قرار رقم 2\2001



قرار رقم 2\2001

تاريخ 10\5\2001

طلب ابطال الفقرة الثانية من المادة (1) الجديدة من القانون رقم 296 الصادر بتاريخ 3\4\2001 الرامي الى تعديل بعض احكام القانون المنفذ بالمرسوم رقم 11614 تاريخ 4\1\1969: اكتساب غير اللبنانيين الحقوق العينية العقارية في لبنان

المواد المسند اليها القرار

 

المادة (2) الفقرة (3) من العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية

المادة الاولى - الفقرة (2) من من الاتفاقية الدولية للقضاء على التمييز العنصري

الفقرتان (ج) و(د) من مقدمة الدستور

المادتان 7 و15 من الدستور

 

رقم المراجعة: 2\2001

المستدعون النواب السادة: نزيه منصور، محمد يحي، مروان فارس، جهاد الصمد، علاء ترو، محمد قباني، وليد عيدو، عبد الرحمن عبد الرحمن، سرج طورسركسيان، محمد رعد.

القانون المطلوب ابطاله: الفقرة الثانية من المادة (1) الجديدة من القانون رقم 296 الصادر بتاريخ 2\4\2001 (تعديل بعض احكام القانون المنفذ بالمرسوم رقم 11614 تاريخ 4\1\1969 المتعلق باكتساب غير اللبنانيين الحقوق العينية العقارية في لبنان) التالي نصها:

"لا يجوز تملّك اي حق عيني من اي نوع كان لأي شخص لا يحمل جنسية صادرة عن دولة معترف بها او لاي شخص اذا كان التملّك يتعارض مع احكام الدستور لجهة التوطين"، والمنشور في الجريدة الرسمية عدد 15 تاريخ 5\4\2001.

          إن المجلس الدستوري

          الملتئم في مقره بتاريخ 10\5\2001 برئاسة رئيسه امين نصار وحضور نائب الرئيس مصطفى العوجي والاعضاء حسين حمدان، فوزي ابو مراد، سليم جريصاتي، سامي يونس، عفيف المقدم، مصطفى منصور، كبرِيال سرياني، اميل بجاني.

          وعملا بالمادة 19 من الدستور،

          وبعد الاطلاع على استدعاء المراجعة وتقرير العضو المقرر،

          بما ان المستدعون تقدموا من المجلس الدستوري بمراجعة ابطال الفقرة الثانية من المادة (1) من القانون رقم 296 تاريخ 3\4\2001، تسجلت لدى قلم المجلس بتاريخ 19\4\2001، وقد ادلوا بما يلي:

اولا: ان مراجعة الابطال مقبولة في الشكل لان القانون المطلوب ابطاله قد جرى نشره في الجريدة الرسمية العدد \15\ تاريخ 5\4\2001، وهذه المراجعة تقدمت بتاريخ 19\4\2001، اي ضمن مهلة الخمسة عشر يوما القانونية، وهي مستوفية لجميع الشروط الشكلية.

ثانيا: في الاساس، ادلى المستدعون بأسباب الابطال التالية:

1- ان المقصود بالقانون المطلوب ابطاله، هو حرمان الفلسطينيين من حق تملك العقارات، دون سائر الناس، الامر المخالف لاحكام الفقرة "باء" من مقدمة الدستور التي تنص على ان "لبنان عربي الهوية والانتماء، وهو عضو عامل ومؤسس في جامعة الدول العربية وملتزم مواثيقها... وان الفلسطينيين هم مواطنون عرب، وان كانوا لا ينتمون لدولة بالمعنى الضيق لهذه الكلمة، وان حرمانهم من حق التملك العقاري مخالف لاحكام الدستور، ذلك ان مقدمة الدستور تتمتع بقيمة دستورية كاملة لانها جزء لا يتجزأ منه.

2- ان القانون المطلوب ابطاله مخالف ايضا لاحكام الفقرة الاولى من المادة \17\ من الاعلان العالمي لحقوق الانسان التي تنص على ان "لكل فرد حق التملّك بمفرده او بالاشتراك مع غيره". كما وانه مخالف لاحكام المادة الثانية من هذا الاعلان التي تنص على ان "لكل انسان حق التمتع بكافة الحقوق والحريات الواردة في هذا الاعلان، دون اي تمييز... بسبب العنصر او اللون او الجنس او اللغة او الدين... او الاصل الوطني... وان الاعلان العالمي لحقوق الانسان يعتبر جزءا ملزما للدولة الملتزمة بأحكامه، سندا لاحكام الفقرة "باء" من مقدمة الدستور ايضا التي تنص على ان "لبنان هو عضو مؤسس وعامل في منظمة الامم المتحدة وملتزم مواثيقها والاعلان العالمي لحقوق الانسان، وتجسد الدولة هذه المبادئ في جميع الحقول والمجالات دون استثناء."

3- ان القانون المطلوب ابطاله مخالف لميثاق الامم المتحدة الصادر بتاريخ 20\11\1963، الذي يحظر في مادته الثانية، اي تمييز في معاملة الاشخاص او الجماعات بسبب العرق او اللون او الاصل الاتني، ومخالف ايضا لمواثيق الامم المتحدة التي انضم اليها لبنان بموجب القانون رقم 44\1971، والتي تنص في المادة الخامسة على القضاء على جميع انواع التمييز العنصري وضرورة المساواة امام القانون،لا سيما بصدد التمتع بجميع الحقوق ومنها حق التملك.

4- واخيرا، فان المستدعين قد اشاروا الى ان التوطين الذي حظرته مقدمة الدستور، يعني اعطاء اللاجئين الفلسطينيين وطنا بديلا من وطنهم فلسطين وذلك يكون باعطائهم الجنسية اللبنانية وما يستتبع ذلك من حقوق سياسية، اما الحقوق المدنية الاخرى، بما في ذلك حق التملك العقاري، فلا تدخل ضمن الحظر المذكور، وبالتالي فان الفقرة الثانية من المادة الاولى من القانون رقم 296\2001 تكون مخالفة للدستور، لذلك فانهم يطلبون قبول مراجعتهم في الشكل، وفي الاساس ابطال الفقرة الثانية من المادة الاولى من القانون المذكور، وتعليق مفعول تنفيذها لحين البت بالطعن المقدم منهم.

اولا: في الشكل:

          بما ان القانون رقم 296 الصادر بتاريخ 3\4\2001، المطلوب ابطال الفقرة الثانية من المادة (1) منه، نُشر في الجريدة الرسمية بالعدد رقم \15\ تاريخ 5\4\2001، وان المراجعة الموقعة من عشرة نواب قد وردت الى قلم المجلس بتاريخ 19\4\2001، فتكون واردة ضمن المهلة ومستوفية شروطها القانونية كافة، فهي مقبولة في الشكل.

ثانيا: في الاساس:

          بما ان الفقرة الثانية من المادة (1) الجديدة من القانون رقم 296 تاريخ 3\4\2001 وردت في معرض قانون يعدل بعض مواد القانون المنفذ بالمرسوم رقم 11614 تاريخ 4\1\1969 المتعلق باكتساب غير اللبنانيين الحقوق العينية العقارية في لبنان، وقد جاء نصها كما يلي:

"لا يجوز تملك اي حق عيني من اي نوع كان لاي شخص لا يحمل جنسية صادرة عن دولة معترف بها او لاي شخص اذا كان التملك يتعارض مع احكام الدستور لجهة رفض التوطين".

          وبما انه سبق للمشرع اللبناني ان نظم بنصوص تشريعية مختلفة تملك الاجانب للاموال غير المنقولة في لبنان، كما في القرار الصادر عن المفوض السامي بتاريخ 8\8\1941 رقم F.L. 79 والمرسوم الاشتراعي رقم 196 تاريخ 24\7\1942 والمرسوم الاشتراعي رقم 110 تاريخ 12\6\1959 والقانون المنشور بالمرسوم رقم 15740 تاريخ 11\3\1964 والقانون رقم 59 تاريخ 10\9\1966 والقانون المنفذ بالمرسوم رقم 11614 تاريخ 4\1\1969، المعدل بالقانون المنفذ بالمرسوم رقم 5131 تاريخ 19\3\1973، وقد وضعت هذه التشريعات كافة قيودا لتملك الاجانب الاموال غير المنقولة في لبنان.

          وبما ان نصوصا تشريعية وتنظيمية اخرى قد صدرت في لبنان وافردت اوضاعا خاصة لغير اللبنانيين وادخلت تمييزا فيما بين هؤلاء ان لجهة دخولهم الى لبنان والاقامة او العمل فيه، فصنفت بينهم، سواء كانوا من الرعايا العرب او غير العرب.

          وبما ان الدولة اللبنانية بسنها مثل هذه النصوص لم ولا تخالف مبدأ المساواة الملحوظة في مقدمة الدستور، بما ان الفقرة "ج" منها قد نصت ان تلك المساواة في الحقوق والواجبات هي التي يجب ان تقوم بين جميع المواطنين دون تمايز او تفضيل، كما نصت المادة 7 من الدستور ان "كل اللبنانيين سواء لدى القانون وهم يتمتعون بالسواء بالحقوق المدنية والسياسية ويتحملون الفرائض والواجبات العامة دون ما فرق بينهم"، مما يقصر تحقق المساواة دستوريا بين اللبنانيين ويجعل منها مرتكزا من مرتكزات نظام لبنان السياسي.

          وبما ان الفقرة "د" من الدستور تنص على ان "الشعب مصدر السلطات وصاحب السيادة يمارسها عبر المؤسسات الدستورية"بحيث ان السلطة المشترعة في سنها تشريعات تنظم تملك غير اللبنانيين للاموال غير المنقولة في لبنان انما تمارس السيادة الوطنية في المحافظة على الارض اللبنانية التي تؤلف القاعدة الاساسية التي تقوم عليها هذه السيادة والتي كرستها المادة الاولى من الدستور،

          وبما ان المادة 15 من الدستور الواردة في الفصل الثاني منه والمعنون "في اللبنانيين وحقوقهم وواجباتهم" قد كرست حق الملكية بأن جعلته في حمى القانون وحظرت نزع الملكية عن احد إلّا لاسباب المنفعة العامة التي يحددها القانون.

          بما ان وضع الملكية في حمى القانون يستتبع حتما سن القوانين التي تحمي هذه الملكية وتنظم طرق اكتسابها وتضع حدود ممارستها، وهو ما فعله المشرع اللبناني في هذا المجال،

          وبما ان وضع شروط لاكتساب الملكية او لممارستها لا يتعارض من حيث المبدأ مع نص المادة 17 من الاعلان العالمي لحقوق الانسان الصادر بتاريخ 10\12\1948 التي اقرت في الفقرة (1) منها ان "لكل شخص حق التملك بمفرده او بالاشتراك مع غيره"، ذلك ان هذا النص انما يعني ان حق الملكية من حيث المبدأ محفوظ للاشخاص، فضلا عن ان المادة 29 من الاعلان العالمي ذاته تنص في الفقرة (2) منها ان الفرد يخضع في ممارسة حقوقه وحرياته (اي بما في ذلك حق التملك) لتلك القيود التي يقررها القانون فقط، وذلك لضمان الاعتراف بحقوق الغير وحرياته ولتحقيق المقتضيات العادلة للنظام العام والمصلحة العامة، مما يستتبع وجوب الاخذ بعين الاعتبار المسائل السيادية التي تقررها الدول في اقاليمها.

          وبما ان النص المطعون فيه، بالاضافة الى ما سبق، يتوافق مع الفقرة (3) من المادة (2) من العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية الصادر بتاريخ 16\12\1966 والذي اجيز انضمام لبنان اليه بالقانون المنفذ بالمرسوم رقم 3855 الصادر بتاريخ 1\9\1972، تلك الفقرة التي تنص على ما يلي:

"يجوز للبلدان المتنامية، مع ايلاء المراعاة الحقة لحقوق الانسان واقتصادها القومي، تقرير مدى ضمانها لغير مواطنيها الحقوق الاقتصادية المعترف بها في هذا العهد".

          وبما ان العهد الدولي المذكور يؤلف حلقة متممة للاعلان العالمي لحقوق الانسان واضعا الاطار القانوني الذي يمكن من ضمنه ممارسة الحقوق الاقتصادية التي ينص عنها كل منهما، ومنها حق الملكية،

          وبما انه بالاضافة الى ذلك لقد نصت الفقرة (2) من المادة الاولى من الاتفاقية الدولية للقضاء على التمييز العنصري بجميع اشكاله تاريخ 7\3\1966 والتي أجيز انضمام لبنان اليها بالقانون رقم 44\71 تاريخ 26\6\1971، على ما يلي:

"لا تسري هذه الاتفاقية على اي تمييز او تقييد او استثناء او تفضيل تجربة اية دولة من الدول الاطراف فيها على اساس الفصل في المعاملة بين المواطنين وغير المواطنين" مع العلم بأن المادة (5) من هذه الاتفاقية التي تحدد الحقوق المدنية المصانة تذكر صراحة في عدادها "حق التملك استقلالا او شراكة".

          وبما انه من المعتمد ان هذه المواثيق الدولية المعطوف عليها صراحة في مقدمة الدستور تؤلف مع هذه المقدمة والدستور جزءا لا يتجزأ وتتمتع معا بالقوة الدستورية،

          وبما انه من المعتمد ايضا في اجتهاد هذا المجلس، كما في الاجتهادات الدستورية المقارنة، ان مبدأ المساواة التي يتمتع بالقيمة الدستورية – وهو في لبنان مبدأ دستوري نصي ورد في مقدمة الدستور وفي المادة 7 منه- ولا يمكن للمشترع الخروج عنه الا عند وجود اوضاع قانونية مختلفة ومميزة بين الافراد وعند اختلاف الحالات او عندما تقضي بذلك مصلحة عليا، واذا كان هذا التمييز مرتبطا بأهداف التشريع الذي يلحظه:

« Considérant que le principe d'égalité ne s'oppose ni à ce que le législateur règle de façon différente des situations différentes ni à ce qu'il déroge à l'égalité pour des raisons d'intérêt général, pourvu que, dans l'un et l'autre cas, la différence de traitement qui en résulte soit en rapport avec l'objet de la loi. »

« Le principe d'égalité dans la jurisprudence des Cours constitutionnelles et institutions de compétence équivalente ayant en partage l'usage du français », Bulletin no. 1, sept. 1998, p. 135 (Extrait d'un arrêt du Conseil constitutionnel français).

          وبما انه لا يرد على ما تقدم بأن التشريعات السابقة المتعلقة باكتساب غير اللبنانيين الحقوق العينية العقارية في لبنان، لم تكن جميعها تميز بين الرعايا العرب انفسهم، بل كانت تفرد لهم نظاما واحدا بهذا الخصوص، لانه من المعتمد ايضا انه يحق للسلطات الدستورية ان تكون دائما متمكنة من تعديل سياستها وتشريعاتها في ضوء متغيرات المصلحة العامة:

« D'une manière générale, les pouvoirs publics doivent pouvoir adapter leur politique aux circonstances changeantes de l'intérêt général. » (Op. cit., p. 51)

          وبما ان المصلحة العليا يمكنها ان تبرر اي قيد لحق الملكية، حتى فيما يتعلق بالمواطنين انفسهم، على رغم ان حق الملكية في هذه الحالة هو حق مصان دستورا:

« C'est avec une grande force que le Conseil affirmait la valeur constitutionnelle du droit de propriété. Mais il ajoutait aussitôt comment devait être compris ce droit… il subit des "limitations exigées par l'intérêt général", ce dernier étant laissé à l'appréciation du législateur. »

« L'intérêt général dans la jurisprudence du Conseil constitutionnel », Marie-Pauline Deswarte, in Revue française de droit constitutionnel, no. 13\1999, p. 46.

          وبما ان معظم الدول قد وضعت في تشريعاتها قيودا لاكتساب الملكية وممارستها من قبل غير رعاياها، ومنها كما هو معروف دول يجمع بينها الانتماء العربي، وهي قيود قد تصل في بعض هذه الدول الى حد الحظر المطلق بالتملك حتى للرعايا العرب انفسهم.

          وبما ان يستفاد من كل ما تقدم ان من حق الدولة اللبنانية، في ضوء مصلحتها العليا، ان تقرر وضع القيود التي تحدد مداها لاكتساب غير اللبنانيين او بعضهم تحديدا الحقوق العينية العقارية في لبنان اذ تمارس في ذلك حقا سياديا محفوظا لها على الارض اللبنانية، لها دون سواها، بحيث يحق لها ايضا ان تلجأ الى منع التملك بالمطلق لغير اللبنانيين او بعضهم ممن لا يحمل جنسية صادرة عن دولة معترف بها، او اذا كان هذا التملّك يتعارض مع سياستها العليا في رفض التوطين المكرس بالفقرة "ط" من مقدمة الدستور وكان من شأن هذا التملك مخالفة المبدأ الدستوري برفض التوطين.

          وبما ان هذا التقدير للمصحلة العليا من قبل المشرع اللبناني لا يخرج من رقابة المجلس الدستوري، وانه يعود لهذا المجلس ان ينظر في توافر مثل هذه المصلحة في ضوء اهداف التشريع الذي يمارس رقابته عليه للتحقق من دستوريته، سيما اذا كان لهذه المصلحة العليا مرتكز دستوري كما هي الحال بالنسبة الى القانون المطعون فيه.

          وبما ان المجلس، في معرض رقابته هذه وتأسيسا على كل ما سبق بيانه، لا يجد ما يخالف الاحكام والمبادئ الدستورية او ذات القيمة الدستورية في القانون المطعون فيه بالمراجعة الحاضرة، فضلا عن انه قد تحقق من توفر المصلحة العليا في اهداف هذا التشريع.

لهذه الأسباب

وبعد المداولة،

يقرر المجلس الدستوري،

اولا: في الشكل:

قبول المراجعة شكلا.

ثانيا: في الاساس:

رد المراجعة لعدم مخالفة الفقرة الثانية من المادة (1) الجديدة من القانون رقم 296 الصادر بتاريخ 3\4\2001 للدستور او لقاعدة ذات قوة دستورية.

ثالثا:

ابلاغ هذا القرار الى المراجع المختصة ونشره في الجريدة الرسمية.

قرارا صدر في العاشر من شهر ايار 2001.