قرار رقم 2\95



قرار 2\95

تاريخ 25\2\1995

طلب إبطال القانون رقم 406 تاريخ 12\1\1995:

تعديل بعض أحكام قانون تنظيم القضاء الشرعي، السنّي والجعفري

المواد المسند اليها القرار

المادة 19 من الدستور

المادة 20 من الدستور

 

رقم المراجعة 1\95

المستدعون: النواب السادة: الرئيس حسين الحسيني، محمد يوسف بيضون، الياس الخازن، نجاح واكيم، اكرم شهّيب، فتحي يكن، سعود روفايل،  خضر علي طليس،  ابراهيم بيان،  منير الحجيري، زهير العبيدي، أسعد هرموش.         

القانون المطلوب إبطاله: القـانون رقم 406، الصادر في 12\1\1995، والمنشور في العدد الرابع من الجريدة الرسمية الصادر في 26\1\1995.

إن المجلس الدستوري

الملتئم في مقره بتاريخ 25\2\1995، برئاسة رئيسه الأستاذ وجدي ملاّط، وعضوية السادة: جواد عسيران، أديب علاّم، كامل ريدان، ميشال تركية، بيار غنّاجة، سليم العازار، محمد المجذوب، أنطوان خير، خالد قبّاني.   

بعد الاطلاع على ملف المراجعة وسائر المستندات المرفقة بها، وعلى تقرير العضو المقرّر، المؤرخ في 18\2\1995،

وبما أن السادة النواب المذكورين أعلاه تقدّموا بمراجعة سجّلت في قلم المجلس بتاريخ 6\2\1995 يطلبون فيها إعلان عدم دستورية القانون رقم 406 المؤرخ في 12\1\1995، والمنشور في العــدد الرابع من الجريــدة الرسميــة، الصادر في 26\1\1995، والمتعلق بتعديل بعض احكام قانون تنظيم القضاء الشرعي السنّي والجعفري، ويستدعون بالتالي إبطاله بعد تعليق مفعوله،

وبما أن المستدعين يدلون بأن القانون موضوع المراجعة، مستوجب الإبطال لمخالفة مبادئ وأصول التشريع، وللانحراف التشريعي، ومخالفة مبـدأ فصـل السلطات المنصوص عليه في الدستور، ومخالفــة الفقــرة  (ه) من مقدّمة الدستور، والمادتين 20 و56 والفقرة 3 من المادة 65  منه وتعطيل مفاعيلها،

وبما أن هذا المجلس تلقى ثلاثة كتب لاحقة من النواب السادة خضر علي طليس، وابراهيم بيان، ومنير الحجيري تسجّلت في قلم المجلس بتاريخ 10\2\1995، وقد جاء في كتاب النائب السيد طليس أنه لا يقرّ التوقيع الموجود وليس معنياً بالطعن، بينما جاء في كتابي النائبين السيدين بيان والحجيري أن توقيعهما للمراجعة جاء نتيجة الالتباس.

وبما أن هذا المجلس تلقى أيضاً كتاباً من النائب السيد أيمن شقير تسجّل في قلم المجلس بتاريخ 11\2\1995 ورد فيه أنه، إلحاقاً بمراجعة الإبطال وطلب التعليق المقدّمين من السادة النواب المستدعين، يعلن تضامنه معهم مكرراً ما جاء في استدعاء المراجعة من أسباب ومطالب،

وبما ان هذا المجلس قرر بتاريخ 11\2\1995 تعليق مفعول القانون موضوع المراجعة ونشر قراره في الجريدة الرسمية،

فعلى ما تقدّم

اولاً – في الشكل:

حيث أن أصحاب الحق في المراجعة أمام المجلس الدستوري، المذكورين حصراً في المادة 19 من الدستور، عندما يستدعون إبطال أحد القوانين بسبب عدم دستوريته، يقومون بممارسة حقّ دستوري ممنوح لهم بصفتهم العامة،

وحيث أنه ليس لمثل هذه المراجعة طبيعة الخصومة الشخصية،

وحيث أن هذه المداعاة  الناشئة عن تكليف دستوري، غير قابلة للرجوع عنها بعد تسجيلها القانوني لدى المجلس الدستوري،

وحيث أن هذا المدلول يجعل مضمون الكتابين اللاحقين الواردين من النائبين السيدين ابراهيم بيان ومنير الحجيري، والمعلنين رجوعهما عن الطعن، غير ذي أثر قانوني على المراجعة،

وحيث أن الكتاب الصادر عن النائب السيد خضر علي طليس والذي جاء فيه، على وجه غير مكتمل الوضوح، أنه لا يقرّ التوقيع الموجود، كما ان المراجعة اللاحقة الموقعة من النائب السيد أيمن شقير، والواردة في اليوم السادس عشر التالي لنشر القانون المطعون فيه، كلاهما لا يؤثر في المراجعة المشتركة الحائزة، بمعزل عنهما، العدد الدستوري الكافي من التواقيع المطلوبة لقبولها،

وحيث أن المراجعة الأساسية المقدمة في المهلة المحددة في الفقرة الاخيرة من المادة 19 المشار إليها اعلاه، تكون مقبولة ومستوفية جميع الشروط الشكلية.

ثانياً- في الأساس:

حيث أن القانون المطنوع فيه ينص على ما يأتي:

"مادة وحيدة – بصورة استثنائية، ولمرة واحدة، وخلافاً لأي نص آخر يمكن لرئيس مجلس الوزراء نقل رئيس المحكمة الشرعية الجعفرية العليا من مركزه او وضعه بالتصرف.

"ويعمل بهذا القانون فور نشره بالجريدة الرسمية".

وحيث ان المادة 20 من الدستور نصّت على ما يلي:

"إن السلطة القضائية تتولاّها المحاكم على اختلاف درجاتها واختصاصاتها ضمن نظام ينص عليه القانون، ويحفظ بموجبه للقضاء وللمتقاضين، الضمانات اللازمة."

"أما شروط الضمانة القضائية وحدودها فيعينّها القانون. والقضاة مستقلّون في إجراء وظيفتهم، وتصدر القرارات والاحكام من قبل المحاكم وتنفّذ باسم الشعب اللبناني".      

وحيث أنه يستفاد من نصّ هذه المادة أن ثمة ضمانات يجب حفظها للقضاة وللمتقاضين من أجل تأمين متطلّبات استقلال القضاء وصون حقوق الدفاع،

وحيث أن الانتقاص من هذه الضمانات يؤدّي إلى مخالفة المادة الدستورية التي نصت صراحة على وجوب توافرها، 

وحيث أن احكام الدستور، المتقدّم ذكرها، تطبّق على المحاكم الشرعية السنّية والجعفرية، التي تعتبر جزءاّ من تنظيمات الدولة القضائية، وفاقاً لما نصّت عليه المادة الأولى من قانون تنظيم هذه المحاكم، الصادر في 16\7\1962، بقولها:

"يشكل القضاء الشرعي السنّي والجعفري جزءاّ من تنظيمات الدولة القضائية".

وحيث أن المادة 459 من قانون التنظيم القضائي السنّي والجعفري نصت على ما يأتي:

"لا ينقل قضاة المحاكم الشرعية ولا يصرفون ولا يحالون على المجلس التأديبي إلاّ بعد موافقة مجلس القضاء الشرعي الاعلى".

وحيث أن القانون موضوع هذه المراجعة قد أعطى رئيس مجلس الوزراء منفرداً حقّ نقل رئيس المحكمة الشرعية الجعفرية العليا من مركزه، او وضعه بالتصرف، دون موافقة مجلس القضاء الشرعي الاعلى، خلافاً لأحكام الدستور ولأحكام المادة 459 المذكورة أعلاه،

وحيث أن نص هذا القانون ينطوي على انتقاص من استقلال القضاء ومن الضمانات التي اعطاها الدستور في مادته العشرين للقضاة والمتقاضين،

وحيث أنه من المعلوم أن هذه الضمانات المكفولة في الدستور، تقابلها تبعات يتولّى التشريع تنظيمها وتحديد وجوه المساءلة فيها،

وحيث أن القانون موضوع المراجعة يكون، والحالة هذه، قد خالف أحكام المادة 20 من الدستور والمبادىء الدستورية العامة المقررة بالنسبة الى استقلال القضاء وتوفير الضمانات للقضاة والمتقاضين.

وحيث أنه ينبغي، استناداً إلى ما تقدم، إعلان مخالفة هذا القانون موضوع المراجعة لأحكام الدستور وإبطاله كلياً،

وحيث أنه لم يعد من فائدة لبحث باقي ما أدلي  به.

لهذه الأسباب

وبعد المداولة،

وعطفاً على قرار المجلس الصادر في 11\2\1995، القاضي بتعليق مفعول القانون المطعون فيه،

يقرّر المجلس بالإجماع:

أولا: قبول المراجعة شكلاً.

ثانياً: إعلان عدم سماع الرجوع عن الطعن بعد تسجيل المراجعة، وفاقاً لما هو مبّين أعلاه.

ثالثاً: إبطال القانون رقم 406 الصادر في 12\1\1995، والمنشور في العدد الرابع من الجريدة الرسمية، الصادر في 26\1\1995، والمتعلّق بتعديل بعض احكام قانون تنظيم القضاء الشرعي، السنّي والجعفري، بسبب مخالفته أحكام الدستور.

رابعاً: نشر هذا القرار في الجريدة الرسمية.

قراراً صدر في الخامس والعشرين من شهر شباط 1995.