قرار رقم 18\2000



قرار رقم 18\2000

تاريخ 8\12\2000

وليد شويري \ الياس السكاف ونقولا فتوش

مقعدان الروم الكاثوليك في دائرة البقاع الثانية (زحلة)، انتخابات 2000

 

رقم المراجعة: 18\2000

المستدعي: السيد وليد ميشال شويري، المرشح المنافس الخاسر عن احد المقعدين المخصصين للروم الكاثوليك في دائرة البقاع الثانية – قضاء زحلة - لدورة العام 2000 لانتخابات مجلس النواب.

المســـــتدعى ضدهما: السيدان الياس جوزف السكاف ونقولا ميشال فتوش المُعلن فوزهما عن المقعدين المذكورين في الدائرة المذكورة.

الموضـــــــوع: الطعن في صحة نيابة المستدعى ضدهما.

إن المجلس الدستوري

الملتئم في مقرّه بتاريخ 8 كانون الأول 2000، برئاسة رئيسه أمين نصار، وحضور نائب الرئيس مصطفى العوجي والأعضاء السادة: حسين حمدان، فوزي أبو مراد، سليم جريصاتي، سامي يونس، عفيف المقدّم، مصطفى منصور، كبرِيال سرياني، اميل بجاني.

وعملاً بالمادة 19 من الدستور

وبعد الاطلاع على ملف المراجعة وتقرير العضوين المقررين

تبين ان السيد وليد ميشال الشويري المرشّح الخاسر عن أحد مقعدي الروم الكاثوليك في دائرة البقاع الثانية - قضاء زحلة - في انتخابات مجلس النواب لدورة عام 2000، تقدّم بواسطة وكيله من المجلس الدستوري باستدعاء سجّل في قلم المجلس بتاريخ 14\10\2000 طعن بموجبه بصحة انتخاب المستدعى ضدهما النائبين الياس سكاف ونقولا فتوش، وطلب قبول الطعن شكلاً وأساساً، وإصدار القرار بابطال وعدم صحة الانتخابات المطعون فيها، وإلغاء النتيجة بالنسبة الى المطعون بصحة نيابتهما، وتصحيحها، وإعلان فوزه لحيازته على الأغلبية التي تؤهله للنيابة.

وقد جاء في استدعاء الطعن ان المستدعي ترشّح عن مقعد الروم الكاثوليك في دائرة البقاع الثانية –قضاء زحلة- في انتخابات أعضاء المجلس النيابي لدورة عام 2000، وخاض هذه الانتخابات مع عدد من المرشحين ضمن لائحة "الإرادة الشعبية" في مواجهة لائحة منافسة حملت اسم "الكتلة الشعبية" برئاسة المطعون بصحة نيابته الأول السيد الياس سكاف، وعضوية عدد من المرشحين، منهم المطعون بصحة نيابته الثاني نقولا فتوش.

وبنتيجة عملية الاقتراع التي جرت بتاريخ 3\9\2000 وأعلنت نتائجها الرسمية بتاريخ 4\9\2000 فاز المطعون بصحة نيابتهما السيدان الياس سكاف ونقولا فتوش، وخسر المستدعي. وقد حصل السيد السكاف على 28467 صوتاً، والسيد فتوش على 27513 صوتاً، بينما حصل المستدعي على 15987 صوتاً، أي بفارق 11526 عن النائب فتوش، و12480 صوتاً عن النائب السكاف.

ويقول المستدعي في استدعاء الطعن ان العملية الانتخابية شابتها عيوب ومخالفات، حصلت قبل اجرائها، وخلال اجرائها، وبعدها، وانه كان لتلك العيوب والمخالفات تأثير كبير على إرادة الناخبين، وبالتالي على النتيجة النهائية لهذه الانتخابات.

وتبيّن انه ادلى بالأسباب الآتية:

السبب الأول: إقدام المطعون بصحة نيابتهما السيدين الياس سكاف ونقولا فتوش على رشوة الناخبين وشراء أصواتهم، قبل العملية الانتخابية وخلالها، بالجملة والمفرّق، وبشكل سري وعلني، بمبالغ تراوحت بين خمسين الف ليرة لبنانية ومئتي دولار أميركي للصوت الواحد.

وإثباتاً لهذه الواقعة قدّم لوائح بأسماء 197 شخصاً قال انهم قاموا بحملة الرشاوى وشراء الأصوات لمصلحة السيدين سكاف وفتوش، كما قدّم ستاً وعشرين افادة لناخبين، واحدة صادرة عن مختار وفيها يطلب من السيدين سكاف وفتوش، مبلغ خمسة ملايين ليرة عن أصوات تمّ شراؤها لمصلحتهما في حي الفيكاني بتاريخ 3 أيلول 2000، وثانية صادرة عن سيّدة بتاريخ 2\10\2000 تشهد فيها على شراء 2500 صوت لمصلحة السيد فتوش، و1500 صوت لمصلحة السيد السكاف،

وثماني إفادات صادرة عن ناخبين يقولون فيها انه عرض عليهم التصويت للسيدين سكاف وفتوش مقابل رشوة مالية، فرفضوا،

وافادة صادرة عن ناخب يعترف فيها بأن ممثلين عن السيد سكاف وفتوش دفعوا عنه مايتي دولار أميركي لمستشفى الميس، مقابل التصويت لهما.

و15 افادة أخرى لناخبين شهدوا فيها على شراء أصوات انتخابية لمصلحة السيدين سكاف وفتوش، بصورة علنية وامام الأجهزة الأمنية.

السبب الثاني: تهديدات وضغوطات نفسية ومادية وتدخلات اقترفها ممثلو المطعون بصحة نيابتهما السيدين سكاف وفتوش والأجهزة الأمنية، وتمثّلت بالوقائع الآتية:

-الضغط على الناخبين عن طريق حجز بطاقاتهم الانتخابية باعداد كبيرة تفوق العشرة آلاف بطاقة وتسليمها لهم امام اقلام الاقتراع.

وقد استشهد المستدعي على هذه الواقعة بافادتين من الافادات الست والعشرين التي قدّمها اثباتاً لشراء أصوات الناخبين.

-الضغط على مندوبي واداريي المستدعي في حملته الانتخابية لمنعهم من متابعة العمل لمصلحته ولمصلحة لائحة "الإرادة الشعبية" التي ينتمي اليها.

وقد تجلّى هذا الضغط –كما جاء في استدعاء الطعن –باقدام أحد الأشخاص التابعين للنائب المطعون بصحة نيابته السيد نقولا فتوش، على تهديد مدير حملة المستدعي الانتخابية بالقتل، مما اضطره الى النوم خارج منزله لمدة غير قليلة متنقلاً من مكان الى آخر، وكذلك باقدام جماعة تابعة للسيدين سكاف وفتوش على الاعتداء بالضرب على من كان مسؤولاً انتخابياً عن منطقة المعلقة للائحة المستدعي الانتخابية، وعلى والده، وعلى تهديدهما بالقتل، ثم باطلاق الرصاص فوق سيارة المسؤول المذكور في 1\9\2000
و4\9\2000، وبالتعرض بالشتم والتحقير لشقيقته.

واثباتاً لهذه الوقائع قدّم المستدعي ثلاث صور لثلاث شكاوى تقدّم بها المعتدى عليهم الى النيابة العامة في زحلة ضد المعتدين. 

-تدخل الأجهزة الأمنية باستدعائها عدداً كبيراً من المخاتير ورؤساء البلديات الى أحد مراكزها والايعاز اليهم بالعمل للائحة "الكتلة الشعبية" التي يرأسها المطعون بصحة نيابته الأول السيد سكاف، وينتمي اليها المطعون بصحة نيابته الثاني السيد فتوش.

-اطلاق الاشاعات الكاذبة وترويجها في وسائل الاعلام، وتطويق عناصر الجيش اللبناني لمكتب المستدعي.

وقد ذكر المستدعي في هذا الاطار ان جريدة "الديار" نشرت في عددها الصادر بتاريخ 31\7\2000، وبعنوان كبير، ان لائحة "الإرادة الشعبية" في زحلة، ماتت قبل ان تولد، وان مكتبها الرئيسي قد أقفل، وان مناصريها في حالة ضياع، وان المستدعي هو السبب في كل ذلك.

ثم أضاف انه سارع في اليوم التالي، أي في 1\8\2000 الى تكذيب الخبر ونشر توضيح في جريدة "الديار" أيضاً.

أما بخصوص تطويق عناصر الجيش لمكتبه الانتخابي، فقد ذكر المستدعي ان الجيش فعل ذلك، بسبب إشاعة كاذبة أطلقتها اللائحة المنافسة، مآلها ان عراكاً حصل في المكتب، وان قتيلاً سقط فيه. وقد فك الجيش الطوق بعد ان تثبت من كذب الاشاعة.

السبب الثالث:

وجود تزوير في اعداد المقترعين عن طريق اقتراع أشخاص غائبين ومسافرين خارج لبنان، بواسطة أشخاص آخرين حلّو محلهم وصوتوا مكانهم.

وقد طلب المستدعي التحقيق في هذه الواقعة ودراسة لوائح المقترعين وتواقيعهم للتثبّت من وجود بعضهم خارج لبنان.

وتبيّن ان المطعون بصحة نيابته الأول السيد الياس سكاف، أجاب على الطعن بلائحة سجّلت في قلم المجلس بتاريخ 19\10\2000، خلص بنتيجتها الى طلب رد الطعن شكلاً، والا أساساً للأسباب الآتية:

اولاً – في الأسباب المتعلّقة بالشكل

-مخالفة احكام المادة 16 من قانون انشاء المجلس الدستوري، والمادة 46 من نظامه الداخلي، والمادة الأولى –البند 39- من الجدول رقم (1) من قانون رسم الطابع المالي، بخلو الصورة المبرزة مع استدعاء الطعن، عن وكالة الأستاذ شهوان، من رسم الطابع المالي المنصوص عليه في المادتين 1 و2 من قانون رسم الطابع المالي، وعدم تسديد رسم التسجيل المنصوص عليه في المادة 2 من قانون الرسوم القضائية، عن الصورة المذكورة، باعتبار ان الوكالة ليست من المستندات المعفية من الرسوم بموجب المادة 16 من قانون انشاء المجلس الدستوري الانفة الذكر.

-استطراداً، لان الوكالة المعطاة لوكيل الطاعن لا تجيز له تقديم الطعن.

-لان الطعن مقدّم الى المجلس الدستوري، خلافاً لاحكام المادة 24 من قانون انشاء المجلس الدستوري، التي توجب تقديمه الى رئاسة المجلس.

-لان الطعن مقدّم ضد نائبين منتخبين خلافاً لأحكام المادة 24 من قانون انشاء المجلس الدستوري التي توجب تقديم الطعن ضد نائب واحد منتخب.

-لان الطاعن ينسب الرشوة الى غيره، والرشوة ثابتة بحقه كما يتبين من صورة المحضر المنظّم من الشرطة العسكرية في "البقاع" المرفقة بلائحة النائب سكاف الجوابية.

-لان المحامي وكيل الطاعن لم يحصل على اذن من نقيب المحامين لتقديم الطعن ضد المحامي نقولا فتوش المطعون بصحّة نيابته الثاني، وفقاً لما تقضي به المادة 94 من قانون تنظيم مهنة المحاماة.

ثانياً – في الأسباب المتعلّقة بالأساس

-الفرق الشاسع بين الأصوات التي نالها الطاعن من جهة والأصوات التي نالها كل من النائب سكاف والنائب فتوش من جهة أخرى، والذي يجعل أي كلام عن أي عيب مزعوم دون أي تأثير على النتيجة، ودون الحاجة للبحث في أساس المزاعم.

-عدم تحفّظ أي مندوب من مندوبي الطاعن على محاضر فرز الأصوات ومحضر الاعمال المنصوص عنها في المادة 58 من قانون انتخاب أعضاء المجلس النيابي، يكفي لبيان عدم جدية مزاعم الطاعن.

-لان وسائل الاثبات التي يعرضها الطاعن، هي وسائل واهية، وقد رجع معظم أصحاب الافادات عن افادتهم، كما كذب المعنيون بتلك الافادات ما ورد فيها، ولافتقار ما ساقه الطاعن من اتهامات باطلاق الاشاعات وتزوير اعداد المقترعين، وتدخّل الأجهزة الأمنية، الى الحد الأدنى من الاثبات.

وكذلك طلب النائب سكاف تدوين تحفّظه بمداعاة الطاعن أمام المراجع المختصة بجرم الافتراء والقدح والذم، وبكافة الحقوق لاية جهة كانت، وبالزام الطاعن بأن يدفع له مبلغ مليار وخمسماية مليون ليرة لبنانية لعلة التعسّف في استعمال حق الطعن، عملاً باحكام المادة 6 من قانون أصول المحاكمات المدنية معطوفة على المادتين 510 و511 منه.

وتبين ان المطعون بصحة نيابته الثاني النائب نقولا فتوش أجاب بدوره على الطعن بصحة نيابته بلائحة سجلت في قلم المجلس الدستوري بتاريخ 23\10\2000، طلب في خاتمتها ما يلي:

أولاً – رد الطعن شكلاً لأنه مقدّم من محام بوكالته عن الطاعن دون ان يستحصل على اذن بذلك من نقيب المحامين، مخالفاً بذلك أحكام المادة 94 من قانون تنظيم مهنة المحاماة، لان المطعون بصحة نيابته النائب فتوش محام مسجّل في النقابة أصولاً، ولان الطاعن استردّ تأمين الترشيح بعد خسارته في الانتخابات، ففقد الصفة اللازمة لتقديم هذا الطعن، ولان الطعن موجّه ضد نائبين منتخبين خلافاً لأحكام المادة 24 من قانون انشاء المجلس الدستوري، التي لا تجيز الطعن بأكثر من نيابة نائب واحد منتخب، ولان الطعن موجّه الى المجلس الدستوري وليس الى رئيس المجلس الدستوري، كما تقضي المادة 24 من قانون انشاء المجلس الانفة الذكر.

ثانياً- رد الطعن أساساً لعدم صحة وعدم جدية الأسباب المدلى بها، إن لجهة الرشوة وشراء الأصوات، خاصة وان العديد من أصحاب الافادات المبرزة من الطاعن قد رجعوا عن افادتهم، او لجهة التهديدات والضغوطات النفسية والمادية والتدخلات التي لا تثبتها، ولا تثبت علاقة المطعون بصحة نيابته بها، المستندات المبرزة من الطاعن، او لجهة التزوير في اعداد المقترعين، الذي لم يقدّم المستدعي أي بيّنة او بدء بيّنة بشأنه.

ثالثاً – تضمين الطاعن الرسوم والاتعاب والعطل والضرر، لاسيما وان الطعن مقدّم عن سوء نيّة.

رابعاً- احتفظ المطعون بصحة نيابته النائب فتوش بحقّه كاملاً في تقديم شكوى جزائية بجرم الافتراء والقدح والذم ضد الطاعن لاقدامه على الصاق تهمة الاشتراك في جرم الرشوة وشراء الأصوات له- أي النائب فتوش- امام مرجع رسمي من شأنه ابلاغ القضاء المختص بذلك.

بنـــــــــــــــاءً عليـــــــــــه

اولاً – في الشـــــــكل

بما ان الطعن موضوع هذه المراجعة مقدّم من مرشّح خاسر ضد نائبين منتخبين في دائرته الانتخابية، ضمن مهلة الثلاثين يوماً المحدّدة لتقديمه بموجب المادة 24 من قانون انشاء المجلس الدستوري، وهو موقّع من محام بوكالته عن الطاعن وليد ميشال الشويري، ويتضمّن البيانات المنصوص عليها في المادة 25 من قانون انشاء المجلس الدستوري، وقد ارفق بصورة عن الوكالة وبصورة أخرى عن الوثائق والمستندات التي يستند اليها الطاعن في طعنه وفاقاً لاحكام المادة 25 المذكورة والمادة 46 من النظام الداخلي للمجلس.

وبما ان المطعون بصحة نيابتهما النائبين الياس السكاف ونقولا فتوش يعتبران ان الطعن في بعض ما اشتمل عليه، وما ارفق به لم يستجب للشروط القانونية المطلوبة فيه، ولذلك فقد طلب كل منهما رده شكلاً لأسباب اصلية واستطرادية، يمكن ايرادها والبحث فيها وفاقاً للترتيب التالي:

1-مخالفة الطعن لاحكام المادة 16 من قانون انشاء المجلس الدستوري والمادة الأولى من قانون رسم الطابع المالي، والبند 29 من الجدول رقم (1) الملحق بقانون رسم الطابع المالي، والمادة 46 من النظام الداخلي للمجلس، بسبب ابراز صورة عن وكالة وكيل الطاعن لا تحمل رسم الطابع المالي، ولم يسدّد عنها رسم التسجيل المنصوص عنه في قانون الرسوم القضائية.

2-لان وكالة وكيل الطاعن لا تخوّله سلطة التقدّم بالطعن.

3-مخالفة الطعن لاحكام المادة 94 من قانون تنظيم مهنة المحاماة، بسبب عدم حصول المحامي وكيل الطاعن على ترخيص من نقيب المحامين بتقديمه ضد النائب فتوش المحامي.

4-انتفاء صفة الطاعن لتقديم هذا الطعن بسبب استرداده مبلغ التأمين وفقده بذلك صفة المرشح.

5-مخالفة الطعن لاحكام المادة 24 من قانون انشاء المجلس الدستوري لانه موجّه الى المجلس الدستوري وليس الى رئيس المجلس الدستوري.

6-توجيه الطعن ضد نائبين خلافاً لاحكام المادة 24 المعدّلة من قانون انشاء المجلس الدستوري التي لا تجيز الطعن بأكثر من نيابة نائب منتخب.

7-مخالفة الطعن للمبدأ القائل بانه "لايحق لأحد ان يتذرّع بوقاحته (كذا) Nemo auditur، لان الطاعن ينسب الرشوة الى المطعون بصحة نيابتهما، وهي ثابتة بحقه.

فعن السبب الأول:

وبما انه بموجب المادة 16 من قانون انشاء المجلس الدستوري، "تعفى من الرسوم، أياً كانت، المراجعات المقدّمة الى المجلس الدستوري وسائر الاستدعاءات والمستندات المتعلّقة بها".

وبما ان المستدعى ضده السيد سكاف يدلي بأن كلمة "المستندات" لا تشمل "الوكالة" وان المشترع قد ميّز بين "الوكالة" و "المستندات" في نصوص قانونية عدّة، ذكر منها المواد 445 من الأصول المدنية، و72 و73 من نظام مجلس الشورى.

وبما ان المستند لغة هو ما يستند اليه (لسان العرب لابن منظور، ج3، ص223، والمنجد للأب لويس المعلوف اليسوعي، ص367) والوكالة بهذا المعنى تعتبر مستنداً، لانه اليها يستند في اثبات النوكيل، وقد عبّر عنها المشترع بهذا الوصف في مواضيع عدة من التشريع، فاطلق عليها اسم "سند توكيل" في المادتين 380 و383 من الأصول المدنية، واسم "سند الوكالة العامة...وسند الوكالة عامة...في جدول رسوم كتابة العدل رقم (1) الملحق بقانون كتابة العدل،

وبما انه خلافاً لما يقوله المستدعي، فقد اعتبرتها المادة 73 من نظام مجلس الشورى من المستندات التي يجب ان ترفق باستدعاء المراجعة. واذا كانت المادة 445 أصول مدنية والمادة 72 من نظام مجلس الشورى، فقد ميّزنا بين الوكالة وغيرها من المستندات، في تعدادهما للبيانات التي يجب ان يشتمل عليها استحضار الدعوى، او استدعاء المراجعة، فلاختلاف مدلولها عن مدلول المستندات المتعلقة بأساس النزاع.

وبما ان الوكالة باعتبارها سنداً، تكون اذن معفية من الرسوم كغيرها من المستندات المشمولة بهذا الاعفاء بمقتضى المادة 16 من قانون انشاء المجلس الدستوري.

وبما ان الرسم، في مطلق الأحوال، ليس من مستلزمات صحّة السند قانوناً، فيكون ما ادلى به حول هذه المسألة في غير محلّه القانوني ويستوجب الرد.

وعن السبب الثاني:

بما انه جاء في وكالة وكيل المستدعي الطاعن السيد وليد الشويري ما نصه: "وكلت المحامي الأستاذ جوزف اميل شهوان للمرافعة والمدافعة عني ولتمثيلي امام المجلس الدستوري في الطعن المقدّم مني ضد حضرة النائبين نقولا فتوش والياس جوزف سكاف".

وبما ان المطعون بصحة نيابته النائب سكاف يقول بانه يستفاد من هذا النص ان الموكّل لم يعط الوكيل سلطة تقديم الطعن، بل يعطيه سلطة متابعة الطعن المقدّم من الموكّل، بدليل انه استعمل عبارة "الطعن المقدّم مني"، ولم يستعمل عبارة "الطعن الذي سيقدّم" او "المنوي تقديمه".

وبما انه للفصل في هذه المسألة يقتضي "الاخذ بالارادة الحقيقية للموكّل في ضوء وظروف التوكيل، وعدم التوقّف عند النص الحرفي للوكالة (م366 موجبات وعقود).

وبما انه في ضوء هذا المعيار لا يمكن القول مع المطعون بصحة نيابته النائب سكاف، بان سلطة الوكيل تنحصر في متابعة الطعن المقدّم من الموكل، لانه لم يسبق للموكل السيد الشويري ان تقدّم بطعنه بصحّة نيابة النائبين سكاف وفتوش قبل التوكيل، مما يفيد ان إرادة الموكل قد اتجهت الى إعطاء الوكيل صلاحية تقديم الطعن ومتابعته وليس فقط متابعته.

وبما ان ما يدلي به النائب سكاف حول هذه المسألة يكون في ضوء ما تقدّم، في غير محله القانوني ويستوجب الرد.

وعن السبب الثالث:

بما ان المطعون بصحة نيابته النائب فتوش محام مسجل في نقابة المحامين.

وبما انه بموجب المادة 94\1 الجديدة من قانون تنظيم مهنة المحاماة، لا يحق للمحامي ان يقبل الوكالة بدعوى ضد زميل له، او ان يقيم هو عليه دعوى شخصية، قبل استحصاله على اذن من النقيب.

وبما ان المحامي وكيل مستدعي الطعن، قبل الوكالة في هذه القضية ضد زميله المحامي نقولا فتوش، دون ان يستحصل على اذن من النقيب.

وبما ان كلاً من المطعون بصحة نيابتهما يجد في هذه المخالفة سبباً لردّ الطعن شكلاً.

وبما ان لا مصلحة ولا صفة للمستدعى ضده السيد الياس سكاف للادلاء بهذا الدفع، فيقتضي حصر البحث بما ادلى به المحامي نقولا فتوش لهذه الجهة.

وبما ان عدم حصول المحامي على ترخيص من نقيب المحامين قبل قبوله الوكالة لتقديم هذا الطعن ضد زميل له، وإن كان يؤلف مخالفة مسلكية تخلّ بقواعد السلوك المهني، الا ان لا علاقة لها بالاصول الإجرائية المتعلقة بالمراجعة القضائية، ولا تفضي بالتالي الى بطلان الطعن.

وعن السبب الرابع:

بما ان المطعون بصحة نيابته النائب نقولا فتوش يدلي تحت هذا السبب، بان الطاعن استردّ تأمين الترشيح بعد خسارته في الانتخابات، ففقد بذلك صفته ومصلحته لتقديم هذا الطعن، لأن في استرداد التأمين معنى الرضوخ للنتائج والتسليم بها.

وبما ان نيّة الرضوخ او التنازل لا تستنتج استنتاجاً ولا تستفاد إلاّ من أفعالٍ تكون معاكسة مباشرةً للحق موضوع الرضوخ.

وبما ان استرداد التأمين من قبل المرشّح الخاسر لا يمكن اعتباره رضوخاً منه للنتائج وتسليماً بها.

وبما ان المادة 46 من النظام الداخلي للمجلس الدستوري، معطوفة على المادة 25 من قانون انشائه، لم تشترط لقبول الطعن عدم استرداد المرشّح الخاسر للتأمين، إضافةً الى ان الفقرة الثانية من المادة 35 من قانون الانتخاب قد اجازت له استرداد هذا التأمين بعد اعلان النتائج، شرط ان يكون قد حصل على عشرة بالمئة من أصوات المقترعين في الدائرة الانتخابية.

وبما ان استناد المطعون بصحة نيابته النائب فتوش الى واقعة استرداد مبلغ التأمين لطلب ردّ الطعن شكلاً يكون في غير محلّه القانوني ويقتضي ردّه.

وعن السبب الخامس:

وبما ان المطعون بصحة نيابتهما يجدان ان تقديم الطعن الى المجلس الدستوري وليس الى رئاسة المجلس الدستوري يؤلف مخالفة لاحكام المادة 25 من قانون انشاء المجلس الدستوري والمادة 46 من نظامه الداخلي.

وبما ان الغاية التي يرمي اليها المشترع من نصّ المادتين المشار اليهما أعلاه تكمن في وضع المجلس يده على موضوع المراجعة وفي إتمام تسجيلها في القلم لاحتساب مهلة الثلاثين يوماً، سواءً أوجهت المراجعة الى رئاسة المجلس أم الى المجلس، فيكون السبب المبني على مخالفة المادتين المذكورتين في غير محلّه القانوني ويقتضي ردّه.

وعن السبب السادس:

بما ان المطعون بصحة نيابتهما يطلبان ردّ الطعن شكلاً لأنه مقدّم ضد نائبين منتخبين، خلافاً لاحكام المادة 24 من قانون انشاء المجلس الدستوري التي تقضي كما يقول الطاعنان بوجوب توجيه الطعن ضد نائب واحد منتخب.

وبما ان دفعاً من هذا النوع ينطبق عليه وصف الدفع بعدم القبول-fin de non recevoir لانه مبنيّ على انتفاء الحق في الادعاء بمفهوم المادة 62 المعدّلة من قانون أصول المحاكمات المدنية والتي تنص أيضاً: "يعتبر من دفوع عدم القبول الدفع بانتفاء الصفة او بانتفاء المصلحة"، وهي المادة التي يجوز العطف عليها عملاً بالمادة 6 من القانون ذاته لخلو قانون المجلس الدستوري من نصّ خاص يرعى ذلك النوع من الدفوع.

وبما ان الدفع بعدم القبول المبني على انتفاء الصفة او المصلحة يعتبر دفعاً مرتبطاً بوسائل الدفاع fins de non-recevoir liées au fond، وهو ما اعتمده المشترع اللبناني اذ أدخله في فئة الدفوع المتصلة بالموضوع مجيزاً التمسّك به في اية حالة كانت عليها المحاكمة، على ما هو نصّ المادة 63 من قانون أصول المحاكمات المدنية، وذلك بخلاف الدفوع الإجرائية التي يجب الادلاء بها قبل المناقشة في الموضوع على ما هو نصّ المادة 53 من القانون نفسه.

وبما انه يتبيّن من هذه النصوص ان الفرق بين الدفوع الإجرائية exceptions de procédure والدفوع بعدم القبول fins de non-recevoir يعود الى اختلاف المفاعيل التي تترتّب على الأولى وتلك التي تترتّب على الثانية، ففي حين ان الدفوع الإجرائية لا تطلق المنازعة الا على صعيد الشكل ويجب الادلاء بها في بدء المحاكمة وقبل المناقشة في الموضوع، فان الدفوع بعدم القبول تتعلّق بالموضوع ولا يستنفد القاضي بتّها الا باستنفاد اختصاصه في بتّ أساس النزاع:

« Les effets procéduraux des fins de non-recevoir.-Les fins de non-recevoir de procédure et les fins de non-recevoir liées au fond ne produisent pas les mêmes effets. Tandis que les premières n’engagent pas le débat sur le fond, les secondes, au contraire, ont pour résultat d’aboutir à un jugement qui épuise la juridiction du tribunal sur le fond même du litige ».

Solus et Perrot, Droit judiciaire privé,  T.I, 1961, n°319.

يراجع أيضاً:

J. Vincent et S. Guinchard, Procédure civile, 23e éd., p.128.

وبما انه بصورة مبدئية عندما يتبيّن ان للمدعي صفة للادعاء بحقٍ ما وان لم يكن  ثابتاً هذا الحق كل الثبوت بوجه أكثر من خصم يصعب تحديده نظراً لكون بعض الأدلة غير متوافرة بدقّة على حقّه عند الادعاء بل يمكن ان تتوافر خلال المحاكمة نتيجة للتحقيق الذي يمكن ان تأمر به المحكمة فيما اذا تبيّن لها ان ما يقدّمه المدعي من وسائل اثبات حريّ بالقبول، فانه يحق للمدعي توجيه ادّعائه الى أكثر من مدعى عليه تربطهم رابطة مباشرة بالحق المدعى به على ان تقرّر المحكمة بالاستناد الى الادلّة التي سوف تتوافر لها في القضية اياً من المدعى عليه سيقع عليه قرارها ونتيجة هذا القرار.

وبما انه لا يصحّ القول ان الطعن بصحة نيابة نائبين منتخبين او أكثر لا يمكن ان يؤدي في النتيجة الا الى حلول مرشّح خاسر واحد محل نائب منتخب واحد، سواء من جراء تصحيح النتيجة لجهة تصويب احتساب الأصوات او من جرّاء إعادة الانتخاب وذلك لان للقاضي ان يفترض في مرحلة بحث الدفوع امتلاك الحق عندما يكون هذا الحق ممكناً او محتملاً بالنسبة الى نائبين اثنين ثم يقضي في الأساس باستقرار الحق على واحد منهما عند بت الموضوع.

وبما انه لا يستقيم القول بان القانون يتكلّم بصيغة المفرد عن طلب يقدّمه المرشّح الخاسر بوجه نائب منتخب اعلن فوزه لان هذا الامر لا يعدو كونه اصطلاحاً درج عليه المشترع في القوانين عامة أكان ثمة مدّع واحد أو مدعى عليه واحد او اكثر.

وبما ان لا صحة للقول ان المادة 46 من القانون الرقم 243\2000 توجب حصر الطعن بالنائب المنتخب الذي نال العدد من الأصوات الأقرب الى العدد الذي ناله المرشح الخاسر ذلك لان المادة 46 المذكورة قد جاءت على اطلاقها فأجازت تقديم الطعن لاي مرشح منافس، على غير ما كانت عليه صياغة المادة 38 من القانون الرقم 516 تاريخ 6 حزيران 1996 الملغى بالقانون الرقم 243\2000، علماً بان اجتهاد المجلس الدستوري حتى بظلّ المادة 38 كان أقرّ جواز الطعن من أي طاعن اياً كانت مرتبته.

وبما ان هذه المبادئ انما تتلاقى ومقتضيات الانصاف والعدالة لانه قد يحصل تقارب قوي في عدد الأصوات بين المرشّح الخاسر مقدّم الطعن من جهة ونائبين منتخبين من جهة ثانية، الامر الذي يوجب الرجوع الى المحاضر الرسمية الموجودة لدى وزارة الداخلية والتي قد يجهلها الطاعن، فلا يُعقل ردّ طعنه شكلاً لسبب خارج عن ارادته او مجهول منه، ولا سيما اذا تبين من مراجعة المحاضر الرسمية والوقوف على أرقامها الصحيحة أن الخاسر الحقيقي الحائز على عدد أصوات دون عدد أصوات الطاعن ليس هو المنافس المباشر الذي تناوله الطعن بل المنافس الذي سبقه مسجلاً نسبة أعلى من الأصوات.

وبما انه لا يصحّ التدليل بان الطعن بوجه نائبين منتخبين يعطّل حق المجلس باحلال نائب خاسر محل نائب ناجح او بإعادة الانتخاب، لانه سواء ارتكز الطعن على سبب فرق الأصوات او على سبب مخالفات جوهرية في العملية الانتخابية، فانه يبقى للمجلس ان يخرج من دائرة الطعن النائب الذي نال عدداً من الأصوات يؤهله للنجاح دون منازعة، كما يبقى له، بحال تحقّقه من وجود مخالفات جوهرية، بان يقضي بابطال الانتخاب، فيُعاد الانتخاب على مقعد واحد وفاقاً للأصول، وذلك انطلاقاً من ظروف كل قضية وخصوصيتها وإعمالاً لسلطته الواسعة في تقدير الوقائع والادلّة ووسائل الاثبات كافة.

وبما ان لا عبرة للقول انه قد يتبيّن للمجلس ان الخاسر الحقيقي هو منافس لم يُطعن بوجهه ذلك لان اثر الخصومة لا يشمل قانوناً الا الافرقاء الماثلين فيها وجرى التناضل فيما بينهم في وقائع النزاع ومسائله فيشملهم الحكم وحدهم دون سواهم، ولاسيما ان اختصاص المجلس الدستوري كقاضي انتخاب لا يمتدّ الى ابطال عملية انتخابية برمتها.

وبما ان لكل ما تقدّم يكون طلب رد الطعن شكلاً لجهة قبوله او عدم قبوله لا يستند الى أساس قانوني صحيح ومستوجباً الردّ.

وعن السبب السابع:

وبما ان المطعون بصحة نيابته النائب الياس سكاف يطلب رد الطعن شكلاً سنداً للمبدأ القائل "لا يحق لأحد ان يتذرع بالقاعدة Nemoauditur، لان الطاعن ينسب اليه رشوة الناخبين والرشوة ثابتة في جانبه.

وبما ان هذا المبدأ المعبّر عنه باللاتينية Nemo auditur qui suam propriam turpitudinem allegans والذي معناه ان أحداً لا يمكنه التذرّع بعمله المشين، لا يصح في القضية الحاضرة لان الطاعن لا يُسند طعنه الى غشّ أو عملٍ مشين ارتكبه بل الى غشّ ينسبه الى المطعون بصحة نيابتهما.

وبما ان استناد الطاعن الى هذا المبدأ لطلب رد الطعن شكلاً، يكون في غير محلّه القانوني، ويقتضي ردّه خاصة وانه ليس من الدفوع الإجرائية المتصلة بالشكل.

ثانياً – في الأساس:

بما ان الطاعن السيد وليد الشويري يطلب ابطال نيابة النائبين الياس سكاف ونقولا فتوش وتصحيح النتيجة، وإعلان فوزه عن احد مقعدي الروم الكاثوليك في دائرة البقاع الثانية، قضاء زحلة، لحيازته على الأغلبية التي تؤهله للنيابة وهو يستند الى الأسباب الآتية:

1-لجوء المطعون بصحة نيابتهما الى رشوة الناخبين وشراء أصواتهم.

2-التهديدات والضغوطات النفسية والمادية التي مارسها ممثلو المطعون بصحة نيابتهما على الناخبين وعلى مندوبي واداريي المستدعي في حملته الانتخابية، وتدخّل الأجهزة المنية لمصلحة المطعون بصحة نيابتهما واطلاق الشائعات المغرضة.

3-التزوير في اعداد المقترعين عن طريق الاقتراع عن اشخاص غائبين ومسافرين خارج لبنان، بواسطة أشخاص آخرين حلّوا محلهم وصوتوا مكانهم.

وبما ان المطعون بصحة نيابتهما يطلبان ردّ الطعن للأسباب الآتية:

1-للفرق الشاسع في الأصوات التي نالها كل من الطاعن والمطعون بصحة نيابتهما.

2-لعدم صحة وعدم جدية الأسباب والوقائع المدلى بها، خاصة وان معظم أصحاب الافادات التي توسلها الطاعن لاثبات رشوة الناخبين قد رجعوا عن افاداتهم، وان المتهمين برشوة الناخبين قد أنكروا ما نُسب اليهم، ولان المستندات التي أبرزها الطاعن لاثبات التهديدات والاشاعات التي ادعاها لا تثبت أي صلة للمطعون بصحة نيابتهما بهذه التهديدات والاشاعات، ولان الادعاء بتزوير اعداد الناخبين لم يقترن باي بيّنة أو بدء بيّنة، ولا يمكن التحقيق فيه لعدم جديته ولأنه لم يسجل في محاضر الانتخاب أي اعتراض بهذا الشأن.

وبما انه بالرجوع الى استدعاء الطعن يتبين ان المستدعي يعترف ان الفارق في الأصوات بينه وبين المطعون بصحة نيابته الأول النائب الياس سكاف بلغ 12480 صوتاً، وبينه وبين المطعون بصحة نيابته الثاني النائب نقولا فتوش بلغ 11526 صوتاً.

وبما ان اجتهاد هذا المجلس في القضايا الانتخابية قد استمرّ على انه مع وجود هذا الفرق الشاسع في الأصوات، فان المخالفات التي قد ترتكب اثناء العملية الانتخابية لا يمكن ان تؤدي الى ابطال الانتخاب المطعون فيه الا اذا ارتدت طابع الخطورة، وكانت عديدة وفادحة، ومن شأنها التأثير الحاسم في صحة الانتخاب.

وبما انه لا يكفي ان يدلي الطاعن بوجود مثل تلك المخالفات، بل يتعيّن عليه ان يقيم البيّنة على ما يدلي به من وقائع، او ان يقدّم بدء بيّنة على الأقل، لكي يتمكن المجلس الدستوري من الانطلاق في ممارسة حقّه في التحقيق والتثبّت من حصول المخالفات المدلى بها، او ان يتبيّن من أوراق الانتخاب ان تلك الوقائع والمخالفات قد أدرجت في محاضر الاقتراع او كانت محل اعتراض امام لجان الفرز القضائية، او نظّمت بها محاضر على حدة من قبل قلم الاقتراع. وان ما يتعيّن عليه أيضاً هو ان يثبت ان المرشح الفائز المطعون بصحة نيابته مدين بفوزه لهذه المخالفات، أي ان يقيم الدليل على وجود صلة سببية بين المخالفات المدعى بها وفوز المرشّح المطعون بصحة نيابته.

وبما ان ما ينسبه الطاعن الى المطعون بصحة انتخابهما من رشوة للناخبين وشراء للأصوات على النحو الذي ادعاه، ومن تزوير في اعداد المقترعين، ومن ضغط على مندوبيه ومديري حملته الانتخابية، ومن اطلاق للاشاعات المغرضة ضد الطاعن ولائحته الانتخابية، ومن استقواء بقوى الامن التي تدخلت لمصلحتهما، من شأنه ان يفسد العملية الانتخابية، شرط ان يقترن بالاثبات الصحيح وان يكون هو السبب في خسارة الطاعن ونجاح منافسه.

وبما ان الافادات الخطية التي قدّمها الطاعن لاثبات الرشوة وشراء أصوات الناخبين لا يمكن الركون اليها ولا سيما ان لا ذكر فيها لاسم واحد باع صوته في إطار عملية شراء الأصوات خصوصاً وان بعضها تحوم حوله الشبهة وبعضها الآخر قد رجع عنه أصحابها، وان الجداول المبرزة بأسماء 197 شخصاً قاموا بعملية شراء أصوات لصالح السيدين سكاف وفتوش لا تذكر اسماً واحداً اشتُري صوته، إضافة الى ان عدم تقديم أي شكوى بشأن المخالفات المدعى بها وعدم تسجيل أي اعتراض لدى أيّ من أقلام الاقتراع كل ذلك ينهض دليلاً على عدم جدية الأسباب المدلى بها.

وبما ان الادعاء بالتهديد وبالاعتداء وبالضرب والشّتم واطلاق الرصاص على بعض مندوبي المستدعي واداريي حملته وإبراز ثلاث شكاوى بهذا الخصوص لا يمكن التوقّف عنده لانه لا يثبت اية صلة للاعتداءات المشكو منها مع العملية الانتخابية ولا سيّما ان احدى تلك الشكاوى وقعت مساء 4\9\2000 بعد الانتخابات.

وبما ان الادعاء بان ثمة اشاعات مغرضة قد استهدفت المستدعي (خبر في جريدة الديار) لا يمكن التوقّف عنده بدليل ان المستدعي سارع الى تكذيبه في اليوم التالي في الجريدة نفسها، علماً بأن الخبر المذكور كان قد تمّ نشره قبل شهر او يزيد من موعد الانتخابات.

وبما ان الادعاء بتزوير اعداد المقترعين واقتراع أشخاص غائبين أو مهاجرين بواسطة أشخاص آخرين قد جاء عاماً ومبهماً دون ذكر اسم واحد من هؤلاء أو قلم واحد من الأقلام الذي حصل فيها التزوير المدعى به.

وبما انه وإن كان المجلس الدستوري يتمتّع في الطعون الانتخابية بصلاحية التحقيق، وكانت أصول المحاكمات المتبعة لديه هي أصول استقصائية توليه سلطة واسعة في التحقيق، فان ذلك لا يخل بالقاعدة العامة التي تلقي على عاتق المدعى، مبدئياً، عبء اثبات ما يدعيه، أو على الأقل تقديم بيّنة أو بداية بيّنة، أو ما يدل على تقدمه باعتراض على المخالفات التي يدعيها الى رئاسة قلم الاقتراع أو الى لجنة القيد.

وبما ان المجلس لا يسعه الاعتداد بالادعاءات والأقوال التي يدلي بها المتنازعون اذا لم تتصف بالدقة الكافية، ولا يسعه التوقّف عند الاتهامات ذات الطابع العام أو غير المؤيد ببيّنة أو بداية بيّنة تتسم بالجدية.

وبما أنه بالاستناد الى ما تقدّم يقتضي القول بالنتيجة ان كل ما أثاره المستدعي طعناً في صحة انتخاب المستدعى ضدهما المعلن فوزهما عن مقعدي الروم الكاثوليك في دائرة البقاع الثانية، قضاء زحله، يفتقر الى الجدية في الاثبات، ولا يستند الى ركائز قانونية صحيحة من شأنها احداث تغيير حاسم في نتيجة الانتخاب.

وبما انه ليس من اختصاص المجلس الدستوري البحث في سائر المطالب المقدمة من المستدعى ضدهما، والمبيّنة في متن هذا القرار.

لــــــــــــذلـــــــك

وبعد المداولة

يقرّر المجلس الدستوري

أولاً – في الشكل

قبول طلب الطعن لوروده ضمن المهلة مستوفياً شروطه القانونية كافة، ورد جميع الأسباب المخالفة.

ثانياً – في الأساس

رد طلب الطعن المقدّم من السيد وليد شويري المرشّح الخاسر عن مقعد الروم الكاثوليك في دائرة البقاع الثانية – قضاء زحلة –  في دورة العام 2000 لانتخابات مجلس النواب.

ثالثاً: رد سائر المطالب المدلى بها من المطعون بصحة نيابتهما لعدم الاختصاص.

رابعاً: ابلاغ هذا القرار الى رئيس مجلس النواب ووزارة الداخلية وأصحاب العلاقة.

خامساً: نشر هذا القرار في الجريدة الرسمية.

قراراً صدر في 8 من شهر كانون الأول 2000.