذه المادة على حق الحسم الجزئي وتترك في فقرتها الاخيرة امر تحديد دقائق تطبيقها بمراسيم تصدر بناء على اقتراح وزير المالية. ولا يجد المجلس ايضا اي تعارض بين هذه المادة واحكام الدستور.

المادة 36: تترك هذه المادة الى وزير المالية امر تحديد كيفية مسك الدفاتر وتنظيم المستندات  المحاسبية الضرورية... وهي شؤون تقنية لا يرى فيها المجلس ما يمكن اعتباره داخلا في اختصاص محجوز للسلطة المشترعة او ما يستدعي استصدار مرسوم لتنظيمها، فتكون هذه المادة دستورية.

المادة 39: تترك هذه المادة في فقرتها الاخيرة لوزير المالية امر تحديد الاصول والاجراءات التي يمكن من خلالها تأدية هذه الضريبة لدى المصارف العامة في لبنان، وهذا امر تقني وتطبيقي من البديهي ان لا يكون محجوزا للسلطة المشترعة او مستوجبا استصدار مرسوم بشأنه، فتكون هذه الفقرة غير متعارضة واحكام الدستور.

المادة 40: ان موافقة الادارة الضريبية، على ما ورد في الفقرة (1) من هذه المادة، على توفر شروط الممثل المقيم في لبنان لاي شخص غير مقيم فيه خاضع للضريبة او خاضعة اية عملية يقوم بها للضريبة على ان يتم تحديد هذه الشروط بصورة مسبقة، هي امور تفصيلية وتنفيذية لا تدخل في جوهر الضريبة. اما تحديد هذه الشروط، والتي لا بد ان تكون شروطا ذات طابع عام، وبالنظر الى ما يترتب عن وضعها من نتائج على الممثل المقيم لجهة اعتباره مسؤولا بالتكافل والتضامن مع المكلّف عن تأدية الضريبة، فهو امر يدخل في التنظيم ويتجاوز بالتالي صلاحية وزير المالية ويعرّض النص الذي يفوض اليه هذا الشأن للابطال.

اما بالنسبة الى التصريح عن الضريبة وتأديتها الى الادارة الضريبة من قبل شخص مقيم في لبنان تبعا لاستعماله لخدمة اكتسبها من شخص غير مقيم فيه فليس من مانع دستوري ان يتم هذا التصريح وتؤدى الضريبة الى الادارة الضريبية في هذه الحالة وفقا للاصول التي تحدد بمرسوم يتخذ في مجلس الوزراء بناء على اقتراح وزير المالية، طالما ان الامر مقتصر على الوسائل المادية التي تهدف الى تحقيق الايراد، اي على التطبيق.

المادة 42: تفصل هذه المادة العمليات التي تقوم بها وكالات السفر وتعتبرها بمثابة تقديم خدمات بمفهوم هذا القانون وتشير في فقرتها الاخيرة الى ما يلي:

"تحدد اسس وقواعد فرض الضريبة واصول تطبيقها على عمليات وكالات السفر بموجب مراسيم تتخذ في مجلس الوزراء بناء على اقتراح وزير المالية". ان هذه الفقرة الاخيرة مخالفة للدستور من حيث انها تخضع اسس وقواعد فرض الضريبة على عمليات وكالات السفر الى غير السلطة المشترعة، مما يخالف صراحة المادة 81 من الدستور التي تحجز فرض الضريبة للقانون، بحيث تكون هذه الفقرة الاخيرة من المادة 42 باطلة.

المادة 49: تنص هذه المادة على حق الخاضع للضريبة باستردادها كليا او جزئيا في حالات معينة في متنها وتترك في فقرتها الاخيرة امر تحديد الاجراءات والاصول المتعلقة باسترداد الضريبة التي تفوق قيمتها الضريبية المتوجبة الى مرسوم يصدر بناء على اقتراح وزير المالية. ان تحديد مثل هذه الاجراءات والاصول هو امر تفصيلي وتطبيقي للمادة المذكورة ولا يتعارض في شيء مع احكام الدستور.

المادة 55:

تنص هذه المادة على الغاء بعض الضرائب غير المباشرة المحددة تفصيلا في متنها منعا للازدواجية والتراكم الضريبي وتترك في فقرتها الاخيرة امر تحديد دقائق تطبيقها الى مرسوم يتخذ بناء على اقتراح وزير المالية، والامر كما هو جلي يتعلق بتحديد دقائق تطبيق هذه المادة وليس فيه اي تعارض مع احكام الدستور.

المادة 56: تنص هذه المادة على استحداث مديرية في وزارة المالية- مديرية المالية العامة- تتولى ادارة الضريبة ومراقبتها وجبايتها وتحصيلها – وتعدد المصالح التي تتألف منها والدوائر التابعة لها، وهذا ما يدخل في اختصاص السلطة المشترعة، الا ان هذه المادة تضيف الفقرات التالية اليها:

-الفقرة الثانية: "تحدد ملاكات هذه الدوائر واقسامها وفئات الوظائف ومهامها ودوام العاملين بمرسوم يتخذ في مجلس الوزراء بناء على اقتراح وزير المالية وبعد استطلاع رأي مجلس الخدمة المدنية وتحقيق تجريه ادارة الابحاث والتوجيه".

ان هذه الفقرة الثانية من المادة 56 المذكورة تتعارض واحكام المادة 12 من الدستور التي تحفظ صراحة للسلطة المشترعة تحديد شروط تولي الوظائف العامة وحقوق الموظفين العامين بموجب نظام خاص والمقصود قانون خاص بالوظيفة العامة.

وان تحديد الملاكات وفئات الوظائف يعني تحديد عدد الموظفين والاجراء وفئة كل منهم في الوظائف العامة مما يرتد حتما على حقوقهم واجورهم وتعويضاتهم وبالتالي يرتب انفاقا على الخزينة العامة يستوجب اصدار قانون بشأنه.

وان المجلس يرى ان حجز الوظيفة العامة لهذه الجهة للقانون مرده الى ضمان المشترع لمساواة المواطنين في حقهم بتولي الوظائف العامة ضمن الشروط التي يضعها هذا الاخير بالتوافق مع احكام المادة 12 من الدستور، كما مردّه ايضا الى ضمان حقوق الموظفين وسهر المشترع على المال العام الذي جعله الدستور امانة بين يديه،وبالتالي تكون هذه الفقرة مستوجبة الابطال لعدم دستوريتها.

-الفقرة الثالثة: "خلافا لاي نص آخر عام او خاص تحدد شروط التعيين العامة والخاصة الاضافية في وظائف هذه المديرية والوظائف المالية في مديرية المالية العامة المحددة في المرسوم الاشتراعي رقم 123 تاريخ 12\6\1959 وتعديلاته، بمراسيم تتخذ في مجلس الوزراء بناء على اقتراح وزير المالية وبعد استطلاع رأي مجلس الخدمة المدنية."

ان هذه الفقرة تجبه المادة 12 من الدستور التي تحجز صراحة للقانون تعيين شروط ممارسة اللبنانيين لحقهم في تولي الوظائف العامة بحيث لا يكون لاحد منهم ميزة على الآخر الا من حيث الاستحقاق والجدارة، وان هذه الفقرة التي لا تقتصر في نصها ومفاعيلها على المديرية المستحدثة، بل تنسحب ايضا على مديرية المالية العامة التي سبق للقانون ان حدد وظائفها وشروط التعيين فيها، انما هي مستوجبة الابطال لتعارضها واحكام الدستور.

-الفقرة الاخيرة: تنص الفقرة الاخيرة من المادة 56 على امكانية التعاقد مع القطاع الخاص من اجل ادارة حالة استرداد الضريبة المدفوعة على مشتريات الاشخاص غير المقيمين في لبنان عند نقلها من ضمن امتعتهم الشخصية الى خارج البلاد، على ان تراعى في هذا التعاقد احكام قانون المحاسبة العمومية وتعديلاته. ولا يجد المجلس في هذا النص اي تعارض واحكام الدستور، لان هذا المرفق مقتصر على استرداد الضريبة ولان الخدمة التي قد يكلف بها القطاع الخاص هي خدمة تقنية بحتة تبعا لتقنية عملية الاسترداد.

المادة 57: تنص هذه المادة على احكام انتقالية مختلفة وتترك في فقرتها الاخيرة امر تحديد دقائق تطبيقها الى مرسوم يتخذ في مجلس الوزراء بناء على اقتراح وزير المالية. ولا يرى المجلس اي تعارض بين هذه المادة وفقرتها الاخيرة مع احكام الدستور لان هذه الاحكام الانتقالية تتعلق بأمور لا تتعلق بجوهر الضريبة او العناصر المكونة لها،وان الامر في مطلق الاحوال يقتصر على دقائق تطبيق هذه المادة ليس الا.

المادة 58: تعدد هذه المادة تفصيلا حالات خاصة لاسترداد بعض الضرائب وتنص انه تحدد بمراسيم تتخذ في مجلس الوزراء، بناء على اقتراح وزير المالية، شروط واصول واجراءات تطبيق حالات الاسترداد هذه وتاريخ بدء العمل بها ولا يرى المجلس في هذا النص ما يتعارض واحكام الدستور لان عبارة "شروط واصول واجراءات" انما ترتبط عضويا بعبارة "تطبيق حالات الاسترداد" بحيث يستقر الامر في مجال تطبيق النص ولا يخرج عنه، سيما وان الضرائب المستردة منصوص عنها في النص صراحة، ويعود للسلطة الاجرائية المتمثلة بمجلس الوزراء بمقتضى المادة 65 من الدستور ان تتخذ المراسيم التطبيقية اي تلك التي تحدد شروط واصول واجراءات تطبيق القانون واخراجه الى حيّز التنفيذ دون الخروج عن نطاقه او تعديله او الاضافة اليه او تعطيل تنفيذ احكامه.

المادة 59: تحدد هذه المادة تفصيلا حالات استرداد الضريبة التي اصابت الاصول الثابتة التي تم استعمالها من اجل القيام بالعمليات المعفاة من الضريبة وفقا لاحكام المادتين 16 و17 من هذا القانون، وتترك في فقرتها الاخيرة امر تحديد دقائق تطبيقها الى مرسوم يصدر بناء على اقتراح وزير المالية. ولا يجد المجلس في هذه الفترة ما يتعارض مع احكام الدستور لانها تقتصر على تحديد دقائق تطبيق المادة ولا يمكن ان يترتب عنها اي انشاء لوضع قانوني مستحدث.

المادة 60:

          تنص هذه المادة على حالات خاصة مختلفة تتوزع كالتالي:

فقرة أ- حفظ حق الاشخاص الخاضعين للضريبة الذين يقومون بعمليات لقاء اموال نقدية ان يطلبوا تطبيق نظام مبسط لتنظيم  واصدار الفواتير وذلك وفقا لاصول تحدد بقرار يصدر عن وزير المالية. ان هذه الفقرة لا تتعارض اطلاقا مع احكام الدستور اذ يعود لوزير المالية، عملا بالمادة 66 من الدستور، ان يتخذ القرار بتطبيق هذه الفقرة القانونية وهي فقرة محض ادارية وعملية.

فقرة ب- ان ما سبق ايراده بالنسبة للفقرة "أ" اعلاه ينسحب ايضا بأكمله على الفقرة "ب" التي تتعلق بتفادي التهرب من الخضوع الى الضريبة بواسطة تجزئة اعمال المؤسسات.

فقرة ج- ان هذه الفقرة تتعلق بحالة فرض الضريبة على عمليات تسليم المجوهرات على اساس هامش الربح الاجمالي والذي لا يمكن الحسم من قيمتها (اي قيمة الضريبة المتوجبة عن هذه العمليات) قيمة الضريبة التي اصابت الاموال والخدمات المكتسبة من اجل تنفيذ هذه العمليات. وتضيف هذه الفقرة ان دقائق تطبيقها تحدد بموجب مرسوم يصدر بناء على اقتراح وزير المالية ولا يرى المجلس في هذه الفقرة ما يتعارض واحكام الدستور طالما ان الامر مقتصر على التطبيق.

الفقرة د- تخضع هذه الفقرة استخراج الضريبة الداخلة ضمن سعر شراء الخاضعين للضريبة لاموال مستعملة من شخص غير خاضع لها بغية بيع هذه الاموال "بأصول تحدد بموجب قرار يصدر عن وزير المالية". وان ايلاء وزير المالية اتخاذ قرار، هو تطبيقي بطبيعته لهذه المادة ومسيّر للعمل، امر جائز عملا بالمادة 66 من الدستور.

المادة 62: تترك هذه المادة دقائق تطبيق هذا القانون عند الحاجة وبالنسبة للمواد التي لم تلحظ المرجع المختص لتحديد دقائق تطبيقها للسلطة الاجرائية المتمثلة بمجلس الوزراء، التي قد تباشر اختصاصها هذا عملا بالمادة 65 من الدستور.

          وعليه تكون هذه المادة غير مشوبة بأي عيب دستوري طالما انها تقتصر على دقائق تطبيق هذا القانون، اي على المراسيم التطبيقية، وتترك امر اتخاذها للسلطة الاجرائية، التي اناط بها الدستور صراحة تطبيق القوانين والانظمة وتنفيذها.

          وبما ان المواد الاخرى من القانون رقم 379\2001 (الضريبة على القيمة المضافة) لا تثير اي تساؤل بالنسبة لاي تعارض محتمل واحكام الدستور والمبادئ ذات القيمة الدستورية،

لهذه  الأسباب

وبعد المداولة،

يقرر المجلس الدستوري:

اولا- في الشكل:

قبول المراجعة شكلا.

ثانيا- في الاساس:

- رد المراجعة في الاساس لجهة ابطال القانون رقم 379\2001 (الضريبة على القيمة المضافة) برمته لعدم مخالفة القانون برمته احكام الدستور.

-اعلان بطلان القانون رقم 379\2001 (الضريبة على القيمة المضافة) ابطالا جزئيا يشمل بعض مواده وفقراته التالية لتعارضها واحكام الدستور:

1-الجزء الاخير من الفقرة الثانية من المادة 3 الذي ينص على ما يلي:

"كما يحق لوزير المالية، بقرار يصدر عنه، حفاظا على المنافسة في الاسواق، تخفيض رقم الاعمال المذكور الى ما دون المئة وخمسين مليون ليرة لبنانية."

2-العبارات الاخيرة التالية من المقطع الاول من الفقرة -1- من المادة 40:

"التي تحدد بقرار من وزير المالية".

3-الفقرة الاخيرة من المادة 42 والتي تنص على ما يلي:

"تحدد اسس وقواعد فرض الضريبة واصول تطبيقها على عمليات وكالات السفر بموجب مراسيم تتخذ في مجلس الوزراء بناء على اقتراح وزير المالية."

4-الفقرة الثانية من المادة 56 التي تنص على ما يلي:

"تحدد ملاكات هذه الدوائر واقسامها وفئات الوظائف ومهامها ودوام العاملين فيها بمرسوم يتخذ في مجلس الوزراء بناء على اقتراح وزير المالية وبعد استطلاع رأي مجلس الخدمة المدنية وتحقيق تجريه ادارة الابحاث والتوجيه".

5-الفقرة الثالثة من المادة 56 التي تنص على ما يلي:

"خلافا لاي نص آخر عام او خاص، تحدد شروط التعيين العامة والخاصة الاضافية في وظائف هذه المديرية والوظائف المالية في مديرية المالية العامة المحددة في المرسوم الاشتراعي رقم 123 تاريخ 12\6\1959 وتعديلاته، بمراسيم تتخذ في مجلس الوزراء بناء على اقتراح وزير المالية وبعد استطلاع رأي مجلس الخدمة المدنية.

6-المادة 61 بكامل نصها.

ثالثا- ابلاغ هذا القرار الى المراجع المختصة ونشره في الجريدة الرسمية.

قرار صدر في الواحد والثلاثين من شهر كانون الثاني 2002.