قرار رقم 7\2014



القرار رقم 7\2014

تاريخ 28\11\2014

طلب ابطال القانون رقم 16 الصادر في 11 تشرين الثاني 2014:

تمديد ولاية مجلس النوّاب

المواد المسند اليها القرار

 

الفقرة (ب) و(ج) و(د) من مقدّمة الدستور

المادة 25 (ب) من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية

المادة 21  من الاعلان العالمي لحقوق الانسان

المواد 22، 24، 27، 32، 44، 57 من الدستور

 

رقم المراجعة: 6\2014

المستدعون: النواب السادة: ميشال عون، ادكار معلوف، إبراهيم كنعان، حكمت ديب، سيمون أبي رميا، ناجي غاريوس، زياد أسود، فادي الأعور، نبيل نقولا، آلان عون.

القانون المطلوب وقف العمل فيه وابطاله: القانون المعجّل النافذ حكماً الرقم 16 تاريخ 11 تشرين الثاني 2014  والمنشور في العدد 48 من الجريدة الرسمية تاريخ 11\11\2014 والمتعلق بتمديد ولاية مجلس النواب.

          إن المجلس الدستوري

الملتئم في مقره بتاريخ 28\11\2014، برئاسة رئيسه عصام سليمان وحضور نائب الرئيس طارق زياده والأعضاء: أحمد تقي الدين، انطوان مسره، انطوان خير، زغلول عطية، توفيق سوبره، سهيل عبد الصمد، صلاح مخيبر ومحمد بسّام مرتضى.

          وعملاً بالمادة 19 من الدستور،

          وبعد الاطلاع على ملف المراجعة وسائر المستندات المرفقة بها، وعلى تقرير المقرر، المؤرخ في 19\11\2014،

          وبما ان السادة النواب المذكورة أسماؤهم أعلاه تقدموا بمراجعة، سجلت في قلم المجلس الدستوري بتاريخ 13\11\2014، ترمي الى الأمور الآتية:

أولاً – تعليق مفعول القانون المطعون فيه: يقضي القانون بتمديد ولاية مجلس النواب الحالي الى 20\6\2017، تلك الولاية التي سبق تمديدها بصورة استثنائية الى 20\11\2014 بالقانون رقم 246 تاريخ 31\5\2013 والمنشور في ملحق خاص من الجريدة الرسمية رقم 24 تاريخ 1\6\2013، ما من شأنه أن ينشئ ولاية جديدة كاملة لمجلس النواب بفعل التمديدين المذكورين.

-لم يتضمن التمديد الجديد أي اشارة الى طابعه الاستثنائي، على عكس ما ورد في صلب القانون الرقم 246\2013 والذي سبق الطعن به لدى المجلس الدستوري.

-من شأن تعليق مفعول القانون تمكين السلطات المختصة من اجراء العملية الانتخابية بالتاريخ المحدد بالمرسوم رقم 321 تاريخ 19\8\2014 (دعوة الهيئات الناخبة لانتخاب أعضاء مجلس النواب)، أي في 16\11\2014، وذلك قبل نهاية فترة التمديد الأول، بخاصة ان حددت وزارة الداخلية والبلديات موعدين لاقتراع المغتربين في الكويت واستراليا (سيدني \ ملبورن)، تباعًا في 7\11\2014 و 9\11\2014،

-ان تحقق واقعة اجراء الانتخابات النيابية في موعدها في لبنان ينفي طابع الاستثناء ومصلحة الدولة العليا والخطر الامني الداهم وما شابه من أسباب تم ايرادها في الأسباب الموجبة، ما يعني ان الاستحقاق الدستوري المفصلي قد جرى بموعده دون عوائق، فتتحقق الغاية الدستورية من الانتخاب، مع الإشارة الى رقابة المجلس الدستوري على صدقية أي انتخاب مطعون فيه،

ثانيًا – ابطال القانون للأسباب التالية:

-مخالفة الفقرة (ب) من مقدمة الدستور (التزام لبنان الاعلان العالمي لشرعة حقوق الانسان) والفقرة (ب) من المادة 25 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية الصادر عن الأمم المتحدة في 16\12\1966 والذي انضم لبنان اليه بالمرسوم رقم 3855 تاريخ 1\9\1972 ("الاشتراك اقتراعًا وترشيحًا في انتخابات دورية صحيحة نزيهة تجري على اساس الاقتراع العام المتساوي السري وتضمن الاعراب الحر عن ارادة الناخبين")، وكذلك المادة 4 الفقرة (1) من العهد المذكور ("في حالات الطوارئ الاستثنائية التي تتهدد حياة الأمة والمعلن قيامها رسميًا، يجوز للدول الأطراف في هذا العهد ان تتخذ، في أضيق الحدود التي يتطلبها الوضع، تدابير تتقيّد بالالتزامات المترتبة عليها..."، وكذلك الفقرة 3 ("وجوب على أية دولة طرف في هذا العهد استخدمت حق عدم التقيُّد أن تعلم الدول الأطراف الأخرى فورًا، عن طريق الأمين العام للأمم المتحدة، بالأحكام التي لم تتقيّد بها وبالأسباب التي دفعتها الى ذلك، وعليها، في التاريخ الذي تنهي فيه عدم التقيُّد، أن تعلمها بذلك مرة أخرى والطريق ذاته".

-مخالفة المادة 21 (فقرة 1) من الاعلان العالمي لحقوق الانسان ("لكل فرد الحق في الاشتراك في ادارة الشؤون العامة لبلاده اما مباشرة واما بواسطة ممثلين يختارون اختيارًا حرًا (...) وارادة الشعب هي مصدر سلطة الحكومة، ويعبّر عن هذه الارادة بانتخابات نزيهة دورية..."

-مخالفة الفقرة ج من مقدمة الدستور ("لبنان جمهورية ديمقراطية برلمانية").

-مخالفة الفقرة (د) من مقدمة الدستور ("الشعب مصدر السلطات وصاحب السيادة يمارسها عبر المؤسسات الدستورية").

-مخالفة الفقرة (هـ) من مقدمة الدستور ("النظام قائم على مبدأ الفصل بين السلطات وتوازنها وتعاونها").

-مخالفة مبادئ وثيقة الوفاق الوطني التي استقى الدستور منها حرفيًا مقدمته.

-مخالفة المادة 27 من الدستور (عضو مجلس النواب "يمثل الأمة جمعاء ولا يجوز ان تربط وكالته بقيد أو شرط من قبل منتخبيه"، ما يعني التقيّد بأجل الوكالة أي في 20\6\2013 وتنتهي الوكالة بحلول الأجل أي في 20\6\2013 حسب المادة 808 من قانون الموجبات والعقود.

-مخالفة المادة 44 من الدستور التي يُستفاد منها صراحة ان ولاية المجلس النيابي أربع سنوات وهذه الولاية عصية على الاستنساب.

-مخالفة المادة 32 من الدستور حول تخصيص جلسات المجلس النيابي بالبحث في الموازنة والتصويت عليها.

-مخالفة المادة 42 ("تجري الانتخابات العامة لتجديد هيئة المجلس في خلال الستين يومًا السابقة لانتهاء مدة النيابة")، مع العلم ان موعد إجراء الانتخابات العامة حُدد في 16\11\2014 من السلطة المختصة. ويشير هنا الطاعنون الى انه "لا قيمة قانونية ملزمة لأي تعهُّد يرد في محضر الجلسة باجراء الانتخابات النيابية عند حلول استحقاقات دستورية أخرى أو بمواعيد تسبق انتهاء الولاية الممدّدة تكرارًا، ذلك ان العبرة والالزامية لما ورد في النص التشريعي".

-ولاية المجلس المحددة بقانون لا تُعدّل بقانون، اختصارًا أو تمديدًا، في ضوء وجوب مراعاة القانون في هذه الحالة المبادئ العامة والأحكام الدستورية.

-ضرورة تفسير الاستثناء حصرًا وبصورة ضيّقة وفي الحالة الراهنة عدم توفّر شروط الاستثناء "والخطر الداهم" خلافًا للتفاصيل الواردة في الأسباب الموجبة.

-لا يشكّل "الفراغ القاتل" في رئاسة الجمهورية زريعة للتمديد: "وحتى اذا اتفق حصول خلاء الرئاسة ومجلس النواب منحل تُدعى الهيئات الناخبة دون إبطاء لانتخاب مجلس جديد، على ما ورد في المادة 74 من الدستور، وصلاحيات رئيس الجمهورية تناط وكالة بمجلس الوزراء"، حسبما جاء في الطعن.

-مخالفة المادة 57 من الدستور في اصدار القانون حيث ان لرئيس الجمهورية "سلطة محفوظة له"، كما ورد في الطعن، بطلب اعادة النظر في القانون.

-مخالفة المادة 19 من الدستور حول حق رئيس مجلس الوزراء "المحفوظ له"، كما جاء في الطعن، بمراجعة المجلس الدستوري (قرار المجلس الدستوري رقم 1 تاريخ 6\8\2005 بالمراجعة رقم 12\2005). وورد في الطعن: "ان حق مراجعة المجلس الدستوري هو أيضًا من الحقوق اللصيقة بشخص رئيس الجمهورية، ذلك ان المادة 19 خصّته بالتسمية، كما سواه، كمرجعية من المرجعيات التي يحق لها مراجعة المجلس الدستوري.

وبناءً على ما تقدّم

أولاً – في الشكل:

بما ان المراجعة، المقدمة من عشرة نواب، جاءت ضمن المهلة المحددة في الفقرة الأخيرة من المادة 19 من القانون رقم 250\1993، مستوفية جميع الشروط الشكلية، فهي مقبولة شكلاً.

ثانيًا – في الأساس:

1- في تعليق مفعول القانون المطعون فيه.

          تدارس المجلس الدستوري طلب وقف العمل بالقانون المطعون فيه، المبين في المراجعة، وذلك في جلسته المنعقدة يوم تقديمها بتاريخ 13\11\2014، ولم يرَ سبباً للإستجابة الى هذا الطلب.

2- في مخالفة القانون المطعون فيه المبادئ الواردة في مقدمة الدستور.

          بما ان مقدمة الدستور جزء لا يتجزأ من الدستور،

          وبما ان مقدمة الدستور نصت على التزام لبنان بالإعلان العالمي لحقوق الانسان وبمواثيق الأمم المتحدة، وعلى تجسيد الدولة المبادئ الواردة فيها في جميع الحقول والمجالات دون استثناء.

          وبما ان المادة 21 من الإعلان العالمي لحقوق الانسان نصت على ان إرادة الشعب هي مصدر السلطات، يعبر عنها بانتخابات نزيهة دورية تجري على أساس الإقتراع السري وحرية التصويت،

          وبما ان الاتفاقية الدولية بشأن الحقوق المدنية والسياسية، التي انضم اليها لبنان في العام 1972، نصت على ان لكل مواطن الحق والفرصة في ان يَنتخب ويُنتخب في انتخابات دورية على أساس من المساواة،

          وبما ان مبدأ دورية الانتخابات أكدته قرارات المجلس الدستوري وبخاصة القرار رقم 2\97 والقرار رقم 1\2013،

          وبما ان مبدأ دورية الانتخاب مبدأ دستوري لارتباطه بمبدأ انبثاق السلطة من الشعب وخضوعها للمحاسبة في الانتخابات،

          وبما ان المحاسبة في الانتخابات عنصر أساسي في الأنظمة الديمقراطية، وقد نصت مقدمة الدستور على ان لبنان جمهورية ديمقراطية برلمانية، تقوم على احترام الحريات العامة، وفي طليعتها حرية الرأي والمعتقد وعلى العدالة والمساواة في الحقوق والواجبات بين جميع المواطنين دون تمايز أو تفضيل،

          وبما ان الانتخابات النيابية هي الوسيلة الأساسية لتحقيق الديمقراطية البرلمانية،

          وبما ان الانتخابات تفسح في المجال أمام المواطنين للتعبير عن ارادتهم في اختيار من يمثلهم،

          وبما ان مقدمة الدستور نصت على ان الشعب مصدر السلطات وصاحب السيادة يمارسها عبر المؤسسات الدستورية،

          وبما ان المجلس الدستوري أكد، في قراره رقم 1\2013، ان الانتخابات الحرة والنزيهة هي الوسيلة الوحيدة لانبثاق السلطة من الشعب وهي أساس الديمقراطية البرلمانية،

          وبما ان مبدأ التنافس في الانتخابات هو الأساس والقاعدة في الأنظمة الديمقراطية وهو مبدأ له قيمة دستورية،

          وبما ان المادتين 22 و24 من الدستور نصّتا على ان مجلس النواب مؤلف من نواب منتخبين،

          وبما ان مجلس النواب يمثل الشعب في ممارسة السلطة، ومنه تنبثق السلطة الإجرائية، وهو ينتخب رئيس الجمهورية،

          وبما ان شرعية مجلس النواب هي أساس شرعية السلطات في الدولة،

          وبما ان أساس شرعية مجلس النواب هو الانتخابات الحرة والنزيهة التي تجري في مواعيدها، ويعبّر الشعب من خلالها عن ارادته، ويحاسب من مثله في مجلس النواب، ويحدد خياراته، ما يتطلب الالتزام الصارم بدورية الانتخاب والتقيد بمدة الوكالة النيابية،

          وبما ان مقدمة الدستور نصت على ان النظام قائم على مبدأ الفصل بين السلطات وتوازنها وتعاونها،

          وبما ان الالتزام بهذا المبدأ يقتضي تقيد كل من السلطات بالمدة الزمنية التي تمارس وظائفها في اطارها، أي تقيد مجلس النواب بمدة الوكالة النيابية، وتقيد الحكومة بالثقة الممنوحة لها من مجلس النواب وتقديم استقالتها عند حجب الثقة عنها،

          وبما ان تمديد مدة الوكالة النيابية بقرار من مجلس النواب، في حين ان مدة ولاية الحكومة رهن بقرار منه أيضاً، يؤدي الى الاخلال بالتوازن بين السلطتين الاشتراعية والاجرائية لصالح الأولى،

          وبما ان الاخلال بالتوازن بين السلطات، على الشكل المبين أعلاه، يتعارض مع الدستور، ويؤدي الى الطعن في شرعية مجلس النواب في الفترة الممدة واستطراداً الطعن في شرعية كل ما يصدر عنه،

          لذلك يتعارض تمديد ولاية مجلس النواب سنتين وسبعة أشهر، بعد ان مددت سابقاً سنة وخمسة أشهر، مع الدستور من حيث المبدأ،

3- في مخالفة المادة 27 من الدستور.

          بما ان المادة 27 من الدستور نصت على ان عضو مجلس النواب يمثل الأمة جمعاء ولا يجوز ان تربط وكالته بقيد أو شرط من قبل منتخبيه،

          وبما ان الوكالة النيابية غير مقيدة يمارس بموجبها النائب مهامه كما يرى مناسباً،

          وبما ان عدم تقييد الوكالة يقتضي تحديد مدتها الزمنية.

          وبما ان التوازن في الوكالة النيابية غير المقيدة قائم على عنصرين أساسيين:

عدم تقييد الوكالة النيابية وترك النائب يتصرف وفق اقتناعاته أثناء ولايته من جهة، وانتهاء الوكالة عند انتهاء الولاية والعودة الى الشعب، مصدر السلطات، ليعبّر عن ارادته في انتخابات جديدة من جهة أخرى،

          وبما ان تمديد ولاية مجلس النواب بقرار منه يؤدي الى اخلال بالتوازن الذي قامت عليه الوكالة النيابية، ويتعارض بالتالي مع مفهوم الوكالة النيابية التي نصت عليه المادة 27 من الدستور،

          وبما ان المجلس الدستوري سبق وأبطل في قراره رقم 4\96 النص الذي جعل ولاية مجلس النواب أربع سنوات وثمانية أشهر لأنه أخل بالقاعدة والعرف البرلماني المعمول به في لبنان،

          وبما ان تمديد مدة الوكالة النيابية، بعد اجراء الانتخابات، أخطر من تمديد الولاية في قانون الانتخاب قبل اجراء الانتخابات،

          وبما ان المادة 44 من الدستور نصت على إمكانية نزع الثقة من رئيس مجلس النواب ونائبه بعد عامين من انتخابهما عند بدء ولاية المجلس، ما قد يؤشر الى ان ولاية المجلس، وفق الدستور، محددة بأربع سنوات،

          وبما ان لبنان درج منذ زمن بعيد على تحديد ولاية المجلس بأربع سنوات، وهي مدة الوكالة النيابية،

          لذلك تعارض تمديد ولاية المجلس مع الدستور من حيث المبدأ.

4- في مخالفة أحكام المادة 32 من الدستور.

          بما أن المادة 32 من الدستور نصّت على تخصيص جلسات المجلس النيابي في عقدها السنوي العادي الثاني للبحث في الموازنة والتصويت عليها قبل كل عمل آخر، 

وبما ان هذا النص لم يأتِ أمراً وليس بالتالي ملزماً، بل يعطي أفضلية وأرجحية لهذ العمل فيأتي في رأس جدول أعمال المجلس قبل أي عمل آخر، الا انه لا يمنع المجلس من التشريع في أمور ضرورية وطارئة قبل بحث الموازنة.

          وبما أنه بالرجوع الى سائر مواد الدستور نجد ان بعضها رتب بطلاناً على مخالفة النص كما في المادة 31 منه التي نصت على أن "كل اجتماع يعقده المجلس في غير المواعيد القانونية يعد باطلا حكما ومخالفا للقانون"، وكما في المادة 34 التي نصت على أن " لا يكون اجتماع المجلس قانونيا ما لم تحضره الأكثرية من الأعضاء الذين يؤلفونه...."

          كما ان المادة 78 من الدستور نصت " اذا طرح على المجلس مشروع يتعلق بتعديل الدستور يجب عليه ان يثابر على المناقشة حتى التصويت عليه قبل أي عمل آخر، على انه لا يمكنه ان يجري مناقشة أو ان يصوت الا على المواد والمسائل المحددة بصورة واضحة في المشروع..."

          وبما أن هذا النص قد جاء بصيغة آمرة بقوله "يجب " وأتبعها بصيغة أخرى "لا يمكنه" وهذه تمنع على المجلس صراحة البحث في ما هو خارج عن المشروع.

          وبما أن هذه العبارات الآمرة والجازمة والملزمة وردت في مواد كثيرة من الدستور (المواد 38 و40 و47 و79 و84 و85 و88 و89) الا انها لم ترد في نص المادة 32 من الدستور، الأمر الذي يدل بوضوح أن أحكام المادة 32 غير ملزمة بل هي تعطي أفضلية وأرجحية لبحث الموازنة دون ان ترتب أي ابطال أو مخالفة موجبة لابطال أي عمل تشريعي يتم قبل بحث الموازنة،

          لذلك ينبغي رد هذا السبب من أسباب الطعن.

5- في مخالفة المادة 57 من الدستور.

          بما ان المادة 57 من الدستور منحت رئيس الجمهورية حق طلب إعادة النظر في القانون مرة واحدة ضمن المهلة المحددة لاصداره ولا يجوز ان يرفض طلبه،

          وبما ان المادة نفسها نصت على انه في حال انقضاء المهلة دون اصدار القانون أو اعادته يعتبر القانون نافذاً حكماً ووجب نشره،

          وبما ان المادة 62 من الدستور أناطت صلاحيات رئيس الجمهورية وكالة بمجلس الوزراء في حال خلو سدة الرئاسة،

          وبما ان القانون المطعون في دستوريته لم يصدره مجلس الوزراء الذي يمارس صلاحيات رئيس الجمهورية وكالةً، ضمن المهلة المحددة، وأصبح نافذاً عند انتهاء هذه المهلة،

          لذلك لم يخالف القانون المطعون في دستوريته المادة 57 من الدستور.

6- في الظروف الاستثنائية.

          بما ان القانون المطعون في دستوريته نص في مادة وحيدة على ما يأتي: « تنتهي ولاية مجلس النواب الحالي بتاريخ 20 حزيران  2017»، ولم يأتِ على ذكر ظروف استثنائية، انما وردت الظروف الاستثنائية في الأسباب الموجبة،

          وبما ان الظروف الاستثنائية هي ظروف شاذة خارقة تهدد السلامة العامة والأمن والنظام العام في البلاد، ومن شأنها ربما ان تعرض كيان الأمة للزوال،

          وبما ان الظروف الاستثنائية تقتضي اتخاذ إجراءات استثنائية بغية الحفاظ على الانتظام العام الذي له قيمة دستورية،

          وبما انه تنشأ بفعل الظروف الاستثنائية شرعية استثنائية غير منصوص عليها تحل محل الشرعية العادية، ما دامت هناك ظروف استثنائية،

          وبما انه في الظروف الاستثنائية، الناجمة عن أحداث خطيرة جداً وغير متوقعة، يجوز للمشترع، ضمن حدود معينة، ان يخرج عن أحكام الدستور والمبادئ الدستورية أو القواعد ذات القيمة الدستورية، وذلك حفاظاً على الانتظام العام واستمرارية المرافق العامة، وصوناً لمصالح البلاد العليا، وهذا ما أكدت عليه قرارات المجلس الدستوري،

          وبما ان تطبيق نظرية الظروف الاستثنائية يتطلب أسباباً موضوعية حقيقية وظاهرة، تحول دون تأمين الانتظام العام من خلال تطبيق القوانين العادية،

          وبما ان الظروف الاستثنائية تتحدد في المكان والزمان،

          وبما انه ينبغي ان تكون حالة الضرورة مقيدة في حدود المدة الزمنية التي ترتبط بتلك الحالة،

          وبما انه اذا كان يعود للمشترع ان يقدر وجود ظروف استثنائية تستدعي منه سن قوانين لا تتوافق وأحكام الدستور، في حدود المدة التي تستوجبها هذه الظروف، فإن ممارسته لهذا الحق تبقى خاضعةً لرقابة المجلس الدستوري،

          وبما انه اذا توافرت الظروف الاستثنائية حالياً في بعض المناطق اللبنانية، وفق تصريحات وزير الداخلية، فلا يمكن التكهن باستمرارها لفترة زمنية طويلة تمتد سنتين وسبعة أشهر،

          وبما ان الظروف الاستثنائية قد تبرر تأجيل اجراء الانتخابات في موعدها وقبل انتهاء ولاية المجلس، في 20\11\2014، وهي ولاية ممدّدة سابقاً، غير انها لا تبرر تمديد ولاية المجلس مجدداً سنتين وسبعة أشهر،

          وبما أن تمديد ولاية المجلس غير متناسبة مع مقتضياته، وبما ان المدة الطويلة لا يمكن تبريرها بمعطيات آنية وراهنة، كما ان تبريرها باعتبارات مستقبلية أو افتراضية لا يستقيم لا واقعاً ولا قانوناً،

          وبما ان الإجراءات الاستثنائية تكون محدودة في الزمان من أجل الحفاظ على الانتظام العام،

          وبما أن تقصير مدة التمديد تخرج عن صلاحيات المجلس الدستوري الذي لا يستطيع ان يُحل نفسه محل مجلس النواب،

          وبما ان اجراء الانتخابات النيابية دورياً هو من أركان الانتظام العام، ولا يجوز بالتالي التفريط بها بحجّة الظروف الاستثنائية،

          لذلك تبرر الظروف الاستثنائية تأجيل الانتخابات لمدة محدودة تزول معها الظروف الاستثنائية غير أنها لا تبرر تمديد ولاية مجلس النواب سنتين وسبعة أشهر.

7- في ربط الانتخابات بالتوافق على اجرائها.

          بما انه ظهر في محضر الجلسة التي أقر فيها التمديد، كما ظهر في تصريحات النواب، ان من مبررات التمديد التوافق على قانون انتخاب جديد،

          وبما ان الانتخابات النيابية استحقاق دستوري يجب اجراؤه في موعده،

          وبما انه لا يجوز ربط اجراء الانتخابات النيابية بالتوافق على قانون انتخاب جديد،

          وبما ان الميثاق الوطني هو في صلب الدستور، والميثاقية تقتضي الالتزام بالدستور، واجراء الاستحقاقات الانتخابية في مواعيدها.

          وبما انه لا يجوز التحجج بالميثاقية لتأجيل الانتخابات وتمديد ولاية المجلس، لأن ذلك يؤدي الى تقويض الأسس التي قام عليها الميثاق الوطني، وبالتالي تقويض التعهدات الوطنية والنظام والدولة،

          لذلك لا يجوز ربط اجراء الانتخابات النيابية بالتوافق على قانون انتخاب جديد أو بالتوافق على اجرائها،

8- في تعطيل المؤسسات الدستورية.

          بما ان انتظام أداء المؤسسات الدستورية هو أساس الانتظام العام في الدولة،

          وبما ان انتظام أداء المؤسسات الدستورية يقتضي قيام كل مؤسسة دستورية، ودون ابطاء، بالمهام المناطة بها، ضمن الصلاحيات المعطاة لها، وفي اطار القواعد والمبادئ التي نص عليها الدستور،

          وبما ان الظروف الاستثنائية تقتضي قيام المؤسسات الدستورية بواجبها ومضاعفة نشاطها لمواجهة الظروف الاستثنائية والحفاظ على كيان الدولة ومصالحها العليا،

          وبما ان الشغور في مؤسسة من المؤسسات الدستورية، وبخاصة رئاسة الجمهورية، يؤدي الى خلل في انتظام المؤسسات الدستورية جميعها، وبالتالي الى خلل في الانتظام العام،

          وبما ان تمديد ولاية مجلس النواب لا يجوز ان تُبرر بالشغور في سدّة رئاسة الجمهورية، وبخاصة ان المسؤول عن هذا الشغور هو مجلس النواب نفسه،

          وبما ان شغور سدّة رئاسة الجمهورية واناطة صلاحيات رئيس الجمهورية وكالة بمجلس الوزراء ترك انعكاسات سلبية وبالغة الخطورة على أداء السلطة الإجرائية، وبالتالي على مؤسسات الدولة كافةً،

          وبما ان مجلس الوزراء لم يشكل الهيئة المشرفة على الانتخابات ولم يتخذ التدابير الضرورية لإجراء الانتخابات،

          وبما ان تردي الأوضاع السياسية والأمنية وشغور سدّة رئاسة الجمهورية، قد يؤدي الى فراغ في السلطة الاشتراعية، في حال ابطال قانون تمديد ولاية مجلس النواب بعد ان انتهت هذه الولاية في 20\11\2014، ولم يعد بالإمكان إعطاء مجلس النواب فرصة لتقصير مدة التمديد،

          وبما ان الفراغ في المؤسسات الدستورية يتعارض والغاية التي وجد من أجلها الدستور، ويهدد النظام بالسقوط، ويضع البلاد في المجهول،

          وبما ان قانون تمديد ولاية مجلس النواب صدر قبل انتهاء الولاية بتسعة أيام فقط، وقدّم الطعن في دستوريته قبل أسبوع من انتهاء الولاية، ما أدى الى تقليص الخيارات أمام المجلس الدستوري الى حدٍ كبير،

          وبما ان ابطال قانون التمديد المخالف للدستور، في الوضع الراهن، قد يؤدي الى فراغ في السلطة الاشتراعية، يضاف الى الشغور في رئاسة الجمهورية، ما يتعارض جذرياً والدستور،

لـذلك

ومنعاً لحدوث فراغ في مجلس النواب وقطع الطريق بالتالي على انتخاب رئيس للجمهورية، يعتبر التمديد أمراً واقعاً.

وبعـــــد المداولة،

يؤكد المجلس الدستوري بالإجماع على الأمور التالية:

1-   ان دورية الانتخابات مبدأ دستوري لا يجوز المس به مطلقاً.

2-  ان ربط اجراء الانتخابات النيابية بالاتفاق على قانون انتخاب جديد، أو بأي اعتبار آخر، عمل مخالف للدستور.

3- ان التدابير الاستثنائية ينبغي ان تقتصر على المدة التي توجد فيها ظروف استثنائية فقط،

4- اجراء الانتخابات النيابية فور انتهاء الظروف الاستثنائية وعدم انتظار انتهاء الولاية الممددة.

5- ان تعطيل المؤسسات الدستورية، وعلى رأسها رئاسة الجمهورية، انتهاك فاضح للدستور.

واستناداً الى الأسباب الواردة في الحيثيات

يقرر المجلس الدستوري بالإجماع

1- قبول المراجعة شكلاً.

2- رد الطعن للحيلولة دون التمادي في حدوث الفراغ في المؤسسات الدستورية.

3- نشر هذا القرار في الجريدة الرسمية.

قراراً صدر في 28\11\2014.